بينما يمرّ معظمنا بتلك اللحظات الصغيرة من النسيان، كأن ننسى أين وضعنا الهاتف أو لماذا دخلنا الغرفة، يتسلل السؤال ذاته بهدوء: هل يمكننا فعل شيء اليوم لنحافظ على صحة أدمغتنا غداً؟ يبدو أن الجواب قد يكون أقرب وأبسط مما نتصور، وتحديداً في مطابخنا.
فقد كشفت دراسة يابانية واسعة النطاق، استمرت لأكثر من 15 عاماً، عن وجود صلة قوية بين تناول مجموعة فيتامينات ب المشهورة، وعلى رأسها الريبوفلافين (فيتامين B2)، وتقليل خطر الإصابة بالخرف المسبب للعجز بشكل كبير.
تفاصيل الدراسة
البحث الذي شمل أكثر من 4,000 شخص ياباني تتراوح أعمارهم بين 40 - 69 عاماً، تابع المشاركين لمدة تجاوزت 15 عاماً ضمن مشروع Circulatory Risk in Communities Study (CIRCS)، وهو من أضخم الدراسات المجتمعية في اليابان. حيث قام أخصائيو تغذية مدربون بتحليل نظامهم الغذائي بدقة.
وخلال فترة المتابعة الطويلة، رصد الباحثون الحالات الجديدة من الخرف التي كانت شديدة بما يكفي لتتطلب رعاية يومية، اعتماداً على سجلات التأمين الصحي الوطني في اليابان، وبعد تحليل النتائج ومراعاة عوامل متعددة مثل العمر، والجنس، والتدخين، وعادات الشرب، ومؤشر كتلة الجسم، والنظام الغذائي العام، برز تأثير هذه الفيتامينات بشكل واضح.
نجم الدراسة : فيتامين ب2
وفقاً للنتائج المنشورة في "المجلة الأوروبية للتغذية السريرية"، وجد الباحثون أن الأشخاص الذين تناولوا أعلى كميات من الريبوفلافين (B2) كانت لديهم احتمالية أقل للإصابة بالخرف بنسبة تصل إلى 49% مقارنة بمن تناولوا أقل الكميات.
ولم يكن الريبوفلافين وحده في الساحة، فقد أظهر كل من فيتامين B6 وحمض الفوليك (B9) أيضاً ارتباطاً بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنحو 20%.
والمثير للدهشة أن فيتامين B12، الذي يحظى بشهرة واسعة في مجال صحة الأعصاب، لم يُظهر أي علاقة واضحة بالخرف في هذه الدراسة.
اللافت أن الرابط بين فيتامينَي B2 وB6 وتقليل الإصابة بالخرف كان أقوى لدى المشاركين الذين لم يتعرضوا سابقاً لسكتة دماغية، ما يشير إلى احتمال أن يكون لهذه الفيتامينات دور وقائي في أنواع الخرف غير الوعائية.
ومع أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية، إذ إنها قائمة على الملاحظة، فإنها تدعم فكرة أن النظام الغذائي اليومي قد يكون مفتاحاً لصحة الدماغ على المدى الطويل.
أين نجد فيتامينات ب؟
لحسن الحظ، مصادرها متوافرة في أطعمة مألوفة، مثل:
- الريبوفلافين (B2): يتوفر بكثرة في منتجات الألبان (الحليب والزبادي)، والبيض، واللحوم الخالية من الدهون، والأسماك، والفطر، واللوز، والسبانخ.
- فيتامين (B6): يمكن العثور عليه في الدواجن، والسلمون، والبطاطا، والموز، والحمص، والقرع.
- الفولات (B9): مصدره الأساسي الخضروات الورقية (السبانخ، الخس)، والهليون، والأفوكادو، والحمضيات، والفول، والعدس.
ويحذر الباحثون من الإسراف في تناول المكملات الغذائية المحتوية على فيتامينات B دون استشارة الطبيب، مؤكدين أن الطعام المتوازن والمتنوع، الغني بالخضروات والحبوب الكاملة والبروتينات، هو السبيل الأمثل لتزويد الجسم بما يحتاجه من فيتامينات B وغيرها من العناصر المفيدة للدماغ والقلب.
احصل على أفضل النصائح فيما يخص صحتك من خلال الاستشارة الطبية السريعة وعن بُعد من خلال موقع الطبي.