يعد النوم الجيد أحد معايير الحفاظ على الصحة النفسية فبدونه يعاني الفرد من حالة مزاجية سيئة وربما سهولة الغضب والانفعال، بل إن الأرق المزمن له عواقب وخيمة على الحالة النفسية، فالنوم والصحة النفسية تجمعهما علاقة متشابكة، وتتجلى هذه العلاقة أيضًا في تأثير اضطرابات الصحة النفسية على جودة النوم. [1]
يتناول هذا المقال العلاقة بين النوم والصحة النفسية وتأثير كل منهما على الآخر، وكذلك نصائح لتحسين جودة النوم والصحة العقلية.
يمكنكم الآن استشارة طبيب من أطبائنا للإجابة على كافة استفساراتكم المتعلقة بهذا الموضوع.
محتويات المقال
ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟
تتأثر الصحة النفسية بالنوم حيث يتم حفظ المعلومات وتكوين الذكريات، وكذلك تنظيم العواطف وتعزيز المرونة النفسية أثناء النوم لا سيما خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة مما يدعم الصحة النفسية، بينما تؤثر قلة النوم سلبًا على المزاج والمشاعر، بل يمكن أن تزيد من خطر الإصابة باضطرابات نفسية. [2]
في المقابل، فإن مشاكل الصحة النفسية لها تأثير سلبي على النوم وقد تؤدي إلى المعاناة من الأرق والكوابيس؛ لذا يمكننا القول أن العلاقة بين النوم والصحة النفسية علاقة ثنائية الاتجاه. [2]
ما سبب مشاكل النوم؟
تتعدد الأسباب التي قد تؤثر على جودة النوم، ومنها: [3]
- الضغوط الحياتية، مثل الصعوبات المالية ومشاكل العمل وغيرها.
- الإصابة باضطرابات النوم، مثل الأرق، وانقطاع النفس النومي، واضطراب إيقاع الساعة البيولوجية.
- التعرض لصدمة نفسية.
- الإصابة ببعض الأمراض العصبية، مثل الباركنسون والألزهايمر.
- الأدوية النفسية، فقد تؤدي بعض أنواع الأدوية النفسية إلى حدوث آثار جانبية ترتبط بالنوم، مثل الأرق، أو فرط النوم، أو الكوابيس، خاصة عند بدء استخدامها أو إيقافها.
- اتباع عادات نوم غير صحية.
- شرب الكحول أو تعاطي المخدرات.
اقرأ أيضًا: ما أسباب قلة النوم عند النساء والرجال؟
أضرار قلة النوم على الصحة النفسية
يتضح ارتباط النوم والصحة النفسية في تأثير كمية ونوعية النوم التي يحصل عليها الفرد على حالته النفسية، ففي حالة عدم الحصول على عدد كافٍ من ساعات النوم قد يؤدي ذلك إلى عدة مشاكل نفسية، منها: [3] [4]
- الارتباك وعدم القدرة على التركيز وصعوبة تذكر المعلومات.
- تغيرات في الحالة المزاجية والتهيج.
- الشعور بالقلق والاكتئاب.
- العصبية وسرعة الانفعال.
- الشعور بالضيق وفقدان الطاقة للقيام بالمهام.
- ضعف القدرة على التعامل مع الضغوط النفسية والإصابة بالإحباط.
- المعاناة من هلاوس وأوهام في حالة الحرمان من النوم فترة طويلة.
اقرأ أيضًا: ما هي أضرار قلة النوم على الجسم
تأثير قلة النوم على الاضطرابات النفسية
تتجلى مشكلة قلة النوم والصحة النفسية في أن الأرق المزمن وقلة النوم يمكن أن يلعب دورًا في تفاقم أعراض الأمراض النفسية، بل وقد يزيد من خطر الإصابة بها. [4]
نذكر فيما يلي كيفية تأثير قلة النوم على بعض اضطرابات الصحة النفسية: [4]
- الاكتئاب
قد تؤدي قلة النوم والأرق إلى الإصابة بالاكتئاب، فقد أشارت مراجعة شمولية تضمنت 21 دراسة في مجلة الاضطرابات العاطفية عام 2011، أن الأشخاص المصابين بالأرق أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضعف مقارنة بمن لا يعانون من مشاكل في النوم.
