فيتامين د مهمٌ لصحة العظام والجهاز المناعي، ويُمكن أن ينتجه الجسم عند التعرض لأشعة الشمس المباشرة، ويمكن الحصول عليه من بعض الأطعمة والمكملات الغذائية، وقد زاد اهتمام العلماء بفيتامين د مؤخرًا؛ لارتباط نقصه بعدة مشكلاتٍ صحية، بدءًا من السرطان وأمراض القلب وصولًا إلى مرض السكري. [1]

فما هي العلاقة بين فيتامين د والسكري؟ وهل نقص فيتامين د يسبب انخفاض السكر أم ارتفاعه؟ تعرف على الإجابة وأكثر في هذا المقال.

دور فيتامين د في تنظيم سكر الدم

لفهم العلاقة بين فيتامين د والسكري، لا بد أن نعرف تأثير فيتامين د على سكر الدم، فقد ذكرت الدراسات أن فيتامين د يُحسّن استجابة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين، والتي تُعرف باسم حساسية الإنسولين (بالإنجليزية Insulin sensitivity). [2]

وكما هو معروف فإن هرمون الإنسولين مسؤولٌ عن ضبط مستوى سكر الدم، فهو يسمح بدخول السكر للخلايا؛ لتتمكن من استخدامه كمصدر للطاقة. [2]

لكن لا يتوقف دور فيتامين د هنا؛ إذ يُعتقد أيضًا أنه يُحفّز البنكرياس على إفراز الإنسولين، وهذا الاكتشاف أثار اهتمام العلماء، لأن نقص إنتاج الإنسولين ومقاومة الإنسولين هما العاملان الأساسيان وراء الإصابة بالسكري، مما يُرجّح وجود علاقة وثيقة بين فيتامين د والسكري. [2]

العلاقة بين فيتامين د والسكري

مؤخرًا زاد الاهتمام بدور بدور فيتامين د في الوقاية من مرض السكري وعلاجه، خاصة مع تزايد الأدلة التي تدل على أن نقص فيتامين د يزيد خطر الإصابة بالسكري بنوعيه الأول والثاني. [3]

هذا الاهتمام المتزايد لم يأتِ من فراغ؛ فقد أجري خلال العقدين الماضيين عددٌ كبيرٌ من الدراسات حول العلاقة بين مستويات فيتامين د والسكري، والتي أشارت للآتي: [3]

فيتامين د والسكري من النوع الثاني

أشارت الدراسات الحديثة إلى أنّ الأشخاص المصابين بنقص فيتامين د ومقاومة الإنسولين كانوا أكثر عرضة للإصابة بالسكري مقارنةً بغيرهم، ومقاومة الإنسولين (Insulin resistance) حالةٌ تحدث عندما تضعف استجابة خلايا الجسم لهرمون الإنسولين، مما يُؤدي لتراكم السكر وارتفاعه. [3][4]

كما لوحظ ارتفاع مؤشرات الالتهاب وقراءات السكر التراكمي لدى الأشخاص المصابين بنقص فيتامين د، مما يُؤكد العلاقة التي تربط بين نقص فيتامين د والإصابة بالسكري. [3][4]

أمّا بالنسبة لدور فيتامين د في الوقاية من السكري؛ فقد حسّن تناول مكملات فيتامين د لمدة 6 أشهر من استجابة الجسم للإنسولين ووظائف خلايا البنكرياس، وذلك حسب دراسة نُشرت في مجلة الغدد الصماء الأوروبية عام 2019، وأجريت على 96 شخصًا معرضًا للإصابة بالسكري أو تم تشخيصه حديثًا بهذا المرض. [5]

فيتامين د والسكري من النوع الأول

يرتبط نقص فيتامين د بارتفاع خطر الإصابة بالسكري النوع الأول؛ إذ ترتفع نسب الإصابة به في المناطق التي ينتشر فيها نقص فيتامين د أيضًا، ولهذا السبب يُعتقد أن تناول مكملات فيتامين د منذ الصغر قد يقلل خطر الإصابة بالسكري من النوع الأول. [1]

وفي دراسة جمعت بيانات 10,821 طفلًا؛ لتقييم تأثير مكملات فيتامين د على فرص الإصابة بالسكري من النوع الأول، كانت النتائج مذهلة؛ إذ وُجد أن الأطفال الذين تناولوا 2000 وحدة دولية من فيتامين د يوميًا خلال عامهم الأول كانوا أقل عرضة للإصابة بالمرض بنسبة 80%. [1]

من ناحية أخرى، يُعتقد أن تناول فيتامين د أثناء الحمل والرضاعة يُقلل خطر إصابة الأطفال بالسكري من النوع الأول، لكن لم تُحدد هذه الدراسات الجرعة المناسبة لفيتامين د للأطفال والرضع، لكن حاليًا يُوصى بإعطاء 400 وحدة دولية يوميًا من فيتامين د لجميع الرضع. [1]

