فيتامين د لا يقوي العظام فقط! بل قد يحمي عضلة قلبك أيضًا، قد كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة إنترماونتن هيلث (Intermountain Health) أن تناول فيتامين D3 قد يخفّض خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية بنسبة تصل إلى 50% لدى المرضى الذين تعرّضوا لنوبة قلبية مؤخرًا.
نتائج مبشّرة: اكتشاف دور جديد لفيتامين د في حماية القلب
في 9 نوفمبر، كشفت نتائج الدراسة خلال مؤتمر الجمعية الأمريكية للقلب في نيو أورلينز عن دور جديد ولافت لفيتامين D3 في الوقاية القلبية؛ إذ بيّنت أن اعتماد خطة علاجية فردية لرفع مستوى الفيتامين لدى المرضى الذين تعرّضوا مؤخرًا لنوبة قلبية يمكن أن يقلّل بشكل واضح من خطر الإصابة بنوبة أخرى.
ولا تُعد هذه النتائج مفاجِئة تمامًا، إذ تشير دراسات سابقة إلى أن فيتامين D3 يلعب دورًا مهمًا في صحة القلب والأوعية الدموية، يشمل الآتي:
- تقليل الالتهاب المزمن.
- تحسين وظائف جدران الأوعية الدموية والحفاظ عليها.
- تنظيم مستويات الكالسيوم والبوتاسيوم الضرورية لانقباض عضلة القلب.
- خفض ضغط الدم وتعزيز مرونة الشرايين.
تفاصيل الدراسة: ما الجديد الذي كشفته هذه التجربة؟
من المعروف أن نقص فيتامين د قد يرتبط بزيادة مشكلات القلب، لكن الدراسات السابقة لم تستطع إثبات ما إذا كان تناول مكملات فيتامين د يمكن أن يحسّن صحة القلب فعلاً.
وهنا جاءت تجربة TARGET-D لتقدّم نهجًا مختلفًا تمامًا؛ إذ لم تعتمد على جرعة موحّدة للجميع، بل استخدمت طريقة العلاج الموجه، التي تقوم على متابعة مستوى الفيتامين في الدم بشكل منتظم وتعديل الجرعة لكل مريض حسب حاجته الفردية حتى يصل إلى المستوى الأمثل وهو أكثر من 40 نانوغرام/مل.
هذا الأسلوب الدقيق في ضبط الجرعات أعطى الباحثين صورة أوضح عن التأثير الحقيقي لفيتامين D3 على القلب، بخلاف التجارب السابقة التي لم تراقب مستويات الفيتامين فعليًا، مما جعل نتائجها غير حاسمة. وبفضل هذا النهج الموجّه، تمكن الباحثون من رصد انخفاض واضح في خطر الإصابة بنوبة قلبية ثانية—وهي نتيجة لم تتمكن أي دراسة سابقة من تحقيقها.
كيف جرت التجربة؟ عدد المشاركين، الجرعات، والمراقبة
أجريت تجربة TARGET-D على مدى 6 سنوات من عام 2017 حتى 2023، وشملت 630 مريضًا تعرّضوا لنوبة قلبية خلال الشهر السابق لانضمامهم للدراسة. وقُسّم المشاركون عشوائيًا إلى مجموعتين:
- مجموعة لم تتلق أي مكملات لفيتامين د.
- مجموعة حصلت على جرعات محددة من فيتامين D3.
في المجموعة العلاجية، خضع المرضى لفحوصات دم منتظمة لقياس مستوى فيتامين د. فإذا كان المستوى منخفضًا، تُجرى الفحوصات كل 3 أشهر مع تعديل الجرعة تدريجيًا للوصول إلى المستوى المطلوب (أكثر من 40 نانوغرام/مل). أمّا المرضى الذين وصلوا إلى المستوى المثالي فكانوا يخضعون لفحص سنوي فقط.
لوحظ أن أكثر من نصف المرضى احتاجوا إلى جرعة ابتدائية قدرها 5,000 وحدة دولية يوميًا—وهي أعلى بكثير من الجرعات اليومية الموصى بها عادةً. وقد ساعدت هذه المتابعة المستمرة في ضبط الجرعات بدقة، مما مكّن الباحثين من مراقبة تأثير الفيتامين على صحة القلب ونتائج المرضى على المدى الطويل.
النتائج النهائية: كيف انخفض خطر النوبة القلبية الثانية إلى النصف؟
مع انتهاء فترة المتابعة، سجّل الباحثون 107 مشكلة قلبية خطيرة بين المشاركين، مثل النوبات القلبية ودخول المستشفى بسبب فشل القلب. ورغم أن العدد الإجمالي للأحداث كان متقاربًا بين المجموعتين، إلا أن المفاجأة ظهرت عند تحليل خطر تكرار النوبة القلبية تحديدًا.
فقد تبيّن أن المرضى الذين اتبعوا العلاج الموجّه بفيتامين D3 كانوا أقل عرضة بنسبة 50% للإصابة بنوبة قلبية ثانية مقارنة بالمرضى الذين لم يتلقوا أي مكملات للفيتامين.
وأظهرت النتائج أن المراقبة المنتظمة وضبط جرعات فيتامين د هي الطريقة الصحيحة للاستفادة منه، خصوصًا أن الدراسات السابقة اعتمدت على تقديم جرعة ثابتة للجميع دون معرفة إن كانت تناسب حالة المريض أم لا.
هل يصبح فيتامين D3 جزءًا من بروتوكولات علاج القلب؟
رغم أن نتائج تجربة TARGET-D تبدو واعدة للغاية، أكد الباحثون أن الطريق لا يزال في بدايته. فاعتماد فيتامين D3 كجزء رسمي من بروتوكولات علاج القلب يتطلب إجراء دراسات تشمل أعدادًا أكبر من المرضى ومن مختلف الفئات العمرية والحالات الصحية.
ومع ذلك، يرى الخبراء أن العلاج الموجّه قد يمهّد لمفهوم جديد في طب القلب يعتمد على تخصيص المكملات والجرعات بناءً على مستوى الفيتامينات في الدم، بدلًا من استخدام جرعات ثابتة للجميع.
نصيحة الطبي
أظهرت الدراسة أن الحفاظ على مستوى صحي من فيتامين د قد يدعم صحة القلب ويساهم في تقليل خطر النوبات القلبية المتكررة، لذلك احرص على رفع مستواه بشكل طبيعي قدر الإمكان.
ويمكنك القيام بذلك عبر التعرّض المعتدل لأشعة الشمس، وتناول أطعمة غنية بفيتامين د مثل الأسماك الدهنية وصفار البيض، واختيار المنتجات المدعّمة بالفيتامين. وإذا كنت من الأشخاص الذين لا يحصلون على ما يكفي من الشمس أو الغذاء، فاسأل طبيبك عن إجراء فحص مستوى فيتامين د وتناول مكملاته.