يعد تناول الطعام جزءًا مهماً من حياتنا، ويلجأ له العديد بسبب الشعور بالجوع. ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، إذ توجد العديد من الدوافع وراء تناول الطعام.
قد يتناول البعض الطعام بسبب حاجة الجسم الفسيولوجية إليه والشعور بالتعب، بينما قد يتناوله آخرون بسبب حاجة عاطفية أو مشاعر سلبية سببت لهم الشعور بالجوع، أو في بعض الأحيان قد يتناول الشخص طعام معين دون أي سبب لذلك، سوى الرغبة بذلك. وهذا ما يدفعنا للتساؤل حول سبب تناولنا للطعام، هل نأكل بسبب الجوع، أو الشهية، أو لسبب آخر.
ما الفرق بين الجوع والشهية؟
الجوع
يُعرَّف الجوع على أنَّه غريزة في جسم الإنسان، يحدث نتيجة لاستجابة الجسم الفسيولوجية لحاجته إلى الطعام من أجل الحصول على الطاقة التي يحتاجها للقيام بوظائفه. واختصاراً يمكن القول أنَّ الجوع هو حاجة الجسم إلى الطعام. وتتحكم الغدة النخامية، ومستوى السكر في الدم، ومدى امتلاء المعدة والأمعاء، وبعض الهرمونات في هذا بالشعور، ويختفي هذا الشعور المؤقت عادةً بمجرد تناول الطعام.
ويعاني من يشعر بالجوع من مجموعة من الأعراض كالدوار، والصداع، وآلام المعدة، والإرهاق، والتعب، وتقلّب المزاج. وفي حالات الجوع الشديد قد يصاب الشخص بالإغماء نتيجة لانخفاض نسبة السكر في الدم.
من المهم معرفة أن الجوع لا يرتبط مع الدوافع، أو المحفزات العاطفية، أو التوتر، أو القلق، ولا يحدث فجأة. كما أنّه لا يقتصر تجاه أطعمة معينة. ولا يمكن التحكم به، فهو غريزة طبيعية يشعر الشخص بها.
ويجدر التميز بين الشعور بالجوع من أجل الحصول على الطعام والمحافظة على مستوى طبيعي للطاقة (بالإنجليزية: Homeostatic Hunger) في الجسم، وبين الشعور بالجوع من أجل الاستمتاع بالأكل (بالإنجليزية: Hedonic Hunger). ففي العادة، يمكن التغلب على الشعور بالجوع بتناول وجبة طعام كافية. ولكن في بعض الأحيان قد نشعر بالجوع عند رؤية طعام مفضل أو مرغوب على الرغم من شعورنا بالشبع، وهذا ما يُعرَف بالشعور بالجوع من أجل الاستمتاع بالأكل، وهو العامل الرئيسي لزيادة الأكل، والإصابة بالسمنة.
اقرأ أيضاً: الفرق بين الاكل الواعي والاكل العاطفي
الشهية
أما الشهية فتُعرَّف على أنَّها رغبة الجسم الفجائية والملحة في تناول طعام معين، بسبب وجود محفزات مختلفة كالشعور بالحزن، أو الفرح، أو التوتر، والقلق. وعادةً ما تكون هذه الرغبة تتعلق بنوع محدد من الطعام. وقد يساهم النظر إلى طعام معين أو التفكير به في ظهور هذا النوع من الشعور.
وتوصف الشهية بأنها حلقة من المشاعر، تبدأ بالشعور بالرغبة في تناول طعام محدد، وترقب الشعور بالسرور عند تناول هذا الطعام. ثم تبدأ عملية البحث، وإيجاد هذا الطعام. ثم يتناول الشخص هذا الطعام ولا يشعر بالشبع، لأنَّه لا يوجد حاجة فسيولوجية لاستهلاك هذا الطعام، بل يبدأ الشعور بالندم بسبب تناول طعام يزيد من السعرات الحرارية المستهلكة ولا يوجد له ضرورة، مما يسبب زيادة الوزن التدريجي، والإصابة بالسمنة.
وتجدر الإشارة إلى ضرورة التميز بين التحكم في الشهية وقلة الشهية. فالتحكم في الشهية يعد أمراً صحياً، بينما قلة الشهية هي مشكلة صحية ترتبط بعدم الرغبة بالأكل على الرغم من الشعور بالجوع وحاجة الجسم إلى الغذاء.
ما هي الهرمونات التي تتحكم بالشهية، والشعور بالجوع أو الشبع؟
يوجد هرمونين رئيسيين للتحكم بالشهية وتنظيم عمليتي الجوع والشبع، ويؤثران في الغدة النخامية لتحديد الحاجة إلى الأكل، وهما:
- هرمون الغيرلين (بالإنجليزية: Ghrelin): وهو الهرمون الفاتح للشهية والمسبب للجوع.
- هرمون اللبتين (بالإنجليزية: Leptin): وهو الهرمون المثبط للجوع والشهية.
يُصنّع كل من الغيرلين واللبتين في خلايا مختلفة؛ إذ تَفرز المعدة هرمون الغيرلين، وتصنع الخلايا الدهنية هرمون اللبتين. ومن الطبيعي أن يزداد مستوى هرمون الغريلين بشدة قبل تناول الطعام كي نشعر بالجوع، ثم ينخفض عند الأكل ويستمر انخفاضه لمدة ساعة إلى ثلاث ساعات تقريباً بعد تناول الطعام.
