الألم المزمن (Chronic Pain) هو الألم الذي يستمر عادةً لشهور أو سنوات، أو يحدث مع حالة صحية مزمنة، مثل: التهاب المفاصل، وقد يأتي الألم ويذهب ولكنه لا يختفي تمامًا. [1]

قد يُسبب الشعور بالألم لفترة طويلة العديد من المشكلات الجسدية والنفسية، لذا لا بد من محاولة التخلص منه، أو على الأقل تخفيف حدته ليتمكن المريض من ممارسة حياته بأقل قدر من الألم. [1]

ما هي طبيعة الألم المزمن؟ وما هي أسبابه؟ وهل يُسبب وجوده مضاعفات؟ وكيف يتم التعامل معه؟ ستجد إجابات الأسئلة في المقال التالي.

الألم المُزمن

يٌعرّف الألم المُزمن بأنه الألم طويل الأمد الذي يستمر لأكثر من 3 أشهر، أو يمتد لفترة أطول من مدة التعافي الطبيعية، أو يُرافق حالة مرضية مزمنة. [1][2]

يستمر الألم المزمن لفترة طويلة، وقد يشعر به المريض كل يوم تقريبًا، ولكنه يمكن أن يكون خفيفًا أو شديدًا. لا تقتصر مشكلة الألم المزمن على الألم الجسدي، بل إنّه يؤثر سلبًا في مزاج الإنسان وحالته النفسية ويجعله أكثر عرضة للاكتئاب والقلق، لذا لا بُد من مراجعة الطبيب للتعامل معه والسيطرة عليه. [1][2]

يختلف الألم المزمن عن الألم الحادّ (Acute Pain) بكونه مؤقت ولا يستمر أكثر من أسبوع إلى أسبوعين، ويزول بعلاج السبب أو انتهاء الحالة المرضية. [1]

أسباب وعوامل خطر الألم المُزمن

عندما يتعرض الشخص لأي مرض أو إصابة تُرسل النهايات العصبية الموجودة في مكان الإصابة إشارات عصبية إلى الدماغ، ويتم هناك تفسيرها على أنها ألم. في حالة الألم المُزمن يتعامل الدماغ أو الأعصاب مع هذه الإشارات بصورة غير طبيعية، أو قد يُخطئ الدماغ في قراءة بعضها على أنها ألم، أو أحيانًا تكون الأعصاب أكثر حساسية للألم من غيرها، بالتالي يظهر الألم المزمن. [2]

يُمكن للعديد من العوامل والأسباب أن تؤدي إلى ظهور الألم المُزمن، أهمها: [1][5][7]

  • التقدم في العمر، إذ تزداد احتمالية  الشعور بآلام الجسم عند كبار السن.
  • وجود مشكلة في الأعصاب، كما هو الحال لدى مرضى السكري وعرق النسا.
  • الإصابة بمرض يُسبب آلامًا مزمنة، مثل : الصداع النصفي (بالإنجليزية Migraine)، وأمراض المفاصل، أو العظام، أو العضلات كالتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis) والتهاب المفاصل العظمي (Osteoarthritis) والألم الليفي العضلي (Fibromyalgia).
  • الإصابة بأمراض من مضاعفاتها الألم المزمن، مثل: السرطان، والتصلب اللويحي (بالإنجليزية: Multiple Sclerosis or MS)، وقرحة المعدة، والإيدز، وأمراض المرارة.
  • قد يكون لبعض الآلام أسباب عديدة خاصة، على سبيل المثال لآلام الظهر أسباب عديدة، مثل:
    • الوقوف بطريقة خاطئة لسنوات طويلة.
    • حمل الأشياء الثقيلة بطريقة خاطئة.
    • الوزن الزائد الذي يُسبب ضغطًا زائدًا على الظهر والركبتين.
    • المعاناة من حالة خلقية كانحناء العمود الفقري.
    • النوم على فرشات سرير غير مريحة.
    • التعرض لإصابة في الظهر.
    • ارتداء الكعب العالي.
    • التغيرات التي قد تحدث في شكل العمود الفقري مع تقدم العمر.
  • قد يبدأ الألم أحيانا بعد التعرض لحادث أو عملية جراحية، ولكنه يستمر لفترة أطول من العادة، ومثل هذه الحالات تكون الأسباب متعددة ما بين نفسية وجسدية.
  • قد يكون سبب الألم غير واضح أحيانًا، ودون وجود إصابات أو أمراض سابقة.
  • قد ينتج الألم المزمن عن أسباب وعوامل أخرى، مثل:
    • العوامل الوراثية.
    • السمنة.
    • التدخين.
    • العوامل النفسية، مثل: التوتر، والقلق.

