في ظل ما يعيشه العالم حالياً، لمواجهة خطر وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد- 19)، فإن من أهم الإرشادات للناس، أن يلتزموا منازلهم، ومع كل يوم يمر، يزداد الشعور بالتوتر والقلق نتيجة المخاوف التي تحيط من وصول هذا الوباء للفرد نفسه، ومع تراكم هذه الأحاسيس والمشاعر السلبية لدى البعض، بالإضافة إلى تواجدهم باستمرار دون تغيير في نمط الحياة، وتحت ظروف استثنائية مثل الحجر الصحي بالمنزل أو المستشفيات.

يدق ناقوس الخطر من الإفراط في تناول الغذاء تحت تأثير الضغوط المحيطة، والتوتر، والقلق من المستقبل، يذكر الباحثون في جامعة ميريلاند -إحدى الجامعات الأمريكية- أن الأفراد يأكلون أحياناً ليس بغرض سد الجوع، لكن يأكلون لأنهم تحت تأثير مشاعر الضغط والتوتر، كذلك تتوقف طبيعة الغذاء الذي يتناوله الشخص، على حالته النفسية. في الواقع لا يسد الغذاء فراغ المعدة فقط، لكنه يسد ثقوب المشاعر على اختلافها.

الفرق بين الأكل الطبيعي، والأكل الكثير تحت تأثير التوتر

هناك فروق كثيرة بين إحساس الفرد بالجوع العادي، والجوع العاطفي الناتج عن التوتر، وهي كالآتي:

  • يكون الجوع المرتبط بالقلق والتوتر مفاجيء وبلا مقدمات، بينما إحساس الفرد بالجوع الطبيعي يحدث بالتدريج.
  • يصنف الأكل ناتجاً عن التوتر حينما يشتهي الفرد غذاءاً محدداً، فمثلاً عند اعتقاد الشخص أن الحلوى فقط سوف تُشعره بالشبع، يُعد هذا النوع من الأكل ناتج عن تأثير القلق، لكن عندما يرغب في أي نوع من الغذاء دون تحديد، يكون احساس الجوع طبيعياً.
  • تعد عدم القدرة على الانتظار والصبر على الجوع، فهو نتاج القلق والتوتر.
  • يتوقف الفرد عند امتلاء المعدة إذا كانت رغبته بالأكل طبيعية، بينما لا يتوقف عن الأكل بمعدته الممتلئة إذا كان تحت تأثير الضغط والتوتر.
  • لا يترك الأكل الطبيعي شعوراً بالذنب، بعكس ما يشعر به الفرد إذا كان يأكل عاطفياً.

أسباب الأكل الكثير عند القلق والتوتر

لفترة قصيرة، عندما يقع الأشخاص تحت تأثير الضغوط والقلق، فإنهم يفقدون الرغبة في تناول الطعام. والتفسير لتلك الحالة، أن الغدد الكظرية، تبدأ في إفراز هرمون الأدرينالين، المعروف بهرمون الطوارئ، ولذا يفقد الفرد شهيته مؤقتاً. عند استمرار حالة القلق والتوتر، فإن نفس الغدد الكظرية، تبدأ في إفراز هرمون الكورتيزول، وهنا ترتفع الشهية للطعام.

لن تنخفض نسبة الكورتيزول، إلا إذا انخفضت معدلات التوتر والقلق، ويفسر ذلك استمرار تناول الطعام بتأثير التوتر دون الشعور بالشبع كما يحدث في الأوضاع الطبيعية.

الأطعمة المفضلة عند الشعور بالتوتر

أظهرت العديد من الدراسات، أن الأطعمة السكرية، والدهنية، هي الأكثر اشتهاءاً، وقد يرجع هذا إلى عمل هرمونات الأنسولين، والكورتيزول، يختلف نوع الطعام المفضل في تلك الأوقات عند الرجال عنه عند النساء، فعند الإحساس بالتوتر والقلق، تتناول النساء الطعام بشراهة، بينما يتجه الرجال في بعض الأحيان إلى التدخين، وشرب الكحوليات.

