كل شئ تأكله قد يؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة علي مخك. تتفاعل المكونات التي يحتوي عليها النظام الغذائي للإنسان مع مخه فقط في حالة تشابهها كيميائيًا مع النواقل العصبية داخل المخ، أو في حالة قدرتها علي التفاعل مع العمليات الحيوية التي تحدث في المخ، وتؤثر علي إنتاج أو إفراز أو تعطيل أحد النواقل العصبية، أو الصحة العامة للخلية العصبية. [1]

يجب أن ننظر هنا للطعام بنفس الطريقة التي نستعرض فيها الأدوية العلاجية، فهي تتداخل مع الكثير من عمليات المخ وتغير الطريقة التي نفكر أو نشعر بها. لا يستطيع المخ التفرقة بين الطعام وهو مادة كيميائية نستهلكها لقيمتها الغذائية، والدواء وهو مادة كيميائية نستهلكها لتأثيرها الإيجابي المرجو على الصحة. [1][2]

من الواضح أن هناك أشياء تؤثر علينا أكثر من غيرها. ومن أجل فهم كيف يؤثر الطعام علي المخ فمن الممكن تقسيمه إلى ثلاث تصنيفات، نستعرض هذه التصنيفات مع تأثيراتها على المخ في هذا المقال.

الأطعمة والمواد التي تستهلك لتأثيرها على الدماغ

الأطعمة التي تستهلك بكمية كبيرة في صورة جرعات مكثفة مثل القهوة، والسكر، والهيروين، والكحول، والنيكوتين، وبعض التوابل والنباتات التي لها تأثير تحفيزي للمخ. [3]

يكون تأثير مثل هذه المواد مباشر ويعتمد على مقدار ما يصل للمخ منها. في هذا التصنيف يكون الاعتبار الأهم هو الحصول علي كمية كافية من المادة الكيميائية التي يحتوي عليها الطعام، ووصولها لمكان تأثيرها في المخ لإعطاء نوع من التأثير الفعال الذي يمكن ملاحظته، وربطه مع استهلاك هذا النوع من الطعام بالتحديد. [3]

اقرأ أيضًا: مخاطر ادمان القهوة والكافيين

لا يحدث ذلك في أغلب الأحوال فمثلًا، تحتوي ثمار جوز الطيب علي مادتين كيميائيتين يحولهما الجسم لمخدر يعرف بالاكستاسي أو مخدر النشوة. ولكن يلزم للحصول علي هذا التأثير استهلاك وعاء التوابل بأكمله وهذا يكون مصحوبًا بإسهال عنيف وحدوث هلوسات لمدة ٤٨ ساعة. [4]

الأطعمة ذات التأثير البطيء على المخ

الأطعمة التي تؤثر علي المخ بصورة بطيئة لمدة أيام أو حتى أسابيع مثل الكثير من الأحماض الأمينية كالتريبتوفان واللايسين. وأيضًا الكربوهيدرات التي لها مؤشر جلايسيمي مرتفع مثل البطاطس، والمخبوزات، والأرز، بالإضافة إلي الفول والمعادن خاصة الحديد والمغنيسيوم، والمأكولات التي تحتوي علي حمض الليسيثين مثل الدوناتس والبيض والكيك والشوكولاته.

ويكون الغرض من هذه الأطعمة هو التلاعب بوظيفة أحد أنظمة النقل العصبي وغالبًا يكون بتحسين وظيفته داخل المخ. فمثلاً، اعتقد العلماء مسبقًا أن شرب كوب من الحليب الدافئ قبل النوم أو أكل وجبة كبيرة من البروتين يجعلنا نشعر بالنعاس بسبب القدر الكبير من التريبتوفان، ولكن وجدت الأبحاث العلمية مؤخراً أنه من الصعب لمادة التريبتوفان الوصول بسهولة وبكمية كبيرة إلي المخ. [5]

إذا ما هو الدليل العلمي لاعتبار التأثير الذهني لمثل هذه الأطعمة؟ على الأغلب هذا مرتبط بما يحدث عند عدم الحصول علي قدر كافي منها. أوضحت بعض الدراسات أن استهلاك كمية ضئيلة من مادة التريبتوفان يجعلنا نشعر بالاكتئاب والغضب. استهلاك كمية ضئيلة من السكر أو الفيتامينات مثل ب و ج يحفز تغييرات في وظائف المخ والتي يمكن ملاحظتها بعد أيام قليلة من الحرمان منها. [5]

قفز بعض الباحثون للخلاصة التي تجزم بأن تناول كميات كبيرة من هذه المواد يحسن بصورة سريعة الحالة المزاجية أو الفكر، ولكن نادرًا ما يحدث ذلك فهذه المواد تحتاج فترة زمنية أطول لتحدث تأثير علي المخ بعكس الأطعمة في القسم الأول. [5]

اقرأ أيضًا: 10 اطعمة تجلب السعادة وتقاوم الاكتئاب

food

قدر وجباتك واحتياجاتك الغذائية على الفور
احصل على تقدير استهلاكك اليومي من الطعام واتخذ خيارات أكثر صحة. جربه الآن
التقط صورة سريعة لوجبتك واكتشف محتواها من السعرات الحرارية بسهولة.

الأطعمة المحتوية على عناصر ضرورية 

القسم الثالث من الأطعمة يحتوي علي المواد البطيئة التي يحتاجها الجسم مدى الحياة لتأمين عناصر لا يمكن تصنيعها داخل الجسم، مثل الأغذية الغنية بمضادات الأكسدة كالخضروات والفواكه الملونة، والسمك، وزيت الزيتون، والعصائر، وبعض التوابل، والكافيين، والشوكولاتة، والفيتامينات، والبقوليات والمكسرات. [1][2][6]

لا يلاحظ الناس الذين يتناولون مثل هذه الأطعمة تغييرات حادة في الحالة المزاجية أو الفكرية، ولكن بكل تأكيد فهناك استفادة من الإستهلاك المنتظم طول حياتهم. تأتي الإستفادة من حقيقة أن هذه المواد توفر نوع من أنواع الحماية للمخ ضد أكثر الأشياء ضررًا والتي يتعرض لها يوميا وهي الأكسجين.

نحن نستهلك الطعام وبالتالي لابد من إستهلاك الأكسجين وبسبب الأكسجين نشيخ، وعليه فإن الناس الذين يعيشون لفترات أطول هم الذين يستهلكون أطعمة غنية بمضادات الأكسدة أو يتناولوا كمية طعام أقل. [6]

يمكنك أن ترى أنه اعتمادًا على كيف تصيغ سؤالك عن الطعام وعلاقته بالمخ، فإنك تحصل علي قوائم مختلفة وأسباب مختلفة لاستهلاكه. فإن أردت أن تغير حالة وظائف المخ أو تبطئ من تقدم مخك في السن فعليك أن تبدأ باستهلاك أطعمة مختلفة وصحية بالدرجة الأولى. [2]

لكن في الحقيقة، لا نفكر في هذه الاعتبارات عند الأكل فنحن فقط نأكل أية أطعمة طالما هي لذيذة. ولسوء الحظ فإن المخ يكافئنا بقوة عند استهلاكنا للسكر، والدهون، والأملاح، فنصاب بمشاكل صحية كالسمنة والأمراض المرتبطة بها. الطعام مثل الأدوية العلاجية له تأثير إيجابي وأخر سلبي وكل ذلك يعتمد علي أي طعام نستهلك والكمية والمدة.

اقرأ أيضًا: الاطعمة المصنعة وعلاقتها بزيادة الوزن

اقرا ايضاً :

 البــروكـلـي