خفقان القلب هو الوعي أو الشعور بضربات القلب السريعة أو غير المنتظمة بشكل مفاجئ، ويصف الأشخاص هذا الشعور بضربات القلب على شكل رفة سريعة في القلب، أو إحساس بقرع في الصدر أو الرقبة. ويعتبر خفقان القلب من أكثر الأعراض الصدرية التي يتوجه بسببها الأشخاص للطبيب، وعلى الرغم من أنها تكون لأسباب عارضة وغير مخيفة في كثير من الحالات إلا أنها يمكن أن ترتبط بأسباب جدية وخطيرة في حالات محددة وقليلة.
وخفقان القلب يمكن أن يكون شعور عابر بعد بذل مجهود بدني مثل ممارسة الرياضة أو صعود السلالم، حيث أن الجسم يحتاج لمزيد من الأكسجين فيزيد القلب من سرعة وقوة ضخ الدم، ويسمى ذلك بالتسارع الفيزيولوجي للقلب والذي يعتبر استجابة طبيعية للجسم فيشعر الشخص بضربات قلبه ويسمعها بوضوح.
أما خفقان القلب الذي يكون بشكل متكرر ويحدث في أي وقت فيعود إلى مجموعة واسعة من الأسباب، وتعتبر الأسباب القلبية أكثر الأسباب المؤدية للخفقان القلبي إذ تشكل 43% من أسباب حدوث خفقان القلب. يلي ذلك الاسباب النفسية وتشكل 31%، ثم 10% لأسباب أخرى. وفي نسبة من الأشخاص لا يتم تحديد سبب لِحدوث الخفقان القلبي.
يتناول هذا المقال حديث عن الفرق بين خفقان القلب الطبيعي وغير الطبيعي، واسباب كل منهما، وكيفية علاج خفقان القلب غير الطبيعي.
أسباب حدوث خفقان القلب
الأسباب القلبية لخفقان القلب
تعتبر الأسباب القلبية لحدوث خفقان القلب من أكثر الأسباب أهمية ويجب العناية بها لأنها يمكن أن تشير إلى مشاكل خطيرة في القلب. ومن الأسباب القلبية التي تنعكس على شكل شعور بخفقان القلب هي:
- وجود مشكلة في أحد صمامات القلب ومن أشهرها تدلي الصمام التاجي، إذ يعاني 40% منهم من خفقان قلبي.
- احتشاء عضلة القلب (بالإنجليزية: Myocardial infarction).
- ضعف في عضلة القلب.
- تضخم في عضلة القلب.
- متلازمة وولف باركنسون وايت.
- اعتلال عضلة القلب (بالإنجليزية: cardiomyopathy)، ويوجد تاريخ عائلي عند المرضى باعتلال عضلة القلب.
الأسباب النفسية لخفقان القلب
تشكل الأسباب النفسية السبب الثاني الأكثر تكراراً للشعور بخفقان قلبي نتيجة أمر خارج عضلة القلب، مثل التوتر، والخوف، والقلق، ونوبات الهلع، والخوف المرضي. حيث تؤدي هذه المشاكل النفسية لزيادة مواد معينة في الجسم تسمى المحفزات بالنسبة للقلب، فتسبب تسارع في ضربات القلب نتيجة التعرض لموقف معين يسبب للشخص مجموعة الأعراض التي يكون من ضمنها خفقان القلب. ومن هذه الأعراض:
- التعرق والاضطراب.
- الشعور بالاختناق نتيجة ضيق النفس.
- ألم في المعدة أو غثيان.
- الهلع والارتباك.
أسباب أخرى لخفقان القلب
يوجد العديد من العوامل والأمراض خارج القلب التي تؤثر على عمل عضلة القلب وتسبب حدوث خفقان القلب، ومن هذه الأسباب:
- المشاكل الهرمونية
- فرط افراز الغدة الدرقية، حيث أن زيادة هرمون الثايروكسين في الجسم يرافقه حدوث تغيرات عديدة من ضمنها الخفقان القلبي، وزيادة التعرق، والعصبية، وعدم الراحة. إلى جانب إمكانية جحوظ العينين وتضخم الرقبة وفقدان الوزن.
- الحمل، حيث يتضاعف خلال الحمل مقدار الدم في جسم الأم ويزيد معدل عمل عضلة القلب بنسبة 25% وكلما تقدم الحمل كلما زاد ضغط العمل على عضلة القلب. لذلك يمكن أن تعاني السيدة الحامل من خفقان في القلب والذي يكون عابر الحدوث. وفي حال استمرار الخفقان أو كان يوجد مشكلة سابقة في القلب فيجب المتابعة عند طبيب مختص وذلك لأن الجهد الواقع على عضلة القلب يزداد مع الحمل.
