الألم الرجيع

الألم الرجيع (بالإنجليزية: Referred pain) هو الألم الذي ينشأ نتيجة التعرض لمسبب ما في منطقة محددة من الجسم، ويتم الشعور به في منطقة أخرى بعيداً عن منطقة المسبب. يعتبر الألم أكثر الأسباب التي تدفع المرضى لزيارة الأطباء، ويعتمد علاج الألم على تحديد مصدره عن طريق أخذ السيرة المرضية.

ومن أهم الأمور التي تحدد مصدر الألم هي مكان الألم، وهو الذي يساعد الأطباء على تحديد الأعضاء الموجودة في ذلك المكان وتوقع الضرر الحاصل أو المرض في هذه الأعضاء وعلاجها.

يشعر المريض في بعض الأحيان بالألم في مكان معين، على الرغم من أن جميع الأعضاء في هذا المكان سليمة تماماً، إلا أن سبب الألم ليس المكان نفسه وإنما ينشأ هذا الألم في مكان آخر من الجسم. يرجع السبب في وجود الألم بمكان آخر بعيد عن مصدره إلى طريقة انتقال السيال العصبي من خلال الشبكات العصبية المنتشرة في الجسم إلى الدماغ وطريقة تفسير الدماغ لها.

طريقة انتقال الألم الرجيع إلى الدماغ

يعمل الجهاز العصبي من خلال ملايين الخلايا العصبية المنتشرة والمتشابكة في كل أنحاء الجسم، التي تحتوي على مستقبلات حسية خاصة (مثل: المستقبلات الخاصة بالضوء، أو الحرارة، أو الإهتزاز، أو الضغط، أو اللمس، وغيرها).

عند تعرض هذه المستقبلات لتأثير خارجي، تقوم بإرسال سيال عصبي على شكل موجات ذات طبيعة كهروكيميائية تنتقل من خلية عصبية إلى أخرى عبر الشق التشابكي العصبي -الذي يفصل بين خلية أو مجموعة خلايا عصيبة، والخلية أو مجموعة الخلايا التي تليها- حتى تصل إلى الجهاز العصبي المركزي؛ الدماغ، الذي يعمل بدوره على تحليل وفهم هذا السيال العصبي وإعطاء الاستجابة المناسبة.

وبهذه الطريقة ينتقل الإحساس بالألم من مكان الخلايا التي تعرضت إلى ضرر (مثل العضلات، أو الجلد، أو المفاصل، أو الأسنان، وغيرها) على شكل رسالة كهروكيميائية إلى أن تصل إلى الدماغ الذي يحدد موقع الألم، وشدته، ونوعه.

في معظم الأحيان يستطيع الدماغ تفسير الألم بشكل دقيق جداً، يجعلك قادرا على تحديد مكان الالم بالضبط، ولكن في بعض الأحيان يخطئ الدماغ في تحديد مصدر الألم. ويوجد نظريتين لتفسير هذه الظاهرة:

• عند وصول السيالات العصبية من الأعصاب الحسية الطرفية التي تغذي أكثر من منطقة مختلفة في الجسم إلى جذع الدماغ في الجهاز العصبي المركزي، فإنها تنتقل إلى خلية عصبية ثانوية واحدة. لذلك لا يستطيع الدماغ تحديد المنطقة التي تتعرض للألم بشكل دقيق ويشعر المريض بالألم في منطقة مختلفة بسبب هذا الخطأ في التفسير لدى الدماغ. مثلاً الخلايا العصبية الحسية التي ترسل إشاراتها من عضلات الفك، والأسنان، والجلد في منطقة الفك إلى خلية عصبية ثانوية واحدة ولذلك لا يستطيع الدماغ تحديد مكان الألم بشكل دقيق.
• أو عند وصول السيال العصبي الكهروكيميائي إلى نهاية الخلايا العصبية يجب أن ينتقل إلى الخلايا العصبية الثانوية من خلال الشقوق التشابكية. بعض هذه الشقوق التشابكية غير فعال وبالتالي لا يتم إيصال بعض الرسائل العصبية إلى الخلية العصبية الثانوية ولا يستطيع الدماغ تحديد منطقة الألم بشكل دقيق.

كيف يمكن تشخيص الألم الرجيع

يمكن تمييز الألم الرجيع من خلال إجراء فحص بسيط، حيث يقوم الأطباء بتخدير المنطقة التي يشكو المريض من الألم فيها، إذا استمر الشعور بالألم في نفس المنطقة بالرغم من وجود تأثير المخدر يكون هذا الألم رجيع ويبحث الأطباء عن مصدر هذا الألم تبعا لمعرفتهم بالتشابكات العصبية بين مناطق الجسم المختلفة. وإذا توقف الإحساس بالألم عند وجود المخدر يكون الألم من نفس المنطقة وليس ألما ً رجيعا.