اقرأ أيضاً: هل التدخين هو الحل للاضطرابات النفسية

يأتي الآيس كريم على رأس قائمة الأطعمة التي يتناولها الأشخاص تحت تأثير التوتر والقلق، وبعد ذلك تختلف الرغبات من فرد إلى فرد، أو حسب الجنس، فالنساء تتناول الحلويات ويرغب الرجال في تناول اللحوم.

اقرا ايضاً :

الأغذية ثقافة وعلم  وليست حشوا للمعدة

السيطرة على الاكل الكثير تحت تأثير التوتر والقلق

هناك الكثير من النصائح، والأساليب التي تساعد على التحكم في غريزة الغذاء أو الأكل تحت تأثير التوتر، مع ظروف البقاء المطول بالمنزل أو الحجر الصحي، سوف نعرض فيما يلي بعض هذه الأساليب:

  • الوقوف مع النفس

الشخص هو الذي يستطيع تجاوز هذا النوع من الإفراط في الغذاء، إذا كان مدركاً لحقيقة أسباب شعوره بالجوع. يمنح التفكير في حالة الفرد النفسية الشخص القدرة على التوقف، ولو مؤقتاً لإعادة النظر في سبب هذا النهم، قد يبدو أن كبح جماح الجوع تحت تأثير التوتر والقلق، أمراً شاقاً، أو مستحيلاً إذا لم يبدأ الفرد بالتفكير والوقوف مع نفسه، إلا أنه قابل للتحقيق بالإرادة.

  • إزالة الإغراءات

كلما كان الوصول للطعام المفضل سهلاً، كلما كان التوقف عن الإفراط في الطعام صعباً. يقول الباحثون، أن مشاهدة الأطعمة المُحببة، خاصة مرتفعة السعرات الحرارية، يزيد من معدلات الرغبة لدى الأفراد، لذلك فإنه من الأفضل وضع مثل هذه الأطعمة بعيداً عن المتناول.

  • جدولة الطعام

في الكثير من الأحيان، يضطر الأشخاص للمكوث في المنزل لفترات طويلة تحت أي ظرف، حجر صحي، أو حظر تجوال، أو أي سبب آخر، لذا فإن تغيير مواعيد وعادات الغذاء في هذه الظروف، ليس من الأمور المطلوبة. من الممكن تغيير نوع الغذاء، لكن يجب الحفاظ على مواعيد وعدد الوجبات.

  • تنوع الأطعمة

ليس من سبل التغلب على الإفراط في تناول الطعام تحت تأثير التوتر والقلق، تحديد أغذية معينة، أو وجبات محددة. الأفضل للفرد الذي يحاول كسر عجلة الأكل تحت تأثير التوتر والقلق، ألا يجعل له طعاماً مُحبباً، أو يضع نفسه لنظام غذائي قاس، بل بالعكس، يجب تناول جميع الأطعمة، وكل الأنواع، لكن التحكم في الكميات هو الهدف.

  • الطبخ في المنزل

في ظل الظروف غير الطبيعية، كما ذكرنا من العزل الصحي وخلافه، فإن تناول الوجبات التي يطبخها الأشخاص بأنفسهم تُفيد بنسبة كبيرة جداً عن تناول الوجبات السريعة من المطاعم. أشارت بعض الدراسات إلى أن تناول الأشخاص للطعام الذي قاموا بإعداده بأنفسهم، جعلهم أقل فرصاً لزيادة الوزن بنسبة 30% وأقل إمكانية لتراكم الدهون بنسبة 22%. كذلك فإن الاندماج في الطعام وإعداده، يساعد كثيراً في إزالة التوتر والقلق، ويمنع أيضاً الإفراط في الأكل.

  • الإبقاء على الجسم رطباً

يعد شرب كميات كبيرة من السوائل، من العادات المفيدة صحياً وكذلك لتقليل الرغبة في تناول الطعام. يؤدي الإحساس بالعطش والجفاف من الخلايا إلى تغييرات سلوكية ومزاجية للفرد، وبالتالي زيادة الرغبة في تناول الطعام.

