يعد القلق عند كبار السن من الاضطرابات النفسية التي تواجههم نتيجة عدة عوامل، فمع تقدم العمر يضعف الجسم عن مواجهة أعباء الحياة وتسيطر عليهم مخاوف خسارة الصحة وافتقاد الصحبة، الأمر الذي قد يؤثر على مشاعر الشخص وتفكيره وإصابته بالقلق؛ لذا يعتمد علاج اضطراب القلق عند كبار السن على فهم أسبابه والمساعدة في التغلب على هذه المشاعر وتخفيف أعراض القلق الجسدية مع تقديم الدعم النفسي لهم. [1][2]
يختلف اضطراب القلق عن مشاعر القلق العرضية التي قد تصيب الشخص في موقف ما أو من حين لآخر، حيث يعاني الشخص في اضطراب القلق من سيطرة مشاعر القلق عليه طوال الوقت إلى درجة تؤثر على أداء المهام اليومية والعيش حياة طبيعية. [2]
يتناول هذا المقال أعراض القلق عند كبار السن، وأسبابه، وكذلك طرق التغلب عليه وكيفية التعامل مع حالات القلق لدى كبار السن.
محتويات المقال
أعراض القلق عند كبار السن
قد لا يدرك كبار السن أنهم مصابون بالقلق ربما لأنهم يواجهون مشكلة في التذكر أو صعوبة في وصف الأعراض، فقد يظنون أن ما يمرون به من قلق هو مجرد بعض التوتر. [1][2]
تتشابه أعراض القلق عند كبار السن مع أعراضه في أي عمر، إلا أن أعراض القلق الجسدية تظهر عند كبار السن بشكل أوضح مقارنة بمن هم أصغر سنًا. [2][3]
تشمل أعراض القلق الشائعة في كبار السن ما يلي: [1][2][3]
- القلق تجاه أشياء كثيرة وفرط التفكير.
- الخوف من المرض والموت أو حتى التعرض للسقوط.
- أفكار محبطة أو غير منطقية.
- عدم القدرة على التركيز وصعوبة التذكر.
- الشعور بالخوف بسهولة.
- سرعة الغضب.
- صعوبة النوم والأرق.
- تجنب بعض الأماكن أو الأنشطة الاجتماعية.
تظهر علامات القلق الجسدية بصورة أوضح عند كبار السن مقارنة بالأعراض النفسية، ومن أمثلتها: [2][4]
- صداع وشعور بالتعب والإرهاق.
- سرعة ضربات القلب.
- صعوبة التنفس.
- التعرق.
- الدوخة.
- الغثيان وآلام البطن.
اختبر نفسك: هل تعاني من القلق؟
أسباب القلق عند كبار السن
يوجد عدة عوامل وأسباب يمكن أن تؤدي إلى حدوث القلق عند كبار السن، مثل: [2][3][5]
- التغيرات الطبيعية مع التقدم في العمر والتي قد تؤثر على كيمياء المخ.
- المرور بصدمات مثل فقدان أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء.
- المشاكل والضغوط الحياتية والأعباء المادية بعد التقاعد والخوف من عدم القدرة على إعالة النفس.
- الخوف من التعرض للسقوط أو المرض والموت.
- الحاجة إلى الاعتماد على الآخرين للقيام بالأنشطة اليومية.
- ضعف الجسم وقلة القدرة على الحركة.
- الآثار النفسية والجسدية الناجمة عن الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل الأرق، وأمراض القلب والسكري، وكذلك الانسداد الرئوي المزمن، وغيرها.
- استخدام بعض أنواع الأدوية مثل الستيرويدات.
اقرأ أيضًا: أسباب القلق ومثيراته
علاج القلق عند كبار السن
قد لا يحبذ كبار السن طلب المساعدة عندما يمرون بمشاكل نفسية أو يصابون بالقلق أو الاكتئاب، وربما ببساطة لأنهم لا يدركون حاجتهم إلى ذلك، وهنا يقع الأمر على عاتق المحيطين بهم لتشجيعهم على مراجعة الطبيب لتلقي العلاج اللازم، فاكتشاف وعلاج القلق والاكتئاب عند كبار السن مبكرًا يحسن من الاستجابة للعلاج ويقلل من خطر المضاعفات. [6][7]
تتضمن طرق علاج القلق والتوتر عند كبار السن ما يلي:
- العلاج النفسي
يعد العلاج النفسي الخيار الأول في علاج القلق عند كبار السن، ويُجرى على عدة جلسات يتبادل فيها المريض الحديث مع المعالج النفسي الذي يترك له العنان للتعبير عن أفكاره ومخاوفه، ومن ثم العمل على على حل هذه المشاكل، حيث يهدف العلاج النفسي إلى: [1]
- تحديد المواقف أو الأشياء التي تثير القلق والخوف وتعلم كيفية التغلب عليها.
- تعلم طرق وأساليب فعالة للتغلب على الأفكار السلبية.
- التغلب على الذكريات السلبية والصدمات وتعزيز التفكير الإيجابي.