الأعراض المُرافقة للألم المُزمن

تختلف حدة الألم المُزمن من شخص إلى آخر، ولكنه يظهر في أغلب الأيام، ويؤثر على سير الحياة الطبيعي للمريض، فربما يعيقه عن العمل، والنشاط البدني، وتناول الطعام، والاستمتاع بالكثير من أمور الحياة، لذا لا بُد من مراجعة الطبيب لمعرفة سبب الألم وعلاجه. [1][2]

يرافقه العديد من الأعراض، ومن أهمها: [7]

  • أعراض جسدية، وتشمل:
    • التعب وفقدان الطاقة.
    • اضطرابات النوم.
    • انخفاض الشهية.
    • تقلبات الوزن.
    • انخفاض القدرة على الحركة.
  • أعراض نفسية، وهي كالآتي:
    • الاكتئاب.
    • القلق.
    • صعوبة التركيز.
    • الإحباط والحزن.
    • قلة احترام الذات.
    • الغضب والخوف.
  • أعراض اجتماعية، وتشمل:
    • العزلة، وتجنب الأنشطة الاجتماعية.
    • الغياب عن العمل.
    • فقدان العمل، أو التقاعد المبكر.

طرق التعامل مع الألم المُزمن

في كثير من الحالات قد يكون من الصعب التخلص نهائيًا من الألم المزمن، لذلك هناك العديد من الإجراءات التي يُمكن للمريض اتباعها وفقًا لحالته ونوع الألم بهدف تخفيف ألمه، وتحسين جودة حياته الجسدية والنفسية، وتشمل ما يأتي: [1][2][10]

إنقاص الوزن الزائد

إذ ثبت أنه يُساعد في تخفيف بعض أنواع الألم، خاصة آلام الركبة والقدم، وقد تُساعد الخطوات التالية على نجاح الحمية المتبعة لإنقاص الوزن: [10]

  • القيام بمتابعة وتسجيل ما يأكله المريض بشكل يومي، فذلك يٌساعد على ضبط العادات الغذائية.
  • التدرج في الانتقال نحو الغذاء الصحي وتقليل السعرات الحرارية، فذلك يضمن الالتزام والاستمرارية.
  • إبقاء الأطعمة عالية السعرات أو غير الصحية بعيدة عن الأنظار معظم الوقت، حتى لا تكون الخيار الأول عند الشعور بالجوع.
  • استخدام أطباق طعام أصغر حجمًا، فذلك يساعد على تناول سعرات حرارية أقل.

الحفاظ على النشاط اليومي

فقد أثبتت الحركة والرياضة فاعليتها في السيطرة بشكل كبير على أعراض الألم المُزمن، مع ذلك قد يُوصي الطبيب في بعض الحالات بالراحة التامة، وتشمل ما يأتي: [1][2][3]

  • ممارسة التمارين الرياضية، مثل: القيام بتمارين التمدد والمرونة، والمشي، وركوب الدراجات، والسباحة؛ ذلك لأنها تُساعد في تخفيف الألم الناتج عن تشنج العضلات وتقلصها، وآلام المفاصل، ومشكلات محاذاة العمود الفقري، وضعف العضلات، ويُنصح بأن تكون التمارين جزءًا من روتين الحياة اليومي.
  • العمل حتى مع وجود الألم، فذلك قد يُشغل المريض عن ألمه، ويقلل من احتمالية بقائه وحيدًا وإصابته بالاكتئاب.
  • تجنب الاستلقاء لفترات طويلة، خاصة للمصابين بآلام الظهر، فقد يزيد ذلك من حدة الألم وفترة بقائه، كما يؤدي إلى ضعف في العظام والعضلات ويخفض من جودة النوم.