أمثلة على الألم الرجيع

الألم الرجيع في الكتفين

ينشأ ألم الكتفين غالبآ نتيجة لمشكلة في مفصل الكتف، أو الأوتار العضلية، أو العضلات في محيط منطقة الكتف. ويمكن أن يكون هذا الألم قادماً من عضو آخر وهو ما يسمى بالألم الرجيع في الكتف، وإذا كان مصدر الألم من الكتف فإنه يتأثر أثناء تحريك الكتف إما أن يتحسن أو أن يزداد سوءاً. بينما لا يتأثر الألم الرجيع في الكتف أثناء حركة الكتف بل يبقى الألم مستمرا بالرغم من إراحة الكتف وعدم تحريكه.

للمزيد: ألم الكتف.

أسباب الألم الرجيع في الكتف:

• القلب: يؤدي حدوث نوبة قلبية، أو
• إلى الشعور بالألم في الكتف الأيسر، أو الرقبة، أو الفك، أو اليد اليسرى كما يترافق مع وجود ألم في الصدر، أو صعوبة في التنفس وتعرق. يمكن أن توجد هذه الأعراض جميعها في وقت واحد أو يحدث بعض منها، وفي حال وجود هذه الأعراض يجب طلب الطوارئ أو التوجه إلى الطوارئ بشكل مباشر.
• الرئتين: يوجد عدد الأمراض في الرئتين التي تؤدي إلى حدوث الألم الرجيع في الكتفين:

1. التهاب الرئة.
2. تجمع السوائل في الرئة.
3. الأورام الخبيثة.
4. الانسداد الرئوي، عادة ما يكون الألم شديداً وغير محتمل وتعتبر حالة طارئة ويجب مراجعة الطوارئ بشكل مباشر.

• البطن: من الأمراض الشائعة في البطن والتي تؤدي إلى الألم الرجيع في الكتفين أو بين الكتفين:

1. حصوة أو التهاب في المرارة، تعتبر علامة مهمة في تشخيص ألم المرارة وتوجد بشكل خاص في الكتف الأيمن.
2. التهاب البنكرياس.
3. وجود كيس المبيض لدى النساء.
4. الحمل خارج الرحم، مثل الحمل في قنوات البيض.
5. إجراء عملية المنظار الجراحي للبطن، يتم ملئ البطن بغاز ثاني أكسيد الكربون لنفخ البطن وتحضيره للعمليه ولكن هذا الغاز قد يثير الأعصاب أو الحبل الشوكي ويؤدي إلى الشعور بالألم الرجيع في الكتفين. يحدث هذا الألم في ثلثي المرضى الذين أجروا عملية المنظار الجراحي للبطن.

• الرقبة: يوجد شبكة كبيرة من الأعصاب في منطقة الرقبة بالإضافة إلى وجود العديد من العضلات في هذه المنطقة وقد يتسبب أي ضرر فيها في حدوث ألم رجيع في الكتفين.

الألم الرجيع في الظهر

من الأسباب المؤدية إلى الألم الرجيع في الظهر:

• وجود حصوات في الكلى، يعتبر وجود الحصوات في الكلى شائعا بين الرجال والنساء ويسبب ألما في منطقة أسفل الظهر وقد يترافق مع وجود دم في البول، أو ألم أثناء التبول.
• أمراض البروستاتا لدى الرجال، تظهر أعراض البروستات في مرحلة متقدمة من المرض لذلك يجب الحرص على زيارة الطبيب وإجراء الفحوصات الدورية للبروستات، من الأمراض التي يمكن أن تؤدي إلى ألم رجيع في الظهر: التهاب البروستاتا، وتضخم البروستاتا، وأورام البروستات.
• تمدد الشريان الأورطي البطني، يصيب عادة الأشخاص حول عمر 60 عاماً، لا تظهر أعراضه أو يترافق معه ألم رجيع إلى الظهر، وإذا كان حجم التمدد كبيراً قد يتعرض للتشقق ويعتبر من الحالات الطارئة.
• وجود حصوات في المرارة.

الألم الرجيع في الأعضاء التناسلية

يرتبط وجود ألم في الأعضاء التناسلية بأسباب أخرى لا ترتبط بوجود مرض أو خلل في العضو التناسلي نفسه، وإنما نتج بسبب مشكلة في عضو آخر مثل الكلى أو الحالب، مثل:

• وجود حصوة في الحالب في المضيق بين الحالب والكلية، ينتقل على شكل ألم في منطقة الخصية.
• وجود الحصوة في منتصف الحالب يجعل الألم يتركز في منطقة الخصر.
• وفي حال وجود الحصوة في نهاية الحالب، عند التقاء الحالب مع المثانة، ينتقل الألم إلى كيس الصفن.

لذلك يعتبر إخبار الطبيب بكل تفاصيل الألم ومكان انتقاله بشكل واضح، سبباً أساسياً في الوصول إلى التشخيص الصحيح والعلاج المناسب.

للمزيد: ألم الخصية.

علاج الألم الرجيع

يتم علاج الألم الرجيع عن طريق تحديد المسبب الرئيسي له، وعلاجه. وعند علاج مصدر الألم يختفي الألم الرجيع تلقائياً.

مثلاً عند وجود ألم في الكتف الأيمن مرافق لالتهاب المرارة، بعد تشخيص وجود التهاب المرارة والقيام بعملية جراحية لاستئصالها، يختفي الألم الرجيع دون الحاجة لعلاج مباشر خاص به.