- تعلم تقنيات جديدة تساهم في حل المشاكل والتدريب على تقنيات الاسترخاء.
- العلاج الدوائي
قد لا يفضل الأطباء استخدام الأدوية في علاج القلق لدى كبار السن؛ نظرًا لأنهم أكثر عرضة لآثارها الجانبية وخطر التفاعلات الدوائية مع الأدوية الأخرى التي يتناولونها؛ لذا تعد الأدوية الخيار الثاني بعد العلاج النفسي. [1]
يفضل اختيار أدوية ذات آثار جانبية منخفضة في علاج القلق عند كبار السن، ومن أمثلتها: [1][2][6]
- مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية، مثل السيتالوبرام (بالإنجليزية: Citalopram).
- مثبطات استرداد النورإيبينفرين الانتقائية، مثل الفينلافاكسين (بالإنجليزية: Venlafaxine).
- الفورتيوكسيتين (بالإنجليزية: Vortioxetine)، وهو أحد مضادات الاكتئاب التي قد تساهم في علاج القلق عند كبار السن الذين يعانون من مشاكل في الذاكرة.
- الميرتازابين (بالإنجليزية: Mirtazapine)، قد يفيد هذا الدواء في علاج القلق واضطراب النوم عند كبار السن، كما أنه يمكن أن يحسن الشهية.
- حاصرات بيتا، والتي تساعد في التغلب على أعراض القلق الجسدية.
اقرأ أيضًا: كيفية علاج القلق بالطرق الطبيعية والأدوية
كيفية التعامل مع كبار السن المصابين بالقلق
تلعب الأسرة دورًا كبيرًا في مساعدة كبار السن في التغلب على القلق والخوف، والتخلص من الأفكار السلبية التي تسيطر عليهم، وكذلك تشجيعهم على شغل أوقاتهم بأنشطة إيجابية وإيناس وحدتهم. [1]
ينبغي على أفراد الأسرة في البداية أن يثقفوا أنفسهم عن القلق وأعراضه وطرق علاجه ليستطيعوا مساعدة المريض على التخلص من القلق، وفيما يلي نوضح بعض الاستراتيجيات الفعالة التي قد تساهم في الحد من القلق عند كبار السن: [1]
- محاولة تحديد سبب القلق
يساهم تبادل الحديث مع الشخص المصاب بالقلق في معرفة سبب قلقه الدائم مع الحرص على الإنصات إليه وعدم الاستهانة بمخاوفه أو مشاكله، ومن ثم معاونته على حل هذه المشاكل وإعطائه شعورًا بأنه ليس وحيدًا في مواجهة تحديات الحياة ومصاعبها. [1]
- مشاركتهم في أنشطة ممتعة
يعد شغل العقل بأمور أخرى غير التفكير في المخاوف طريقة فعالة للحد من القلق عند كبار السن؛ لذا قد يفيد ممارسة أنشطة مسلية معهم أو هواية مفضلة في التغلب على مشاعر القلق. [1]
- ممارسة تمارين تساعد على الاسترخاء
يمكن تشجيع كبار السن المصابين بالقلق على القيام بأنشطة تبعث على الاسترخاء لتخفيف أعراض القلق، مثل ممارسة تمارين التأمل لتصفية الذهن، أو تعليمهم كيفية القيام بالتنفس العميق. [1]
- التشجيع على اتباع نمط حياة صحي
يساعد اتباع نمط حياة صحي في تحسين الصحة النفسية والحالة المزاجية لدى الجميع ومنهم كبار السن، ويمكن تحقيق ذلك بالمشي يوميًا أو القيام بتمارين رياضية بسيطة إن أمكن، والحرص على تناول طعام صحي وتجنب تناول الكافيين أو التدخين. [8]
- اتباع روتين محدد
قد يؤدي الافتقار لروتين يومي إلى تحفيز مشاعر التوتر والقلق عند كبار السن خاصة المصابين بالألزهايمر أو الخرف، لذلك يفضل الالتزام بروتين معين لليوم، على سبيل المثال تثبيت مواعيد تناول الطعام والقيام بالأنشطة اليومية بنفس التسلسل، وكذلك تحديد مواعيد ثابتة في الأسبوع للزيارات أو التنزه وغير ذلك. [8]
- التشجيع على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية
يفيد إشراك كبار السن في الأنشطة الاجتماعية في التغلب على الشعور بالوحدة والعزلة التي تزيد أعراض القلق سوءًا، لذا يوصى بتشجيع كبار السن على المشاركة في التجمعات العائلية والاحتفالات. [8]
نصيحة الطبي
قد يحدث القلق عند كبار السن لما يمرون به من أمراض مزمنة ومخاوف عديدة، ولكن قد يصعب اكتشافه في معظم الحالات؛ لذلك ينبغي الحرص على تقديم الرعاية اللازمة لكبار السن، ومنحهم الدعم العاطفي ومشاركة مخاوفهم وأفكارهم، علاوة على الانتباه لأي علامات تظهر عليهم تشير إلى الإصابة بمشاكل نفسية.