يمر الفرد جراء اندلاع الحروب بأسوأ حالاته النفسية إزاء تهديد حياته وحياة أسرته بالخطر أو تدمير منزله ومحو ذكرياته، بالإضافة إلى ما يشهده من أهوال الحرب من قتلى وجرحى، وهو ما قد يفوق قدرته على التحمل. ربما لا يسع الإنسان في هذه الظروف الصعبة سوى التحلي بالصبر والإيمان والعمل على الحفاظ على صحته النفسية، أملًا في النجاة من الحرب بأقل خسائر ممكنة. [1] 

يوضح هذا المقال نصائح وإرشادات تساعد في الحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب، وكيف يمكن التعامل مع حالة الذعر والخوف الشديد، بالإضافة إلى أساليب تفيد في الحد من آثار الحروب السلبية على الصحة النفسية.

الآثار النفسية للحروب

لا يقتصر أذى الحروب على الإصابات البدنية بل يمتد إلى التأثير على الحالة النفسية، ففقدان الشخص لأحبائه ورؤية القتلى والجرحى والأشلاء وقصف المنازل وغير ذلك من كوارث الحروب يجعله في حالة من الذهول والفزع. [2]

ومن بين أبرز المشاكل النفسية التي قد تصيب الناس أثناء اندلاع الحرب ما يلي: [2]

  • الصدمة النفسية تأثرًا بالأحداث المروعة، ويظهر ذلك في صورة الخوف وإنكار وقوع الحدث، والارتباك وصعوبة التركيز، وكذلك تسارع ضربات القلب والارتجاف وأوجاع الجسم.
  • الذعر والقلق الشديد الذي قد يصل إلى حد التجمد وعدم القدرة على الحراك والكلام.
  • نوبات الهلع.
  • الغضب الشديد والانفعال.
  • الانهيار العصبي.
  • الشعور بالذنب والندم.

قد تختفي التأثيرات النفسية للحروب في غضون فترة قصيرة خاصة عند اتباع النصائح التي تساعد في الحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب، بينما في بعض الحالات يمكن أن تمتد إلى ما بعد النجاة منها، حيث يبدأ فصل آخر من المعاناة بسبب الجروح النفسية العميقة التي خلفتها الحرب نتيجة ما شهده الفرد من أهوالها المروعة، وما يتبع ذلك من تفاقم الضغوطات التي أصبحت على عاتقه من التزامات مالية لإعالة أسرته وتأمين لقمة العيش. [3]

يمكن أن تؤدي الحروب في بعض الحالات إلى الإصابة باضطرابات نفسية تستمر فترة طويلة، ولهذا يوصى جميع من عايشوا الحرب مراجعة طبيب نفسي عندما تسنح الفرصة لذلك للاطمئنان على صحتهم النفسية وتلقي العلاج اللازم. [3]

ومن أمثلة الاضطرابات النفسية المزمنة التي قد تسببها الحروب ما يلي: [3]

اقرأ أيضًا: ما هي الآثار النفسية للحروب والصراعات؟

نصائح للحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب

تختلف ردود الفعل من شخص لآخر في المواقف العصيبة كالحروب والصراعات فلكل مستوى معين من القدرة على التحمل، إلا أن بعض النصائح قد تساهم في الحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب عبر التخفيف من وقع الأحداث الصادمة على النفس، والحد من الضغط النفسي وحالة القلق التي تسيطر على الشخص في هذا الوقت. [4]

تشمل أبرز النصائح للحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب ما يلي: [4]

  • البقاء على تواصل مع الأشخاص المحيطين وتجنب الانعزال.
  • الحد من التعرض للأخبار أو مشاهدة الصور والفيديوهات المؤلمة مرارًا وتكرارًا لتجنب تفاقم الألم، والاكتفاء بمعرفة الأخبار المهمة والمصيرية من مصادر موثوقة.
  • الفضفضة مع الآخرين والتعبير عن المشاعر التي تسيطر على الشخص في هذه اللحظة للتخفيف من الألم النفسي، ولا بأس من طلب المساعدة من رجال الدين أو المختصين النفسيين لبث الطمأنينة والمساعدة على تمالك النفس في هذه الظروف.
  • قضاء الوقت مع العائلة والأحباء وعناقهم وبث الأمل والتفاؤل في نفوسهم للحفاظ على صحتهم النفسية أثناء الحرب، ولا بأس من استعادة الذكريات الجميلة معًا وتخيل الحياة بعد انتهاء الحرب، والمشاركة في جميع المهام اليومية معًا.
  • مؤازرة الآخرين ومواساتهم فالكل يتشارك نفس الألم.
  • التطوع لمساعدة الغير فالجميع يكون في أمس الحاجة إلى ذلك، كما أن مساعدة الآخرين يولِّد شعورًا بالرضا ويعزز القدرة على المقاومة.
  • الحرص على الحصول على فترة من الراحة كلما سنحت الفرصة، ويعد ذلك من الوسائل المهمة في الحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب لإعطاء الجسم فرصة للتعافي من الضغط النفسي والبدني الهائل الذي يتعرض له الشخص.