وفي بعض الحالات يمكن أن يعكس الخفقان القلبي لدى الحامل وجود فقر دم عند الحامل، والذي يعتبر شائع الحدوث عند الحوامل.
- مشاكل صحية
وتشمل كل من انخفاض السكر في الدم، أو ارتفاع درجة الحرارة، أو فقر الدم أو الجفاف. والتي يرافقها جميعها زيادة في ضربات القلب.
- اضطراب الشوارد في الجسم
مثل انخفاض أو ارتفاع البوتاسيوم في الجسم في المرضى الذين يأخذون مدرات البول. حيث يؤثر البوتاسيوم على عمل عضلة القلب بشكل كبير.
-
الأدوية
مثل أدوية الربو والأدوية المسببة لتوسع القصبات الهوائية يمكن أن تسبب خفقان في القلب بشكل مؤقت.
-
الأطعمة والمشروبات
الكافيين والكحول وبعض العناصر المخدرة مثل الكوكايين جميعها يؤدي إلى حدوث خفقان قلبي، وبالنسبة للكافيين بشكل خاص فإنها يمكن أن تسبب أعراض تشبه الاحتشاء القلبي عند فئة من الأشخاص. كما يلاحظ بعض الأشخاص حدوث رفة أو تسارع في القلب بعض تناول طعام دسم أو غني بالنشويات، وتفسير ذلك أن الطعام الدسم يؤدي إلى سحب كمية أكبر من الدم إلى الجهاز الهضمي لعملية الهضم، ويحتاج القلب لضخ الدم بشكل أكبر. فيشعر الشخص المتخم بالتعب والخمول بعد تناول طعام دسم.
خفقان القلب المرتبط بمشكلة في القلب
يوجد خصائص معينة تشير إلى أن خفقان القلب مرتبط بوجود مشكلة في ضربات القلب. حيث أن القلب لينبض فإنه يحتوي على نظام كهرباء خاص به، يعمل على توليد شحنات خاصة تنتقل بين خلايا القلب بطريقة منظمة ومحددة مما يؤدي إلى انقباض الخلايا وحدوث نبضات القلب. عند وجود مشكلة في توصيل الشحنات بين الخلايا ينعكس ذلك على شكل الإحساس بخفقان القلب والذي يعكس وجود مشكلة في عمل القلب.
ومن العلامات التي تدل على وجود مشكلة في ضربات القلب:
- الدوار وفقدان التوازن عند حدوث خفقان القلب.
- وجود مشكلة في التنفس، مثل ضيق النفس.
- الاضطراب والارتباك الواضح على المريض.
- ألم في الصدر يمكن أن ينتشر إلى اليد اليسرى والذقن.
- التعرق الشديد.
وجود هذه الأعراض إضافة إلى الخفقان القلبي يحتاج لمراجعة الطبيب أو الذهاب إلى المشفى في أقرب وقت وذلك لأنها يمكن أن ترتبط بمشكلة ذات خطورة على حياة الشخص ويجب التعامل معها خلال أقصر وقت.
أنواع خفقان القلب
ضربات القلب الزائدة التي يشعر بها الإنسان على شكل خفقان القلب تعتبر أمر طبيعي الحدوث ويمكن أن تمر بشكل عابر دون أن يشعر بها الشخص. وذلك لأن كل خلية في القلب قادرة على صنع شحنة تؤدي إلى انقباض القلب، ولكن تعمل كل هذه الخلايا تحت نظام واحد يتحكم بها لتكون منظمة وتعطي ضربات قلب منتظمة وسليمة. ولكن في بعض الأوقات نتيجة مؤثر خارجي أو داخلي تخرج أحد هذه الخلايا عن النظام للحظات فتعطي ضربة قلب زائدة ويكون ذلك طبيعي بشكل كامل.
ولكن في حالات محددة يمكن أن يحدث خفقان القلب نتيجة مشكلة في ضربات القلب وذلك يتم تشخيصه حسب مكان نشوء المشكلة في ضربات القلب. وينقسم ذلك إلى:
-
تقلص الأذيني المبكر
حيث تنشأ النبضة الزائدة للقلب من الأذينين، ويتم الشعور بها على أنها خفقان طفيف أو رفة في الصدر حيث ينبض القلب في وقت أبكر قليلاً من المتوقع.
-
تقلص البطين المبكر
نفس الآلية التي حدثت في الأذين يمكن أن تحدث في البطين فيعطي نبضة قلبية في وقت مبكر أكثر من المتوقع وهي ما تعرف باسم التقلص البطيني السابق لأوانه.
