يعد ارتفاع ضغط الدم الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary hypertension or PH) الذي يسمى أيضاً بارتفاع ضغط الشريان الرئوي من الحالات الخطيرة، ويحدث نتيجة لحدوث تضييق في الشرايين التي تحمل الدم من الجهة اليمنى في القلب إلى الرئتين. [1]
تضخ الجهة اليمنى من القلب الدم إلى الرئة لتزويده بالأكسجين وتخليصه من ثاني أكسيد الكربون، ومن ثم يعاد ضخه إلى القلب من الرئتين، ثم إلى باقي أنسجة، وعضلات، وأعضاء الجسم لتزويدها أيضًا بالأكسجين، ولكن عندما تضيق الشرايين المتصلة بين الرئتين والجهة اليمنى من القلب فإن تدفق الدم سوف ينخفض، مما يضع المزيد من الضغط على القلب ليعمل بجهد أكبر ليعمل على ضخ الدم إلى الرئتين وباقي أنحاء الجسم، ومع مرور الوقت تسبب هذه العملية في ضعف القلب، وعدم كفاءته في تدوير الدم عبر الجسم. [1]
يختلف ارتفاع ضغط الشريان الرئوي عن ارتفاع ضغط الدم المتعارف عليه، الذي يحدث نتيجة للضغط الذي يسببه الدم على جدران الأوعية الدموية أثناء المرور من خلالها، أما ارتفاع قياس ضغط الشريان الرئوي فيشير إلى الضغط الواقع على القلب أثناء ضخ الدم إلى الرئتين، وبمعنى آخر يرتكز هذا النوع من الضغط على ضغط تدفق الدم من القلب إلى الرئتين. [1]
يمكنكم الآن استشارة طبيب من أطبائنا للإجابة على كافة استفساراتكم المتعلقة بهذا الموضوع.
محتويات المقال
المعدل الطبيعي لضغط الشريان الرئوي
يشار إلى عملية تقلص القلب لضخ الدم بانقباض القلب، وعند امتلائه بالدم يشار إلى هذه العملية بانبساط القلب، وتمثل قيمة الضغط المأخوذة في هذه العملية ضغط الشريان الرئوي، ويتراوح معدل ضغط الدم الرئوي الطبيعي (الانقباضي) أي الرقم العلوي بين 15-35 ملم زئبقي، أما الرقم السفلي والذي يشار إليه بالضغط (الانبساطي) فتتراوح قيمته بين 4 - 12 ملم زئبقي للضغط الرئوي الطبيعي. [1]
يتم قياس ضغط الشريان الرئوي باستخدام الموجات فوق الصوتية، ويسمى هذا الفحص بمخطط صدى القلب (بالإنجليزية: Echocardiogram)، ولقياس ضغط الشريان الرئوي بشكل دقيق أكثر يلجأ الأطباء إلى إجراء نوع من القسطرة تسمى قسطرة جهة القلب اليمنى (بالإنجليزية: Right Heart Catheterization). [1]
للمزيد: معتقدات خاطئة عن ارتفاع ضغط الدم
أنواع وأسباب ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
يقسم ارتفاع ضغط الشريان الرئوي إلى خمس مجموعات أو أنواع، وفقاً للأسباب التي يمكن أن تساهم أو تزيد من خطر الإصابة به، وتشمل هذه المجموعات على ما يلي: [2]
المجموعة الأولى
يمكن أن تحدث الإصابة بارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي (بالإنجليزية: pulmonary arterial hypertension or PAH) بسبب مجموعة متنوعة من العوامل والأسباب، تشمل ما يلي: [2][3]
- أمراض القلب الخلقية (بالإنجليزية: Congenital Heart Disease).
- عدوى فيروس العوز المناعي البشري/ الإيدز.
- العدوى بنوع من الطفيليات تسمى البلهارسيا (بالإنجليزية: Schistosomiasis).
- اضطرابات الأنسجة الضامة التي تحدث نتيجة لبعض أنواع اضطرابات المناعة الذاتية مثل الذئبة الحمامية الجهازية (بالإنجليزية: Systemic lupus Erythematosus or SLE )، وتصلب الجلد (بالإنجليزية: Scleroderma).
- أمراض الكبد المزمنة مثل تليف الكبد (بالإنجليزية: Liver Cirrhosis).
- ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي مجهول السبب (بالإنجليزية: Idiopathic Pulmonary Hypertension).
- في بعض الأحيان يمكن أن يحدث ارتفاع ضغط الدم الشرياني الرئوي نتيجة لأسباب جينية وراثية.
- فقر الدم المنجلي (بالإنجليزية: Sickle Cell Disease).
- الحالات التي تؤثر على الشرايين والأوعية الدموية الصغيرة في الرئتين.
- التعرض لبعض أنواع السموم، أو استخدام بعض أنواع المخدرات مثل الكوكايين، أو الأدوية الترفيهية مثل ميثامفيتامين (بالإنجليزية: Methamphetamines)، أو أدوية إنقاص الوزن مثل ديكسفينفلورامين (بالإنجليزية: (Dexfenfluramine، الفينفلورامين / فينترمين (بالإنجليزية: Fenfluramine/Phentermine or Fen/Phen ).