وعلى العكس، تعد مسؤولية هرمون اللبتين إبلاغ الدماغ بامتلاء مخازن الطاقة، وبالتالي عدم الحاجة إلى الأكل، في محاولة لمنع الأكل الزائد. كما يقوم هذا الهرمون بتثبيط عمل هرمون الغيرلين من خلال تقليل إفرازه من خلايا المعدة، والحد من تأثيره في الغدة النخامية، وبالتالي التسبب بقلة الشهية والشعور بالشبع.
ومن التوقع أنَّ يكون إفراز هذين الهرمونين عكسياً؛ بمعنى:
- قبل تناول الطعام: يكون مستوى هرمون الغيرلين عالٍ ومستوى هرمون اللبتين قليل.
- بعد تناول الطعام: يزداد مستوى هرمون اللبتين ويقل مستوى هرمون الغيرلين.
كيف يمكن التقليل من الجوع والشهية؟
يمكن التحكم بالجوع والشهية والتقليل منهما من خلال ما يأتي:
- تناول البروتينات بشكلٍ كافٍ: فإضافة البروتينات إلى النظام الغذائي يسبب الشعور بالشبع، ويجعل الشخص يأكل أقل في الوجبات اللاحقة.
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف: تناول الألياف يساعد على تمدد المعدة وإبطاء معدل تفريغ الطعام منها، مما يساعد على إفراز هرمونات الشبع. كما أنّ تخمّر الألياف في الأمعاء ينتج عنه أحماض دهنية قصيرة السلسلة لتساعد على زيادة الشعور بالشبع والامتلاء.
- تناول المواد الصلبة: يتطلب تناول الطعام الصلب المزيد من المضغ، مما يمنح هرمونات الشبع مزيداً من الوقت للوصول إلى الدماغ. كما أنّ الطعام الصلب يبقى على اتصال ببراعم التذوق لفترة أطول مما يعزز شعور الشخص بالشبع.
- تناول القهوة: تساعد القهوة على تقليل الشهية والشعور بالجوع لمدة قد تصل إلى 3 ساعات.
- ملأ المعدة بالماء: يساعد تناول الماء قبل الوجبات على التقليل من الشعور بالجوع. كما يعزز الشعور بالشبع عند تناول الماء بعد الانتهاء من تناول الوجبات.
- تناول الشوكولاتة الداكنة: تساعد مرارة الشوكولاتة الداكنة على تقليل الشهية والجوع.
- تناول الزنجبيل: يحد تناول الزنجبيل من الشعور بالجوع. ولكن ما زالت الحاجة إلى المزيد من الدراسات لإثبات ذلك.
- تناول الفلفل الحار والحلو: إذ أنها تحتوي على مركبات تقلل من الشعور بالجوع.
- ممارسة التمارين الرياضية: يعتقد أن ممارسة التمارين يقلل من إشارات الدماغ التي توحي للجسم بالرغبة في تناول الطعام، مما يقلل شعور الجسم بالجوع. كما أن التمارين الهوائية وتمارين المقاومة تزيد من نسبة هرمونات الشبع في الجسم وتقلل الجوع.
- التقليل من الدهون الموجودة في منطقة البطن: فهذه الدهون تزيد من إفراز الهرمون الببتيد العصبي Y (بالإنجليزية: Neuropeptide Y) المسؤول عن زيادة الجوع والشهية.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من الراحة: يساعد النوم لساعات كافية لا تقل عن سبع ساعات على التقليل من الجوع.
- التقليل من التوتر والإجهاد: فالتوتر يزيد من الكورتيزول في الجسم والذي يزيد من رغبة الجسم بتناول الطعام.
- الحفاظ على تناول الأطعمة الغنية بأوميجا 3: فهذه الأطعمة تعزز الجسم على الشعور بالشبع، وتقلل من الشعور بالجوع.
للتعرف إلى المزيد اقرأ: الهرمونات المسؤولة عن حرق الدهون وطرق تعزيز إفرازها
اقرأ أيضاً: قطع الشهية- بالطرق الطبيعية (الجزء الأول)
كيف يمكن زيادة الشهية؟
يوجد العديد من الطرق لزيادة الشهية في الجسم. ويذكر منها ما يأتي:
- تناول وجبات طعام صغيرة مرات أكثر خلال اليوم.
- تناول الطعام المغذي الغني بالعناصر الغذائية.
- تناول الطعام في الخارج أو مع الأشخاص الذين يحبهم الشخص.
- تناول الطعام في صحون كبيرة قد يساعد العقل على إقناع نفسه بزيادة حجم الوجبة التي يتناولها.
- تنظيم أوقات تناول الطعام.
- عدم تجاوز وجبة الإفطار.
- التقليل من تناول الأطعمة الغنية بالألياف لأنها تزيد من الشعور بالشبع.
- طهي الطعام الذي يفضله الشخص.
- إضافة التوابل والبهارات إلى الطعام لزيادة الشهية.
- ممارسة التمارين الرياضية لحرق المزيد من السعرات الحرارية وتعويضها من خلال الشعور بالجوع وتناول الطعام.
- الحد من تناول السوائل مع وجبات الطعام.