مع تزايد الاهتمام بالتغذية ودورها في الوقاية من الأمراض، تصاعد الجدل حول المشروب الأكثر فائدة لصحة الجسم، في منافسة يتصدّرها الحليب والماء. وبينما يُعدّ الماء الخيار الأساسي للترطيب اليومي، تشير دراسات حديثة إلى أن للحليب مزايا إضافية، خاصة لدى الرياضيين. فهل يتفوّق الحليب فعلًا على الماء؟ ومتى يكون كلٌ منهما الخيار الأفضل؟ الأبحاث العلمية تكشف الإجابة.
الماء: الخيار الأفضل للترطيب اليومي
تشير الأدلة العلمية بوضوح إلى أن الماء يبقى المشروب الأمثل للترطيب اليومي؛ فهو خالٍ من السعرات الحرارية، سريع الامتصاص، ويساعد الجسم على تعويض السوائل المفقودة بكفاءة دون إرهاق الجهاز الهضمي، ولهذا السبب يوصي الأطباء عادةً بتناول ما لا يقل عن 8 أكواب يوميًا، مع مراعاة اختلاف الاحتياجات الفردية.
في المقابل، ذكرت دراسات حديثة أنّ الحليب يتفوق على الماء في حالات محددة، خاصةً بعد التعرّق الشديد؛ بسبب احتوائه على البروتينات والكربوهيدرات والأملاح، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، فهي تبطئ فقدان السوائل عن طريق البول، وتساعد على ترطيبه لمدة أطول.
ورغم ذلك، يؤكد الخبراء أن الحليب والمشروبات الأخرى لا يمكن أن تحلّ محل الماء، بل تُعد خيارات مكملة تُستخدم في مواقف معيّنة، بينما يظل الماء أفضل مشروب لترطيب الجسم.
الحليب سر التعافي بعد التمرين للرياضيين
صحيحٌ أنّ شرب الماء قبل التمرين وأثناءه يُعدّ ضروريًا لتعويض السوائل المفقودة، وتنظيم حرارة الجسم، والوقاية من الجفاف، إلا أنّ دراسات حديثة أشارت إلى أنّ الحليب قد يمنح أفضلية إضافية بعد التمارين المجهدة وعالية الشدة.
فأثناء ممارسة الرياضة، لا يفقد الجسم السوائل فحسب، بل يخسر أيضًا أملاح ضرورية، مثل الصوديوم والبوتاسيوم، إلى جانب استنزاف مخزون الطاقة في العضلات. وهنا تبرز فائدة الحليب؛ إذ أوضحت الدراسة أن تناوله بعد التمرين قد يساعد على تحسين تعافي العضلات، بفضل احتوائه على مزيج متوازن من البروتينات والكربوهيدرات، ما يساعد على تعويض السوائل والطاقة المفقودة ودعم إصلاح العضلات بشكل أفضل.
الحليب للعظام: تفوّق غذائي لا يقدّمه الماء
عند التركيز على صحة العظام، تتفوق القيمة الغذائية بوضوح، فالماء لا يُزود العظام بأي عناصر غذائية، على عكس الحليب الذي يُعد مصدرًا غنيًا بالكالسيوم وفيتامين د والبروتين، وهي عناصر مفيدة لتقوية العظام والحفاظ كثافتها، مما يُقلل خطر الإصابة بالهشاشة والكسور، خصوصًا لدى كبار السن والأطفال.
وقد ذكرت دراسات أنّ تناول الحليب ومنتجات الألبان يوميًا يُحسّن صحة العظام على المدى الطويل، شرط الالتزام بنظام غذائي متوازن، إلى جانب التعرّض الكافي لأشعة الشمس وممارسة النشاط البدني بانتظام.
اقرأ أيضًا: فوائد الحليب للشعر والبشرة.
الماء للرشاقة والحليب لزيادة الوزن بشكل صحي
يُعدّ الماء الخيار الأمثل لمن يسعون إلى إنقاص الوزن أو الحفاظ على الرشاقة؛ فهو خالٍ من السعرات الحرارية، يزيد الشعور بالشبع والامتلاء ويُحسّن عمليات الأيض للحسم، لهذا السبب يُعتبر أفضل مشروب للرجيم.
في المقابل، يُعدّ الحليب خيارًا مناسبًا لمن يرغبون في زيادة الوزن بطريقة صحية؛ فهو مصدر غني بالبروتينات والكربوهيدرات التي تساعد على بناء الكتلة العضلية وتعويض الطاقة. خصوصًا عند إضافة مكونات غنية بالسعرات الحرارية، مثل الأفوكادو وزبدة الفول السوداني.
نصيحة الطبي
صحيحٌ أنّ الماء يظلّ أفضل مشروب للصحة العامة ولا غنى عنه، ولا يمكن لأي سوائل أخرى أن تحلّ محلّه. ومع ذلك، قد يتفوّق الحليب في حالات محددة، مثل التمارين المجهدة التي تتطلّب تعويض البروتين والطاقة، أو عند الحاجة إلى دعم صحة العظام.
في المقابل، يجب الانتباه إلى أنّ الحليب لا يناسب المصابين بعدم تحمّل اللاكتوز، كما قد يؤثّر على امتصاص بعض الأدوية، مثل أدوية الغدة الدرقية وبعض المضادات الحيوية.