السمنة هي مشكلة صحية عالمية يتزايد انتشارها بسرعة، وهي ليست مجرد مشكلة متعلقة بالمظهر، وإنما حالة صحية تترتب عليها مجموعة متنوعة من الأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب، والسكتة الدماغية، والسكري. ويبدو أن هناك عوامل متعددة تؤدي دورًا في تطور السمنة، ومن بين هذه العوامل يأتي هرمون الحليب إلى الواجهة كعامل محتمل يؤثر في وزن الإنسان وصحته.
يتناول هذا المقال علاقة هرمون الحليب ,السمنة، وكيف يمكن أن يؤثر هذا الهرمون على الوزن والصحة بشكل عام.
محتويات المقال
كيف يسبب هرمون الحليب السمنة؟
يلعب هرمون الحليب (بالإنجليزية: Prolactin) دورًا أساسيًا ومهمًا في عمليات أيض الدهون، ويتحكم بشكل مباشر في زيادة الوزن والسمنة سواء عند الأطفال أو البالغين. ويعكس مستوى هرمون الحليب صحة وظائف الغدة النخامية المسؤولة عن إفراز العديد من الهرمونات في الجسم، إضافة إلى تأثيره على مستويات الانسولين والسكر في الدم، وتتحكم كل هذه العوامل في نهاية الأمر بشكل كبير وزن الجسم، وتربط هرمون الحليب بالسمنة. [1]
يمكن أن يزيد ارتفاع هرمون الحليب من احتمالية السمنة بأكثر من طريقة، ومن هذه الطرق:
تأثير هرمون الحليب على الشهية
ترتبط زيادة هرمون الحليب المزمنة بزيادة استهلاك الطعام وفتح الشهية؛ وبالتالي زيادة الوزن مما يؤدي إلى السمنة. وقد لوحظ لدى المرضى الذين يعانون زيادة هرمون الحليب هبوطًا واضحًا في مستويات الدوبامين في الجسم. ويلعب الدوبامين دورًا رئيسيًا في تقليل استهلاك الطعام وتحسين عمليات الأيض. [2]
ولوحظت زيادة في مؤشر كتلة الجسم لدى الأشخاص الذي يعانون من زيادة في مستويات هرمون الحليب في الدم، وهذا ما طرح التساؤلات حول إمكانية تقليل مؤشر كتلة الجسم وإنقاص الوزن، عن طريق التحكم في مستويات هرمون الحليب بواسطة مضادات الدوبامين أو الجراحة. إذ تم إثبات إمكانية تحسين عملية الأيض وتقليل الوزن عند استخدام مضادات الدوبامين مثل الكابيرجولين (بالإنجليزية: Cabergoline) بهدف تقليل مستويات هرمون الحليب. [2]
تأثير هرمون الحليب على مقاومة الانسولين ومستويات السكر في الدم
يمكن لهرمون الحليب التأثير على حجم ووظيفة خلايا بيتا الموجودة في البنكرياس، والتي تؤثر على مقاومة الإنسولين وبالتالي مستويات السكر في الدم، ويؤثر هذا الخلل في عمليات الأيض المرتبطة بالانسولين وسكر الدم بارتفاع مؤشر كتلة الجسم، إضافة إلى ارتفاع احتمالية الإصابة بالأمراض المرتبطة به مثل مرض السكري. [2]
اقرأ المزيد : حقائق عن مقاومة الانسولين
تأثير هرمون الحليب على عمليات الأيض
زيد ارتفاع نسبة هرمون الحليب في الدم من احتمالية الإصابة بمتلازمة الأيض عند ثلث الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع هذا الهرمون، وقد يعزى هذا إلى تأثير هرمون الحليب المباشر على مقاومة الانسولين ومستويات سكر الدم اللذان يعدّان من المسببات الرئيسية لزيادة الوزن. ولحسن الحظ فإن تأثير هرمون الحليب على عمليات الأيض ليس تأثيرًا دائمًا، وإنما يزول عند عودة الهرمون إلى المستويات الطبيعية سواء بعد أخذ الأدوية التي تقلل منه مثل مثبطات الدوبامين، أو بعد نقصان الوزن. [2]
تأثير هرمون الحليب على دهون الجسم
تؤدي زيادة مستويات هرمون الحليب في الدم إلى خلل في تصنيع الدهون في الجسم، فيزيد إنتاج الدهون الثلاثية (بالإنجليزية: Triglycerides) والدهون الضارة منخفضة الكثافة (بالإنجليزية: Low-density Lipoprotein or LDL)، كما يقل إنتاج الدهون النافعة مرتفعة الكثافة (بالإنجليزية: High-density Lipoprotein or HDL) وهذا يؤدي إلى زيادة نسبة الدهون والكوليسترول في الجسم لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع في مستويات هرمون الحليب مقارنة بغيرهم؛ مما يوضح العلاقة بين هرمون الحليب والسمنة. [2]
اقرأ أيضًا : الفرق بين الكوليسترول النافع والضار
هل يمكن أن تسبب السمنة زيادة في إفراز هرمون الحليب؟
أجرى المركز الطبي التابع لجامعة ليدن في هولندا بحثًا علميًا في عام 2004 لدراسة أثر السمنة على مستويات هرمون الحليب في الدم، من خلال قياس دوري لمستويات الهرمون لدى 8 نساء ممن يعانين السمنة و 10 نساء نحيفات جميعهن من فئات عمرية متقاربة، ولا تعاني أي منهن من أمراض مزمنة أو هرمونية المنشأ، كما لا تتناول أي من النساء في التجربة أدوية تؤثر في الهرمونات كأدوية منع الحمل أو غيرها. وتم أخذ عينات الدم كل 10 دقائق لمدة 24 ساعة. [3]
وخلصت الدراسة إلى أن النساء اللاتي يعانين من السمنة كان معدل إفراز هرمون الحليب ومستوياته في الدم أعلى من غيرهن ممن لا يعانين من السمنة، ويتناسب مستوى هرمون الحليب طرديًا مع مؤشر كتلة الوزن لدى النساء، كما كانت المستويات ملحوظة بشكل أكبر لدى النساء اللاتي يعانين من السمنة في منطقة البطن أكثر من غيرهن. [3]
نصيحة الطبي
يؤثر هرمون الحليب على السمنة والصحة العامة، حيث يمكن أن يسبب ارتفاع مستويات هذا الهرمون زيادة في الوزن ومشاكل متعلقة بزيادة الوزن مثل مقاومة الانسولين وارتفاع مستويات السكر في الدم.
لذا، ينصح الطبي بالحفاظ على مستويات هرمون الحليب ضمن النطاق الطبيعي، والالتزام بنمط حياة صحي يشمل التغذية المتوازنة والنشاط البدني من أجل الوقاية من مشاكل السمنة والحفاظ على صحة جيدة، إضافة إلى استشارة الطبيب المختص عند التغيرات المفاجئة في وزن الجسم للتحقق من الأسباب وراء هذا التغير.