ما الذي يدفعك إلى الأكل؟ قد يبدو هذا السؤال بسيطاً، وجوابه واضحاً، سيقول أحدهم: أنا آكل لأنني أشعر بالجوع. 

في الحقيقة لا يوجد جواب واحد لهذا السؤال، لأن الشعور بالجوع قد لا يكون شعوراً حقيقياً؛ فقد يكون جوعاً عاطفياً، ومصدره المشاعر وليس الحاجة الفسيولوجية!

كما أن هناك دوافع أخرى للأكل غير الجوع، فمثلاً، تعد المشاعر السلبية بشكل عام دافعاً قوياً للأكل، مثل مشاعر التوتر النفسي الناتجة عن العلاقات، والأمور المالية، وضغط العمل. وهذه المشاعر السلبية تخلق إحساساً بالفراغ أو ما يسمى بالفراغ العاطفي.

قد يعتقد الشخص بأن الطعام هو وسيلة لملء هذا الفراغ.  فهو يخلق شعوراً زائفاً بالامتلاء!

من الدوافع الأخرى للأكل العاطفي:

  • اللجوء للأكل لعدم وجود الدعم الاجتماعي الذي قد يحتاج له الشخص الذي يعاني من مشاعر سلبية.
  • عدم القدرة على الانخراط بالأنشطة والفعاليات التي تخفف من التوتر. فيكون اللجوء إلى الأكل هو الحل.
  • عندما يتعرض شخص ما إلى الضغوط، قد يلجأ إلى الحديث السلبي  للذات، والذي قد ينتج عنه دورة من الأكل العاطفي.
  • ينتج عن التوتر والضغط ارتفاع هرمون الكورتيزول والذي يؤدي إلى الشعور بالرغبة الشديدة إلى الأكل.
  • إن عدم القدرة على التمييز بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي، هو أحد الدوافع الرئيسية للأكل العاطفي. 

من نتائج الأكل العاطفي: زيادة الوزن، والشعور بالاكتئاب والتوتر، والدخول في سلسلة من هذه الممارسات والمشاعر التي قد لا تنتهي.

اقرأ أيضاً: أسباب الأكل العاطفي وعلاجه

دوافع الأكل الواعي

إن الدافع الوحيد للأكل الواعي هو الشعور بالجوع الجسدي (الحقيقي)، وهذا الشعور عبارة عن إشارة يصدرها الجسم ويفهمها الدماغ فوراً، ثم يستجيب لها الشخص بوعي، ويأكل بما ينسجم مع حاجات جسمه التي يدركها لحظة بلحظة. 

إن الغذاء حاجة فسيولوجية للبقاء، ويمكن إضفاء الممارسات والتمارين الواعية عليه لجعله أكثر متعة عند تناوله. ولكن الأمر الأهم هو عدم إخراجه عن الهدف الذي وجد من أجله ووضعه في غير مكانه.

إن الأكل بوعي يساعدك على تنظيم سلوكك الغذائي والتركيز على رغباتك ومشاعرك أثناء الأكل

كيف نميز بين الجوع الجسدي والجوع العاطفي؟

يعد التمييز بين الجوع الجسدي (بالإنجليزية: Physical Hunger) والجوع العاطفي (بالإنجليزية: Emotional Hunger) إحدى أهم الأشياء التي تساهم في تعديل سلوك الأكل، فعندما يدرك الشخص بأن حالة الجوع التي تنتابه ليست حقيقية، سيتسنى له التعامل معها بطرق أخرى غير الأكل

وجه المقارنة الجوع الجسدي الجوع العاطفي
الشعور بالجوع يتكون الشعور بالجوع بالتدريج وببطء خلال فترة زمنية معينة. يظهر الشعور بالجوع فجأة وبدون أي مقدمات.
نوع الطعام المرغوب تشعر بأنك بحاجة لأكثر من نوع من الأكل. تشعر بالرغبة الشديدة لنوع محدد من الطعام.
الشعور بالامتلاء والشبع تستجيب للشعور بالامتلاء، وتأخذه كإشارة للتوقف عن الأكل. تتناول الطعام بإفراط ولا تدرك إشارات الامتلاء والشبع.
المشاعر التي تنتابك بعد الانتهاء من الأكل لا يوجد لديك أي مشاعر سلبية عند الانتهاء من الأكل. تشعر بالذنب والعار بعد الانتهاء من الأكل.

