يعتبر التهاب المسالك البولية المتكرر من المشاكل المزعجة التي تعاني منها بعض النساء. ففي الولايات المتحدة مثلاً، هناك ما يقارب 11% من النساء فوق سن الثامنة عشر يعانين من التهاباً المسالك البولية مرة في السنة. يعد التهاب المسالك البولية شائعاً عند النساء ما بين سن 18-24، وهناك 20% من النساء المصابات بالتهاب المسالك البولية يعانين من تكرار حدوث المرض، وهناك 30% أيضاً ضمن هذه الفئة يعانين تكرار ثان للمرض.

إن ارتفاع مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، بالإضافة إلى تأثير استخدام المضادات الحيوية على البكتيريا النافعة في الجسم، دفع الباحثون إلى دراسة مصادر ومواد أخرى غير المضادات الحيوية لاستخدامها في الوقاية من حدوث التهابات المسالك البولية المتكرر، وخلافاً للاعتقاد الذي كان سائداً في السابق؛ وهو أن الإنسان السليم لديه قناة بولية خالية من الميكروبات، فقد أظهرت العديد من الدراسات أن الميكروبات تعيش في أماكن مختلفة من جسم الإنسان السليم مثل القناة البولية (بالإنجليزية: Urinary Tract) وهذه الميكروبات الموجودة بشكل طبيعي لديها دور في الحفاظ على صحة الجهاز البولي.

إن دراسة الميكروبات التي تعيش في الجسم السليم أدى إلى تحديد اختلافات ملحوظة بين النساء الأصحاء وأولئك اللاتي يعانين من أمراض المسالك البولية، إن انخفاض نسبة هذه الميكروبات عند النساء المعرضات للإصابة بالتهابات المسالك البولية أدى إلى التساؤل: إذا قامت النساء المعرضات للإصابة بالتهاب المسالك البوليه بتناول ميكروبات مصنعة مثل البروبيوتيك (بالإنجليزيه: Probiotic) فهل سيقلل ذلك من معدل الإصابة؟

في هذا المقال سنجيب عن هذا السؤال من خلال طرح الدراسات التي بحثت في هذا الجانب.

أسباب التهاب المسالك البولية عن النساء

تتعدد أسباب الإصابة بأمراض المسالك البولية عند النساء، منها:

  • دخول البكتيريا إلى المسالك البولية نتيجة المسح من الخلف إلى الأمام (وبالتالي دفع البكتيريا إلى مجرى البول). 
  • ممارسة الجنس (حيث يمكن دفع الجراثيم الموجودة في المهبل إلى مجرى البول).
  • الانتظار طويلاً للتبول (يعتبر البول بيئه تسمح للبكتيريا بالتكاثر).
  • وجود خلل في أعضاء الجهاز البولي سواءً كان تشوه خلقي أو خلل وظيفي. 

ما هي البروبيوتيك؟

البروبيوتيك عباره عن ميكروبات حية مفيدة وآمنة، تتألف عادة من البكتيريا أو أنواع محددة من الخمائر. يمكن الحصول على البروبيوتيك من المكملات الغذائية أو من الأغذية المحضرة من تخمير البكتيريا، ومن الأغذية التي تحتوي على البروبيوتيك؛ اللبن، الكفير(مشروب فوار) (بالإنجليزية: kefirوالملفوف المخلل، والكيمتشي (طبق كوري يحتوي على خضراوات خضعت للتخمير مسبقاً).

للبروبيوتيك فوائد صحية عديدة مثل: تأثيرها النافع على العديد من أمراض الجهاز الهضمي، بالإضافه إلى حماية الجهاز الهضمي من الإسهال الناتج عن استخدام المضادات الحيوية لفترات زمنية طويلة، كما أن هناك العديد من الدراسات التي أشارت إللى دور البروبيوتيك في إنقاص الوزن، ولها دور أيضاً في تقليل إصابة الجسم بالالتهابات، وهي تقلل أيضاً مستوى الكوليسترول في الدم وكذلك لها دور بسيط في تخفيض ضغط الدم المرتفع.

ووجدت بعض الدراسات أن تناول البروبيوتيك قد يقلل من أعراض الاكتئاب والقلق وترفع من كفاءة جهازالمناعة كما أنها قد تكون مفيدة في العديد من الاضطرابات الجلدية مثل: الإكزيما (بالإنجليزية: Eczema)، والوردية (بالإنجليزية: Rosacea وحب الشباب (بالإنجليزية: Acne).

يجب أن لا نخلط بين البروبيوتك والبريبيوتيك (بالإنجليزية: Prebiotics). البريبيوتك عباره عن ألياف غذائية تستخدم لتغذية البكتيريا النافعة الموجودة أصلاً في القناة الهضمية.

