تعويض السوائل

يفقد الجسم كميات من الماء من خلال عدة طرق ومن هنا تكمن أهمية شرب الماء بكميات تعادل الكميات المفقودة من الجسم للحفاظ على اوسمولية الدم والتوازن الداخلي في الجسم. يضبط الشعور بالعطش المقدار الذي يحتاجه الشخص من الماء بما يتناسب مع ما فقده، بينما في بعض الحالات لا يمكن الاعتماد على الشعور بالعطش لضبط كمية الماء والسوائل التي يجب تناولها وإنما تحدد كمية السوائل من قبل الطبيب بناءاً على اطلاعه ومعرفته الكاملة بحالة الشخص، وعمره ،وأهم الأسباب الفسيولوجية والمرضية التي تؤدي إلى فقدان الماء من الجسم.

سوائل التعويض

تحتوي سوائل التعويض بشكل أساسي على الماء، وسكر الجلوكوز، والصوديوم، والبوتاسيوم. يساهم سكر الغلوكوز في وقاية الأشخاص من الإصابة بالحماض الكيتوني نتيجة لعدم تناول الطعام لفترة طويلة ويقلل من احتمالية نقص سكر الجلوكوز في الدم. كما وتساهم الماء والأملاح الموجودة داخل سوائل التعويض في الوقاية من الإصابة بالجفاف والحفاظ على توازن الأملاح داخل الجسم.

أهم طرق فقدان الماء في الجسم

تتمثل عملية فقدان الماء من الجسم من خلال إحدى الطرق التالية:

• الطرق المحسوسة، يمكن إدراك عملية فقدان الماء من الجسم والإحساس بها كما ويمكن حساب الكميات المفقودة. وتعد عملية التبوّل إحدى الطرق المحسوسة لفقدان الماء من الجسم ويمكن حساب كمياتها. تختلف كمية السوائل المفقودة عن طريق البول بناءاً على كميات الأملاح الموجودة في الجسم التي تكونت نتيجة لتناول أنواع الطعام المحتوية على الإلكترونات والبروتينات.
• الطرق الغير محسوسة، على خلاف الطريقة الأولى يمكن للجسم أن يفقد كميات من الماء من جسمه دون إدراكه ذلك والإحساس به مما يجعل عملية حساب كمية السوائل المفقودة من الجسم غير ممكنة. وأهم ما يمثل هذه الطريقة هو كميات الماء المفقودة من خلال الجهاز التنفسيّ بحيث يحتاج الجسم كمية من الماء لترطيب الهواء الداخل للجسم وإخراجه من الجسم على شكل بخار ماء عن طريق الزفير، بالإضافة لكميات الماء التي يتم فقدانها من الجسم عن طريق الجلد بسبب ارتفاع درجة حرارة الجسم، والتعرّق، والحروق، والعلاج بالضوء لعلاج بعض الأمراض.

يجدر التنويه إلى أن معدل كمية السوائل المفقودة من الجسم بمختلف الطرق من قبل الأطفال حديثي الولادة أكثر من الكميات المفقودة من قبل البالغين ولا يزداد معدل الفقدان مع زيادة الوزن بشكل مباشر. ويمكن تبرير ذلك من خلال أنّ كمية الهواء التي يحتاجها الجسم تحدد بالاعتماد على كمية الأكسجين التي يحتاجها وكمية ثاني أكسيد الكربون التي يجب التخلص منها التي تحدد على حسب عمليات الأيض في الجسم وكما هو معروف أن معدل عمليات الأيض في الجسم عند الأطفال أعلى منه عند البالغين. كما ويلاحظ أن الوجبات التي يتناولها الأطفال تحتوي على كميات كبيرة من الإلكترونات والبروتينات مما يزيد من تراكم الأملاح في البول الأمر الذي يستدعي زيادة كمية البول الخارجة من الجسم عند الأطفال مقارنة بالبالغين.

أهم دواعي تعويض السوائل

يستطيع الجسم بوضعه الطبيعي تعويض ما يفقده من السوائل من خلال شرب كميات من الماء والسوائل بأنواعها بما يتناسب مع الكميات المفقودة من جسمه، إلا أن هناك حالات تستدعي إلى تعويض السوائل المفقودة من الجسم لذلك يلجأ أعضاء الطاقم الطبي إلى تعويض السوائل المفقودة من الجسم عن طريق سوائل محضرة مسبقاً لتغطي احتياجات الأشخاص كل حسب وضعه الصحيّ، وتمثل النقاط التالية أهم الدواعي التي تبرر استخدام سوائل التعويض:

• صدمة نقص حجم الدم (بالإنجليزية: hypovolemic shock)، يلجأ أعضاء الطاقم في حالات الصدمة الناتجة عن نقص حجم الدم إلى تعويض السوائل للحفاظ على الحجم الداخلي للأوعية الدموية. يعطى الشخص 500-1000 مليلتر من المحلول الملحي متساوي التوتر أو محلول رنجر لاكتات لمدة 15 دقيقة مع مراقبة حالة المريض واستجابته للعلاج كما وينصح في الحالات التالية التي تمثل عدم استجابة الشخص للعلاج إعطاء الجرعة ذاتها مرة أخرى:

1. نقصان كمية البول، يعد خروج كمية البول بمقدار يقل عن نصف ليتر لكل كيلوجرام يومياً مؤشراً قوياً عن عدم استجابة الشخص للجرعة الأولى.
2. زيادة ضربات القلب، يمكن التنبؤ بعدم استجابة الشخص للجرعة الأولى في حال زيادة معدل ضربات القلب.
3. انخفاض ضغط الدم، يعتبر انخفاض ضغط الدم مؤشراً عن عدم استجابة الشخص للجرعة الأولى.
4. انخفاض الضغط الوريدي المركزي، تتمثل عدم استجابة الشخص للجرعة الأولى بانخفاض ضغط الدم الوريدي المركزي.

وفي حال عدم استجابة الشخص للجرعات المتعددة من العلاج ينصح باستخدام الأدوية التي تعمل على تقليل حجم الأوعية الدموية وزيادة ضغط الدم وتلك التي تعمل على زيادة التقلصات العضلية، والتأكد من عدم وجود أسباب أخرى مثل الصدمة القلبية أو التهاب الدم التي تساهم في التعرض لنقص حجم الدم.

• الجفاف وفرط الصوديوم في الدم، يسبب الجفاف أو زيادة نسبة الصوديوم في الدم في حدوث خلل في نسب الماء الموجودة في الجسم التي يمكن تعويضها من خلال إعطاء المريض محاليل طبية تحتوي على 5% ديكستروز أو المحاليل الملحية قليلة التوتر(½ أو ¼ المحلول الملحي متساوي التوتر) والتي يمكن تحديد كميتها بوحدة الليتر من خلال تطبيق المعادلة التالية:

نسبة الماء المفقودة= المعامل ك* وزن الشخص (بوحدة الكيلوغرام)* (نسبة الصوديوم الحالية /140-1)

بحيث تختلف قيمة المعامل ك حسب الجنس والفئة العمرية، فإن هذا المعامل يساوي 0.6 للرجال البالغين والأطفال بغض النظر عن جنسهم، و0.5 للنساء والرجال كبار السن، و0.45 للنساء كبار السن.

• نقص السوائل المستمر، نتيجة للتعرض لأي من الحالات التالية التي لا يرافقها نقصان في حجم الدم ولا يمكن تعويض النقص الناجم عنها عن طريق شرب كميات وفيرة من الماء والسوائل:

1. الحروق.
2. زيادة كمية البول نتيجة للإصابة بخلل في وظائف الكلى أو الإصابة بمرض السكري الكاذب الذي يمكن الإصابة به بسبب نقص في هرمونات الغدة النخامية مما يؤثر على وظائف الكلى.
3. أمراض الجهاز الهضمي، تسبب الإصابة بأمراض الجهاز الهضميّ مثل الإسترجاع أو الإسهال في نقص في كمية السوائل في الجسم.
4. إفرازات العمليات الجراحية، يبين الجدول التالي أهم ما تحتويه إفرازات العمليات الجراحية وكيفية تعويضها.