المجموعة الثانية
تحدث الإصابة بالنوع الثاني من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي نتيجة للحالات التي تصيب الجهة اليسرى من القلب، وتؤثر على الجهة اليمنى من القلب، وتشمل هذه الحالات ما يلي: [2][3]
- ارتفاع ضغط الدم المزمن.
- مرض الصمام المترالي (بالإنجليزية: Mitral Valve Disease).
- مرض الصمام الأورطي (بالإنجليزية: Aortic Valve Disease).
- قصور القلب الأيسر (بالإنجليزية: Left Heart Failure).
المجموعة الثالثة
تحدث الإصابة بالنوع الثالث من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي نتيجة للحالات التي تؤثر على الرئة والتنفس، وتشمل هذه ما يلي: [2][3]
- داء الرئة الخلالي (بالإنجليزية: Interstitial Lung Diseases) الذي يتسبب في تكون أنسجة ندب في أنسجة الرئة.
- انقطاع النفس النومي (بالإنجليزية: Sleep Apnea).
- الانسداد الرئوي المزمن (بالإنجليزية: Chronic Obstructive Pulmonary Disease or COPD).
- انتفاخ الرئة (بالإنجليزية: Emphysema).
- نقص الأكسجين في الجسم، وتسمى هذه الحالة بنقص التأكسج (بالإنجليزية: Hypoxia) ويحدث نتيجة لبعض العوامل مثل العيش في الأماكن المرتفعة، أو السمنة.
المجموعة الرابعة
تحدث الإصابة بالنوع الرابع من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي نتيجة لجلطات الرئة، والاضطرابات التي تؤثر على عملية تجلط الدم. [2][3]
المجموعة الخامسة
تحدث الإصابة بالنوع الخامس من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي نتيجة للأسباب التالية: [2][3]
- الاضطرابات الأيضية مثل داء اختزان الجلايكوجين (بالإنجليزية: Glycogen Storage Disease)، أو أمراض الغدة الدرقية.
- الأورام التي يمكن أن تضغط على الشرايين الرئوية.
- أمراض الكلى.
- اضطرابات الدم مثل كثرة الصفيحات (بالإنجليزية: Thrombocythemia)، وكثرة الحمر الحقيقية (بالإنجليزية: Polycythemia Vera).
- الاضطرابات الجهازية مثل التهاب الأوعية الدموية (بالإنجليزية: Vasculitis)، أو الساركويد (بالإنجليزية: Sarcoidosis).
- فشل زرع الكبد، مما يؤدي إلى تراكم المواد السامة في الشرايين، مسبباً حدوث اختلال في ضغط الرئة الطبيعي.
للمزيد: التكنولوجيا الحديثة لعلاج أمراض القلب
أعراض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
تشمل الأعراض الأولية لارتفاع ضغط الدم الرئوي ما يلي:[1]
- ضيق التنفس.
- السعال.
- التعب.
- الدوخة.
- الخمول.
يمكن مع تقدم الحالة وما يترتب على ذلك من فشل القلب الأيمن ، قد يصبح ضيق التنفس أسوأ وقد يزداد احتباس السوائل في الجسم وحدوث تورم في الساقين، وقد تظهر أعراض أخرى أيضًا، مثل:[1]
- ألم في الصدر.
- الذبحة الصدرية.
- التغيرات الجلدية المميزة التي تظهر في تصلب الجلد.
- أمراض الكبد التي تظهر في ارتفاع ضغط الدم داخل الرئة.
- تسارع التنفس.
- نقص الأكسجة.
- عدم انتظام ضربات القلب.
تشخيص ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
توجد العديد من الفحوصات التي تساعد على تشخيص ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، تشمل ما يلي:[3]
- قسطرة القلب الأيمن: يسمى هذا الاختبار أيضًا قسطرة الشريان الرئوي، يعمل على قياس الضغط داخل الشرايين الرئوية ويتحقق من كمية الدم التي يمكن للقلب ضخها في الدقيقة.
- مخطط صدى القلب الدوبلري: يستخدم الموجات الصوتية لإظهار كيفية عمل البطين الأيمن، كما أنه يقيس تدفق الدم عبر صمامات القلب، ويساعد على حساب ضغط الشريان الرئوي الانقباضي.
- اختبارات الدم: للتحقق من مجموعة من المشكلات المتعلقة بوظيفة الأعضاء، ومستويات الهرمونات، والالتهابات.
- فحص الصدر بالأشعة المقطعية: يكشف عن جلطات الدم، وحالات الرئة الأخرى التي قد تسبب ارتفاع ضغط الدم الرئوي أو تزيده سوءًا.
- تصوير الصدر بالأشعة السينية: يظهر ما إذا كان البطين الأيمن أو الشرايين الرئوية أكبر مما ينبغي.
- فحص التروية / التهوية (بالإنجليزية: Ventilation Perfusion Scan): للبحث عن جلطات الدم في الرئة.
قد يطلب الطبيب أيضًا إجراء اختبار المشي لمدة ست دقائق، يوضح هذا الاختبار مقدار التمرين الذي يمكن للمريض تحمله، ومقدار الأكسجين الذي يدور في الدم أثناء ممارسة الرياضة. تشير النتائج إلى ما إذا كان ارتفاع ضغط الدم الرئوي خفيفًا أم شديدًا.
علاج ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
يعتمد علاج فرط ضغط الدم الشرياني الرئوي على علاج الحالة الرئيسية المسببة لارتفاع ضغط الشريان الرئوي، كما يأخذ الطبيب العديد من العوامل بعين الاعتبار عند التطرق لطرق العلاج، ومنها الحالات الأخرى التي يعاني منها المريض، وشدة المرض، ومدى تحمل المريض لطريقة العلاج والأدوية، ويمكن أن تشمل طرق العلاج على ما يلي:
العلاج الدوائي الذي يتضمن ما يلي:[1][2][3]
- يستخدم تادالافيل (بالإنجليزية: Tadalafil)، أو سيلدنافيل (بالإنجليزية: Sildenafil)، لتوسيع الشرايين الرئوية.
- تستخدم أدوية أمبريسينتان (Ambrisentan)، أو ماسيتينتان (بالإنجليزية: Macitentan)، أو بوسنتان (Bosentan)، لتثبيط عمل مادة الاندوثيلين وهي المادة التي تتسبب في تضيق الشرايين الرئوية.
- تستخدم الأدوية المؤثرة في التقلص العضلي مثل ديجوكسين (بالإنجليزية: Digoxin) لتحسين قدرة القلب على ضخ الدم.
- تستخدم الأدوية الموسعة للأوعية الدموية لتخفيض ضغط الدم في الأوعية الدموية الرئوية، ويمكن أن تساعد على زيادة كفاءة عمل الجهة اليمنى من القلب على ضخ الدم، ومنها حاصرات قنوات الكالسيوم، مثل نيفيديبين (Nifedipine)، أو ديلتيازيم (بالإنجليزية: Diltiazem).
- مضادات التخثر أو مرققات الدم، وتستخدم لمنع تكون الجلطات الدموية مثل وارفارين (بالإنجليزية: Warfarin).
- مدرات البول وتستخدم للتخفيف من تجمع السوائل في الأنسجة مثل الكاحلين، ومجرى الدم ومنها تورسيميد (بالإنجليزية: Torsemide)، أو فورسيميد (بالإنجليزية: Furosemide)، أو سبيرونولاكتون (بالإنجليزية: Spironolactone).
أما عن العلاج الجراحي فيتضمن ما يلي:[1][2][3]
يلجأ الأطباء للعلاج الجراحي في المراحل المتقدمة من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، وتشمل الإجراءات العلاجية الجراحية على ما يلي:
- زرع الرئة ويعد الحل الوحيد لعلاج ارتفاع ضغط الشريان الرئوي الذي يحدث نتيجة لتجلط الدم المزمن.
- زرع الرئة والقلب، ويلجأ الأطباء لهذه الجراحة للمرضى الذين يعانون من فشل القلب الأيسر والفشل الرئوي معاً، وتعد هذه الجراحة لزرع عضوين معاً نادرة جداً.
- جراحة استئصال الخثرة وبطانة الشريان الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary Thromboendarterectomy)، ويلجأ الأطباء لهذه الجراحة لإزالة الخثرة أو الجلطة الدموية التي تعيق تدفق الدم في أحد الشرايين الرئوية.
اقرأ أيضاً: أسئلة وأجوبة حول قسطرة القلب
التعايش مع ارتفاع ضغط الشريان الرئوي
يمكن أن يساعد اتباع نظام حياة وتغذية صحي على التقليل من أعراض ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، لذا ينصح المعهد القومي الأمريكي لأمراض القلب والرئة والدم، باتباع المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الشريان الرئوي للنصائح التالية:[3]
- اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه، والخضراوات، والحبوب الكاملة، وتناول اللحوم قلية الشحوم، والأسماك، والحليب الخالي أو منقوص الدسم، ويجب أن تكون الحمية الغذائية للمريض منخفضة الصوديوم، والدهون، والكوليسترول، والسكر.
- الإقلاع عن التدخين.
- مراقبة الوزن بشكل منتظم، إذ قد يدل ارتفاع الوزن السريع على ازدياد سوء ارتفاع ضغط الشريان الرئوي.
- ممارسة التمارين الرياضية مثل المشي، ولكن يجب استشارة الطبيب بشأن مستوى صعوبة التمارين، والابتعاد عن التمارين التي تسبب الإجهاد الكبير، أو تنطوي على رفع الأثقال.
- الحصول على المساعدة بشأن القلق والتوتر اللذين يسببهما ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، من خلال الحصول على دعم العائلة، والأصدقاء، ومجموعات الدعم.