اضطراب النوم المصاحب للسفر (بالإنجليزية: Jet lag)، هو أحد اضطرابات النوم الشائعة المؤقتة، تصيب الأشخاص المسافرين أثناء سفرهم عبر مناطق زمنية متعددة . لسنوات طويلة ساد الاعتقاد بأنّ هذا الاضطراب هو مجرد حالة ذهنية  إلّا أن الدراسات أظهرت أنّ اضطراب الحالة الجوية ناتج فعلياً عن خلل في ساعة الجسم البيولوجية نتيجة السفر من منطقة زمنية إلى أخرى.

ساعة الجسم البيولوجية هي نظام داخلي يعمل على مدار اليوم لينظّم عملية الاستيقاظ والنوم، يتم تنظيم إيقاع هذا الساعة بواسطة  غدة تحت المهاد الموجودة في أدمغتنا، إضافةً إلى العوامل الخارجية كالضوء والظلام، فمثلاً عندما يخيم الظلام ليلاً تقوم العينان بإرسال إشارة إلى غدة تحت المهاد لتقوم بدورها على حثّ الغدة الصنوبرية على إفراز هرمون الميلاتونين الذي من شأنه أن يجعلك تشعر بالنعاس والذي يصل أعلى مستوياته عند منتصف الليل وينخفض تركيزه بشكل حاد  في الدم أثناء النهار وعند التعرض للضوء. 

ومن هنا نستنتج أنّ الساعة البيولوجية  في أجسامنا تتزامن مع دورة الليل والنهار لذلك فعند السفر إلى منطقة زمنية جديدة يعاني المسافر من اضطراب مؤقت في نومه لعدّة أيّام لأنّ ساعته البيولوجية متزامنة مع دورة الليل والنهّار في منطقته الزمنية الأصلية  بدلاً من المنطقة التي سافر إليها، فقد يؤدي ذلك إلى شعور المسافر بالنّعاس أثناء النهار أو الرغبة  في البقاء مستيقظاً عندما بكون الوقت متأخراً في الليل. عادةً ما يستمّر هذا الاضطراب لعدّة أيَام لحين تمكّن الساعة البيولوجية من إعادة ضبط إيقاعها بما يتوافق مع دورة الليل والنهار في المنطقة الزمنية الجديدة.

تجدر الإشارة هنا إلى أن الساعة البيولوجية تعمل بشكل أفضل عندما يكون لدى الشخص عادات نوم منتظمة، يمعنى أن تكون ساعات النوم ليلاً والاستيقاظ صباحاً في نفس الوقت تقريباً يومياً بما في ذلك عطل نهاية الأسبوع، لذلك فإن الرحلات الجوية الطويلة أو تغيير التوقيت  أو أي حدث يؤدي إلى تأخير أو تبكير ساعات اليقظة والنوم قد يؤدي إلى الإخلال بإيقاع الساعة البيولوجية للشخص.

 رجوعاً إلى اضطراب النوم المصاحب للسفر، فعادةً ما يعاني المسافر من اضطراب النوم خلال يوم أو يومين من السفر، وتزداد شدّة الأعراض كلما زادت المناطق الزمنية التي يعبرها وخاصةً إذا كان الشخص مسافراً باتجاه الشرق. وغالبًا ما يحتاج المسافر يوماً واحداً للتعافي عن كل منطقة زمنية تم عبورها.

الأعراض والعلاج باضطراب النوم المصاحب للسفر

  1. صعوبة في التركيز والقيام بالأنشطة اليومية المعتادة.
  2. اختلال في النوم كأن يعاني من الأرق أو النعاس الشديد.
  3. عسر هضم يرافقه إسهال أو إمساك.
  4. اضطرابات في المزاج والشعور بالإرهاق العام.
  5. الصداع والشعور بثقل في الرأس.
  6. الدوار والشعور بالتوتر  والضيق العام.
  7. زيادة في التعرّق والإصابة بالجفاف.
  8. احتمالية حدوث فقدان ذاكرة مؤقت عند البعض.
  9. عدم انتظام في ضربات القلب.

عوامل تزيد من إمكانية الإصابة باضطراب النوم المصاحب للسفر

كلما زاد عدد المناطق الزمنية المقطوعة أثناء السفر زادت احتمالية الإصابة.

  1. العمر، الأشخاص الأكبر عمراً  بحاجة إلى مدة أطول للتعافي من آثار الاضطراب المصاحب للسفر.
  2. السفر شرقاً يزيد من شدة الاضطراب لأنّ المسافر بذلك يخسر الوقت بدل من اكتسابه عند السفر غرباً.
  3. السفر المتكرر والمستمر،  فعادةً ما يكون الطيارون ومضيفي الطيران أكثر عرضةً للإصابة.