  • الحركة باستمرار

القيام بأي نشاط جسدي، يرفع من الشعور الداخلي بالراحة، ويقلل الشعور بالتوتر والقلق. إذا لم يكن من المتاح ممارسة الأنشطة الرياضية في صالات الألعاب أو النوادي، فإن التمرينات المنزلية تكون كافية في الكثير من الأحوال، ولو كان حتى المشي داخل الغرفة.

  • مكافحة الشعور بالملل

عندما يبدأ الشعور بالملل، فإن السبيل الأفضل للقضاء على هذا الشعور، هو ابتكار طرق للتغلب عليه مثل: العودة لممارسة هوايات قديمة، أو التعرف على هوايات جديدة وتجربة ممارستها. يعتبر التفكير في المشاريع المؤجلة وانجازها، طريقة فعالة لدفع الملل والتخلص منه ومن مشاعر التوتر والقلق.

  • التركيز العالي

أصبح العالم الذي نحيا به، مزدحماً بكل أنواع تشتيت الانتباه، شبكات ضخمة من الاتصالات، والصور المتلاحقة، في كل مكان، والأحداث المتسارعة كل لحظة، لذلك فإن التركيز أثناء تناول الوجبات أحد أهم الطرق لتفادي الإفراط في الطعام، وكذلك للتخلص من آثار هذا التشتيت والوصول لحالة من الراحة النفسية والبعد عن التوتر والقلق.

  • انتقاء الطعام

ليست فقط السيطرة على كميات الطعام هي التي سوف تفيد في الحد من الأكل، لكن من الأفضل السيطرة على نوعية الطعام، واختياره بعناية، لذا يجب الابتعاد عن كل الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية. البروتينات، والألياف، والدهون غير المعقدة، من الأغذية المفيدة، ومعرفة المواد الغذائية الطبيعية وغير المصنعة أمراً يسيراً.

للمزيد: السعرات الحرارية في الوجبات الخفيفة الشائعة

  • الأكل قطعة قطعة

من الممكن أن يقع الفرد ضحية التراخي وغريزة الأكل، كلما كانت الكمية المتاحة كبيرة، لذلك يفضل تناول الطعام جزءاً صغيراً تلو الآخر وعدم وضع الطعام كله في طبق واحد. يمكن التدريب على هذه الطريقة، بتحديد عدد من الأيام التي يتناول فيها الشخص الطعام على أجزاء صغيرة وتسجيل ذلك لتقييم الوضع لاحقاً.

food

قدر وجباتك واحتياجاتك الغذائية على الفور
احصل على تقدير استهلاكك اليومي من الطعام واتخذ خيارات أكثر صحة. جربه الآن
التقط صورة سريعة لوجبتك واكتشف محتواها من السعرات الحرارية بسهولة.

  • الابتعاد عن المشروبات الكحولية

المشروبات الكحولية، من المواد التي تزيد من الإحساس بالجوع وارتفاع الشهية. بالإضافة إلى أن الإفراط في المشروبات الكحولية له الكثير من الأضرار على الصحة عامة، وليس الإفراط في الطعام فقط، كذلك ما ينتج عن تناول الكحول من أزمات نفسية أشهرها الاكتئاب والتوتر، والذي يزيد من فرصة الإفراط في تناول الطعام.

اقرأ أيضاً: مخاطر شرب الكحول والإدمان عليه

  • الصحة تاج الأصحاء

يجب وضع الحالة الصحية للفرد في الاعتبار دائماً، وأن يفكر الشخص تفكيراً إيجابياً، أن الصحة أهم من الاندفاع وراء غريزة الطعام، وأن السيطرة على هذه الغريزة هي الأفضل للبقاء على حالة صحية جيدة وحياة هادئة خالية من الأمراض.

اقرأ أيضاً: هل من علاقة بين الاكتئاب وزيادة الوزن؟