يشير مفهوم الصحة العقلية إلى صحة الأفكار، والسلوك، وكذلك صحة الحالة النفسية. عادة ما يستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى غياب أي اضطراب أو مرض عقلي.
تؤثر الصحة العقلية في الحياة اليومية، والعلاقات، والصحة الجسدية. وبالعكس، قد تؤثر الظروف الخارجية كالعلاقات الشخصية، والحياة اليومية، والصحة الجسدية في صحة العقل.
يؤثر التوتر والقلق والاكتئاب في الصحة العقلية بشكل كبير. كما أن الوصول إلى التوازن النفسي، والجسدي مع مؤثرات الحياة له دور كبير في الحفاظ على الصحة العقلية وبالتالي الاستمتاع في الحياة.
سنتعرف على مفهوم الصحة العقلية واضطرابات الصحة العقلية، والأعراض المبكرة للمرض العقلي وأكثر الأمراض شيوعاً، وطرق العلاج.
تعرف منظمة الصحة العالمية الصحة العقلية بأنها الحالة الجيدة من صحة العقل والتي يدرك فيها الفرد قدراته الخاصة، ويتحلى الفرد بالقدرة على التعامل مع ضغوط الحياة العادية، والعمل المثمر، والمساهمة في بناء مجتمعه.
تؤكد منظمة الصحة العالمية بأن الصحة العقلية لا تتمثل فقط بعدم وجود مرض عقلي، بل إنها تتجاوز ذلك بأن يكون الفرد سعيداً ومرتاحاً في الحياة، ويشكل الحفاظ على الصحة العقلية أساساً مهما للأفراد والمجتمعات.
من الإحصائيات المهمة في هذا المجال:
اقرأ أيضاً: هل السعادة غاية أم وسيلة؟ وما هي متطلباتها؟
قد يكون أي شخص معرضاً للإصابة بالمرض العقلي بغض النظر عن عمره، وجنسه، وعرقه، وحالته المادية.
غالباً ما يكون هنالك أكثر من سبب لحدوث اضطرابات الصحة العقلية، وفيما يلي توضيح أسباب المرض العقلي:
تعد الضغوطات المالية أحد أهم أسباب تطور الاضطرابات العقلية، فشعور الفرد بعدم الاكتفاء المالي وفقدان العمل، وعدم القدرة على إشباع حاجاته الأساسية يؤدي إلى ذلك، وكذلك الانتماء إلى المجموعات العرقية المضطهدة والمهمشة.
هنالك ظروف خارجية أخرى تؤثر في صحة العقل ولكنها قابلة للتغير:
وجود تاريخ عائلي للاضطرابات العقلية يمكن أن يزيد من احتمالية الإصابة، حيث أن بعض الجينات ترتبط بذلك. ولكن، هناك العديد من العوامل الأخرى التي تساهم في تطور هذه الاضطرابات، وخاصة إذا اجتمعت مع وجود تاريخ عائلي.
لا يعني وجود جين مسؤول عن مشاكل مثل الاكتئاب أو انفصام الشخصية بأن الشخص سيصاب بها، وبالمقابل، قد يصاب شخص باضطرابات الصحة العقلية بالرغم من عدم وجود جينات مسؤولة عنها.
قد تتطور الاضطرابات العقلية مثل الإجهاد، والاكتئاب، والقلق بسبب مشاكل صحية جسدية مزمنة، مثل، السرطان، والسكري، والألم المزمن.
اقرأ أيضاً: أهمية معرفة التاريخ العائلي في تشخيص الأمراض
أكثر الأمراض العقلية شيوعاً هي: القلق، وتقلبات المزاج، والانفصام، وفيما يلي توضيح لكل منها:
يعد القلق أكثر الاضطرابات العقلية شيوعاً، ومعظم المصابين به لديهم شعور بالقلق والخوف إزاء مواقف أو أشياء محددة، ويسعون دائماً لتجنبها.
من أنواع اضطرابات القلق:
وهو قلق مفرط يؤثر على جميع أمور الحياة وقد يرافقه أعراض جسدية أخرى، مثل:
يعاني الأشخاص المصابين بالهلع من نوبات هلع منتظمة، حيث يشعر الشخص بحالة من الرعب المفاجئ والخوف من حدوث كارثة، ويشعر في بعض الأحيان بأنه ممكن أن يموت.
اقرأ أيضاً: التعامل مع نوبات الهلع
هنالك أنواع مختلفة من الرهاب (بالإنجليزية: Phobias)، ومنها:
يوجد أنواع متعددة من الرهاب، ويختلف تأثيرها من شخص إلى آخر، فالرهاب الذي يبدو طبيعياً لشخص ما، قد يكون غير مألوفاً ومسيطراً على حياة شخص آخر.
يعاني الأشخاص المصابون بالوسواس القهري من هواجس وأفكار مستمرة ومتعبة تحثهم على القيام بأعمال متكررة، مثل غسل اليدين.
يمكن أن يحدث اضطراب ما بعد الصدمة بعد أن يواجه الشخص حدثاً مخيفاً أو حادثاً أو صدمة معينة. يعتقد الشخص بعد ذلك أن حياته أو حياة الآخرين في خطر، ويشعر بأنه غير قادر على السيطرة على حياته.
للمزيد: اضطراب ما بعد الصدمة مرض جهازي أيضاً
يعاني الأشخاص المصابين باضطرابات المزاج من تقلبات في حالتهم المزاجية وتتراوح هذه التقلبات بين النشوة والهوس؛ حيث يكون الشخص لديه طاقة عالية وشعور بالبهجة، أو شعور بالاكتئاب.
