علم الأدوية العصبية هو أحد فروع علم الأدوية الذي يختص بدراسة تأثير العقاقير على الجهاز العصبي.
يركّز هذا المجال من علوم الأدوية بشكل أساسي على فهم آلية عمل الأدوية العصبية؛ بهدف تطوير علاجات أكثر أماناً وأكثر فعاليّة للاضطرابات العصبية والنفسية، وتوفير إجراءات وقائية لمجموعة من تشوهات الجهاز العصبي. كما يهدف علم الأدوية العصبية إلى تحديد إجراءات علاجية مناسبة لحل مشكلة تعاطي المخدرات أو الإدمان الذي قد ينتج عن سوء استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة.
اقرأ أيضاً: أثر تعاطي المخدرات على الجهاز العصبي المركزي
يتطلب هذا الحقل من العلوم معرفة متعمقة حول كيفية عمل الجهاز العصبي، والذي يتكون من الدماغ والحبل الشوكي ومجموعة معقدة من الأعصاب والخلايا المتخصصة المعروفة باسم الخلايا العصبية، والتي تنقل المعلومات على شكل إشارات كهربائية من وإلى أجزاء مختلفة من الجسم؛ لذلك يتم استخدام الأدوية العصبية أيضاً كوسيلة للتعرف أكثر على طبيعة الجهاز العصبي.
ومع تطور طرق البحث الحديثة ووجود رؤى حول الأساس الجزيئي لعمل العديد من الأدوية، فإن البحث مستمر لفهم كيفية عمل الدماغ على المستويات الجزيئية والخلوية. وهذا يشمل دراسة كيفية توصيل الدواء إلى الدماغ وفهم دور الاختلاف الوراثي في تأثيرات الدواء بين المرضى؛ لتحقيق علاج شخصي لأمراض الجهاز العصبي.
اقرأ أيضاً: اضطراب القلق
ينظم الجهاز العصبي تفاعل وتواصل الجسم مع العالم الخارجي، وفي الوقت نفسه، يتحكم في العديد من العمليات داخل الجسم. كما يتم التحكم في العمليات الأيضية أيضاً عن طريق الجهاز العصبي.
ينقسم الجهاز العصبي من الناحية الهيكلية إلى الجهاز العصبي المركزي والذي يشمل الدماغ والحبل الشوكي، والجهاز العصبي المحيطي والذي يشمل الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل المعلومات بين بعضها البعض ومن وإلى الجهاز العصبي المركزي.
تحتاج الخلايا العصبية للتواصل مع بعضها البعض؛ لإرسال الرسائل ونقل المعلومات من وإلى مختلف أنحاء الجسم، ولكن لا يوجد هناك اتصال تماسي بين خلية عصبية وأخرى؛ إذ يفصل بين الخلايا العصبية فجوة تسمى المشبك أو تقاطع الخلايا العصبية.
يتم التواصل بين الخلية العصبية والخلية المستهدفة من خلال إطلاق مواد كيميائية عند المشبك تعرف باسم الناقلات العصبية.
ترتبط هذه الناقلات العصبية أو التي تعرف أيضاً باسم رسل كيميائية بمستقبلات خاصة لها في الخلية المستهدفة، والتي قد تكون عبارة عن خلية عصبية أخرى أو خلية إفرازية أو خلية عضلية.
تلعب الناقلات العصبية دوراً مهماً في التواصل العصبي، وتؤثر على الخلايا العصبية بطرق مختلفة؛ حيث يمكن أن تكون ذات تأثير منشط أو مثبط أو تعديلي.
تعمل الناقلات العصبية بطرق يمكن التنبؤ بها، ولكن يمكن أن تتأثر بالعقاقير أو بالمرض أو بالتفاعل مع رسل كيميائية أخرى في الجسم.
يوجد في الدماغ أكثر من عشر أنواع من النواقل العصبية، كما يوجد أنواع مختلفة أيضاً من المستقبلات العصبية عند التشابك العصبي؛ لذلك قد يكون تأثير الدواء متنوعا اعتماداً على مكان ارتباطه. كما يعتمد عمل الأدوية العصبية على عدد المستقبلات؛ وهذا يحسّن من انتقائية هذه الأدوية وفعاليتها.
هناك مليارات من جزيئات الناقل العصبي تعمل باستمرار للحفاظ على أداء العقل، وإدارة كل شيء بدءاً من التنفس إلى نبضات القلب وحتى القدرة على التركيز.
إن فهم الطريقة التي تتواصل بها الخلايا العصبية، وكذلك كيف تؤثر الزيادة والنقصان في الناقلات العصبية على الصحة البدنية والعقلية؛ يساعد الباحثين على إيجاد طرق علاجية جديدة.
اقرأ أيضاً: مصادر دوبامين طبيعي وطرق زيادته في الجسم
ارتبطت العديد من الناقلات العصبية بعدد من الاضطرابات، نذكر منها ما يلي:
اقرأ أيضاً: نقص السيروتونين
يتعامل علم الأدوية العصبية مع الأدوية التي تؤثر على الجهاز العصبي والتي تعمل على تصحيح الاختلالات المختلفة في أداء الجسم عن طريق التحكم العصبي بالعمليات التي ينظمها الجهاز العصبي.
قد تمنع الأدوية العصبية تأثير مختلف المواد الكيميائية التي تحدث بشكل طبيعي في الجسم، أو تعدّل من استجابة الأعضاء لها. وتعمل معظم هذه العقاقير عند تقاطع الخلايا العصبية، وبالتالي تكون ذات تأثير انتقائي من خلال العمل على أحد المستقبلات العصبية فقط، أو بضع منها.