أهم مجموعات البروبيوتيك تتضمن اللاكتوباسلس (البكتيريا اللبنية الحمضية) (بالإنجليزية: Lactobacillus) والبيفيدوباكتيريوم (بكتيريا ثنائية الشعبة) (بالإنجليزية: Bifidobacterium). كل مجموعة من هذه المجموعات تتألف من أنواع عديدة وكل نوع يحتوي على العديد من السلالات.

اختيار النوع المناسب من البروبيوتك مهم جداً لأن كل نوع مناسب لحالات معينة. بعض أنواع المكملات الغذائية تحتوي على العديد من البروبيوتيك حيث يتم دمج السلالات المختلفة في نفس المنتج.

دراسات بحثت في تأثير البروبيوتيك على التهاب المسالك البولية عند النساء

يعتبر تناول البروبيوتيك، وخاصة تلك التي تنتمي لمجموعة اللاكتوباسلس، إجراء وقائي وآمن يحمي من الإصابة بالتهاب المسالك البولية، وكذلك الوقاية من تكرار حدوثها أيضاً.

هذه النتيجة توصلت إليها العديد من الدراسات المخبرية، التجارب على الحيوانات، دراسات الميكروبيولوجي، والتجارب السريرية على النساء المصابات بالتهاب المسالك البولية، واستندت معظم هذه الدراسات إلى ملاحظة أن اللاكتوباسلاي تسيطر على النبيت الطبيعي (الفلورا) التناسلية لدى النساء السليمات في فترة قبل انقطاع الطمث، وانخفاض عدد اللاكتوباسلاي يزيد من خطر الإصابة بالتهاب المسالك البولية، وبالتالي استعادة هذه الفلورا عن طريق البروبيوتيك سيحمي من حدوث هذا المرض.

هناك بعض الإشارات لفعالية البروبيوتيك في علاج بعض التهابات المسالك البولية أيضا بالاستناد إلى أن اللاكتوباسلس لديها القدرة على منع نمو وتكاثر البكتيريا المرضية مثل الإشريكية القولونية (بالإنجليزية: (E. Coli).

ما زالت هناك حاجة لمزيد من الدراسات التي تحتوي على أعداد كبيرة من المرضى لتأكيد قدرة البروبيوتيك على الوقاية من وعلاج التهاب المسالك البولية، ويلزم البحث أيضاً في تفاصيل أخرى تتعلق في الأشكال المختلفة للبروبيوتيك، وظروف إنتاجها، والجرعات التي يجب تناولها لتحقيق نتائج متجانسة بين المرضى. 

فيما يلي سنعرض نبذه عن بعض الدراسات التي أجريت في السابق ونتائجها.

دراسات تتعلق باستخدام البروبيوتيك كعلاج لالتهاب المسالك البولية عند النساء

معظم حالات التهاب المسالك البولية المتكرر تحدث بوجود البكتيريا من نوع الإشريكية القولونية عند استخدام المضادات الحيوية لعلاج هذا النوع، ينتج انخفاض في عدد اللاكتوباسلاي الموجودة أصلاً في القناه البولية، بالإضافة إلى زيادة قدرة البكتيريا المرضية على مقاومة المضادات الحيوية عند الإصابه مرة أخرى. وبالتالي يكون قد تم تدمير الحاجز الطبيعي الموجود في القناة البولية ضد البكتيريا المرضية.

  • في دراسة أجريت على استخدام اللاكتوبسلاس عن طريق الفم بجرعات عالية نسبياً على شكل كبسولة مرة أو مرتين يومياً كبديل للمضادات الحيوية لعلاج التهاب المسالك البولية، ظهرت فعاليته في تنظيم الفلورا المهبلية وقد يكون مفيداً في تجنب تكرار الإصابة مره أخرى. وجد الباحثون أن العلاج الفموي قد يكون أكثر ملائمة من العلاج المهبلي (التحاميل المهبلية) وممكن أن تلتزم المريضة بتناول العلاج بشكل أفضل. استند الباحثون في هذه الدراسة إلى قدرة اللاكتوباسللاي على الارتباط في الخلايا الطلائية للقناة البولية ومنع نمو وتكاثر البكتيريا المرضية. وقد أكد الباحثون على أن تناول اللاكتوباسللاي عن طريق الفم يؤدي إلى استعمارها في القناة البولية من بعد استعمارها في الأمعاء.
  • خلال أربعة تجارب عشوائية منضبطة تضمنت دراسة البروبيوتيك كعلاج لالتهاب المسالك البولية باستخدام اللاكتوبسلاس (ملبنة)، واحدة من هذه الدراسات أظهرت انخفاض في تكرار حدوث التهاب المسالك البولية بنسبة 73% مقارنة مع العام السابق بعد أخذ البروبيوتيك عن طريق المهبل، وفي الثلاث دراسات الأخرى لم يظهر للبروبيوتيك أي تأثير وقد يعود ذلك لسبب أنه قد يكون تم استخدام سلالات متنوعة من البروبيوتيك في الدراسات كما أن الأعداد المشاركه في الدراسات قليلة.
  • يعتقد أن اللاكتوباسلاي الناتجة عن الهيدروجين بيروكسايد (ماء الأكسجين) لديها القدرة الكبيرة على الحماية من التهاب المسالك البولية عند النساء، ففي الدراسات ظهرت قدرة هذه السلالات على تقليل خطر الإصابة بالالتهابات المهبلية إذا أخذت عن طريق المهبل والشرج. 

