غالباً ما يجلب قدوم مولود جديد إلى العائلة أوقاتاً ممتعة وشعوراً غامراً بالسعادة، لكن على الرغم من ذلك فإن فترة ما بعد الولادة للأم الجديدة لا تخلو من الصعوبات، إذ تمر خلالها بتغيرات هرمونية، وجسدية، واجتماعية، وعاطفية.
بالإضافة إلى ذلك، تكون النساء عرضةً للإصابة ببعض الاضطرابات النفسية بعد الولادة، لذلك يعد الفحص المبكر والتشخيص وتلقي الأم الرعاية والمتابعة المناسبة أمراً هاماً للتعامل مع هذه الاضطرابات حال ظهورها والوقاية من التداعيات والمشاكل التي قد تسببها على المدى الطويل لكل من الأم والطفل. [1]
تعرف في هذا المقال على أسباب وأنواع الاضطرابات النفسية بعد الولادة، وأعراض كل منها.
محتويات المقال
أنواع الاضطرابات النفسية بعد الولادة
تشمل الاضطرابات المزاجية والنفسية المعرضة لها الأم الجديدة في فترة ما بعد الولادة ما يلي:
كآبة ما بعد الولادة
تعرف كآبة ما بعد الولادة أيضاً باسم الكآبة النفاسية (بالإنجليزية: Baby Blues)، وتعد من الاضطرابات المزاجية الأكثر شيوعاً لدى النساء في فترة ما بعد الولادة، وغالباً ما تبلغ ذروة أعراضها في اليوم الرابع أو الخامس بعد الولادة، وقد تستمر لبضع ساعات أو أيام. ومن أعراضها الشائعة ما يلي: [2]
- تقلب المزاج.
- القلق.
- الشعور بالحزن.
- نوبات من البكاء.
- مشاكل في النوم.
- الشعور بالإرهاق من المسؤوليات الجديدة تجاه الطفل.
- الانفعال والاهتياج.
في معظم الحالات، تختفي أعراض كآبة ما بعد الولادة في غضون أسبوعين، ولا تتعارض مع قدرة الأم على العمل، ولا تستدعي تدخل طبي علاجي. لكن يوصى بتقديم الدعم والمساعدة للأم الجديدة إلى حين استقرارها.
يجدر الإشارة إلى أن أعراض الكآبة النفاسية قد تكون مؤشراً لاضطراب مزاجي أكثر خطورة، وخاصة لدى النساء اللاتي لديهن تاريخ مرضي سابق أو عائلي للإصابة بالاكتئاب أو مرض نفسي آخر. لذلك يجب في حال استمرار الأعراض لأكثر من 14 يوماً، فإنه يجب أن يتم تقييم الحالة طبياً من قبل الأخصائي المناسب. [2]
اكتئاب ما بعد الولادة
يعتبر اكتئاب ما بعد الولادة أقل شيوعاً من الكآبة النفاسية، ويعد اضطراب مزاجي من أشكال الاكتئاب، قد يصيب النساء في أي وقت بعد الولادة، ولكن غالباً ما تظهر أعراضه في غضون الأسابيع الأربعة الأولى من الولادة، ومنها: [2][3]
- الحزن والشعور بالإحباط واليأس.
- البكاء.
- الشعور بانعدام القيمة أو عدم الكفاءة بالقيام بالمسؤوليات المختلفة.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة المعتادة.
- الإعياء.
- مشاكل في النوم.
- تغير في الشهية.
- فقدان الطاقة.
يتشابه اكتئاب ما بعد الولادة بمرض الاكتئاب السريري الذي قد يحدث في أوقات غير مرتبطة بالحمل، ويمكن أن يؤثر على قدرة الأم بالاعتناء بنفسها أو بمولودها الجديد. لذلك، يجب طلب المساعدة من الأخصائي النفسي عند ملاحظة أعراضه مدة تزيد عن أسبوعين، حتى يتم التشخيص والبدء بالعلاج المناسب. [3]
ذهان ما بعد الولادة
يعد ذهان ما بعد الولادة من الأمراض النفسية النادرة، وغالباً ما تظهر أعراضه في غضون 48-72 ساعة من بعد الإنجاب، وتكون شديدة وسريعة التطور. ويجب تقديم الرعاية الصحية الفورية للأم الجديد فور ملاحظة الأعراض، إذ يشتمل هذا الاضطراب عن خطر إيذاء الأم لنفسها، أو إيذاء المولود الجديد، أو الانتحار. [2]
تتشابه أعراض ذهان ما بعد الولادة بأعراض اضطراب ثنائي القطب، ومن الأمثلة عليها: [2][3]
- القلق.
- الاهتياج.
- الارتباك الشديد.
- فقدان الشهية.
- الهلوسات السمعية والبصرية.
- الأرق.
- تقلب الحالة المزاجية الحاد والسريع.
- نوبات من الهلع.
- التحدث بكلام غير منطقي وطريقة غير طبيعية.
