يُعد تشخيص متلازمة القولون العصبي (IBS) عملية معقدة نوعًا ما؛ فهو لا يقتصر فقط على تأكيد وجود المتلازمة، بل يعتمد بشكل كبير على التأكد من عدم وجود حالات مَرَضية أخرى، إذ لا يوجد خلل واضح أو مشكلة يمكن رؤيتها بالفحوصات التقليدية، وغالبًا ما يكون الأمر في وظيفة الأمعاء نفسها، أي في كيفية عملها وحركتها. [1]
تسبب هذه المتلازمة المزمنة آلاماً في البطن، واضطراباً في عادات الإخراج (كالإسهال أو الإمساك أو كليهما)، وهي أعراض تتشابه مع العديد من أمراض الجهاز الهضمي الأخرى، مثل التهاب الأمعاء، لذلك، فإن الفحوصات التي يطلبها الطبيب، سواء كانت تحاليل دم أو فحوصات تصويرية وغيرها، تهدف في الغالب إلى استبعاد تلك الأمراض الأخرى. في هذا المقال، نلقي نظرة مفصّلة على الطرق والفحوصات المطلوبة لتشخيص متلازمة القولون العصبي. [1]
محتويات المقال
معايير روما IV لتشخيص القولون العصبي
اعتمد الأطباء حول العالم ما يُعرف بـ معايير روما IV (Rome IV Criteria) لتشخيص القولون العصبي، وهي المعيار الذهبي لتحديد الحالة. [2]
تنص هذه المعايير على أن المريض يُشخّص بالقولون العصبي إذا كان يعاني من: [2][3]
- ألم متكرر في البطن (مرة واحدة على الأقل أسبوعيًا)،
- مصحوب باثنين أو أكثر من الآتي:
- الألم يرتبط بحركة الأمعاء (يزداد أو يخف بعد التبرز).
- تغير في عدد مرات التبرز، أي الذهاب إلى الحمام أكثر أو أقل من المعتاد.
- تغير في شكل أو قوام البراز (صلب جداً، مائي، إلخ).
ويُشترط أن تكون الأعراض موجودة لمدة لا تقل عن 3 أشهر، وأن يكون بداية ظهورها قبل 6 أشهر على الأقل.
التاريخ الطبي والفحص السريري
يبدأ الطبيب بتقييم شامل للأعراض، ونمطها الزمني، ويسأل عن تاريخ العائلة والأمراض المصاحبة، مثل: [3]
- وجود تاريخ عائلي لأمراض هضمية، مثل مرض سيلياك أو سرطان القولون.
- الأدوية التي يتناولها المريض.
- الضغوط النفسية أو الأحداث المجهدة التي سبقت ظهور الأعراض.
- النظام الغذائي والعادات اليومية.
- أي التهابات أو عدوى سابقة في الجهاز الهضمي.
ثم يجري الطبيب فحصًا جسديًا يشمل: [3]
- ملاحظة انتفاخ أو تضخم في البطن.
- الاستماع إلى أصوات الأمعاء باستخدام السماعة.
- التحسس على البطن للتأكد من وجود ألم أو حساسية في مناطق معينة.
علامات تستدعي فحوصات إضافية
بعض الأعراض قد تشير إلى مشكلة أخرى غير القولون العصبي، وتُعرف باسم “علامات الإنذار”، وتشمل: [3]
- فقر الدم بدون معرفة السبب.
- نزيف من المستقيم أو وجود دم في البراز.
- براز أسود أو داكن يشبه القطران.
- فقدان وزن غير المتعمد.
في هذه الحالات، يطلب الطبيب فحوصات إضافية لاستبعاد أمراض أخرى أكثر خطورة،
اسال سينا، ذكاء اصطناعي للاجابة عن كل اسئلتك الطبية
الفحوصات المخبرية والتصويرية
إذا كانت الأعراض أو التاريخ الطبي يثير القلق، قد يطلب الطبيب فحوصات إضافية لاستبعاد حالات أخرى قد تحاكي أعراض القولون العصبي، مثل داء كرون أو التهاب القولون التقرحي.
