فقر الدم الخبيث

يعتبر فقر الدم الخبيث من أمراض المناعة الذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي عن طريق الخطأ خلايا المعدة المسؤولة عن إنتاج بروتين يُسمى العامل الداخلي (Intrinsic Factor /IF)، وهو ضروري لامتصاص فيتامين ب12 من الطعام، وبدون هذا العامل، لا يستطيع الجسم الاستفادة من فيتامين ب12 الضروري لإنتاج كريات الدم الحمراء، مما يؤدي بمرور الوقت إلى فقر الدم. [2]

إضافةً إلى ذلك، تهاجم الأجسام المضادة الخلايا المبطنة لجدار المعدة والخلايا العصبية، مما يعوق امتصاص فيتامين ب12 أيضًا، ورغم أن السبب الدقيق للإصابة بفقر الدم الخبيث غير معروف، فإن العوامل الوراثية والبيئية قد تلعب دورًا في ظهوره. [2]

أسباب أخرى لنقص فيتامين ب12

وتوجد العوامل الأخرى يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بنقص فيتامين ب12، منها: [3]

• استئصال المعدة أو جزء منها: حيث تُزال الخلايا المسؤولة عن امتصاص فيتامين ب12، حيث يقدّر أن حوالي نصف الأشخاص الذين يخضعون لجراحة تكميم المعدة أو تحويل المسار يفقدون القدرة على امتصاص هذا الفيتامين بشكل كافي.
• استئصال جزء من الأمعاء الدقيقة: مما يقلل من قدرتها على امتصاص الفيتامين.
• فرط نمو البكتيريا في الأمعاء الدقيقة (SIBO): حيث تستنفد البكتيريا كميات كبيرة من فيتامين ب12 قبل أن يتمكن الجسم من امتصاصه.
• بعض الأدوية: مثل المضادات الحيوية، وأدوية السكري، وأدوية الصرع التي قد تؤثر في مستويات فيتامين ب12.
• العدوى بالدودة الشريطية: التي يمكن أن تحدث الإصابة بها عند تناول أسماك غير مطهية جيدًا، حيث تستهلك الدودة فيتامين ب12 قبل أن يتمكن الجسم من امتصاصه.
• النظام الغذائي النباتي الصارم: الذي يفتقر إلى المصادر الغذائية الحيوانية لفيتامين ب12، مما يزيد من خطر النقص.
• أمراض الجهاز الهضمي: مثل الداء البطني (السيلياك) وداء كرون، حيث تؤثر في قدرة الجسم على امتصاص الفيتامين.

أمراض المناعة الذاتية الأخرى: مثل قصور جارات الدرقية (بالإنجليزية: Hypoparathyroidism) ومرض جريفز (بالإنجليزية: Graves' disease)، والتي تزيد من خطر الإصابة بفقر الدم الخبيث.

يتطور فقر الدم الخبيث ببطء على مدى سنوات، , وبمجرد أن تنخفض مستويات الفيتامين بشكل كبير، تبدأ الأعراض في الظهور، وتتضمن أشهرها: [2]

• التعب والإرهاق المستمر.
• ضيق التنفس.
• الدوخة.
• فقدان الشهية.
• اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل الإسهال أو الإمساك.
• الشعور بالدوار عند الوقوف أو التحرك.
• شحوب الجلد أو اصفراره.
• حرقة المعدة.
• تورم اللسان مع ملمس ناعم أو ظهور بقع حمراء، وقد يكون مصحوبًا فقدان حاسة التذوق (التهاب اللسان).

وعلى المدى الطويل قد يُسبب نقص فيتامين ب12 تضرر الأعصاب ومشاكل أخرى، تتضمن: [2]

• ضعف الذاكرة قصيرة المدى.
• مشاكل في التوازن.
• حُرقة في الساقين أو القدمين، يزداد سوءًا ليلًا.
• الاكتئاب.
• صعوبة في التركيز والتشوش الذهني.
• برودة اليدين والقدمين.
• هلوسات بصرية أو سمعية.
• مشاكل في البصر.

يعتمد تشخيص فقر الدم الخبيث على التاريخ الطبي (الأعراض، النظام الغذائية، والأدوية المُستخدمة)، والفحص السريري، واختبارات الدم لتحديد مستويات فيتامين ب12 وبعض الفحوصات الأخرى المرتبطة به، مثل:

• فحص الدم الشامل (CBC):

يفحص قوة الدم، أي مستوى الهيموغلوبين الذي تشير انخفاض مستوياته عن الحد الطبيعي إلى الإصابة بفقر الدم (الأنيميا)، كما يقيس حجم وشكل كريات الدم الحمراء، حيث يكونان غير طبيعيين في حالة فقر الدم الخبيث.

