لا يشترك أفراد العائلة بالشكل المتشابه فقط، بل ويشتركون في الجينات والبيئة وأسلوب الحياة، التي قد تسبب أو تزيد من احتمالية الإصابة ببعض الاضطرابات الصحية المنتقلة وراثياً. لذلك فإنه من المهم معرفة التاريخ الطبي العائلي، والذي يشتمل على جميع المعلومات الصحية للشخص وأقاربه لثلاثة أجيال، والتي قد تزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض الوراثية.
أهمية معرفة التاريخ الصحي العائلي
إن معظم العائلات لديهم تاريخ مرضي لمرض واحد على الأقل. وتكمن أهمية معرفة التاريخ العائلي في تشخيص الأمراض في تحديد احتمالية الإصابة بأحد الأمراض الوراثية، والتي تزداد احتمالية الإصابة بها في حال وجود أحد العوامل التالية:
- إصابة أحد الأقارب بأحد الأمراض الوراثية في سن مبكر، مثل قبل 10 سنوات من إصابة معظم الأشخاص بالمرض.
- إصابة أكثر من شخص في العائلة بنفس المرض.
- تشخيص أحد الأقارب بجنس معين بالأمراض المرتبطة بالجنس الآخر، مثل تشخيص الذكور بسرطان الثدي.
- إصابة أفراد العائلة بعدة أمراض مرتبطة ببعضها، مثل الإصابة بسرطان الثدي وسرطان المبيض، أو الإصابة بأمراض القلب ومرض السكري.
اقرأ أيضاً: هل يُصاب الرجال بسرطان الثدي ؟
كما وتساعد معرفة السجل الطبي العائلي في أخذ الاحتياطات للحد من الإصابة بالمرض.
من أهم الأمراض الوراثية التي يمكن تحديد احتمالية الإصابة بها من خلال التاريخ الطبي العائلي ما يلي:
- بعض أنواع السرطان.
- السكري.
- السمنة.
- الربو.
- أمراض القلب وجلطات الدم.
- مرض الزهايمر والخرف.
- التهاب المفاصل.
- الاكتئاب.
- ارتفاع ضغط الدم والدهنيات.
- الثلاسيميا (بالإنجليزية: Thalassemia).
كما ويساعد التاريخ الطبي العائلي على معرفة فرصة الإصابة بالأمراض الوراثية النادرة الناتجة عن طفرات في الجين الواحد، مثل مرض التليف الكيسي (بالإنجليزية: Cystic Fibrosis)، ومتلازمة الخلية المنجلية (بالإنجليزية: Sickle Cell Syndrome).
اقرأ أيضاً: كيف يمكن الكشف عن الإصابة بمرض التليف الكيسي
كيف يمكن معرفة السجل الطبي للعائلة؟
من أسهل الطرق لجمع المعلومات عن التاريخ الطبي العائلي هو سؤال أفراد العائلة عن صحتهم، والاضطرابات الصحية التي يعانون منها، ومتى أصيب كل فرد بالمرض. كما ويجب السؤال عن أسباب وفاة الأشخاص المتوفيين في العائلة والخلفية العرقية، والبيئة التي يعيش فيها أفراد العائلة.
تعد المناسبات الاجتماعية التي تجمع أفراد العائلة أفضل فرصة للنقاشات ولجمع معلومات عن التاريخ العائلي الطبي.
تجمع المعلومات من ثلاثة أجيال من الأقارب، من الأجداد والأبوين، والأعمام والأخوال، والعمات والخالات، والإخوة وأبناء العم والخال، وأولاد العمة والخالة، وأحفاد العم والخال، وأحفاد العمة والخالة، وأبناء الأخ وأبناء الأخت. ويجب الحرص على تجديد المعلومات بشكل دائم عند معرفة معلومة جديدة عن التاريخ العائلي الطبي.
يجب مشاركة المعلومات التي تم جمعها عن التاريخ الطبي العائلي مع الطبيب حتى وإن كانت المعلومات ناقصة وغير متكاملة، حيث أن الطبيب قد يساعد في تحديد احتمالية الإصابة بالمرض في المستقبل، واقتراح نصائح للوقاية منها. كما ويجب مشاركة معلومات التاريخ العائلي الطبي مع أفراد العائلة لأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من المرض.
اقرأ أيضاً: العلاج و الوقاية من الثلاسيميا
كيف يمكن الوقاية من الأمراض الوراثية؟
على الرغم من أن السجل الطبي العائلي يحدد احتمالية الإصابة بالمرض من عدمها، إلا أن هذا لا يعني أن جميع من لديهم تاريخ عائلي لمرض معين سيصابون بالمرض، فمن الممكن أن لا يصاب الشخص بالمرض المتواجد في التاريخ الطبي، كما أن خلو التاريخ الطبي العائلي من أمراض معينة لا يعني أن الأجيال القادمة محصنة ولن تصاب بها.
لا يستطيع الفرد تغيير الجينات التي ولد بها، ولكن يمكن الوقاية من الأمراض الوراثية عند معرفة التاريخ العائلي الطبي، وذلك من اتخاذ إجراءات وقائية تحميه من الإصابة بالمرض، مثل:
- إجراء الفحوصات الاعتيادية ولكن بشكل متكرر وأكثر من الأشخاص الذين لا يتواجد المرض في تاريخهم العائلي وبدءً من سن مبكر، وذلك للكشف المبكر عن المرض، ويتم اتباع هذه الطريقة مع الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بمرض سرطان، والذين يتواجد في سجلهم الطبي العائلي مرض السرطان.
- تغييرات على نمط الحياة، بحيث يجب اتباع نظام غذائي صحي والحفاظ على وزن ضمن المعدل الطبيعي وممارسة الرياضة بانتظام والامتناع عن التدخين وتناول الكحول للحد من أمراض القلب وغيرها من الأمراض المزمنة.
اقرأ أيضاً: كيف تحمي نفسك من أمراض القلب؟
إن إجراء الاختبارات الجينية، أو ما تسمى بفحص الحملة (بالإنجليزية: Carrier Screening)، قد يساعد في بعض الأحيان ولبعض الأعراق على اكتشاف طفرات جينية معينة وتساعد الطبيب في اختيار العلاج المبكر المناسب للمرض. على الرغم من أن الفحص الجيني قد تساعد في تحديد احتمالية الإصابة بمرض معين تم وراثتها في الجينات، إلا أنها لا تضمن تطور المرض في المستقبل.
تركز الأبحاث الحالية على التغييرات الجينية البسيطة التي تزيد من احتمالية الإصابة بمرض معين، حيث أن أغلب الأمراض الشائعة ناتجة عن مجموعة من التغييرات الجينية، التي قد تتحد لزيادة خطر الإصابة بمرض معين بشكل كبير، بالإضافة إلى نمط الحياة والبيئة التي يعيش فيها الفرد، وبعض الأمراض تنتج عن طفرة في جين واحد فقط، وتسمى باضطرابات الجين الواحد (بالإنجليزية: Single-Gene Disorders).
اقرأ أيضاً: الجينات البشرية وفائدتها في علاج الأمراض الوراثية