في خضم جدولنا اليومي المزدحم بالأعباء والزاخر بالمسؤوليات المتعددة ما بين مهام العمل، والأسرة، والأصدقاء، ننسى ذاتنا ونتجاهل صيحات أجسادنا التي تطالبنا بالتروي لالتقاط الأنفاس وإعادة شحن الطاقة، وأحياناً يصل الأمر إلى عدم الحصول على القسط الكافي من النوم أو الراحة لأيام متواصلة.
اليوم العالمي للرعاية الذاتية
قد يتفاقم الحال بالبعض إلى حد الاستهلاك التام، أو الإنهاك، أو متلازمة الاحتراق كما يطلق عليها حديثاً (بالإنجليزية: Burnout)، وفيه يتطور الأمر إلى حد الامتناع التام عن القيام بأقل المهام جهداً وترك كل شئ جانباً، حيث قد تخطى الوضع حد التحمل بعد فترات من الإهمال والتجاهل، وللأسف قد يصاحب ذلك وعكات صحية أو انتكاسات نفسية يكون من الصعب علاجها وقد تستغرق طويلاً في المداواة.
اقرأ أيضاً: متلازمة الاحتراق النفسي وتداعياتها النفسية
كن أفضل مع الرعاية الذاتية (بالإنجليزية: Get Better with Self-Care).
ماهية الرعاية الذاتية
ما هي الرعاية الذاتية (بالإنجليزية: SELF-CARE)؟ هي المداومة على ممارسة عدد من الأنشطة أو الإجراءات، بهدف الحفاظ على صحة الإنسان أو دعمها، وذلك على المستوى الجسدي، والعاطفي، والعقلي، أي أن أية أنشطة تعمل على رفع مستوى المزاج، أو إمداد الجسم بالطاقة، أو دعم احترام الذات وتقديرها، أو الحد من التوتر، والقلق، والدفع بمستوى الحياة قدماً، يعد قطعاً من أنشطة العناية بالنفس. للمزيد: سبل تحقيق التوافق الصحي الجسدي والنفسي
العناية الذاتية من الجميع للجميع (بالإنجليزية: Self-Care by all, for all).
القائمة اليومية للرعاية الذاتية
لذا وفي اليوم العالمي للرعاية الذاتية (بالإنجليزية: INTERNATIONAL SELF-CARE DAY or ISD)، الرابع والعشرين (24) من يوليو (تموز)، 2020، يجب أن نتذكر أن نولي أنفسنا العناية اللازمة ما بين عناية شخصية، أو بدنية، أو نفسية، وأن نعتمد ذلك كأسلوب للحياة، نطبقه بصفة مستمرة وليس لفترة مؤقتة، فمهما وصل بنا الحال من ضيق الوقت، بالإمكان دائماً إيجاد فسحة للترويح عن أنفسنا ومنحها حقوقها من الراحة والاهتمام.
قد لا يعرف الجميع من أين يبدأوا أو كيف يجب أن يولوا أنفسهم بعض الاهتمام، يبدأ الأمر بإعداد قائمة يومية من النقاط والتي تمثل خطة العناية بالنفس، تصاغ بما يناسب احتياجات وشخصية كل فرد، لهذا نطرح في هذا المقال 10 أهم وأسرع الأفكار والطرق للعناية الذاتية:
- شرب الكثير من الماء: يعد الماء من ضروريات الحياة لأجسادنا، فهو هام وحيوي لكل العمليات التي يقوم بها الجسم، ونقصانه يؤثر في كل الأجهزة الحيوية. يشرب الإنسان في المتوسط ما بين 3- 4 لترات من الماءيومياً، لذا يوصى بحمل زجاجة معلومة السعة باستمرار للشرب منها، ومعرفة المتبقي. للمزيد: فوائد شرب الماء
- قول لا ليس عيباً: يعد شيئاً عادياً ولا يدعو للخجل أن يقول الإنسان (لا) في بعض الأحيان، حتى لو كان لأمر روتيني اعتاد فعله يومياً أو أسبوعياً ولكنه أصبح يثقل الكاهل حالياً، وسوف تتفهم العائلة والأصدقاء، أو أياً من كان يشارك في ذلك النشاط لاحتياجنا للراحة ويحترم رفضنا سواء كان مؤقتاً أو دائماً، بل ومن المفضل أيضاً طلب المساعدة من المحيطين وقت الحاجة إليها، بهدف التفرغ لإنجاز نشاط ما أو حتى مجرد الحصول على وقت من الراحة، تعد الأم التي ترعى أطفالاً صغاراً من أقوى الأمثلة على ذلك.
- ممارسة الرياضة: تأتي ممارسة التمارين الرياضية كأولوية في القائمة للرعاية الذاتية، حيث تعمل الرياضة عمل السحر في أجسادنا، فهي تحد من الضغط، وتنشط القلب والأوعية الدموية، وتنظيم عمل الأجهزة المختلفة بالجسم، بالإضافة إلى كونها تتسبب برفع مستوى هرمون السعادة، بالإمكان تخصيص بضع دقائق بصفة يومياً لممارسة أي نشاط بدني يتوافق مع ظروف واحتياجات كل شخص.
