بينما تنجح الملينات التقليدية والخلطات العشبية مع البعض، يبقى الكثيرون –ربما لسنوات- في معاناتهم مع الإمساك الذي يوجد له العديد من الأنواع التي يحتاج كل منها لعلاج مخصص، ولكن الأخطر من ذلك أن يكون الإمساك عرضاً ثانوياً لمرض اخر، وتؤدي محاولات علاجه منفردا الى تفاقم المرض الأساسي.
هدف المقالة هو التعريف بخطة من 8 خطوات متسلسلة لتشخيص أسباب وأنواع الإمساك، ولا يُشترط اجراء جميع الخطوات الثمانية لجميع المرضى؛ اذ يمكن أن نصل للتشخيص في بداية الخطة أو في منتصفها، و لكن المهم هو الالتزام بترتيب الخطوات التي تستهدف استبعاد الأسباب الأكثر خطورة في البداية ثم الأسهل والأقل كلفة في المنتصف لتتبقى الأنواع التي تحتاج لبعض الفحوصات الغريبة والمكلفة في النهاية.
خطوات التشخيص:
1. تنظير القولون: يتم اجرائه في حالة وجود أي من (علامات الانذار) أو (الأعلام الحمراء) وهي فقدان الوزن، أنيميا نقص الحديد، البراز الدموي، الإمساك الحديث لدى مريض أكبر من 45 سنة، أو تاريخ عائلي لسرطان القولون.
2. سؤال المريض عن الأدوية التي يتعاطاها: في نهاية المقالة ملحق تفصيلي للأدوية التي قد تسبب الإمساك.
3. استبعاد -بالتاريخ المرضي والفحص السريري والاحالة للطبيب المختص- الأمراض الجهازية والعصبية التي تسبب الإمساك: مثل تصلب الجلد، التصلب المتعدد، واصابات الحبل الشوكي.
4. تحاليل مخبرية لاختلالات الغدد الصماء (أو الأملاح) التي تسبب الإمساك: وهي السكري، نقص افراز الغدة الدرقية، نقص بوتاسيوم الدم، و زيادة كالسيوم الدم.
5. يمكن التمهل بعد اتمام ال 4 خطوات السابقة، و تجربة توجيه المريض لنمط صحي يحتوي على الاكثار من تناول الأطعمة التي تحتوي على الألياف والاكثار من شرب الماء وممارسة الرياضة وزيادة النشاط البدني، فاذا لم تكن النتيجة مرضية يجب استكمال باقي الخطوات بالترتيب أيضا.
6. دراسة زمن المرور بالقولون: الزمن الطبيعي لمرور الطعام بالقولون يتراوح بين 36–72 ساعة، و دراسة هذا الزمن تتم بطريقة من اثنتين:
أ- العلامات غير المنفذة للأشعة: وهي الطريقة الأكثر استعمالا؛ و فيها يبلع المريض كبسولة تحتوي على 24 حلقة بلاستيكية غير منفذة للأشعة, ثم يتم اجراء أشعة عادية على البطن بعد 5 أيام –خلالها يجب على المريض التوقف عن استعمال الملينات– و الطبيعي أن لا تظهر معظم الحلقات؛ اذ تكون قد خرجت مع البراز، أما اذا وجدت 5 حلقات أو أكثر متبقية بالقولون يعني هذا أحد احتمالين تبعا لانتشار الحلقات:
• اذا كانت الحلقات المتبقية منتشرة بكامل القولون يعني هذا (خمول القولون) الذي يعرف أيضا (إمساك بطء زمن المرور Slow transit constipation).
• اذا كانت الحلقات المتبقية مكدسة فقط بالمستقيم والقولون السيني يعني هذا (اعتلال عضلات قاع الحوض Pelvic floor dysfunction) ولكن يحتاج هذا التشخيص لتأكيد بواسطة دراسة التوافق بين الشرج والمستقيم – كما سيوضح لاحقا.
ب- المادة المشعة: وهي طريقة أكثر كلفة وأقل توافرا؛ و فيها يبلع المريض كبسولة تحتوي على مادة مشعة, ثم يتم تصوير البطن بواسطة كاميرا جاما لمتابعة انتشار المادة المشعة بالقولون.