ويعتبر كل من التقلص الأذيني أو البطيني المبكر أحد أنواع اضطراب الضربات القلبية طبيعي الحدوث، ولكن يرتبط تقلص البطين المبكر في بعض الحالات بشكل أكبر بوجود مشكلة في القلب مثل وجود مشكلة في أحد الصمامات، أو وجود احتشاء قلبي، أو نتيجة مشكلة في مستوى بعض الشوارد الحرة في الجسم مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم. لذلك عند تكرارها يحتاج الأمر إلى تشخيص ومتابعة.
-
تسارع القلب فوق البطيني
يحدث تسارع القلب فوق البطيني كإستجابة طبيعية لزيادة الحاجة لضخ الدم إلى الجسم عند زيادة الحاجة له مثل أثناء ممارسة التمارين الرياضية إذ يزيد النبض القلبي عن 150 نبضة/دقيقة. كما يمكن أن يحدث استجابة لوجود مادة محفزة في الجسم مثل الكافيين، والكحول، أو فرط نشاط الغدة الدرقية. كلها مواد تؤثر على القلب وتؤدي إلى حدوث خفقان القلب بسبب تسارع القلب فوق البطيني.
ويكون الأشخاص الذين يعانون من متلازمة وولف باركنسون وايت أكثر تأثراً بحدوث تسارع قلبي عند وجود المحفزات التي ذكرناها سابقاً.
-
الرجفان الأذيني والرفرفة
حدوث نبض قلبي غير منتظم وسريع يسمى بالرجفان الأذيني (بالإنجليزية: Atrial Fibrillation). ومعنى ذلك أن القلب غير قادر على ضخ الدم نتيجة النبض السريع غير المنتظم، يصيب غالباً كبار العمر والذين يعانون من مشكلة سايقاً في عضلة القلب مثل حدوث احتشاء سابق في عضلة القلب، أو ضعف في عضلة القلب وغيرها من الأمراض القلبية. يحتاج هذا الاضطراب إلى متابعة طبية وفي أغلب الحالات يتم وصف أدوية تؤخذ بشكل مزمن.
-
الرجفان والتسارع البطيني
يعتبر الرجفان والتسارع البطيني من الحالات الطارئة والتي يفقد فيها الشخص الوعي نتيجة المشكلة الكبيرة في عمل القلب وعدم قدرته على ضخ الدم. يحدث عند وجود احتشاء في عضلة القلب وعدم وصول الدم عن طريق الشرايين التاجية للبطين نتيجة وجود انسداد مما يؤدي إلى مضاعفات خطيرة يمكن أن تنتهي بالوفاة في حال عدم التدخل السريع. ولا تكون الأعراض مجرد خفقان في القلب بل هي صورة متكاملة من الأعراض السريرية من ضمنها الشعور بخفقان قلبي.
تشخيص خفقان القلب الطبيعي وغير الطبيعي
تشخيص خفقان القلب بشكل عام يتم بناء على أخذ السيرة المرضية للمريض بشكل تفصيلى وكامل، بما في ذلك الأدوية التي يأخذها الشخص بشكل مزمن، وأي أمراض أو مشاكل صحية سابقة. بعد ذلك يتم القيام بالفحص السريري. ثم يقوم الطبيب بإجراء بعض الفحوصات ومنها:
- تخطيط كهرباء القلب. يعتبر أهم وأول الفحوصات التي يتم إجراؤها.
- فحص الدم، وفحص الشوارد في الدم، وفحص الغدة الدرقية.
في حال كان الفحص السريري والفحوصات الأولية تشير إلى وجود مشكلة أو أن الشخص يمتلك عوامل مساعدة لوجود مشكلة في القلب فيتم عمل المزيد من الفحوصات التفصيلية مثل:
- صورة صدى القلب.
- عمل تخطيط قلب متنقل بإستخدام جهاز هولتر القلب، حيث يوضع على المريض ليتم أخذ تخطيط للقلب بشكل متكرر خلال فترة محددة من الزمن.
علاج خفقان القلب غير الطبيعي
يجب الإشارة إلى أن خفقان القلب في كثير من الحالات يعود لأمر حميد وعلاج المسبب يؤدي إلى علاج الأعراض. ففي حال وجود فقر في الدم، أو وجود الخفقان بسبب بعض الأدوية يتم علاج السبب.
في الحالات التي تتعلق بمشكلة في القلب يحتاج المريض للمتابعة مع طبيب مختص لأن كل مشكلة قلبية لها طريقة علاج محددة ومناسبة لها سواء كان علاج دوائي أو تدخل جراحي بحسب الحالة.
إقرأ أيضاً: