نظرًا لأن كثير من الناس في جميع أنحاء العالم يجدون أنفسهم داخل المنزل لفترات طويلة بسبب الحجر الصحي، فقد يبدو أن ممارسة الرياضة أصبحت أمرًا شاقًا بالنسبة للكثيرين.
ومع ذلك، تشير دراسة جديدة من جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن ممارسة التمارين المكثفة لفترات قصيرة يمكن أن تساعد في التغلب على بعض الآثار الضارة الناجمة عن الجلوس لفترات طويلة.
كما أظهرت الدراسة أن هذه التدريبات القصيرة تقدم أيضًا مزايا مختلفة مقارنة بالتدريبات الطويلة عندما تتم ممارستها على مدار اليوم.
فوائد التمارين القصيرة
اكتشف دكتور إدوارد كويل الأستاذ في قسم علم الحركة والتربية الصحية في جامعة تكساس، وزملاؤه أن الركض السريع لمدة 4 ثوانٍ الذي تتم ممارسته خمس مرات في الساعة قد ساعد في تحسين التمثيل الغذائي للدهون وانخفاض مستويات الدهون الثلاثية في مجرى الدم.
وتشير الدراسة إلى أن المفتاح الرئيسي في عملية التمثيل الغذائي للدهون (وهي عملية تحويل الجسم الدهون إلى طاقة) هو أنه يجب عليك تنشيط عضلاتك بصورة مستمرة، بحيث لا تدعها غير نشطة لفترة طويلة. ويعد الركض السريع طريقة فعالة جدًا للقيام بذلك.
تبدو دراسة كويل للوهلة الأولى وكأنها تخاطب الأشخاص الذين اعتادوا على الجلوس في المنزل لفترات طويلة، ولكنها في الواقع تميل بشكل أكثر تحديدًا للأفراد الذين لديهم وظائف تعتمد بشكل رئيسي على الجلوس لفترات طويلة مثل الجلوس أمام الكمبيوتر طوال يوم العمل بأكمله.
استعان الباحثون بثمانية متطوعين لإجراء الدراسة، أربع نساء وأربعة رجال، وطلبوا منهم الجلوس - مجرد الجلوس - لمدة 8 ساعات. وكان تمرينهم الوحيد خلال تلك الفترة هو الركض السريع لمدة 4 ثوانٍ باستخدام دراجة تمارين مخصصة لهذا الغرض خمس مرات في الساعة بمعنى 20 ثانية من التمارين الرياضية في الساعة أو 160 ثانية فقط - أقل بقليل من 3 دقائق - في اليوم.
تتيح دراجة التمرين للمستخدمين الوصول إلى أقصى قدر من الطاقة بسرعة، مما يجعلها فعالة جدًا للتدريبات القصيرة عالية الطاقة. وقد ساعد كويل في تطوير هذه الدراجة، والتي يشير إليها باسم "دورة الطاقة". وقال كويل إنه قد اقترح إجراء عدة تمارين أخرى، بما في ذلك الركض السريع وتسلق السلالم، لكنها أثبتت أنها غير ملائمة أو خطيرة.
وقت التمارين مهم أيضًا
يعد دمج التمارين في يوم العمل، على عكس الانتظار حتى الانتهاء من العمل وممارسة الرياضة في وقت متأخر من اليوم جانبًا مهمًا من الدراسة. لذلك يقول كويل "نحتاج إلى خفض مستويات الدهون الثلاثية من مجرى الدم، وفيما يتعلق بعملية التمثيل الغذائي للدهون، فإن ممارسة الرياضة التي تتم في وقت متأخر من اليوم لن تكون فعالة للغاية"، ويضيف قائلا: "لنكن واضحين، لا يزال الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية بعد العمل فكرة جيدة. أي تمرين رياضي أفضل من لا شيء." ومع ذلك، تشير دراسة كويل إلى أنه في مجال التمثيل الغذائي للدهون على وجه التحديد، يمكن أن تكون التمارين المتقطعة على مدار اليوم أكثر فائدة.
وقال الدكتور جاي ل. مينتز، مدير صحة القلب والأوعية الدموية وعلاج الدهون في مستشفى ساندرا أطلس باس للقلب في نيويورك: "هذا بحث مثير للاهتمام، ويسلط الضوء على أهمية ممارسة الرياضة على مدار اليوم"، وأضاف: "أظهرت العديد من الدراسات أهمية النشاط طوال يوم العمل. فالثقافات الأخرى مثل اليابان تفرض ساعة مخصصة طوال يوم العمل لممارسة الرياضة، كما إن شركات مثل جوجل وفيسبوك لديها مناطق محددة لممارسة الرياضة وتعزيز النشاط خلال يوم العمل."
نمط الحياة الذي يتضمن قلة الحركة يمكن أن يزيد من المخاطر الصحية
أصبحت مخاطر الجلوس لفترات طويلة متزايدة بشكل كبير في السنوات الأخيرة نتيجة أسلوب الحياة الذي يتضمن قلة الحركة أو الكسل الناتج عن الاعتماد شبه الكامل على التكنولوجيا.
تشمل المشاكل الصحية المرتبطة بالجلوس لفترات طويلة زيادة الوزن، وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري ومتلازمة التمثيل الغذائي (وهي مجموعة من الاضطرابات الصحية تنتج عن زيادة الوزن والسمنة وتزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والشرايين). ووفقًا لكويل، فإن الجلوس لساعات طويلة بصورة متكررة يمكن أن يزيد من صعوبة حرق الدهون، وهي حالة يشير إليها باسم "مقاومة التمرين".
تعمل التمارين الرياضية عادة على تحسين التمثيل الغذائي، لذلك عند ممارسة الرياضة، سيتمكن الأفراد الأكثر نشاطا من حرق الدهون وتحسين التمثيل الغذائي الخاص بهم بصورة أكبر مقارنة بالذين اعتادوا على الجلوس لفترات طويلة
يقول الدكتور روبرت جلاتر، طبيب الطوارئ في مستشفى لينوكس هيل في مدينة نيويورك: "خلاصة القول هي أن ممارسة أي نوع من التمارين - حتى مجرد الوقوف بعد الجلوس لفترة طويلة من الزمن - يمكن أن يعوض الآثار السلبية الناجمة عن الجلوس لفترات طويلة."ويضيف جلاتر: "في حين أن التمارين القصيرة المكثفة قد تكون أكثر فائدة في تسريع عملية التمثيل الغذائي للدهون وتقليل مقاومة الأنسولين (خاصة بعد تناول السعرات الحرارية العالية أو الوجبات الدهنية)، فإن ممارسة أي نوع من التمارين - بما في ذلك المشي أو ركوب الدراجات - سيكون مفيدًا." وأضاف: "إن المفتاح ببساطة هو التغلب على قلة الحركة وممارسة أي نوع من الرياضة".