ظهرت الأدوية العصبية إلى حيز الوجود قبل خمسة عقود فقط، حين بدأ ظهور مجموعة من الأدوية، مثل: مضادات الهيستامين، الباربيتورات، ونظائرها الأفيونية. قبل ذلك لم يكن هناك سوى أربعة أدوية متوفرة لعلاج اضطرابات الأعصاب وهي: المورفين، والكافيين، وأكسيد النيتروز، والأسبرين.
تمتاز الأدوية التي تعمل على الجهاز العصبي المركزي بقابليتها العالية للذوبان في الدهون؛ وذلك حتى تستطيع أن تعبر من خلال الحاجز الدموي الدماغي (بالانجليزية: Blood-brain barrier).
يبدأ التأثير العلاجي الملحوظ للأدوية العصبية في معظم الحالات بعد البدء من تناولها بعدة أسابيع، ويكون تأثيرها نتيجة لاستجابات تكيفية طويلة المدى بدلاً من التأثير السريع المباشر، وهي ظاهرة تعرف باسم المرونة العصبية.
تسبّب الأدوية العصبية أحياناً ما يُعرف باسم التحمّل الدوائي، وهي الحالة التي يصبح فيها الجسم لا يستجيب للدواء بالطريقة التي استجاب لها في البدايات، بمعنى آخر، يحتاج الشخص لتناول جرعة أعلى من الدواء لتحقيق نفس المستوى من الاستجابة التي تحققت في البدايات. وقد تسبب هذه الأدوية أيضاً ما يسمى بالاعتماد الجسدي، حيث تتكيف الخلايا العصبية مع التعرض المتكرر للعقار؛ فتصبح لا تعمل بشكل طبيعي إلّا في حال تناول الدواء.
تنشّط بعض الأدوية العصبية المستقبلات وتحفّز أو تمنع إطلاق المواد الكيميائية. على سبيل المثال، يؤدي تنشيط مستقبلات الأدرينالين إلى زيادة معدل ضربات القلب، في المقابل يؤدي تنشيط مستقبلات الأستيل كولين إلى تباطؤ معدل انقباض عضلة القلب.
وقد تسبب بعض الأدوية تثبيط في نشاط المستقبلات على المدى القصير أو الطويل عن طريق تقليل تواجد المستقبلات.
تشبه الأدوية العصبية المحرضة (Agonist) في تركيبتها التركيب الجزيئي للناقل العصبي؛ لذا تستطيع الارتباط مباشرة بالمستقبلات العصبية وتحفيزها، بينما الأدوية المثبطة (Antagonist) تمنع المستقبل من الارتباط بالناقل العصبي.
يعمل البعض الآخر من الأدوية العصبية كحاصرات لقنوات الأيونات، حيث تمنع التسلسل الطبيعي في عملية تفعيل المستقبلات عن طريق النواقل العصبية.
تزيد بعض الأدوية من نشاط المرسلات العصبية عن طريق زيادة تصنيعها، أو من خلال تحفيز إنتاج ناقلات عصبية أكثر قوة وأكثر عرضة للارتباط مع المستقبلات.
كما تؤثر بعض الأدوية على تخزين الناقل العصبي في الحويصلات العصبية، أو تغيّر من معدل إطلاق هذه النواقل من الحويصلات.
تعدّل بعض الأدوية على عمل المستقبلات من خلال آليات مختلفة:
تُستخدم الأدوية العصبية في علاج العديد من الأمراض، ولها العديد من التأثيرات المختلفة نذكر منها ما يلي:
اقرأ أيضاً: أسباب، أعراض وعلاج الاكتئاب النفسي عند النساء
Frothingham, S. Excitatory Neurotransmitters. Retrieved on the 28th of October, 2019, from: https://www.healthline.com/health/excitatory-neurotransmitters#neurotransmitters-and-disorders Imedpub. Neuropharmacology. Retrieved on the 28th of October, 2019, from: http://www.imedpub.com/scholarly/neuropharmacology-journals-articles-ppts-list.php Liji Thomas, MD. What is Neuropharmacology?. Retrieved on the 28th of October, 2019, from: https://www.news-medical.net/health/What-is-Neuropharmacology.aspx Nasser, M., & Sawicki, P. (2009). Institute for quality and efficiency in health care: Germany. New York, NY: Commonwealth Fund. Nestler, E. J. (2015). Molecular neuropharmacology: a foundation for clinical neuroscience. New York: McGraw-Hill Medical. NIDA. (2007, January 2). The Neurobiology of Drug Addiction. Retrieved on the 28th of October, 2019, from: https://www.drugabuse.gov/neurobiology-drug-addiction Zimmermann, K. Nervous System: Facts, Function & Diseases. Retrieved on the 28th of October, 2019, from:
يتألف طاقم الطبي من مجموعة من مقدمي الرعاية الصحية المعتمدين، من أطباء، صيادلة وأخصائيي تغذية. يتم كتابة المحتوى الطبي في الموقع من قبل متخصصين ذوي كفاءات ومؤهلات طبية مناسبة تمكنهم من الإلمام بالمواضيع المطلوبة منهم، كل وفق اختصاصه. ويجري الإشراف على محتوى موقع الطبي من قبل فريق التحرير في الموقع الذي يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يعتمدون مصادر طبية موثوقة في تدقيق المعلومات واعتمادها ونشرها. يشرف فريق من الصيادلة المؤهلين على كتابة وتحرير موسوعة الأدوية. يقوم على خدمات الاستشارات الطبية والإجابة عن أسئلة المرضى فريق من الأطباء الموثوقين والمتخصصين الحاصلين على شهادات مزاولة معتمدة، يشرف عليهم فريق مختص يعمل على تقييم الاستشارات والإجابات الطبية المقدمة للمستخدمين وضبط جودتها.