دراسات تتعلق باستخدام البروبيوتيك في الوقاية من التهاب المسالك البولية عند النساء

  • في إحدى الدراسات التي بحثت في قدرة البروبيوتيك على الوقاية من تكرار حدوث التهاب المسالك البولية عند أخذها عن طريق المهبل، فقط 7 نساء من ضمن 50 تكرر لديهم التهاب المسالك البولية مره أخرى بالمقارنه مع مجموعة العلاج الوهمي (بالإنجليزية: Placebo) حيث تكررحدوث الالتهاب عند 13 امرأة من ضمن 50.
  • في دراسات التحليل الشمولي (بالإنجليزية: Meta-analysis) على 294 مريضة من 5 دراسات، وجد أن استخدام البروبيوتيك من نوع اللاكتوباسلاس آمن وفعال في الوقاية من التهاب المسالك البولية عند النساء عند تناول العلاج عن طريق المهبل، واحتوت التحميلة المهبلية المستخدمة في العلاج على مزيج من اللاكتوباسلس فيرمنتوم (بالإنجليزية: L.fermentum B-54) مع اللأكتوباسلس كريسباتوس (بالإنجليزية: L.crispatus CTV-05) أو اللاكتوباسلس رامنوسس (بالإنجليزية: L. rhamnosus)
  • في مراجعه تمت لـ 25 تجربه سريرية تمت عام 2009 تضمنت دراسة فعالية البروبيوتيك الذي يحتوي على اللاكتوبسللاس في الوقايه وعلاج التهابات الجهاز البولي التناسلي حيث تم تناول البروبيوتيك عن طريق الفم و المهبل، وجد في الدراسات أن المدة الزمنية المستغرقة تتراوح من 4 أيام إلى 19 شهر وتركيز اللاكتوباسلاس لا يقل عن 106 / مل.
  • الأعراض الجانبية لاستخدام اللاكتوبيلاس في الوقاية من التهاب المسالك البولية تم مراجعتها في 7 دراسات، 4 دراسات أظهرت عدم وجود أي أعراض جانبية لتناول البروبيوتيك، بينما 3 دراسات بينت ظهور صداع خفيف وزيادة في الشهية أو ظهور أعراض حمى

دراسات بحثت في العلاقة بين التهاب المسالك البولية قبل انقطاع الطمث والبروبيوتيك

معظم الدراسات التي تتضمن تأثير البروبيوتيك على تكرار حدوث التهاب المسالك البولية تم إجراؤها على النساء قبل انقطاع الطمث، وهناك فرق في عوامل الخطورة بين النساء قبل انقطاع الطمث والنساء بعد انقطاع الطمث.

هذه العوامل تتضمن الاتصال الجنسي الحديث، استخدام الواقي الذكري الذي يحتوي على مبيد الحيوانات المنوية، وجود تاريخ في حدوث التهاب المسالك البولية، واستخدام المضادات الحيويه حديثاً.

وفي تحليل متعدد المتغيرات، ذكر أن الجماع الجنسي المتكرر هو أهم عامل لمرض التهاب المسالك البولية عند النساء، ويمكن وصف عوامل الخطورة الأخرى على أنها عوامل تسبب الاستعمار المهبلي للميكروبات المرضية وتقلل من عدد اللاكتوباسللاي الطبيعية التي تعبر الجهاز البولي.

معظم الدراسات الموجودة حالياً بحثت في تغير توازن الفلورا المهبلية عند النساء النشطات جنسياً، ولا يوجد دراسات كافية بالنسبه للنساء بعد انقطاع الطمث.

هل تحليل البول المرفق طبيعي؟ علمًا أنني مدخن وأتناول دواء cystone للحماية وليس لدي أي أعراض الحمدلله، وأستخدم مكمل طاقة ومالتي فيتامين وزنك وأمارس رياضة كمال الأجسام.