من الأمثلة على اضطرابات المزاج:
للمزيد: ما هو الاكتئاب الموسمي؟
يعاني الأشخاص المصابون بانفصام الشخصية (بالإنجليزية: Schizophrenia) من أفكار مبعثرة، وقد يكون من الصعب عليهم معالجة المعلومات التي يتلقونها. تظهر أعراض هذا المرض عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم من 16-30 سنة.
لا يوجد اختبار أو فحص يؤكد الإصابة بالمرض العقلي. ولكن، يمكن أن تظهر علامات تشير إلى وجود اضطراب في الصحة العقلية مثل:
هناك العديد من خطوط العلاج للأمراض العقلية، ولكن ما يجب التركيز عليه هو أن علاج الأمراض العقلية فردياً، فما ينفع مريض قد لا ينفع مريضاً آخر.
لا بد أن يتم العلاج تحت إشراف مستشار الصحة العقلية والنفسية لتحديد احتياجات المريض وتزويده بالعلاج المناسب. يتضمن العلاج ما يلي:
من الأمثلة على العلاج النفسي: العلاج السلوكي المعرفي، والعلاج الاستفزازي (العلاج بالتعريض)، والعلاج السلوكي الجدلي؛ حيث يساعد هذا النوع من العلاج في الضبط العاطفي وتغيير السلوكيات مثل إيذاء النفس.
يتم العلاج النفسي تحت إشراف مستشاري الصحة العقلية والنفسية، والمعالجون النفسيون. حيث يمكنهم مساعدة مرضاهم على فهم مرضهم وتغيير أنماط تفكيرهم إلى أنماط صحية تدعم الحياة اليومية وتقلل من مخاطر العزلة وإيذاء النفس.
يهدف استخدام الأدوية إلى تحسين أعراض المرض ومساعدة المريض التفاعل الاجتماعي والقيام بأعماله الروتينية. ويمكن القول بأن الأدوية تستخدم إلى جانب العلاجات الأخرى للوصول إلى الشفاء.
من الأدوية المستخدمة في علاج اضطرابات الصحة العقلية:
يشمل عمل هذه الأدوية رفع امتصاص الجسم للهرمونات المهمة للصحة النفسية مثل هرمون السيرتونين، والحد من تحلل هذه الهرمونات وخروجها من الجسم.
عادة ما يحتاج الشخص الذي لديه اضطرابات عقلية إلى إجراء تغييرات على نمط حياته حتى يتمكن من الشفاء. تشمل هذه التغييرات:
قد يستفيد الأشخاص الذين يعانون من حالات مثل القلق أو الاكتئاب من تقنيات الاسترخاء، والتي تشمل التنفس العميق والتأمل.
إذا شعرت بأن شخصاً ما ينوي الانتحار، اتبع ما يلي:
فيما يلي مجموعة من الخرافات الشائعة حول الصحة العقلية والحقائق التي تدور حولها:
في الواقع هنالك علامات لاضطرابات الصحة العقلية قد تظهر عند الأطفال، ويمكن تشخيصها، وتنتج عن عوامل اجتماعية ووراثية.
قد تظهر الأعراض الأولى قبل بلوغ الطفل 14 عام، ولسوء الحظ، هناك 20% من الأطفال لا يتلقون التشخيص والعلاج المناسبين لهم.
إن التدخل المبكر لدى الأطفال الذين يعانون من اضطرابات عقلية يساهم في علاجهم وتطورهم النفسي بشكل صحيح.
في الحقيقة، معظم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات عقلية لا يميلون إلى العنف، بل على العكس، فقد تصادف شخصاً يعاني من مرض عقلي ولكن لن تستطيع التعرف على ذلك، فالغالبية العظمى منهم ينخرطون في الأعمال المجتمعية والعمل.
يقتصر العنف على حوالي 3-5% من الأشخاص الذين يعانون من الاضطرابات العقلية، ويكون المرض لديهم متطور بشكل كبير.
قد تكون إنتاجية الأفراد المصابين باضطرابات عقلية مكافئة أو تزيد عن الأفراد الطبيعيين وهذا ما أظهرته العديد من الإحصائيات العامة، فحضورهم ودقتهم في العمل عالية.
هنالك حالات مسجلة تظهر الشفاء التام من الأمراض العقلية، ويبدو ذلك من مقدرة هؤلاء الأشخاص على العيش، والعمل، والتعلم، والمشاركة المجتمعية. يعود الفضل في زيادة حالات الشفاء إلى تطور العلاجات، والخدمات، والدعم المجتمعي.
في الحقيقة، يساهم الأصدقاء والعائلة في خلق تأثير إيجابي كبير على ذويهم الذين يعانون من الاضطرابات العقلية حيث أنه يمكنهم دعم المريض عن طريق:
Adam Felman. What is mental health? Retrieved on 19th of September, 2020, from: https://www.medicalnewstoday.com/articles/154543 WebMD. Mental Illness Basics. Retrieved on 19th of September, 2020, from: https://www.webmd.com/mental-health/mental-illness-basics#1 Mentalhealth.gov. Mental Health Myths and Facts. Retrieved on 19th of September, 2020, from: https://www.mentalhealth.gov/basics/mental-health-myths-facts
حاصلة على درجة الماجستير في الصيدلة السريرية من جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، والبورد الأمريكي في العلاج الدوائي وتعمل كمنشئة وكاتبة محتوى طبي.