كيف يمكنك معرفة إذا كنت تمارس الأكل العاطفي؟

كما ذكرنا سابقاً، فإن الأكل العاطفي هو وسيلة لتقليل وتهدئة المشاعر السلبية الناتجة عن الضغط، والغضب، والتوتر والخوف، والملل، والحزن، والوحدة.

يلجأ الشخص الذي يعاني من تلك المشاعر إلى الأكل كوسيلة لتخفيف أثرها عليه، وما يلبث إلا أن يدخل في سلسلة من هذه الممارسات التي لا تنتهي. ومع الوقت، قد يزداد تأثير هذه المشاعر سوءاً.

إذا أردت أن تعرف إذا كنت من الفئة التي تمارس الأكل العاطفي، اسأل نفسك الأسئلة التالية:

  • هل أذهب لتناول الطعام عندما أكون جائعاً؟ هل أشعر بأنني ممتلئ؟
  • هل آكل عندما أشعر بالتوتر؟
  • هل أتناول الطعام كمكافأة لنفسي على إنجاز حققته؟
  • هل أفكر في الطعام عندما أجلس مع نفسي؟
  • هل أشعر بالذنب بعد تناول الطعام؟
  • هل أحاول إلهاء وتشتيت نفسي من المسؤوليات المحيطة بي عن طريق تناول الطعام؟

إن المشكلة الأصعب التي تواجه الشخص الذي يأكل عاطفياً هي تطور تناول الطعام العاطفي على مدار العمر، مما يجعل من الصعب التعرف عليه واكتشافه. وهذا بدوره يعني أن الحلول المقدمة نادراً ما تعمل، فمثلاً، قد يعتقد الشخص بأنه يحتاج حمية غذائية بسبب زيادة وزنه الناتج عن الأكل، لكن اتباع نظام غذائي لا يعالج المشكلة الأساسية.

غالباً ما تفشل الأنظمة الغذائية في حالات الأكل العاطفي، لأنها تقدم نصائح غذائية منطقية، وهذه النصائح لا تعمل إلا إذا كان لديك سيطرة واعية على عاداتك الغذائية

من أجل التوقف عن الأكل العاطفي ، عليك إيجاد طرق أخرى لإرضاء نفسك عاطفياً.

اقرأ أيضاً: 8 فروقات بين الأكل الواعي والحميات الغذائية

كيفية مواجهة الأكل العاطفي بممارسة الأكل الواعي 

في هذا الصدد، يظهر السؤال التالي: كيف يمكن تحويل وتعديل العلاقة بيننا  وبين الطعام، بحيث نستطيع تمييز الأكل العاطفى والتعامل معه ؟

تعد الممارسة الذهنية الواعية للأكل في حالات الأكل العاطفي، وسيلة لتحويل عملية تناول الطعام من عملية هروب إلى متعة وممارسة واعية

إن الأكل اليقظ (الواعي) يعني ببساطة أن تأكل وتشرب وأنت على دراية بكل قضمة أو رشفة تتناولها.

إن الوصول إلى اليقظة الكاملة أثناء الأكل ليس مراً سهلاً في بدايته، خاصةً لدى الأشخاص الذين عانوا من الأكل العاطفي لفترات زمنية طويلة؛ فقد يتطلب الأمر أحياناً حلولاً عملية تتضمن علاجاً وجلسات. مع ذلك، فإن كل شخص له حالته الخاصة والفريدة التي تختلف عن غيره، وتعد البداية بممارسة الأكل الواعي (اليقظ) نقطة تحول لخلق علاقة إيجابية مع الطعام الذي نتناوله

يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تجاوز الأكل العاطفي والتغلب عليه يتطلب تحمل العواطف التي كانت سبباً له،  وهي نفس العواطف التي كان الشخص يتعامل معها من خلال الأكل في السابق.

استعادة التركيز واليقظة أثناء الأكل

إن الوعي أثناء الأكل لا يشتمل فقط على الانتباه والتركيز على  مذاق الأكل فحسب، بل يشمل أيضاً إدراك السبب الذي يدفعنا إلى الأكل أصلاً . فعادة ما نأكل بدون تفكير، فنرى فجأة أنفسنا نأكل بينما نقلب الهاتف الذكي أو نشاهد الأخبار على التلفاز.