7. دراسة التوافق بين الشرج والمستقيم: في الوضع الطبيعي يؤدي انقباض المستقيم -أثناء التبرز– الى ارتخاء العضلتين اللتين تغلقان الشرج وهما العضلة العاصرة الشرجية والعضلة العانية المستقيمية, وتلك الأخيرة تلتف حول نقطة اتصال الشرج بالمستقيم لتصنع زاوية شبه قائمة, و لكن عندما ترتخي تنفرج الزاوية ويصبح المستقيم والشرج على استقامة واحدة تقريبا, أما في حالات (اعتلال عضلات قاع الحوض) يكون ذلك التوافق مفقودا مما يؤدي الى انقباض عضلات الشرج مع انقباض المستقيم, وتصبح الزاوية بين الشرج والمستقيم حادة, و دراسة هذا التوافق تتم بإحدى الطرق الثلاثة الاتية:
أ- قياس الضغط بالشرج والمستقيم: يتم بوضع مجس –يتصل بجهاز لقياس الضغط– في شرج ومستقيم المريض, و يطلب من المريض أن يحاكي عملية التبرز أثناء قياس الضغط, فالطبيعي أن يُظهر الجهاز انخفاض ضغط الشرج بالتزامن مع ارتفاع ضغط المستقيم, أما اذا ارتفع ضغط الشرج مع ارتفاع ضغط المستقيم يعنى هذا (اعتلال عضلات قاع الحوض) الذي يعرف أيضا (عدم التوافق الشرجي المستقيمي Anorectal dyssynergia).
ب- اختبار طرد البالون من المستقيم: يتم بوضع بالون من السيليكون –مملوء ب 50 مليلتر من الماء– بشرج ومستقيم المريض, ويطلب من المريض –في وضع الجلوس- أن يحاكي عملية التبرز لإخراج البالون, فيما يستطيع الشخص الطبيعي اخراج البالون خلال دقيقة واحدة, و يفشل مريض (اعتلال عضلات قاع الحوض) في اخراجه بعد 3 دقائق من المحاولات.
ج- تصوير المستقيم الديناميكي بالرنين المغناطيسي: يتم بوضع بعض الهلام بشرج ومستقيم المريض, ويُطلب من المريض أن يحاكي عملية التبرز أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي, ثم يتم قياس الزاوية بين الشرج والمستقيم قبل وأثناء محاكاة التبرز (تذكر أنها شبه قائمة؛ تصبح منفرجة في الوضع الطبيعي, وحادة في (اعتلال عضلات قاع الحوض)).
8. اذا أظهر كلا من دراسة زمن المرور بالقولون ودراسة التوافق بين الشرج والمستقيم نتائج طبيعية, يصبح هناك أحد احتمالين:
اما (القولون العصبي الذي يغلب عليه الإمساك Irritable bowel syndrome-Constipation predominant), أو (الإمساك المزمن مجهول السبب Chronic idiopathic constipation) والفارق بينهما فقط يعتمد على شكوى المريض, فبينما يشكو مريض (القولون العصبي الذي يغلب عليه الإمساك) من ألم بالبطن, و لا يشكو مريض (الإمساك المزمن مجهول السبب) الا من الإمساك فقط.
ملحق المقالة (الأدوية التي قد تسبب الإمساك)
1- الأدوية التي لها تأثير مضاد للأستيل كولين:
أ- مضادات الأستيل كولين التي تستخدم لعلاج مرض باركنسون: بنزتروبين (Benztropine), بروسيكليدين (Procyclidine), بيبردين (Biperiden), ترايهكسيفينيديل (Trihexyphenidyl), أورفينادرين (Orphenadrine).
ب- مضادات الأستيل كولين التي تستخدم لعلاج فرط نشاط المثانة: أوكسيبيوتنين (Oxybutynin), تولتيرودين (Tolterodine), سوليفيناسين (Solifenacin), داريفيناسين (Darifenacin), تروسبيم (Trospium).
ج- مضادات الأستيل كولين التي تستخدم لعلاج التقلصات: أتروبين (Atropine), هيوسين (Hyosine), دايسيكلومين (Dicyclomine), كليدينيم (Clidinium).
د- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة: أميتريبتلين (Amitriptyline)، كلوميبرامين (Clomipramine)، اميبرامين (Imipramine).
ه- الجيل الأول من مضادات الهستامين: دايفنهيدرامين (Diphenhydramine), دوكسيلامين (Doxylamine), كلورفينيرامين (Chlorpheniramine).
2- الأدوية التي تحتوي على كالسيوم أو تؤثر على الكالسيوم:
أ- المكملات الغذائية التي تحتوي على الكالسيوم (وأيضا الحديد).
ب- مضادات الحموضة التي تحتوي على الكالسيوم (وأيضا الألومنيوم).
ج- مضادات ارتفاع ضغط الدم التي تغلق قنوات الكالسيوم: نيفيديبين (Nifedipine), أملوديبين (Amlodipine), فيلوديبين (Felodipine), ڤيراباميل (Verapamil), ديلتيازيم (Diltiazem).
3- مدرات البول التي تسبب نقص البوتاسيوم: فيوروسيميد (Furosemide) , هيدروكلوروثيازيد (Hydrochlorothiazide) , كلورثاليدون (Chlorthalidone) 4-
4- المسكنات من أشباه الأفيون: كودين (Codeine), مورفين (Morphine), فينتانيل (Fentanyl), بيثيدين (Pethidine).
اقرأ أيضاً: