تصاب النساء باضطرابات الأكل النفسية مثل فقدان الشهية والشره العصبي بنسبة أكبر من الرجال، ولا تستثنى منه الأميرات. فديانا، أميرة مقاطعة ويلز البريطانية الراحلة، أصيبت بأحدهما، بعد زواجها غير السعيد بالأمير تشارلز. وقد هزلت الأميرة المحبوبة من قبل البريطانيين هزلاً كبيراً في العام 1987، بسبب معاناتها من النهم العصبي. وبفضل العلاج المكثف خرجت من حالتها المرضية شبه معافاة. وعند موتها كانت في مرحلة النقاهة. ولم تخف الراحلة الشابة مرضها، بل أعلنت على الملأ أنها تعاني من اضطرابات الأكل النفسية، وأنها ستساعد النساء اللواتي يصبن به.
يعد فقدان الشهية والشره العصبي من أكثر اضطرابات الأكل النفسية انتشاراً، لكن ما الفرق بينهما؟ وكيف يمكن علاج تلك الاضطرابات؟ هذا ما سنذكره في السطور التالية.
فقدان الشهية العصبي
يحدث فقدان الشهية العصبي عندما يكون المريض فاقداً للشهية تماماً، أي يكون في حالة صوم شبه دائمة طوال اليوم ويكون ذلك بسبب رد فعل نفسي، وهو الخوف من السمنة بسبب الأكل، مما يتسبب في حدوث عدد من المشكلات التي قد تصل إلى حد الوفاة، إذ قد تبلغ نسبة الوفاة بسببه 18%.
الاعراض المصاحبة لفقدان الشهية العصبي
قد تظهر بعض الأعراض على المصاب بمرض فقدان الشهية العصبي، ومن أهمها ما يلي:
- الفشل في الوصول إلى الوزن المثالي أو الطبيعي للجسم، إذ يكون وزن الجسم غالباً أقل من الوزن الطبيعي بحوالي 15%.
- الخوف من السمنة وعدم الاقتناع بشكل أو حجم الجسم من قبل المريض.
- شحوب لون جلد الجسم مع وجود بقع في مختلف مناطق الجسم.
في كثير من الأحيان تلجأ الفتاة إلى الخداع، فتتظاهر بأنها تتناول الطعام، غير أنها تستغل أقرب فرصة ممكنة للتخلص منه، مثل إخفائه داخل ثيابها، أو في أماكن مختلفة داخل البيت، وذلك في حالة عدم تمكنها من رميه في سلة المهملات. وتمضي معظم وقتها أمام المرآة متفحصة أجزاء جسمها المختلفة، وخصوصاً الفخذين، والبطن، والنهدين، وذلك خوفاً من السمنة، وتزن جسمها عدة مرات في اليوم الواحد.
ومن الطبيعي أن نجد المريض بفقدان الشهية مصاباً بالعديد من الأمراض والمشكلات الجسمية، والتي تكون نتيجة لقلة الغذاء الضروري لصحة الجسم. ومن هذه المشكلات ما يلي:
- انخفاض دائم في ضغط الدم.
- انقطاع الطمث.
- ضعف نبضات القلب.
- انخفاض دائم في درجة حرارة الجسم.
- انخفاض في معدل البوتاسيوم والكالسيوم في الجسم وبالتالي احتمالية التعرض لهشاشة العظام كبيرة، وذلك لأن بعض الفتيات قد يلجأن إلى الإفراط في استعمال الملينات والأدوية المدرة للبول بهدف التخفيف من وزن جسمهن.
- هبوط في نسبة البروتينات في الدم.
- نوبات من الإغماء.
كما أن هناك العديد من المشاكل الطبية المصاحبة لهذا المرض، وفي أسوأ الأحوال تكون النتيجة قاتلة. ويلجأ أيضاً المريض المصاب بفقدان الشهية العصبي إلى التمارين الرياضية الشاقة لاعتقاده بأن شكل جسمه لا يزال سميناً.
اسباب فقدان الشهية العصبي
الأسباب المؤدية إلى فقدان الشهية العصبي تصب في مجرى الأمراض النفسية، التي تكون في الغالب بسبب:
- الإحباط النفسي والاكتئاب.
- الشعور بالذنب بسبب الأكل.
- فقدان الثقة بالنفس.
- المشاكل العائلية، مثل فقدان أحد أفراد الأسرة.
- الوحدة والشعور بالإهمال من قبل الزملاء، اعتقاداً بأن شكل الجسم السمين هو السبب.
- الأسباب والعوامل الثقافية، فقد أشارت دراسة أجراها فريق من العلماء بقيادة العالم مهلر سنة 1997، إلى أن لبعض الفئات في المجتمع القابلية للإصابة باضطرابات الأكل، أكثر من غيرهن من الفئات، على سبيل المثال لا الحصر الراقصات، وعارضات الأزياء، وممثلات المسرح، والسينما، ومضيفات الطيران، والرياضيين.
علاج فقدان الشهية العصبي
إن الشخص المُؤهل لعلاج فقدان الشهية العصبي هو الطبيب النفسي، ولكن تقع على عاتق الطبيب العام وطبيب العائلة مسؤولية تشخيص هذا المرض في مراحله المبكرة. إذ أنه في كثير من الأحيان يلجأ الأهل إلى طبيب العائلة طالبين المشورة بسبب انقطاع الطمث، التي تكون في أغلب الأحيان من الأعراض المبكرة للمرض. فتشخيص المرض في مراحله الأولى يساعد على نجاح العلاج، بينما التأخر في العلاج يؤدي إلى نتائج لا تحمد عواقبها. وينقسم العلاج إلى قسمين رئيسيين: أولهما العلاج بالتغذية والأدوية، وثانيهما العلاج النفسي، كذلك يعد الهدف الرئيسي من العلاج هو تعويض الوزن المفقود ونقص البوتاسيوم في الدم، وكذلك تصحيح الجفاف.
وأظهرت بعض الدراسات أن الفئة العمرية لهذا المرض غالباً ما تكون من سن 11 إلى 14 سنة، وقد تقل الأعراض في فترة معينة بعد ذلك، وفي غالب الأحيان يرجع المريض إلى نفس العادات في فترة البلوغ.
العلاج بالأدوية
في الحالات المبكرة يمكن علاج المريضة في البيت، أما في مراحل المرض الأخيرة أو في حالة نقصان الوزن الملحوظ فيجب إدخال المريضة للمستشفى. وسواء كان العلاج في البيت أو في المستشفى يجب مراقبة المريضة أثناء وجبات الأكل، وذلك للتأكد من تناولها للطعام. كذلك يجب مراقبتها خلال الساعة التي تلي تناولها للطعام، وذلك لضمان البعد عن التقيؤ المتعمد.
وللتأكد من نجاح العلاج ينبغي وزن المريضة أسبوعياً، إذ إنه يجب أن تحرز الفتاة زيادة بالوزن قدر كغم واحد أسبوعياً. ومن الممكن استعمال مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات وذلك لرفع مزاج المريضة والتحرر من خوفها من جهة، ولفتح شهيتها للطعام من جهة أخرى.
بعد إحراز تقدم ملموس بالوزن وخروج المريضة من المستشفى تتابع باستمرار من قبل الممرضين أو غيرهم، وذلك بهدف المحافظة على وزن جسمها، وللتأكد من عدم رجوعها إلى سلوكياتها غير السوية.
العلاج النفسي
ويتضمن تقديم الدعم المعنوي للمريضة، وتعزيز الثقة بين المعالج والمريضة، والبدء في العلاج السلوكي المعرفي. لأن نجاح العلاج يعتمد على تقوية الثقة بين المريضة والمعالج، الذي يؤدي بدوره إلى إدراك المريضة لوضعها الصحي الخطير.
النهم أو الشره العصبي
يختلف هذا النوع عن السابق من حيث أن المريض يلتهم الطعام الغني بالسعرات الحرارية العالية، ومن ثم يتخلص من ذلك كله بواسطة التقيؤ والاستفراغ المتعمد. وقد يلجأ البعض إلى استخدام الملينات وكذلك التمارين الشاقة جداً للتخلص من الطعام. وهذا النوع من المرض يعتبر أكثر شيوعاً من سابقه، وهو يصيب السيدات أكثر من الرجال أيضاً.
وهو مثل مرض فقدان الشهية العصبي من حيث كونه مرضاً نفسياً يخاف فيه المريض أن يصبح سميناً، لذا يلجأ إلى التقيؤ للتخلص من الأكل. ويختلف هذا المرض عن مرض فقدان الشهية العصبي، في أن المريض قد يكون في معدل الوزن الطبيعي، وقد يكون في بعض الأحيان أعلى من معدل الوزن الطبيعي للجسم.
اعراض النهم العصبي
من الأعراض الجسدية المصاحبة للنهم العصبي ما يلي:
- وجود هالات سوداء حول العين.
- شحوب في البشرة مع وجود ندوب و تصلب في مفاصل الجسم.
- احمرار العين.
- الشكوى من الصداع المتكرر.
- عدم استقرار وزن الجسم في الأسبوع الواحد. وقد يكون هناك فقدان أو اكتساب في الوزن بمعدل 2.5 إلى 4.5 كلغ في الأسبوع الواحد.
للمزيد: البوليميا (الشراهة في الأكل)
أما الأمراض الجسمية التي قد يتعرض لها المريض المصاب بالنهم عديدة، ومنها الإصابة بالجفاف واختلال في معدل البوتاسيوم في الجسم، وتوسع في المعدة أو نزيف بها، وكذلك اضطراب في ضربات القلب، إضافة إلى الشعور بالإمساك، وقد تنتهي الحالة بالموت، وهو أحد الأمور المشتركة بين فقدان الشهية والشره العصبي.
كذلك يجب أن تتكرر نوبات الأكل الشره على الأقل مرتين أسبوعياً ولمدة ثلاثة أشهر متتالية لتشخيص النهام العصابي.
علاج الشره العصبي
تعد المعالجة السلوكية العلاج المثالي للنهام العصبي وذلك إلى جانب العلاج الجماعي، والعلاج العائلي. ويفضل بعض الأطباء استعمال العلاج النفسي إلى جانب العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب.
وفي أغلب الأحيان تعالج المريضة خارج المستشفى، لكن في حالة حدوث مضاعفات خطيرة مثل انخفاض نسبة البوتاسيوم والصوديوم في الدم، أو ارتفاع البيكربونات، فيجب علاج المريضة داخل المستشفى.
إن النتيجة النهائية للمرض مطمئنة، وذلك مقارنة مع فقدان الشهية العصبي. لقد دلت معظم الدراسات على أن أكثر من 50% من المرضى يستجيبون للعلاج استجابة شبه كاملة، ومن المعروف أن لهذا الاضطراب مساراً مزمناً.