لكن لم تُحدد الدراسات إن كان للاستعداد الوراثي للإصابة بالسكري من النوع الأول دورٌ في زيادة فرص الإصابة بنقص فيتامين د، أم أن النقص نفسه هو الذي يزيد خطر الإصابة بالسكري، كما أننا لا نعلم إن كانت مكملات فيتامين د مفيدة لعلاج السكري من النوع الأول. [1]

نقص فيتامين د وخطر الإصابة بسكري الحمل

أشارت الدراسات الحديثة إلى العلاقة بين نقص فيتامين د وارتفاع خطر الإصابة بسكري الحمل، حيث لوحظ انخفاض مستويات فيتامين د لدى المصابات بسكري الحمل مقارنةً بغيرهن. [6]

لكن لا تزال هذه النتائج أولية، وبحاجة لمزيدٍ من الدراسات لإثبات حقيقتها، خاصةً أنّه تُوجد عوامل خطر أخرى تزيد من فرص الإصابة بسكري الحمل، مثل زيادة الوزن وتكيس المبايض. [6]

في المقابل، ذكرت دراسة أنّ تناول مكملات فيتامين د أثناء الحمل، بجرعة 800- 1000 وحدة دولية يوميًا، قد تُحسن مستويات السكر في الدم وحساسية الإنسولين. [6]

فيتامين د ومضاعفات السكري

يلعب فيتامين د دورًا تنظيم الالتهابات وتخفيفها، وهي نقطة مهمة لمرضى السكري، حيث يمكن للالتهابات المزمنة أن تزيد ارتفاع مستويات السكر في الدم، مما يرفع خطر الإصابة بمضاعفات السكري. [7]

وقد ربطت دراسة حديثة بين نقص فيتامين د وزيادة فرص الإصابة بتقرحات القدم السكرية؛ حيث يُبطئ نقص فيتامين د من عملية التئام الجروح والتقرحات الجلدية، كما كشفت النتائج أن النقص كان مرتبطًا بشكل مباشر مع شدة التقرح؛ إذ تبيّن أن شدة التقرح تكون أكبر كلما كان نقص فيتامين د أشد. [7]

نصائح للحصول على كمية كافية من فيتامين د

سواء أكان الشخص مريض سكري أم لا، فإن الخطوة الأولى هي بإجراء فحص دم بسيط؛ لقياس مستوى فيتامين د في الجسم، وفي حال كان هناك نقص، سيقترح الطبيب تناول مكملات غذائية بجرعات مناسبة حسب شدة النقص، لكن بشكل عام تتراوح الكمية اليومية الموصى بها من فيتامين د لمعظم البالغين وكبار السن بين 600- 800 وحدة دولية. [8]

وللحصول على حاجة الجسم من فيتامين د يُنصح بـ: [8]

  • التعرض المنتظم لأشعة الشمس:

قد يكون التعرض لأشعة الشمس لمدة 15-20 دقيقة يوميًا كافيًا، خاصة خلال فترة الظهيرة عندما تكون الشمس في ذروتها، لكن من الضروري حماية البشرة باستخدام واقي الشمس أو الملابس المناسبة.

  • تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د:

يمكنك زيادة مستويات فيتامين د من خلال تناول الأطعمة الآتية:

    • الأسماك الدهنية (السلمون، السردين التونة).
    • البيض (خاصة صفار البيض).
    • الحليب وعصير البرتقال المدعّم بفيتامين د.
    • حبوب الإفطار المدعّمة.
    • اللحوم الحمراء.
  • ممارسة التمارين الرياضية:

إلى جانب فوائدها العديدة لصحة الجسم، يمكن أن تُعزز التمارين المنتظمة مستويات فيتامين د، لذا يجب الالتزام بممارسة الأنشطة البدنية مثل المشي السريع لمدة 30 دقيقة يوميًا.

  • تناول المكملات الغذائية:

إذا كنت تواجه صعوبة في الحصول على ما يكفي من فيتامين د من خلال الطعام والتعرض للشمس، فقد تكون المكملات الغذائية خيارًا جيدًا، لكن تأكد من استشارة الطبيب أو اخصائي التغذية لتحديد الجرعة المناسبة بناءً على عمر وحالتك الصحية.

نصيحة من الطبي

ذكرت عدة دراسات العلاقة بين فيتامين د والسكري، حيث تبيّن أنّ له دورًا في تنظيم سكر الدم، وتحسين استجابة الجسم للإنسولين، هذا إلى جانب فوائده المحتملة في الوقاية من الإصابة بالسكري بنوعيه، أو الحد من مضاعفاته، لهذا السبب ركز على تناول الأطعمة الغنية بفيتامين د، وأجر فحص فيتامين د بشكلٍ دوري؛ إذ ربما تكون بحاجة لاستخدام المكملات.

ويُمكنك الآن استشارة طبيب معتمد في منصة الطبي عن بعد وفي أي وقتٍ تريده؛ ليُحدد لك إن كنت بحاجة لتعديل نظامك الغذائي أو تناول مكملات فيتامين د.