يعتبر فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D) من المركبات العضوية التي تذوب في الدهون، وهو ضروري بشكل رئيسي في الحفاظ على صحة العظام والمناعة. وفي الآونة الأخيرة تم تسليط الضوء على وجود رابط بين نقص فيتامين د (بالإنجليزية: Vitamin D Deficiency) ومرض السكري من النوع الثاني وذلك بسبب ارتفاع حالات الإصابة بمرض السكري وحالات نقص فيتامين د بشكل ملحوظ، لذا فقد حاول الباحثون إثبات ما إذا كان نقص فيتامين د يمكن أن يلعب دوراً في الإصابة بمرض السكري وتطوره.
اقرأ أيضاً: المشاكل والمخاطر الناتجة عن نقص فيتامين د
بالإضافة إلى ذلك فإن حالات السمنة التي تعد من عوامل الخطر الرئيسية للإصابة بمرض السكري ازدادت بشكل ملحوظ، مما يعني أنه من المتوقع ازدياد عدد الأشخاص المصابين بمرض السكري من النوع الثاني (بالإنجليزية: Type 2 Diabetes Mellitus) بشكل طردي، ومن المحتمل أن يكون الرابط بين مرض السكري والسمنة هو نقص فيتامين دال المصاحب للسمنة.
اقرأ أيضاً: فيتامين د مرتبط بخفض خطر الإصابة بالسكري
الرابط بين فيتامين د ومرض السكري
يعد نقص فيتامين د من المشكلات الشائعة في العالم ويعاني منها الأشخاص المصابين وغير المصابين بداء السكري. وقد وجدت الأبحاث ارتباطاً واضحاً بين انخفاض مستويات فيتامين د في المرضى الذين يعانون من مقاومة الإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Resistance) وازدياد خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، وقد تكون هذه العلاقة ناتجة عن عدة أسباب:
- أولاً: أنه بوجود فيتامين د يحتفظ الجسم بالقدرة على الاستجابة للأنسولين على مستوى الخلايا بشكل أفضل، وهذا يتعارض مع السمة المميزة لمرض السكري من النوع الثاني وهي مقاومة الخلايا للأنسولين.
- ثانياً: أن فيتامين د يسمح لخلايا بيتا (بالإنجليزية: Beta Cells) التي تصنع الأنسولين في البنكرياس بالبقاء سليمة وفعالة.
- ثالثاً: أن فيتامين د يعمل على تقليل الالتهاب والذي يعد من العمليات الرئيسية التي تحفز مقاومة الانسولين.
الرابط بين فيتامين د والسمنة ومرض السكري
هناك بعض التأثيرات الثانوية لفيتامين د والمرتبطة بالسيطرة على مرض السكري، فعلى سبيل المثال أظهرت الأبحاث أن الحفاظ على المستوى الأمثل من فيتامين د يرتبط على المدى الطويل بفقدان الوزن وتقليل خطر السمنة وكلاهما يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض السكري، وقد تبين في الأبحاث التي أجريت على الفئران أن فيتامين د يقلل من خطر زيادة الوزن من خلال قدرته على تعزيز حرق الطاقة عبر زيادة أكسدة الأحماض الدهنية والتمثيل الغذائي للميتوكندريا.
كما اقترحت الدراسات الأخرى أن فيتامين د يمكن أن يقلل من خطر السمنة بطريقتين:
- تنظيم الشهية عن طريق زيادة مستوى اللبتين (بالإنجليزية: Leptin) في الدم، وهذا يساعد على التحكم في تخزين الدهون وتحفيز الشبع.
- تقليل مستوى هرمون الغدة جارة الدرقية (بالإنجليزية: Parathyroid Hormone) والذي يمكن أن يحفز فقدان الوزن على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً: نقص فيتامين د والسمنة
تأثير فيتامين د على إفراز الإنسولين
يمكن لفيتامين د أن يؤثر على إفراز الإنسولين بشكل إيجابي بعدة طرق:
- يدخل فيتامين د إلى خلية بيتا ويتفاعل مع عدة أنواع من المستقبلات التي ترتبط ببعضها البعض وتنشط جين الإنسولين بشكل أساسي مما يحفز تصنيع الإنسولين.