- التواصل الاجتماعي: يعد تناول وجبة أسبوعياً أو التواصل مع المعارف والأصدقاء، والتحدث معهم في الاهتمامات المشتركة من أهم أساليب الترويح عن النفس، يمكن أن يحدث ذلك في الأندية الصحية، أو المقاهي، أو حتى على الأجهزة اللوحية.
- تدليل النفس: يمكن لجلسة تدليك أو عناية بالشعر أو البشرة مرة شهرياً، أن تزيل آثار إرهاق دام طوال الشهر، وتمنح لحظات من السعادة والهناء تدوم لشهر آخر.
- جلسات التأمل: تجلب جلسات التأمل والسكينة الراحة والهدوء النفسي، وتعيد توازن الهرمونات بالجسم، مما ينعكس مباشرة على الصحة الجسدية، فيقل معدل ضغط الدم، وتنتظم ضربات القلب، وينخفض معدل القلق والتوتر تلقائياً، يشعر الإنسان في جلسات التأمل بالعرفان ويظهر امتنانه لكل النعم والمميزات التي يحظى بها في حياته، يؤدي ذلك إلى استقراره واستعادة ثقته، ودعم احترامه لذاته. للمزيد: التأمل حاضر الذهن
- ممارسة الهوايات: تدعم ممارسة الهوايات والمواهب الاستقرار النفسي للإنسان، وتمنحه لحظات من السعادة والتواصل مع فترات طفولته ومراهقته حين كان أكثر تفرغاً وأقل انشغالاً، فقضاء بعض الوقت في البستنة، أو القراءة، أو الأشغال اليدوية، أو الطبخ، يضيف لمسة رقيقة على الروتين اليومي.
- التطوع: لا يجب أن يتلقى الإنسان مبالغ مالية عن كل ما يفعله، فمشاركة بعض الوقت مع كبار السن، أو الأطفال اليتامى وإطعامهم، والعناية بهم، أو غيره من سبل التطوع المختلفة، كفيل بأن يدعم مبادئ مثل احترام الذات وإظهار الامتنان لما يتمتع به الشخص، ويوجد من هو يتمنى أن يحصل على نصف تلك الميزات.
- الخصوصية: يمكن لتخصيص وقت محدد في اليوم أو بقعة بعينها في المنزل من أجل الإختلاء بالنفس، بهدف تفريغ الشحنات وإعادة التفكير، أو وضع الخطط، أو حتى البكاء، أن يصنع فارقاً في زحام المهام اليومي.
- ساعات نوم كافية: قد يؤدي الإقلال من ساعات النوم إلى أضرار جسيمة بالجسم وأجهزته المختلفة، وحتى النظام الهرموني وصحة الدماغ، لذا يجب الحرص على النوم مدة 8 ساعات متواصلة من أجل الحفاظ على صحة البدن والتوافق العصبي في حالة اتزان.
العناية بالذات للجميع، عقد جديد (بالإنجليزية: Self-care for all. A New Decade).
نصائح للالتزام بالقائمة اليومية للرعاية الذاتية
قد لا يتحمس الجميع لكل النقاط السابقة، يمكن الاختيار من تلك القائمة والتعديل عليها، أو البدء بالنقاط المثيرة للحماسة، حتى تكتمل القائمة الخاصة بكل فرد على حدا، التي تمثل قناعاته وميوله الفريدة والخاصة به، نذكر تالياً بعض الخطوات التي تيسر الالتزام بالقائمة اليومية:
اقرأ أيضاً: قواعد العناية بالصحة
- ينصح باختيار يوم عشوائي في منتصف الشهر كبداية الانطلاق في تنفيذ القائمة اليومية، فغالباً ما تكون بدايات الشهور هي أكثرها إزدحاماً بالمهام.
- يساعد وضع تلك القائمة في أماكن تقع بمرمى البصر على سرعة الانخراط في التنفيذ، فيمكن تعليقها على المبرد، أو الحائط أعلى المكتب، ولكن لا يجب إخفاؤها في الأدراج وبين الكتب.
- يفضل البدء بأكثر البنود تشويقاً وإراحة للنفس، وليس بأكثرها احتياجاً، بهدف تيسير الأمر وجعله محبباً.
- يمكن الاستعانة بالتطبيقات من على الجوال المحمول للتذكير.
- يستحب دائماً المزج بين الروتين اليومي والبنود بقائمة الرعاية الذاتية، مثلاً التوجه إلى العمل مشياً بدلاً من المواصلات أو السيارة.
- يعمل التكرار اليومي على ترسيخ تفاصيل القائمة وجعلها عادة يصعب التخلص منها، لذا يوصى بتنفيذ بعض البنود يومياً وليس أسبوعياً أو شهرياً.
الرعاية الذاتية نظام حياة (بالإنجليزية: Self-Care is for Life).