انفصام الشخصية أو الفُصام (بالإنجليزية: Schizophrenia) هو اضطراب نفسي خطير يؤثر بشكل كبير على طريقة إدراك الشخص للعالم من حوله، مما يجعله يخلط بين الحقيقة وما يخلقه عقله، ويُسبب أعراض ذهان مختلفة، مثل الهلوسات، والأوهام، وصعوبة التركيز والتفكير، والكلام غير المنطقي. [1]

يمر اضطراب انفصام الشخصبة عادةً بثلاث مراحل مختلفة، وسنتعرف عليها معًا في هذا المقال.

مراحل انفصام الشخصية

تتطور أعراض انفصام الشخصية على 3 مراحل، في المرحلة الأولى تكون الأعراض عامة وغير واضحة تمامًا، ثم تُصبح أكثر وضوحًا وشدة في المرحلة الثانية حيث تظهر الهلوسات والأوهام واضطرابات التفكير، وأخيرًا تأتي المرحلة الثالثة، وهي مرحلة التعافي الجزئي، إذ تخف الأعراض الشديدة تدريجيًا، بينما قد تستمر بعض التأثيرات، مثل انخفاض الطاقة. [2]

فيما يلي تفصيل لكل مراحل انفصام الشخصية:

المرحلة الأولى: المرحلة البادرة

المرحلة البادرة (بالإنجليزية: Prodromal Phase) هي المرحلة المبكرة من اضطراب انفصام الشخصية، حيث تبدأ التغيرات النفسية والسلوكية بالظهور بشكل تدريجي، لكنها غالبًا لا تكون واضحة أو مقلقة في البداية، فقد يبدو الشخص مختلفًا عن المعتاد، لكنه قد لا يدرك هو أو من حوله أن هذه التغيرات هي علامات مبكرة لانفصام الشخصية، خاصة أنها تشبه أعراض مشكلات نفسية أخرى. [3]

أبرز العلامات التي قد تظهر في المرحلة البادرة على الشخص المُصاب: [4]

  • الانسحاب من العائلة والأصدقاء.
  • العزلة وقضاء وقت طويل بمفرده.
  • الشعور بقلق زائد أو توتر مستمر.
  • صعوبة في التركيز أو نسيان الأمور بسهولة.
  • فقدان الاهتمام بالأشياء التي كان يستمتع بها.
  • اضطراب النوم، سواء بالنوم لفترات طويلة أو الأرق المستمر.
  • إهمال النظافة الشخصية والعناية بالمظهر.
  • زيادة العصبية والانفعال على أمور بسيطة.

هذه التغيرات لا تحدث فجأة، بل تتطور ببطء، وقد تمتد لعدة أشهر أو حتى سنوات، وعادةً، تبدأ أعراض المرحلة البادرة بين سن 15-25 عامًا عند الذكور، وبين 25-35 عامًا عند الإناث. [3]

مع مرور الوقت، ومع تفاقم الأعراض، ينتقل الشخص من هذه المرحلة إلى المرحلة التالية، وهي المرحلة الحادة، حيث يصبح انفصام الشخصية أكثر وضوحًا وتأثيرًا في الحياة اليومية. [3]

المرحلة الثانية: المرحلة النشطة

تصبح أعراض انفصام الشخصية أكثر وضوحًا وحدة في المرحلة النشطة أو الحادة (بالإنجليزية: Active Phase)، إذ يبدأ الشخص في فقدان الصلة بالواقع، ويعاني من أعراض نفسية وذهانية واضحة. [4]

خلال هذه المرحلة، تنقسم الأعراض إلى 3 أنواع رئيسية: [4]

1- الأعراض الإيجابية

وهي التغيرات الفكرية والسلوكية التي يُسببها اضطراب انفصام الشخصية، وتشمل:

  • الهلوسات: قد تكون بصرية (رؤية أشياء أو أشخاص غير موجودين)، أو سمعية (سماع أصوات غير حقيقية)، أو جسدية (الإحساس بلمسات أو حركات على الجلد أو داخل الجسم).
  • الأوهام: معتقدات ثابتة لكنها غير صحيحة، مثل الاعتقاد بأن هناك من يراقب المُصاب، أو يرسل له رسائل سرية، أو أنه يمتلك قوى خاصة.

2- الأعراض غير المنتظمة

وهي الأعراض التي تجعل تصرفات الشخص غير مفهومة للآخرين، وتشمل:

  • اضطراب التفكير: صعوبة في التركيز، وضعف الذاكرة، وتشتت الانتباه.
  • اضطراب الكلام: التحدث بجمل غير مترابطة، القفز بين المواضيع دون منطق واضح.
  • اضطراب السلوك والحركة: تصرفات غير متوقعة، مثل الهيجان، أو العدوانية، أو بطء في الحركة، وعدم القدرة على أداء المهام اليومية العادية.