1. فحوصات الدم
قد يُطلب إجراء فحوصات دم بسيطة من المريض، منها: [2]
- فحص السيلياك (الداء الزلاقي): يتم إجراء فحص دم للكشف عن الداء الزلاقي المرتبط بعدم تحمّل الغلوتين، خاصة للمرضى الذين يعانون من الإسهال المزمن، وإذا كان الفحص إيجابياً، يتطلب الأمر إجراء تنظير علوي؛ لأخذ خزعة وتأكيد التشخيص.
- فحوصات خاصة بالقولون العصبي: تُجرى اختبارات دم خاصة للكشف عن أجسام مضادة قد ترتبط بالقولون العصبي، خاصةً بعد الإصابة بعدوى معوية، وقد تساعد هذه الفحوصات في تشخيص القولون العصبي المصحوب بالإسهال أو المختلط، لكنها ليست أكيدة؛ فالنتيجة السلبية لا تنفي الإصابة بالقولون العصبي.
2. تحليل البراز
يُطلب تحليل عينة من البراز للبحث عن 3 مشكلات رئيسية: [2]
- العدوى: للكشف عن الطفيليات (مثل الجيارديا)، أو البكتيريا المسببة للإسهال.
- الالتهاب: يتم قياس مؤشرات الالتهاب، والتي تساعد على التمييز بين القولون العصبي والتهابات الأمعاء المزمنة.
- النزيف: يتم البحث عن دم خفي (لا يُرى بالعين المجردة) في البراز، مما يدل على وجود نزيف داخلي في الجهاز الهضمي.
3. الفحوصات التصويرية والتنظيرية
في بعض الحالات، خصوصًا مع وجود تاريخ عائلي لأمراض القولون أو أعراض غير معتادة، قد يُوصي الطبيب بإجراء فحوصات إضافية، مثل: [1][4]
- تنظير القولون (بالإنجليزية: Colonoscopy): لفحص القولون بالكامل، واستبعاد الالتهابات أو الأورام.
- التنظير السيني (بالإنجليزية: Sigmoidoscopy): لفحص الجزء السفلي من القولون والمستقيم.
- التنظير العلوي (بالإنجليزية: Upper Endoscopy): لفحص المريء والمعدة والاثني عشر.
- الأشعة بالباريوم: فحوصات بالأشعة السينية باستخدام صبغة الباريوم (أصبحت أقل استخداماً مع توفر المناظير).
4. فحوصات أخرى
قد تُجرى فحوصات إضافية على حسب وضع وأعراض المريض، منها: [1][4]
- اختبار التنفس الهيدروجيني: يُستخدم للكشف عن فرط النمو البكتيري في الأمعاء الدقيقة (بالإنجليزية: SIBO)، أو مشاكل في هضم كربوهيدرات معينة، مثل عدم تحمل اللاكتوز (سكر الحليب).
- اختبارات حساسية الطعام: لا تُجرى بشكل روتيني، إلا إذا كان هناك ارتباط واضح ومتكرر بين تناول طعام معين وظهور الأعراض.
تأكيد تشخيص القولون العصبي
بمجرد استبعاد الحالات المَرَضية الأخرى، والتأكد من أن المريض يستوفي "معايير روما IV" الخاصة بالأعراض، يمكن للطبيب أن يؤكد تشخيصه بمتلازمة القولون العصبي. [1]
نصيحة الطبي
تشخيص القولون العصبي لا يعتمد على اختبار واحد، بل على تقييم شامل ومتكامل يجمع بين الأعراض، والفحص السريري، واستبعاد الأسباب الأخرى.
إذا كنت تعاني من أعراض القولون العصبي أو أي أعراض مزعجة أخرى، فلا تتردد في استشارة أحد الأطباء الموثوقين لدى الطبي، وأنت من منزلك.
من المعروف طبيا ان التغذية العلاجية هي احد اهم اساسيات العلاج لمعظم الامراض المزمنة خصوصا التي تؤثر في الجهاز الهضمي ...
اقرأ أكثر
اقرا ايضاً :