• فحص فيتامين ب12:

يقيس نسبة فيتامين ب12 في الدم، حيث يُشير مستوى 200 أو أقل إلى نقص فيتامين ب12.

• عد الخلايا الشبكية (بالإنجليزية: Reticulocyte count):

يحدد عدد كريات الدم الحمراء غير الناضجة في الدم، ويقيّم كفاءة عمل نخاع العظم في إنتاجها.

• فحص LDH:

ارتفاع مستويات هذا الإنزيم قد يكون علامة على فقر الدم الخبيث.

• فحص مستويات الهوموسيستين (Homocysteine) وحمض MMA:

ارتفاع أي منهما قد يشير إلى فقر الدم الخبيث.

• اختبار الأجسام المضادة للعامل الداخلي (IF) وخلايا المعدة:

وجود هذه الأجسام المضادة قد يشير إلى احتمالية فقر الدم الخبيث.

• فحص الحديد وحمض الفوليك:

للتمييز بين فقر الدم الخبيث وأنواع أخرى من فقر الدم.

• فحوصات إضافية:

مثل تنظير المعدة (بالإنجليزية: Endoscopy)؛ لفحص بطانة المعدة.

يُعد علاج فقر الدم الخبيث بسيطًا في معظم الحالات، ويعتمد بشكل أساسي على حقن أو أقراص فيتامين B12 لتعويض النقص، ورفع إنتاج كريات الدم الحمراء السليمة: [4]

• في الحالات الشديدة، قد يوصي الطبيب بجرعات من حقن فيتامين B12 تُعطى في العضل يوميًا أو أسبوعيًا حتى تعود مستويات الفيتامين إلى طبيعتها، بعدها جرعة واحدة شهريًا للحفاظ على المستويات الطبيعية.
• في الحالات الخفيفة، يمكن استخدام حبوب فيتامين B12 بجرعات عالية.

تبدأ أعراض فقر الدم الخبيث في التحسن خلال أيام قليلة من بدء العلاج، ومعظم الأشخاص يحتاجون إلى استخدام فيتامين B12 مدى الحياة؛ للحفاظ على قوة الدم، والجهاز العصبي، ومنع المضاعفات. [4]

مع العلاج المناسب، يمكن للأشخاص المصابين بفقر الدم الخبيث أن يستعيدوا صحتهم، ويعيشوا حياة طبيعية، وها هي أهم النصائح للتعايش مع المرض: [3][5]

• يحتاج معظم المصابين إلى علاج مدى الحياة لتعويض نقص فيتامين ب12، لذا من المهم الالتزام بالجرعات المحددة من الطبيب.
• يجب زيارة الطبيب بانتظام؛ لإجراء فحوصات دورية لمراقبة مستويات فيتامين ب12، والتأكد من استجابة الجسم للعلاج.
• قد يقوم الطبيب بتعديل العلاج وفقًا للحالة الصحية، واختلاف الظروف.
• إلى جانب العلاج، يُنصح بتناول الأطعمة الغنية بفيتامين ب12، مثل:
• اللحوم، مثل الكبد، واللحم البقري، والدواجن، والأسماك.
• البيض ومنتجات الألبان، مثل الحليب، والزبادي، والجبن.
•  الأطعمة المدعمة بفيتامين ب12، مثل حبوب الإفطار المدعّمة، وحليب الصويا، والبرغر النباتي.

لا يمكن منع الإصابة بفقر الدم الخبيث تمامًا، لكن يمكن استشارة الطبيب في حال إصابة أحد أفراد العائلة به، أو الإصابة بأحد اضطرابات المناعة الذاتية الأخرى؛ للمساعدة على الكشف المبكّر إن وجد. [3]

في حال عدم تلقي العلاج، قد يؤدي فقر الدم الخبيث إلى مضاعفات صحية خطيرة، منها: [2]

• زيادة خطر الإصابة بسرطان المعدة.
• هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور، خاصة في الظهر، ,الفخذ العلوي، والساعد العلوي.
• مضاعفات في الدماغ والجهاز العصبي، وقد تصبح دائمة بمرور الوقت.

[1] Ruth Jessen Hickman, MD. What Is Pernicious Anemia?. Retrieved on the 8th of February, 2025.

[2] Kathryn Whitbourne. What Is Pernicious Anemia?. Retrieved on the 8th of February, 2025.

[3] Cleveland Clinic. Pernicious Anemia. Retrieved on the 8th of February, 2025.

[4] Hematology-Oncology Associates. How is Pernicious Anemia Treated?. Retrieved on the 8th of February, 2025.

[5] Hematology-Oncology Associates. Living With Pernicious Anemia. Retrieved on the 8th of February, 2025.