3- الأعراض السلبية

وهي انخفاض القدرة على التواصل والتفاعل مع الآخرين، وتشمل:

  • قلة الكلام أو صعوبة التعبير عن الأفكار.
  • انعدام الانسجام العاطفي، وفقدان القدرة على إظهار المشاعر.
  • فقدان الرغبة في التواصل الاجتماعي والعزلة.
  • تراجع الاهتمام بالأنشطة اليومية، وعدم القدرة على القيام بها.

المرحلة الثالثة: المرحلة المتبقية

تبدأ الأعراض الشديدة لانفصام الشخصية، مثل الهلوسات والأوهام، بالتراجع تدريجيًا، لكن الشخص لا يعود تمامًا إلى حالته الطبيعية، وتشبه المرحلة المتبقية (بالإنجليزية: Residual Phase) إلى حد ما المرحلة البادرة، حيث تكون الأعراض أقل حدة، لكنها لا تختفي تمامًا. [3]

خلال هذه المرحلة، قد يعاني المصاب من: [3][4]

  • انخفاض الطاقة وقلة الحافز.
  • العزلة والابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية.
  • تراجع التركيز والانتباه.
  • قلة تعابير الوجه وعدم إظهار المشاعر بوضوح.
  • قلة التحدث أو ضعف القدرة على التعبير عن الأفكار.

بعض الأشخاص يمرون بهذه المراحل مرة أو مرتين فقط طوال حياتهم، بينما يعاني آخرون من عدة نوبات متكررة، وكلما زادت الدورات بين المراحل الثلاث، زادت حدة الأعراض، مما قد يؤدي إلى تراجع قدرة الشخص على العيش باستقلالية أو ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي. [3]

تشخيص مراحل انفصام الشخصية

غالبًا ما يتم تشخيص انفصام الشخصية خلال المرحلة النشطة، حيث تكون الأعراض في أوضح صورها، ويعتمد الأطباء والمتخصصون في الصحة النفسية على المعايير التي وضعها الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لتشخيص انفصام الشخصية، وتتضمن: [5]

  • ظهور عرضين على الأقل من الأعراض التالية لمدة شهر على الأقل:
    • الأوهام.
    • الهلوسات.
    • اضطراب الكلام.
    • السلوكيات غير المتوقعة أو الوضعيات الغريبة.
    • الأعراض السلبية، مثل فقدان العاطفة أو العزلة.
  • يجب أن يكون أحد هذه الأعراض الثلاثة موجودًا على الأقل: الأوهام، أو الهلوسات، أو اضطراب الكلام.
  • يجب أن تؤثر هذه الأعراض في حياة وعلاقات الشخص المُصاب بشكل واضح.
  • استمرار الأعراض لمدة لا تقل عن 6 أشهر، تتضمن شهرًا واحدًا على الأقل من المرحلة النشطة.
  • استبعاد الاضطرابات النفسية الأخرى، مثل الاضطراب الفُصامي العاطفي (بالإنجليزية: Schizoaffective disorder)، أو اضطراب ثنائي القطب.
  • التأكد من أن الأعراض ليست ناتجة عن تعاطي المخدرات أو أي حالة طبية أخرى.

علاج انفصام الشخصية

قد تبدو أعراض انفصام الشخصية مخيفة، خاصة عندما يفقد الشخص اتصاله بالواقع. لكن رغم صعوبة التجربة، فإنه مع العلاج المناسب، يمكن للكثير من المصابين عيش حياة مستقرة، وتحقيق تحسن ملحوظ على المدى الطويل. [5]

على الرغم من أنه لا يوجد علاج نهائي لاضطراب انفصام الشخصية، لكن يمكن التحكم بالأعراض بشكل فعال من خلال: [6]

  • الأدوية المضادة للذهان: التي تساعد على تقليل الهلوسات والأوهام.
  • العلاج النفسي: الذي يشمل العلاج السلوكي المعرفي وغيره من الأساليب التي تساعد المصاب على فهم حالته والتعامل معها.
  • التثقيف الذاتي: معرفة المزيد عن انفصام الشخصية وأعراضه يساهم في التعامل معه بشكل أفضل.

بشكل عام، أفضل نهج للتحكم في اضطراب انفصام الشخصية هو الدمج بين الأدوية والعلاج النفسي، حيث يساعد هذا المزيج على تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة. [5]

نصيحة الطبي

عادةً ما يمر مرض الفصام بثلاث مراحل: المرحلة البادرة، والنشطة، والمتبقية، حيث تكون الأعراض أشد وضوحًا في المرحلة النشطة، مثل الهلوسات والأوهام، وبغض النظر عن المرحلة، يمكن للعلاج الطبي بإشراف مختص نفسي أن يساعد في التحكم بالأعراض، وتحسين جودة الحياة.

سواء أنت أو شخص تحبه، احجز موعدك الآن لدى موقع الطبي للحصول على المساعدة العاجلة!