• الحالات التي لا يستطيع بها الأشخاص تناول أي شي عن طريق الفم أو غير مسموح لهم، يمكن حساب حجم سوائل التعويض لليوم الواحد من خلال الطرق التالية حسب الفئة العمرية:

1. البالغين، تحتوي سوائل التعويض بالنسبة للبالغين على 30 ملليتر ماء/كيلوجرام، و1 جرام جلوكوز/كيلوجرام، 1-3 مل مكافئ صوديوم/ كيلوجرام، و-3 مل مكافئ كلور/كيلوجرام، و0.5 مل مكافئ بوتاسيوم/ كيلوجرام.
2. الأطفال، تحسب جرعة الأطفال على قاعدة 4،2،1 والمتمثلة بقرابة 4 ملليتر من سوائل التعويض/كيلوجرام/ ساعة لأول 10 كيلوجرام من وزن الشخص+ 2 ملليتر من سوائل التعويض/كيلوجرام/ ساعة لثاني 10 كيلوجرام من وزن الشخص+ 1 ملليتر من سوائل التعويض/كيلوجرام/ ساعة للوزن المتبقي بعد طرح 20 كيلو جرام منه. (يمكن توضيح هذه القاعدة من خلال طرح المثال التالي لشخص وزنه 30 كيلو جرام، نقسم الوزن إلى ثلاث عشرات الأولى تضرب بأربعة، والثانية باثنين، والثالثة بواحد ليصبح المجموع 70 مليلتر في الساعة).
3. حديثي الولادة، 150 ملليتر من سوائل التعويض/كيلوجرام/ ساعة.

• عدم توازن نسب الأيونات في الجسم، تتطلب حالات عدم توازن نسب أيونات الصوديوم والبوتاسيوم في الجسم استخدام سوائل التعويض لسد النقص الحاصل وإعادة حالة الإتزان الداخلي.
• وسط مذيب لبعض الأدوية، يمكن إعطاء دواء النورايبينفرن للمرضى عن طريق حقنه بسوائل التعويض.

للمزيد: أمراض الكلى وتأثيراتها المختلفة

أنواع سوائل التعويض

تنقسم سوائل التعويض إلى النوعين التاليين: 

• المحاليل البلورية، تحتوي المحاليل البلورية على تراكيز مختلفة من الأيونات وتستخدم بكثرة داخل المستشفيات. ويساهم استخدام هذا النوع من المحاليل في زيادة الحجم الداخليّ للأوعية الدموية وبناءاً على اختلاف أنواعه سيختلف تأثير هذه المحاليل على زيادة الحجم الداخليّ للأوعية الدموية، يبين الجدول التالي أهم أنواع المحاليل البلورية:

ينصح تعويض السوائل المفقودة عند الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 28 يوماً إلى 18 عاماً من خلال إعطائهم المحاليل الملحية متساوية التوتر مضافاً إليها نسب معينة من كلوريد البوتاسيوم والدكستروز لتقليل خطر نقصان نسب الصوديوم في الدم.

• المحاليل الغروانية، تحتوي هذه المحاليل على المواد ذات الوزن الجزيئي العالي من أصل طبيعي مثل مادة الألبومين، وبلازما متجمدة طازجة، بالإضافة للمواد ذات الأصل الصناعي مثل مادة الجلاتين، والديكستران، وهيدروكسي إيثل النشا. يمكن إعطاء هذه المحاليل مع المحاليل البلورية في نفس الوقت، وتساهم هذه المحاليل في زيادة الحجم الداخلي للأوعية الدموية بدرجة أعلى مما تساهمه المحاليل البلورية. هناك جدل كبير حول استخدام هذه المحاليل كونها قد تسبب العديد من الآثار الجانبية مثل تأثيرها على مجموعات الدم، وتأثيرها على تراكم الصفائح الدموية بالاخص بعد إعطاء المحاليل المحتوية على كميات كبيرة من النشا الهيدروكسي إيثيل، والصدمة التأقية، والحكة في حال الإستخدام المطوّل لهذه المحاليل، والسمية الكلوية خصوصاً عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى، بالإضافة لإرتفاع أسعارها.

النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار في حساب جرعة سوائل التعويض

حتى يتمكن أعضاء الطاقم الطبي من حساب جرعة سوائل التعويض لابد من معرفة حالة الشخص بالتفصيل ومعرفة ما هي الأمور التي يعاني منها التي يكون لها تأثير على كمية السوائل المفقودة من الجسم. تقسم كمية السوائل المفقودة من الجسم بالوضع الطبيعي على النحو التالي: 

1. الجهاز التنفسي، تمثل كمية الماء المفقودة من الجسم خلال عملية ترطيب الهواء الداخل بقرابة 20% من إجمالي كمية الماء المفقود من الجسم خلال اليوم الواحد. بينما إذا كان الشخص على أجهزة التنفس الصناعي فإن كمية السوائل المفقودة خلال عملية التنفس تعتبر قليلة جداً أو معدومة.
2. الجلد، تمثل كمية الماء المفقودة من الجسم عبر طبقات الجلد بقرابة 30% من إجمالي كمية الماء المفقود من الجسم خلال اليوم الواحد.
3. البول، يتم فقدان الكمية الأكبر من السوائل والتي تقدر بحوالي 50% من إجمالي كمية الماء المفقود من الجسم خلال اليوم الواحد عن طريق البول.

توضح الحالات التالية تأثيرها على كمية السوائل المفقودة من الجسم إذ يمكن لهذه الحالات زيادة أو تقليل كمية السوائل المفقودة وبالتالي تأثر على حساب جرعة سوائل التعويض خلال اليوم الواحد:

1. سرعة ضربات القلب، يتم إضافة ما نسبته 20-50% من كمية السوائل المفقودة من الجسم عن طريق جهاز التنفسيّ في حالة زيادة سرعة ضربات القلب. تزداد كمية السوائل المفقودة عن طريق الجهاز التنفسي في حال الإصابة بثقب في القصبات الهوائية.
2. ارتفاع درجة حرارة الجسم، يمكن إضافة 10% من كمية السوائل المفقودة من الجسم خلال طبقات الجلد لكل درجة زيادة عن 38 درجة مئوية.
3. عدم التبول، يتم استبعاد نسبة كمية السوائل المفقودة عن طريق البول في حالات عدم التبول.
4. قلة التبول، يمكن حساب كمية البول خلال 12 ساعة وإضافتها لكمية البول التي ستخرج من الجسم في النصف الثاني من اليوم ليتم احتسابها ككمية السوائل المفقودة عن طريق البول في اليوم الواحد.
5. زيادة التبول، يمكن حساب كمية البول خلال ساعة إلى ساعتين وإضافتها لكمية البول التي ستخرج من الجسم في الساعتين المقبلتين من اليوم ليتم احتسابها في نهاية اليوم ككمية السوائل المفقودة عن طريق البول في اليوم الواحد.

يمكن توضيح النقاط السابقة لحساب حجم جرعة سوائل التعويض خلال اليوم الواحد من خلال الأمثلة التالية:

• شخص يعاني من الحمى ودرجة حرارته 40 درجة مئوية ويعاني من سرعة في معدل التنفس بحيث يصل إلى 70 نفس في الدقيقة الواحدة. يضاف ما نسبته 50% من كمية السوائل المفقودة من الجسم بشكل طبيعي في اليوم الواحد عن طريق الجهاز التنفسيّ، بالإضافة لزيادة ما نسبته 20 % من كمية السوائل المفقودة من الجسم بشكل طبيعي في اليوم الواحد عن طريق الجلد. وبالتالي تقدّر كمية السوائل المفقودة خلال هذا اليوم في مثل هذه الحالات بقرابة 1160 مليلتر.
• شخص يعاني من قلة التبول بحيث تقدّر كمية البول بحوالي 50 مليلتر خلال 12 ساعة وأنه لا يعاني من اية مشاكل اخرى. يتم إضافة هذه الكمية من البول إلى كمية السوائل المفقودة من الجسم خلال 12 ساعة بحيث يصبح مجموع السوائل المفقودة من الجسم من خلال الطرق الثلاثة الرئيسية حوالي 300 مليلتر خلال 12 ساعة.