يعتبر البكاء وسيلة للتعبير عن المشاعر القوية، مثل مشاهدة فيلم حزين أو المرور بتجربة شخصية مؤلمة، ويساعد البكاء في تخفيف التوتر، بالإضافة إلى العديد من الفوائد الأخرى، ولكن في حالة البكاء الشديد والمستمر، فقد يتسبب هذا في أضرار صحية يجب الإنتباه إليها. تعرف في هذا المقال على التأثيرات السلبية للبكاء على الصحة.
اضرار البكاء على الصحة
فيما يلي أبرز أضرار البكاء على الصحة:
- الإصابة بالصداع
يؤدي الحزن والبكاء إلى الإجهاد، مما يزيد من إفراز الجسم لهرمونات مثل الكورتيزول، وتحفز هذه الهرمونات الناقلات العصبية في الدماغ التي تسبب ردود فعل جسدية مثل البكاء، والصداع، وسيلان الأنف، ومع تراكم هذه الأعراض الجسدية الخفيفة، قد يبدأ الشعور بصداع.
يمكن أن يسبب البكاء أنواع مختلفة من الصداع، وأبرزها صداع التوتر، بالإضافة إلى الصداع الناتج عن الجيوب الأنفية.
يحدث صداع التوتر عندما يتم شد عضلات الرأس، ويمكن أن تسبب أيضاً بعض الألم وعدم الراحة في الرقبة والكتفين ، حيث يتم شد هذه العضلات أيضاً. أما في حالة الإصابة بالصداع الناتج عن الجيوب الأنفية، فيكون بسبب كثرة سيلان الأنف أثناء البكاء، إذ أن العيون والأنف والأذن والحنجرة متصلة داخلياً، وعندما تبدأ الدموع في الخروج من العين، فإنها تعود إلى الممرات الأنفية، ومع تراكم الدموع والمخاط، فقد يتسبب ذلك في الضغط، مما يزيد من فرص الإصابة بصداع الجيوب الأنفية. بالإضافة إلى الجيوب الأنفية، يمكن أن يتسبب البكاء في بعض الأعراض الأخرى مثل التنقيط الأنفي، انسداد الأنف، وإفرازات الأنف.
- تأثيرات على القلب
لن يشكل البكاء في حد ذاته خطراً على القلب، ولكن تكمن المشكلة في الضغط النفسي والانفعال الشديد الذي يؤدي إلى البكاء، فعندما يزداد الإنفعال، تحدث أشياء فسيولوجية أخرى في الجسم، بما في ذلك زيادة هرمونات الإجهاد، ومستويات أعلى من الكورتيزول، ومستويات أعلى من الجلوكوز، وزيادة ضربات القلب، مما يعرض الجسم لبعض المشكلات الصحية، مثل النوبات القلبية، وارتفاع ضغط الدم، والكوليسترول. تزداد فرص الإصابة بهذه المشكلات الصحية عند بكاء الأشخاص كبار السن المعرضون بصورة أكثر لهذه المشكلات الصحية، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بالفعل.
اضرار البكاء على الاطفال
من الطبيعي أن يبكي الطفل الرضيع ليعبر عن رغباته، فهي وسيلته الأكثر شيوعاً ليخبر الأم باحتياجاته مثل الرضاعة أو تغيير الحفاض، كما أنه يبكي عندما يشعر بالألم أو يرغب في أن تقوم الأم بحمله. ولكن في حالة إفراط بكاء الطفل الرضيع، فيمكن أن يؤثر هذا بالسلب على صحته، حيث يؤدي البكاء إلى ارتفاع مستويات هرمون الإجهاد الكورتيزول، وقد يتسبب هذا في انخفاض مستويات هرمون النمو، حيث تمنع هذه الاختلالات نمو الأنسجة العصبية في الدماغ، وتثبط النمو، وتضعف جهاز المناعة.
كما أن البكاء لدى الأطفال قد يغير أنظمة الناقل العصبي في الدماغ ويسبب تغييرات هيكلية ووظيفية في مناطق الدماغ مشابهة لتلك التي تظهر لدى البالغين المصابين بالاكتئاب. وتزداد فرص إصابة الأطفال الذين يعانون من نوبات بكاء مستمرة باضطرابات فرط الحركة ونقص الإنتباه، بالإضافة إلى ضعف الأداء المدرسي، والسلوك المعادي للمجتمع، وقد يرجع هذا إلى عدم استجابة الأهل لانفعال وبكاء الطفل.
عندما يزيد الإجهاد المزمن من تحفيز جذع دماغ الرضيع، وهو الجزء من الدماغ الذي يتحكم في إفراز الأدرينالين، سيكبر الطفل مع نظام الأدرينالين المفرط النشاط، وقد يظهر هذا الطفل زيادة العدوان، والاندفاع، والعنف في وقت لاحق من الحياة لأن جذع الدماغ يغمر الجسم بالأدرينالين وهرمونات الإجهاد الأخرى في أوقات غير مناسبة ومتكررة.