جرعة وأشكال البروبيوتيك المستخدمة في الدراسات

في الدراسات، تبين أن مدة استخدام البروبيوتيك تراوحت بين 5 أيام إلى 12 شهر، والجرعات المستخدمة تتراوح بين 104 وحدة تكوين مستعمرة إلى 1010 وحدة تكوين مستعمرة (بالإنجليزية:(CFU) Colony Forming Unit) (104 CFU and 1010 CFU). تم استخدام العلاج الفموي (بالإنجليزية: Oral) والعلاج المهبلي (بالإنجليزية: Vaginal)، و التركيبات السائلة (بالإنجليزية: Liquid formulations).

وأيضاً تمت دراسة استخدام علاج أحادي من البروبيوتيك أو مزيج. هذه التركيبات تم تطبيقها على العديد من الميكروبات ومن خلال طرق مختلفة (الفم، المهبل) وأظهرت الدراسات نتائج فعالة.

في دراسة حديثة تم إعطاء المريضات بالتهاب المسالك البولية المتكرر لمدة 3 شهور مزيج من 120 مغم من الكرز و 109/ وحدة تكوين مستعمرة من اللاكتوباسلاس رامنوسوس و75 ملغم من فيتامين سي، في الشهر الثالث والسادس كان معدل الاستجابة 72.2% و 61.1% بالترتيب. لاحظ الباحثون أن المزيج كان فعالاً.

إن السبب الذي يقف خلف الاهتمام بهذه التركيبات هو رغبة المرضى في العلاج عن طريق استخدام منتجات طبيعية وكذلك اهتمام الأطباء بموضوع مقاومة البكتيريا المرضية للمضادات الحيوية.

في الممارسات السريرية لا بد من خلق التكامل بين نتائج الدراسات والخبرة السريريه ورغبة المريض بنوع العلاج. لأن هنالك نقص في التوصيات العلاجيه لالتهابات المسالك البولية المتكررة ولأن العلاجات المقترحه تختلف في مستوى فعاليتها ونجاحها مع المرضى، تعتبر البروبيوتيك جزء من العلاجات المتعددة الوسائط التي يمكن تطبيقها على الأمراض المتعددة العوامل مثل التهاب المسالك البولية المتكررة.

مزيج البروبيوتيك والمضادات الحيوية لعلاج التهاب المسالك البولية

في تجربه عشوائية منضبطة (بالإنجليزية: Randomized controlled trial)، قام الباحثون بدراسة فعالية تناول البروبيوتيك بالإضافه إلى المضادات الحيوية بهدف الوقاية من حدوث التهاب المسالك البولية المتكرر عند النساء.

خضع للدراسة 162 مريضة تم تعيينهم عشوائياً ضمن مجموعتين: مجموعة تناولت كبسولات الفاميلاكت (بالإنجليزية: FamiLact capsules) مع المضادات الحيوية والمجموعة الأخرى تناولت المضاد الحيوي لوحده.

في المجموعة التي تناولت البروبيوتيك (كبسولات الفاميلاكت)، بقيت المريضات يتناولن هذه الكبسولة يومياً لمدة إضافية مقدارها ستة أشهر. تم تقييم حالة ال 162 مريضة خلال ستة أشهر من المتابعة؛ 18 مريضة أي نسبة (22.5%) من المجموعة التي تناولت المضاد الحيوي فقط تعرضن لتكرار الإصابة بالتهاب المسالك البولية، ومن المجموعة التي تناولت المضاد الحيوي مع البروبيوتيك تعرضت مريضتان فقط أي نسبة (2.5%) لتكرار الإصابة بالتهاب المسالك البولية.

بعد ثلاثة أشهر كانت نتيجة المتابعة هو تعرض 34 مريضة (53.1%) من المجموعة التي تناولت المضاد الحيوي فقط للإصابة بتكرار التهاب المسالك البولية، بينما في المجموعة الأخرى تعرضت 4 مريضات لذلك (5%).

بعد ستة أشهر من المتابعة لم يكن هنالك فرق بين المجموعتين في معدل تكرار الإصابة بالتهاب المسالك البولية. تبين من خلال الدراسة فعالية البروبيوتيك في الوقايه والعلاج لبعض الالتهابات. تعتبر البروبيوتيك الموجوده حالياً آمنه بشكل كبير، ولكن يجب تجنب تناولها من قبل المرضى المعرضين لخطر الإصابة بتسمم الدم (بالإنجليزية: Septicemia).

اقرا ايضاً :

انواع السلس البولي