للمزيد: ذهان ما بعد الولادة: الأعراض والأسباب والعلاج
اضطراب الوسواس القهري بعد الولادة
يعتبر اضطراب الوسواس القهري أحد اضطرابات القلق، وكثيراً ما يساء فهمه أو تشخيصه عند ظهور أعراضه لدى الأم الجديدة بعد الولادة، إذ ليس بالضرورة أن يتم التشخيص بهذا الاضطراب حتى تظهر أعراضه لدى الأم في فترة ما قبل وبعد الولادة. [2][5]
لا يقتصر خطر المعاناة من أعراض الوسواس القهري بعد الولادة فقط على الأمهات الجدد، بل يشمل أيضاً الآباء الجدد في فترة ما بعد الولادة. وفيما يلي بعض أعراضه الشائعة: [4][5]
- الهواجس أو الأفكار التطفلية، وهي عبارة عن أفكار أو صور ذهنية متكررة تتعلق بالطفل الجديد، وتظهر وكأنها أتت من العدم، وهي تختلف عن التوهمات.
- الإكراه، والذي يعني قيام أحد الوالدين بتكرار فعل معين مراراً وتكراراً نتيجة المخاوف والهواجس المسيطرة على تفكيرهم. مثل الشعور بالحاجة إلى التنظيف مرةً تلو أخرى.
- الهلع أو الخوف من الهواجس.
- الخوف من ترك الرضيع لوحده.
- عدم النوم بهدف حماية الرضيع.
غالباً ما يكون الوالد المصاب بالوسواس القهري بعد الولادة مدركاً أن الأفكار والهواجس غريبة، ومن غير المرجح أن يقدم على القيام بشيء خطير بناءً عليها. لكن يوصى في جميع الحالات استشارة مقدم الرعاية الصحية. [4][5]
اضطراب ما بعد الصدمة
بعد الولادة وفي حالات غير شائعة، قد تعاني بعض النساء من اضطراب ما بعد الصدمة، والذي تشمل أعراضه ما يلي: [3]
- أفكار وهواجس تتعلق بالولادة.
- الخوف أو الشعور بالذعر في حال المرور أو الاقتراب من المكان الذي تمت فيه الولادة.
- الشعور بالخدر والانفصال عن الواقع.
- تذكر تجربة الولادة بشكل مقلق.
- المعاناة من كوابيس ليلية.
أسباب الاضطرابات النفسية بعد الولادة
هناك العديد من الأسباب والعوامل المسببة لحدوث اضطرابات نفسية بعد الولادة، منها: [2][6][7]
- التغيرات الهرمونية: حيث أن الهبوط المفاجئ والشديد في مستويات هرموني الإستروجين والبروجيستيرون قد يكون سبب الاضطرابات النفسية بعد الولادة، فمستويات هذه الهرمونات ترتفع ارتفاعاً كبيراً في الأسابيع الأخيرة من الحمل.
- العوامل النفسية: تعد الولادة بحد ذاتها تغييراً كبيراً في حياة الأم، والذي يؤدي إلى الضغوطات النفسية والاضطرابات المزاجية. وفي حال وجود عوامل أخرى مسببة للضغط النفسي، فإنها تجعل الأم أكثر عرضة للإصابة بالاضطرابات المزاجية والنفسية بعد الولادة مقارنة بغيرها من الأمهات.
ومن هذه العوامل المسببة للضغط النفسي والاضطرابات النفسية بعد الولادة ما يلي:
-
- عدم وجود الدعم الأسري والافتقار له.
- الخوف على العلاقات، مثل العلاقة الزوجية نتيجة لعدم الانسجام والمشاكل.
- الصعوبات المالية.
- الوحدة وعدم وجود الأصدقاء والأهل حول الأم، مثل في حالات التغرب.
- الأمراض النفسية الأخرى: يزيد من خطر الإصابة باضطرابات النفسية بعد الولادة وجود تاريخ من حدوث الاضطرابات المزاجية سواء قبل الحمل أو أثناءه، أو الإصابة باضطرابات نفسية بعد الولادة مسبقاً.
اقرأ أيضاً: أسباب اكتئاب ما بعد الولادة عند النساء والرجال
علاج الاضطرابات النفسية بعد الولادة
تعد اضطرابات المزاج بعد الولادة قابلة للعلاج، وهناك العديد من الخيارات العلاجية التي يمكن اللجوء إليها في حال تم تأكيد تشخيص أحد الوالدين بها، ومنها: [8]
- العلاج بالأدوية.
- العلاج النفسي.
- العلاج بالصدمات الكهربائية.
- مجموعات الدعم.
نصائح للوقاية من الاضطرابات النفسية بعد الولادة
يمكن الوقاية من الاضطرابات النفسية بعد الولادة من خلال: [9]
- اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن.
- المحافظة على انتظام مستويات السكر في الدم من خلال تناول وجبات صغيرة في أوقات متباعدة.
- الحصول قسط كافٍ من النوم، ما يقارب 7-8 ساعات.
- تنظيم الوقت للتقليل من التوتر.
- مشاركة الأصدقاء المقربين والعائلة والزوج بالأفكار والمشاعر، وذلك للحد من الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.