العلاج بالحرارة أو بالبرودة

تستخدم هذه العلاجات لتخفيف الألم المصاحب لحالات التيبس، خاصة عند الإصابة بآلام المفاصل المزمنة، مثل: التهاب المفاصل، وتعد كمادات الحرارة خيارًا أفضل لتخفيف هذه الآلام، كما تساعد في التخفيف من آلام العضلات. [1][11]

العلاج الطبيعي أو الوظيفي

يشمل ذلك التدليك، وتمارين يحددها الأخصائي تتناسب مع حالة المريض، لكن يُنصح بتجنب التدليك في حالة آلام المفاصل، ولا يُنصح به كعلاج طويل الأمد. [1][11]

مسكنات الألم

قد يلجأ البعض إلى تناول الأدوية للسيطرة على الألم المُزمن أحيانًا، ويجب أن يكون ذلك باستشارة الطبيب لتحديد العلاج اوالمدة المناسبة لتناول الأدوية، تشمل العلاجات الدوائية لتخفيف الألم المُزمن ما يأتي: [1][2][3][9]

  • مسكنات الألم التي تٌصرف بدون وصفة طبية، تشمل:
    • الباراسيتامول (Paracetamol).
    • الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل: الأيبوبروفين (Ibuprofen), والأسبرين (Aspirin), والديكلوفيناك (Diclofenac)، ويُنصح يتناولها قبل أن يشتد الألم؛ لأنها قد لا تُفيد عند اشتداده، كما يُوصى بتناولها بأقل جرعة ممكنة ولمدة محدودة؛ لأنها قد تٌسبب العديد من الآثار الجانبية خاصةً على المعدة، مع ضرورة استشارة الطبيب إذا استمر تناول الأدوية لمدة أسبوعين دون الحصول على نتيجة واضحة في تخفيف الألم.
    • توجد بعض التركيبات الدوائية على هيئة مراهم أو رذاذ موضعي لتخفيف الألم ليتم تطبيقها على مواضع الألم، خاصة آلام المفاصل والعضلات.
  • أدوية تصرف بوصفة طبية، وتشمل:
    • مسكنات الألم التي تُصرف بوصفة الطبيب، فقد يقوم الطبيب بوصف مسكنات أقوى لتخفيف الألم المُزمن، مثل: المسكنات الأفيونية (Opioids)، لكن عادةً لا يُلجأ لمثل هذا النوع من مسكنات الألم إلا في الحالات الشديدة ولفترات محدودة؛ لأنها قد ترتبط بسوء الاستخدام والإدمان، وقد تُسبب بعض الآثار الجانبية، كما أنها قد لا تكون فعالة في تخفيف الألم المُزمن الذي يظهر لأسباب غير السرطان.
    • مضادات الاكتئاب، والتي تعمل على زيادة إفراز مواد كيميائية من الدماغ تعمل على تخفيف حدة الألم، مثل: السيروتونين (Serotonin)، والنور إيبينفرين (Norepinephrine).
    • مضادات الاختلاج، أو ما يعرف بالأدوية المُضادة للصرع، وتُستخدم لتخفيف الألم في الكثير من الحالات، ومن أمثلتها: جابابنتين (Gabapentin)، وبريجابالين (Pregabalin).
      الحقن الستيرويدية (Steroids Injections): وهي حقن تُعطى في الظهر أو في مواضع الألم لتخفيفه، وتقليل التورم والالتهاب.

الجراحة

قد يكون إجراء العمليات الجراحية في مواضع الألم حلًا للكثير من المرضى، ويعتمد ذلك على نوع الألم وموضعه، وإمكانية الإجراء الجراحي لدى المريض، ولكن قد تكون الجراحة حلًا مؤقتًا في بعض الحالات، وقد يعود الألم للظهور بعدها. [1]

العلاجات الأخرى

في كثير من الأحيان قد ينصح الطبيب ببعض الإجراءات التي تٌساهم في تخفيف الألم، ومنها الآتي: [1][2][9]

  • العلاج الكهربائي الحيوي، الذي يتضمن تحفيز النهايات العصبية في مواضع الألم بنبضات كهربائية قصيرة لإطلاق مواد تمنع وصول رسائل الألم إلى الدماغ، ويستخدم في علاج العديد من حالات الألم المزمن، مثل: آلام الظهر، وآلام العضلات، والصداع، والاعتلال العصبي السكري (بالإنجليزية: Diabetic Neuropathy)، وتصلب الجلد (بالإنجليزية: Scleroderma).
  • الوخز بالإبر، والذي يُعتقد أنه يخفف الألم عن طريق زيادة إفراز مواد كيميائية تمنع الألم تُسمى الإندورفين (بالإنجليزية: Endorphin)، ووجد أن ذلك يمنع الألم في حالات عديدة من الألم المُزمن مثل: الصداع، وآلام أسفل الظهر، والألم الليفي العضلي، ويتم ذلك بإدخال إبر دقيقة تحت الجلد في مناطق معينة من جسم المريض من قبل طبيب مختص.
  • العلاجات النفسية، وُجد أن تحسين الصحة النفسية يساعد بشكل كبير على التحكم بالألم، ويشمل ذلك العلاج المعرفي السلوكي (بالإنجليزية: Cognitive Behavioral Therapy Or CBT).

نصائح لتخفيف الألم المُزمن

فيما يأتي بعض الأمور التي يُساعد تجنبها في تخفيف الألم المُزمن، أهمها: [2][3][4]

  • تقليل مستويات التوتر، وذلك عن طريق ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل، وتقنيات تحسين النوم.
  • الحرص على النوم ليلًا لعدد ساعات كافٍ، إذ من المُناسب النوم لمدة 7-9 ساعات يوميًا، إلا أن النوم لساعات طويلة أو قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى زيادة حدة الألم.
  • الإقلاع عن التدخين، قد يؤدي التدخين إلى زيادة الألم المُزمن عبر تضييق الأوعية الدموية وتقليل تدفق الأكسجين إلى الأنسجة، بالمُقابل قد يقلل الإقلاع عنه من الالتهاب، ويزيد تدفق الدم، ويقلل مستوى الألم.
  • تناول الغذاء الصحي المتوازن، ذلك يشمل:
    • الإكثار من الغذاء الذي يحتوي على الخضروات، والفواكه، والبروتينات، والحبوب الكاملة التي تدعم الصحة.
    • تجنب الأطعمة المُصنعة لاحتوائها على كميات كبيرة من المواد الحافظة والمُضافة والدهون غير الصحية التي قد تؤدي إلى تفاقم الالتهاب والألم المُزمن.
  • تجنب الانسحاب الاجتماعي، قد يُسبب الألم المُزمن العزلة لدى البعض وانسحابهم من العلاقات الاجتماعية، وذلك قد يكون سببًا في زيادة الألم وزيادة مشاعر الوحدة والاكتئاب، لذلك يُنصح بتجنبه.

مضاعفات الألم المُزمن

قد يُعيق الألم المُزمن قدرة الشخص على العمل، أو أداء المهام اليومية الاعتيادية، مما يؤثر على حالته المزاجية والنفسية، فيُصاب بالحزن، والاكتئاب، وسرعة الانفعال، وذلك سيسبب له المزيد من التعب والأرق، اللذان سيزيدان الشعور بالاكتئاب والتهيج، وعندها يصبح المريض يدور في حلقة مفرغة غير منتهية من الألم الجسدي والنفسي. [1]

كما قد يدفع الألم المريض إلى فعل أي شيء حتى يتخلص من الألم، مثل: الاعتماد بشكل مستمر على مسكنات الألم، أو تجربة علاجات غير موثوقة، لذا يُنصح باستشارة الطبيب لمعرفة أفضل الطرق للتعامل مع الألم المزمن. [1][2]

نصيحة الطبي

الألم المزمن مزعجٌِ، وقد يمنعك من ممارسة حياتك اليومية كما ترغب، وقد يُسبب لك مضاعفات نفسية وجسدية، لذا بادر في استشارة الطبيب للحصول على خطة علاجية تناسب حالتك.

يُمكنك الاستفادة من خدمات منصة الطبي والحصول على استشارة منزلية عن طريق مكالمة صوتية مع أحد أطبائنا المعتمدين.