منذ سنوات، يحذر خبراء التغذية من الإفراط في تناول اللحوم الحمراء، ومخاطره على ارتفاع الكوليسترول، الذي لا يهدد القلب فحسب بل يمتد تأثيره إلى صحة الدماغ، ويزيد من خطر الإصابة بأنواع من الخرف مثل الزهايمر، ثم يأتي تحليل علمي جديد ليقدم إجابة شافية على سؤال لطالما حيّر الكثيرين: إذا قررت تقليل استهلاك اللحوم الحمراء، فما هو البديل الأفضل؟
الدراسة الجديدة، التي نُشرت في مجلة "التغذية السريرية"، خلصت إلى أن استبدال اللحوم الحمراء بالبروتينات النباتية هو الخيار الأكثر فعالية لدعم مستويات الكوليسترول الصحية، وبالتالي تعزيز صحة القلب على المدى الطويل.
كيف أجريت الدراسة؟
جمع التحليل نتائج 36 تجربة سريرية قارنت بين أنظمة غذائية تحتوي على اللحم الأحمر وأخرى استبدلته بمصادر بروتين مختلفة، تم تصنيفها إلى أربع فئات: بروتينات نباتية عالية الجودة، بروتينات حيوانية أخرى، مزيج من البروتينات النباتية والحيوانية، وأطعمة غنية بالكربوهيدرات.
وأجرى الباحثون مراجعة منهجية دقيقة للأبحاث المنشورة حتى أبريل 2024، لقياس تأثير هذه التبديلات على مستويات الكوليسترول، والدهون الثلاثية، وضغط الدم، ومؤشر الالتهاب (CRP).
البروتين النباتي ينتصر
عندما استبدل المشاركون في الدراسات اللحوم الحمراء بالبروتينات النباتية، مثل البقوليات والعدس والمكسرات، لوحظ انخفاض ملموس في الكوليسترول الكلي بحوالي 0.14 مليمول/لتر، وانخفاض أهم في الكوليسترول الضار (LDL) بمقدار 0.19 مليمول/لتر.
ووفقاً للباحثين، فإن هذا الانخفاض، رغم أنه قد يبدو طفيفاً، إلا أنه بحسب الباحثين، كبير بما يكفي لإحداث فرق حقيقي في صحة القلب على المدى البعيد.
في المقابل، لم تجد المراجعة اختلافات كبيرة في ضغط الدم أو مستويات الالتهاب عند مقارنة اللحوم الحمراء بالبدائل الأخرى.
ورغم أن أغلب الدراسات كانت قصيرة الأمد، ما يجعل مستوى الدليل "منخفضاً" وفقاً لتصنيف الباحثين، إلا أن الاتجاه العام واضح: البروتينات النباتية ترتبط بمؤشرات صحية أفضل للقلب.
تأكيد لتوصيات سابقة
هذه النتائج تتماشى مع توصيات مؤسسة القلب البريطانية (BHF) التي تشجع على تناول الأطعمة النباتية الغنية بالألياف القابلة للذوبان، مثل الفاصوليا، والبازلاء، والعدس، لما لها من دور مثبت في خفض الكوليسترول الضار، وتقليل الدهون المشبعة في النظام الغذائي.
ويعزز هذا التحليل نتائج دراسات سابقة، منها مراجعة عام 2017، والتي وجدت أن الأنظمة الغذائية النباتية تخفّض مستويات الكوليسترول بشكل أكثر فعالية من الأنظمة التي تعتمد على اللحوم، حيث يمكن للأنظمة النباتية أن تقلل الكوليسترول الكلي والكوليسترول الضار (LDL) بنسبة تتراوح بين 15% - 30%.
الرسالة الأهم: بماذا تستبدل اللحم؟
يؤكد الخبراء أن الرسالة الأهم من هذه الدراسة: ليست الفكرة في حرمان نفسك من اللحم الأحمر تماماً، بل التركيز على "نوعية البديل". فاستبدال بعض وجبات اللحم البقري أو الضأن أسبوعياً بأطباق تعتمد على العدس، أو الفول، أو المكسرات، قد يكون من أسهل وأذكى الطرق لتحسين صحة القلب والدماغ دون تقييد صارم أو تغييرات جذرية في أسلوب حياتك.
ومع ذلك، يمكن للحوم الحمراء الخالية من الدهون أن تبقى جزءاً من نظام متوازن، شرط اختيار القطع الخالية من الدهون، وتناولها بكميات معتدلة إلى جانب الخضروات، والحبوب الكاملة، والدهون الصحية. فالمعادلة ليست في المنع، بل في البدائل الذكية التي تمنح القلب فرصة أطول للحياة.
احصل على أفضل النصائح فيما يخص صحتك من خلال الاستشارة الطبية السريعة وعن بُعد من خلال موقع الطبي.