يتسبب هرمون الإجهاد الكورتيزول، والذي يغمر الدماغ أثناء البكاء الشديد وغيرها من الأحداث المجهدة، في تدمير اتصالات الأعصاب في دماغ الرضيع، وفي حالة تجاهل صرخات الطفل، فقد يؤثر هذا على تطور المهارات الفكرية والإجتماعية لديهم.
من الجدير بالذكر، أنه يجب أن تنتبه الأم إلى أن الطفل قد يتخذ البكاء وسيلة دائمة ومستمرة لتنفيذ رغباته، وفي هذه الحالة، يمكن أن تبحث الأم عن طرق أخرى لتلفت انتباه الطفل وتجعله يتوقف عن البكاء دون أن تنفذ له رغباته، على سبيل المثال، يمكن أن تقوم الأم بإعطاء الطفل لعبة أو تشغل له موسيقى مفضلة في حالة بكائه لأنه يريدها أن تحمله من الفراش، ومع الوقت، سيتوقف الطفل عن اتباع وسيلة البكاء للتعبير عن رغباته.
للمزيد ما هي اسباب بكاء طفلك قبل النوم؟
فوائد البكاء
هناك العديد من الفوائد التي تعود على الجسم من البكاء، وذلك إن لم يكن البكاء شديد ومستمر ومرتبط بأزمات نفسية كبيرة.
فيما يلي نذكر أبرز فوائد البكاء الصحية:
- تحسين المزاج
عادةً ما يساعد البكاء على تحسين الحالة المزاجية بشكل كبير بعد الإنتهاء منه، حيث أنه يعمل على تخليص الجسم من السموم وتخفيض مستويات الهرمونات التي ترتفع بسبب الإنفعال، وبالتالي يساعد على النوم بشكل أفضل وتقوية الجهاز المناعي من خلال خفض مستويات التوتر بالجسم، كما أن البكاء يساعد على خفض ضغط الدم بعد الإنتهاء منه، ولذلك يجب عدم محاولة كتم الدموع في حالة وجود رغبة في البكاء.
- تحسين الرؤية
تحتاج كافة أجزاء الجسم إلى الماء لترطيبها وتعزيز صحتها بما فيها العيون، وبالتالي فإن الدموع قادرة على تحسين صحة العيون والرؤية، وهذا ما يجعل البكاء مفيداً للعين ويقيها من الجفاف، إذ يجعلها رطبة مما يحافظ على الرؤية، وعلى الرغم من أن البكاء يسبب احمرار العين بشكل مؤقت، ولكنه يفيدها لاحقاً.
يساعد البكاء أيضاً على تنظيف العين من الغبار والأوساخ التي تتعرض لها يومياً بفضل العوامل الجوية، حيث تدخل هذه الجزيئات الصغيرة إلى العين دون رؤيتها، ويمكن أن تؤثر على صحتها وتسبب تهيج العين وإحداث الضرر بها، وفي هذه الحالة، يساعد البكاء على تطهير العين من المهيجات، كما أن الدموع تحتوي على مادة الليزوزيم، وهي مادة كيميائية قوية مضادة للبكتيريا تساعد على محاربة العدوى.
اقرأ أيضاً: الدموع .. أنواعها وأهميتها
- تنظيف الأنف
لا تقتصر فوائد البكاء على تنظيف العين فحسب، بل أنها وسيلة لتنظيف الأنف أيضاً، حيث أن القنوات الدمعية مرتبطة بالأنف من الداخل، وبالتالي فإن البكاء يساعد على طرد البكتيريا والمهيجات من الأنف وليس من العين فقط.
- المساعدة على النوم
يمكن أن يساعد البكاء على النوم كونه يعمل كمهدئ من الانفعالات والعصبية، حيث يتم إطلاق الإندروفين بسبب البكاء، وبمجرد إطلاق الإندورفين ، قد يدخل جسمك إلى حد ما في مرحلة خدر ورغبة في النوم، كما أن البكاء يسبب إجهاد الجسم، مما يزيد من الرغبة في النوم، وينطبق هذا على الكبار والطفال، حيث يسهل الاستغراق في النوم بعد الانتهاء من نوبة البكاء.
- استعادة التوازن العاطفي
لا يكون البكاء رد فعل على شيء حزين فحسب، ففي بعض الأحيان يكون البكاء تعبيراً عن السعادة أو الخوف أو الإرهاق، وهذا يعني أن البكاء يساعد في استعادة التوازن العاطفي، فعندما تكون سعيداً للغاية أو تخاف من شيء ما وتبكي، فسوف يكون البكاء طريقة الجسم في التعافي من تجربة والتعبير عن مشاعر قوية.