وسائل للتقليل من حدّة أعراض اضطراب النوم المصاحب للسفر

تجدر الإشارة هنا بأنّه لا يمكن منع الإصابة بالاضطراب المصاحب للسفر ولكن من الممكن التخفيف من آثاره باتباع الخطوات المذكورة التالية. كما ينبغي التنوية بأنّه يجب على الأشخاص الذين يتناولون عقاقير بأوقات زمنية صارمة ومحددة، كالإنسولين أو حبوب منع الحمل مراجعة الطبيب واستشارته قبل سفرهم وكذلك الحال بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كأمراض الرئة  والقلب.

  1. احرص على حصولك على قسط كاف من النوم قبل موعد الرحلة وإلّا ستزداد الأعراض سوءاً.

  2. في حال السفر باتجاه الشرق قم  بتبكير النوم بمعدل ساعة يومياً ولبضعة أيّام قبل موعد السفر. أمّا في حال كنت تسافر باتجاه الغرب فقم بتأخير موعد نومك بمعدّل ساعة يومياً وحاول أن تتناول وجبات طعامك في مواعيد قريبة من مواعيدها في الوجهة التي ستسافر إليها.

  3. احرص على شربك لكمية كافية من الماء أثناء وبعد الرحلة؛ وذلك لأنّ الجفاف من شأنه أن يزيد الأعراض سوءاً.

  4. تجنّب المشروبات المحتوية على الكافيين أو الكحول؛ لأنّ هذا المشربات تعمل كمدرّات للبول مؤديةّ بذلك إلى الجفاف، كما أنّها تقلل من جودة النوم وتزيد من شدة الإرهاق.

  5. تحكّم بتعرضك لأشعة الشمس، فكما ذكرنا سابقاً فإنّ الضوء هو أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على إفراز هرمون الميلاتونين الذي يتحكّم بالنوم، لذلك في حال كنت مسافراً باتجاه الغرب احرص على تعرضك لضوء المساء، أمّا في حال سفرك شرقاً احرص على تعرّضك لضوء الصباح.

  6. قم بممارسة الرياضات الخفيفة نهاراً وتجنّب ممارسة الرياضات الشديدة قبل الخلود إلى النوم؛ لأن من شأنها أن تزيد من صعوبة النوم.

  7. قم بضبط ساعتك وفقاً للمنطقة الزمنية التي تسافر إلها وذلك فور صعودك على متن الطائرة.

  8.  قم بالنوم على متن الطائرة في حال كان الوقت في المكان الذي تتجه إليه ليلاً ، وامتنع عنه في حال كان الوقت نهاراً في الوجهة التي تسافر إليها.

  9. امتنع عن تناول الوجبات والأطعمة الدسمة قبل خلودك للنوم.

  10. حبوب الميلاتونين، هنالك العديد من الدراسات التي قامت بالبحث في فاعلية تناول الميلاتونين كمكمّل غذائي للحد من أعرض الاضطرابات للسفر، وتوصلّت أحدث الدراسات إلى أنّه قد يساعد على النوم في الأوقات التي تكون فيها عادةً يقظاً. فمثلًا في حال كنت تسافر شرقاً وتريد إعادة ضبط ساعتك البيولوجية لوقت لاحق ينبغي عليك تناوله ليلاً، أمّا في حال كنت تسافر غرباً وتريد إعادة ضبط ساعتك البيولوجية لوقت سابق فقم بتناول الميلاتونين نهاراً.
    تجنّب تناول المشروبات الكحولية وتلك المحتوية على الكافيين لتعارضها مع الميلاتونين مما قد يتسبب لك بالشعور بالغثيان والدوّار.


كيف نعالج الاضطراب المصاحب للسفر؟

إن الاضطراب المصاحب للسفر، مشكلة مؤقتة وعادةً ما يتحسن المسافر خلال بضعة أيّام. في حال كنت تسافر بكثرة وباستمرار فيجب عليك استشارة الطبيب الذي قد يلجأ إلى

  • وصف العقاقير المنومة، تساعد هذا الأدوية على تحسّن من مدة وجودة النوم إلّا أنها قد لا تساعد على التقليل من أعراض الإرهاق المصاحبة لاضطراب النوم المصاحب للسفر، ويلجأ الطبيب لهذه الأدوية فقط عند فشل جميع العلاجات البديلة.
  • قد يلجأ الطبيب إلى العلاج الضوء، والذي يتم فيه تعريض المريض إلى ضوء صناعي يحاكي ضوء الشمس لمدة منتظمة ومحددة وفي الوقت الذي يتوجب عليه أن يكون مستيقظاً.