- يساعد فيتامين د خلايا بيتا على البقاء فعالة لدى الشخص المصاب بداء السكري (على الرغم من آن جسم المصاب بالسكري يحاول تدمير هذه الخلايا تدريجياً) وذلك عن طريق التدخل في تأثير السيتوكينات التي ينتجها الجهاز المناعي.
- يلعب فيتامين د دوراً مهماً في تنظيم استخدام الكالسيوم، حيث يلعب الكالسيوم دوراً صغيراً ولكنه حاسماً في عملية إفراز الإنسولين. وبناءً على ذلك فإن نقص فيتامين د يضعف قدرة الجسم على التحكم في مستويات الكالسيوم وبالتالي فإنه يضعف قدرة الجسم على إنتاج الإنسولين.
تأثير فيتامين د على مقاومة الإنسولين
يعمل فيتامين د على تحفيز المستقبلات التي تؤثر على زيادة الحساسية للإنسولين (بالإنجليزية: Insulin Sensitivity) وذلك عن طريق نفس المستقبلات التي تؤثر على إفراز الإنسولين، حيث أن تفاعل فيتامين د وارتباطه بهذه المستقبلات يزيد فعلياً من إجمالي مستقبلات الانسولين الموجودة في الجسم.
كما يعتقد أن فيتامين د يزيد من الحساسية للإنسولين عن طريق تنشيط المستقبلات الأخرى التي تساعد على تنظيم عملية الأيض للأحماض الدهنية داخل العضلات والخلايا الدهنية.
وبما أن فيتامين د يلعب دوراً مهماً في تنظيم الكالسيوم في الجسم، ونظراً لأن وجود الكالسيوم يعد ضرورياً لاستجابة العضلات والخلايا الدهنية للإنسولين، مما يتيح امتصاص الانسولين والجلوكوز.
جرعات فيتامين د لمرضى السكري
إن الجرعة القياسية من فيتامين د لغير مرضى السكري هي 400 وحدة دولية (IU) في اليوم، أما بالنسبة لمرضى السكري فإن الجرعة اليومية الآمنة الموصى بها للحفاظ على مستويات فيتامين د المثلى هي 1000 إلى 2000 وحدة دولية (IU) في اليوم.
أما بالنسبة للمرضى الذين يعانون من نقص فيتامين د فهم يحتاجون إلى جرعات أكبر تتراوح بين 4000 وحدة دولية (IU) في اليوم و 50,000 وحدة دولية (IU) أسبوعياً إلى أن ترتفع مستويات فيتامين د قليلاً.
ولكن ينبغي توخي الحذر عند تناول فيتامين د للأشخاص الأصحاء أو المصابين بمرض السكري، حيث أن تناول جرعات عالية منه لفترة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي إلى بعض الآثار الجانبية المقلقة وأهمها فرط الكالسيوم في الدم (بالإنجليزية: Hypercalcemia) الذي يؤدي إلى إضعاف العظام ويتسبب في حصوات الكلى ويتعارض مع الوظائف الأساسية للقلب والدماغ.
وأخيراً يمكن تلخيص ما سبق بأن نقص فيتامين د يساهم في زيادة مقاومة الانسولين والإصابة بمرض السكري الناجم عن موت خلايا بيتا التي تفرز الانسولين، ويعمل فيتامين د على المستوى الخلوي للحفاظ على العديد من العمليات التي تحد من الإصابة بمرض السكري.
لكن وعلى الرغم من هذه النتائج إلا أن دور فيتامين د في الوقاية من مرض السكري ليس مؤكداً حيث أن هناك دراسات أخرى تتعارض نتائجها مع ذلك.
كما أنه من المهم جداً استشارة الطبيب وإجراء تحليل فيتامين د قبل تناول أي مكملات غذائية تحتوي عليه.
اقرأ أيضاً: نقص فيتامين د يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الأول