علاوة على ذلك، قد يؤدي الأرق واضطرابات النوم إلى تفاقم أعراض الاكتئاب وربما يدفع المريض للتفكير في الانتحار، بل وقد يقلل من فاعلية العلاج. [3]
- القلق
تظهر العلاقة بين النوم والصحة النفسية واضطراباتها مثل اضطراب القلق العام، واضطراب الهلع، والرهاب، وكذلك الوسواس القهري، في أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض القلق، بل قد تكون أحد عوامل خطر الإصابة به. [3]
- اضطراب ما بعد الصدمة
قد يلعب الأرق والحرمان من النوم دورًا في الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة، وذلك عن طريق زيادة القلق لدى الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بهذا الاضطراب بالفعل. [2] [4]
جدير بالذكر أن قلة النوم من الأعراض الشائعة لاضطراب ما بعد الصدمة نتيجة استرجاع الذكريات والمعاناة من الكوابيس. [2] [4]
- اضطراب ثنائي القطب
يعاني المصابون باضطراب ثنائي القطب من نوبات هوس واكتئاب، الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطراب النوم، فقد يواجه الشخص صعوبة النوم في نوبات الهوس، بينما في فترات الاكتئاب قد يعاني من فرط النوم. [2]
من ناحية أخرى، تؤدي مشاكل النوم والأرق إلى تفاقم أعراض الهوس والاكتئاب؛ لذلك فإن علاج الأرق قد يفيد في الحد من أعراض ثنائي القطب. [2]
- اضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة
قد تتسبب اضطرابات النوم في تفاقم الأعراض لدى المصابين باضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة، ويظهر ذلك في قلة الانتباه ومشاكل السلوك، وهذا يؤكد العلاقة الوثيقة بين مشاكل النوم والصحة النفسية واضطراباتها. [2]
علاوة على ذلك، يمكن أن يعاني الأطفال المصابون باضطراب نقص الانتباه مع فرط الحركة من مشاكل النوم، مثل: [2]
- صعوبة الاستغراق في النوم أو استمرار النوم حتى الصباح.
- صعوبة الاستيقاظ.
- النعاس أثناء النهار.
- انقطاع النفس النومي.
- متلازمة تململ الساقين.
اقرأ أيضًا: فوائد النوم لصحة الجسم والعقل
كيف تؤثر اضطرابات الصحة النفسية على النوم؟
يظهر الوجه الآخر من العلاقة بين النوم والصحة النفسية في تأثير الاضطرابات النفسية على طبيعة النوم وجودته، ومن أمثلة ذلك: [1]
- القلق: قد يؤدي القلق إلى مواجهة صعوبة في النوم وربما الإصابة بنوبات هلع عند النوم نتيجة سيطرة القلق على الفرد وكثرة التفكير.
- الاكتئاب: يمكن أن يتسبب الاكتئاب في الإصابة بالأرق أو الإفراط في النوم.
- الهوس: يتسبب الهوس في إحساس الشخص بأنه مفعم بالطاقة والنشاط ولا يميل إلى النوم، وربما يواجه صعوبة في النوم نتيجة تسارع الأفكار.
- الذهان: قد يعاني الأشخاص المصابون بالذهان من صعوبة النوم نتيجة الهلاوس السمعية والبصرية المزعجة التي تطاردهم.
- الصدمات النفسية: قد يؤدي التعرض لصدمة نفسية إلى حدوث اضطراب في النوم، حيث يمكن أن يعاني الشخص من استرجاع الذكريات المؤلمة، وربما تراوده كوابيس أثناء النوم، أو يصاب بالذعر الليلي.
اقرأ أيضًا: أهمية الصحة النفسية ونصائح لتعزيزها
نصائح لتعزيز النوم والصحة النفسية
قد تساهم بعض الطرق في التغلب على مشاكل النوم وتحسين الصحة النفسية، وتشمل:
- اتباع عادات النوم الصحية
يساهم اتباع بعض النصائح والإرشادات في تحسين النوم والصحة النفسية والجسدية، ومنها: [5]
- وضع مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ، والحرص على الحصول على قدر كافٍ من النوم.
- تهيئة غرفة النوم بشكل مريح للمساعدة على الاسترخاء.
- ممارسة أنشطة أو تمارين تساعد على الاسترخاء قبل موعد النوم، مثل أخذ حمام دافئ، أو ممارسة التأمل الواعي، أو اليوجا، أو تمارين الإطالة.
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل النوم.
- تجنب تناول الأطعمة الدسمة، والغنية بالسكريات أو التوابل قبل موعد النوم.
- عدم تصفح الهاتف قبل موعد النوم بساعة على الأقل.
- العلاج السلوكي المعرفي للأرق
هو نوع من العلاج بالكلام يفيد في علاج العديد من الاضطرابات النفسية، كما يساعد في التغلب على مشكلة الأرق، حيث يعمل المعالج على تحديد الأفكار والمشاعر الكامنة وراء صعوبة النوم، ومن ثم العمل على تغييرها، علاوة على تعلم تقنيات تساعد على الاسترخاء والراحة. [4]
اقرأ أيضًا: أفضل 5 طرق لتحسين الصحة النفسية
نصيحة الطبي
يجمع بين النوم والصحة النفسية علاقة وثيقة فمشاكل النوم تنعكس سلبًا على الصحة النفسية واضطراباتها، كما أن عدم استقرار الحالة النفسية يؤثر على جودة النوم؛ لذلك ينصح باتباع نمط حياة صحي، وعدم التردد في مراجعة الطبيب عند مواجهة أي مشكلة تخل بتوازن نومك أو استقرارك النفسي.