تهدف اليقظة أثناء الأكل إلى لفت الانتباه إلى كل جانب من جوانب الطعام،  بدءاً من شرائه وحتى الجلوس لتناوله.

إن ذلك يساعد على إدراك الفرق بين الجوع العاطفي والجوع الجسدي وكذلك إدراك الشعور بالشبع. وبناء عليه تختلف الاستجابة لكل شعور جذرياً!

في دراسة نشرت في مجلة العلاج التكميلي في الطب عام 2010، نتج عن  اتباع استراتيجية الأكل الواعي انخفاضاً ملموساً في الوزن، وتناول الطعام، والشراهة في تناول الطعام، وكذلك انخفاضاً في مستوى الاكتئاب،  والإجهاد، والأعراض الجسدية ، والتأثيرات السلبية، والبروتين التفاعلي-C

انتبه لمشاعرك، حيث  يستغرق تطوير العملية الذهنية وقتاً وممارسة، وبالتالي من الجيد البدء ببطء كما هو الحال مع أي مهارة جديدة حتى تصبح عادة. وبما أن اليقظة الذهنية تتطلب الانتباه للحالة العاطفية، فهذا يعني أنه عليك معرفة وإدراك المشاعر السلبية التي كنت تفر منها إلى الطعام في السابق.

أخبر نفسك أنه لا بأس أن تشعر بالحزن، أو الجنون، أو الخوف، أو التعب. مهما كان الشعور، رحب بمشاعرك السلبية بلطف وهدوء وقبول واسأل: لماذا تشعر بذلك؟ 

يشمل ذلك مشاعر الذنب أو الغضب التي تميل إلى اتباع سلسلة من الأكل العاطفي. 

عندما تتعامل مع مشاعرك بلطف ، سيبدأ جسمك في فهم أنك لست مضطراً إلى الإفراط في تناول الطعام لحماية نفسك من تلك المشاعر.

 مع مرور الأيام ، ستتمكن من التعرف بشكل أفضل على مشاعرك ولن يعد لهذه المشاعر أي دور في اختياراتك. 

حاول دوماً أن تؤكد لنفسك استقلاليتك عندما يتعلق الأمر بتناول الطعام.

اقرا ايضاً :

قياسات  السمنة الإيجابيات  . .  والسلبيات

اتباع أساليب الأكل الواعي 

كما ذكرنا سابقاً، فإن في الأكل الواعي واليقظة الذهنية تساعد على تكريس الانتباه الكامل للوجبة لحظة بلحظة.

إذا كنت تعاني من الأكل العاطفي، فيمكنك البدء بممارسة الخطوات التالية للتحول إلى الأكل الواعي:

  • حدد بوعي الأطعمة التي ستشتريها.  وهذا يعني أنك تقيم كل عنصر في قائمة التسوق ، ولن تشتري الأطعمة بدافع نفسي.
  • تناول الطعام عندما يكون لديك شهية معتدلة. إذا انتظرت حتى تتضور جوعاً، فلن تستطيع تناول طعامك بوعي، ستلجأ إلى ملء المعدة فوراً.
  • قم بتحليل ما يسبب  نوبات الرغبة الشديدة في الأكل. اسأل نفسك: هل تشعر بالجوع الجسدي؟  أم أن  لديك دوافع أخرى لتناول الطعام بسبب شيء آخر (مثل الإجهاد والعادات، والضغوطات)؟ ما الذي يساعدك على تجاوز هذه الرغبات؟
  • حاول أن تأكل ببطء، لأن ذلك سيساعدك على إدراك مشاعرك أثناء الأكل والاستجابة إلى إشارات جسمك.
  • استخدم جميع حواسك أثناء الأكل، انظر للطعام وشم رائحته وتذوقه باستمتاع.
  • امتن لطعامك، من مصدره وحتى وصوله إلى مائدتك.

تذكر بأن الوعي مهارة، فلا يمكن الحصول على فوائدها الكاملة بدون ممارسة حقيقية.

اقرأ أيضاً: الأكل الواعي، كيف نبدأ؟

food

قدر وجباتك واحتياجاتك الغذائية على الفور
احصل على تقدير استهلاكك اليومي من الطعام واتخذ خيارات أكثر صحة. جربه الآن
التقط صورة سريعة لوجبتك واكتشف محتواها من السعرات الحرارية بسهولة.