اقرا ايضاً :

 هل من اختلاف بين عقل الرجل وعقــــل المــــرأة؟

إرشادات للتعامل مع نوبات الذعر أثناء الحرب

قد يصاب الشخص بحالة من الذعر والخوف الشديد من هول ما يعايشه في الحرب، ويمكن أن يعبر عنها البعض بالركض الجنوني وربما القيام بأفعال متهورة، وآخرين تسيطر عليهم حالة من الشلل والعجز فيظلون دون حراك من شدة الصدمة أو يختبئون في مكان ما. [2]

يمكن أن تفيد بعض الخطوات في الحد من الخوف الشديد والذعر الذي يسيطر على الشخص في تلك اللحظة والحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب، ومنها: [2]

  • التنفس بعمق وذلك بأخذ شهيق من الأنف والانتظار بضع ثوانٍ وإخراج الزفير من الفم، حيث تعد هذه الطريقة من الأساليب الفعالة التي تساعد على انتظام التنفس وتهدئة الجسم.
  • الاستلقاء على الظهر مع وضع اليدين على البطن والتنفس بعمق.
  • الجلوس على الأرض والتركيز على الأحاسيس البدنية في هذه اللحظة، على سبيل المثال التركيز على رائحة معينة أو الإحساس بما يمسك الشخص في يده أو طبيعة الأرض التي يجلس عليها، أو ملامسة الوجه والأنف والأذن.
  • غسل الوجه بماء بارد أو شم رائحة نفاذة مثل الحمضيات أو الكحول، إذ يساعد ذلك على استعادة إدراك الشخص لما يحدث حوله.
  • البكاء والصراخ إذا كان ذلك يخفف من الألم النفسي لدى الشخص.

يمكن أيضًا تقديم المساعدة عند رؤية شخص مصاب بالذعر والقلق الشديد إلى درجة تعوق قدرته على التحرك أو التحدث أو إدراك ما يجري حوله عبر القيام بالآتي: [2]

  • لف الشخص ببطانية وتقديم مشروب دافئ له.
  • التحدث مع الشخص بوضوح وتذكيره باسمه وأين هو الآن وماذا يفعل.
  • توجيه التعليمات للشخص بدلًا من طرح الأسئلة، مثل قل اسمك بدلًا من ما اسمك.
  • طمأنة الشخص وعناقه والتحدث معه بهدوء وإخباره بأنه بأمان لدعمه والحفاظ على صحته النفسية أثناء الحرب، والحرص على عدم تركه حتى يبدأ في استعادة وعيه وما يجري حوله.

اقرأ أيضًا: كيف نتعامل مع الطفل في الحروب؟

كيفية التعامل مع الآثار النفسية بعد انتهاء الحرب

قد يفيد اتباع بعض الإرشادات بجانب العلاج النفسي في مساعدة الشخص على التغلب على الآثار النفسية التي خلفتها الحرب والعودة إلى حياته الطبيعية، ومن هذه الإرشادات: [5][6]

  • طلب العون والدعم النفسي من الأهل والأصدقاء المقربين فلا حرج في ذلك، والحرص على تجنب العزلة والوحدة قدر الإمكان فذلك قد يزيد من القلق والاكتئاب لكثرة التفكير فيما حدث.
  • الانضمام لمجموعات الدعم النفسي والتي تضم ضحايا ومتضررين من الحروب لمشاركة تجاربهم ومؤازرة بعضهم البعض.
  • العودة لممارسة الحياة الطبيعية حتى لو كان ذلك صعبًا في البداية، إلا أنه قد يساعد على تشتيت الانتباه عن ما مضى والحد من التفكير في الذكريات المؤلمة.
  • تدوين المشاعر التي تسيطر على الشخص حيث يساعد ذلك في تفريغ الطاقة السلبية.
  • الانضمام إلى العمل التطوعي وتقديم المساعدة للآخرين.
  • ممارسة تمارين الاسترخاء، مثل اليوغا والتأمل الواعي، وكذلك الأنشطة البدنية والرياضة بانتظام إذا سنحت الفرصة.
  • الحرص على أخذ قسط كافٍ من النوم يوميًا لإراحة الجسم والعقل.

اقرأ أيضًا: كيفية علاج الصدمة النفسية

نصيحة الطبي

يصاحب الحرب آثار وتبعات نفسية جراء ما تحمله من أحداث مروعة وتهديد للأرواح، وبالرغم من صعوبة التحلي بالصبر واتباع الإرشادات التي تساعد في الحفاظ على الصحة النفسية أثناء الحرب، إلا أن ذلك يساعد الفرد على النجاة من هذه الأزمة بأقل الأضرار النفسية. وينصح بمراجعة طبيب نفسي في أقرب وقت لتلافي التأثيرات السلبية للحرب على الصحة النفسية وتجنب تطور الأمر إلى الإصابة باضطراب نفسي.

عندما أواجه شخص ما أو أقف إماما بالناس فالصلاة قلبي يدق بسرعة ولا أستطيع أخذ نفسي ولا أستطيع النطق وتزداد الرعشة، خصوصا عند القدمين بحيث لا أستطيع الوقوف طويلا فما الحل؟