تعد السمنة مشكلة صحية متزايدة الانتشار في جميع أنحاء العالم، وهناك نوع خاص من السمنة يوليه هذا المقال اهتمامًا، ويلقي عليه الضوء وهو السمنة الهرمونية. يمكن أن تكون هذه الحالة التي تعتمد على التوازن الهرموني في الجسم، سببًا رئيسيًا لزيادة الوزن والمشكلات الصحية المرتبطة به.
يقوم هذا المقال بطرح العوامل الهرمونية التي تلعب دورًا في تفاقم مشكلة السمنة الهرمونية.
محتويات المقال
ما هي السمنة الهرمونية؟
تتفاوت أسباب زيادة الوزن من شخص لآخر، وفي بعض الأحيان يمكن أن تكون هناك زيادة في الوزن دون وجود أسباب واضحة. يمكن أن يكون هذا التغيير في الوزن مرتبطًا بتقلبات في مستويات الهرمونات داخل الجسم، ويعد هذا التأثير الهرموني من العوامل المهمة التي تلعب دورًا في عملية اكتساب الوزن وفقده، والتي تحدث بشكل طبيعي في أجسامنا. [1]
تؤثر التغيرات في مستويات الهرمونات بشكل كبير على وظائف الجسم الأساسية، بما في ذلك الطريقة التي يتم بها تخزين الدهون وحرقها. وعلى الرغم من أن زيادة الوزن الناتجة عن هذه التقلبات الهرمونية يمكن أن تؤثر في كل من الرجال والنساء، إلا أن توزيع الدهون في الجسم يظهر فروقًا بين الجنسين. وعند مواجهة السمنة الهرمونية، يصبح من الضروري البحث عن السبب الجذري وعلاج المشكلة الصحية الأساسية التي أدت إلى اضطراب مستويات الهرمونات. [1]
اقرأ أيضًا: ما هي أسباب السمنة وزيادة الوزن؟
ما هي الهرمونات التي تسبب زيادة الوزن؟
يقوم نظام معقد من الغدد، يعرف باسم الجهاز الهرموني، بإفراز الهرمونات في دمائنا. وهي مواد كيميائية تقوم بإرسال إشارات ورسائل عند انتقالها عبر الجسم، بهدف ضبط العمليات الحيوية في الجسم. وتعد هذه الهرمونات أحد العوامل التي تؤدي دورًا في الإصابة بالسمنة. فهي تؤثر بشكل مباشر على الشهية وعمليات الأيض في الجسم. [2]
ويمكن لزيادة أو نقصان إفراز هذه الهرمونات أن يؤدي إلى السمنة الهرمونية. وعلى الصعيد الآخر، يمتلك الأشخاص الذين يعانون من السمنة مستويات مرتفعة من هذه الهرمونات التي تشجع على اضطرابات في عملية الأيض وتراكم الدهون في الجسم. [2]
ومن الهرمونات التي تؤثر على الوزن وقد تسبب السمنة:
الإنسولين
يتم إنتاج الإنسولين في البنكرياس، ويلعب دورًا بالغ الأهمية في تنظيم عمليات أيض الكربوهيدرات والدهون في جسم الإنسان. ويعد الإنسولين من أهم الهرمونات التي تؤثر في مستويات السكر في الدم، وتساهم في تنظيم استهلاكه من قبل الأنسجة المختلفة في الجسم، مثل العضلات والكبد وخلايا الدهون. وتكمن أهمية هذه العملية في ضمان توفر الطاقة اللازمة للأنشطة اليومية والحفاظ على مستويات طبيعية من السكر في الدورة الدموية. [2] [3]
ويحدث خلل في استجابة الأنسجة للإنسولين في حالة الإصابة بالسمنة يسمى هذا الخلل بمقاومة الإنسولين، مما يجعل أخلايا الجسم غير قادرة على التحكم الفعَّال في مستويات السكر في الدم وبالتالي ارتفاعه. ترتبط مقاومة الإنسولين ارتباطًا وثيقًا بالسمنة، كما أن مقاومة الإنسولين قد تتطور لاحقًا إلى حالات أكثر خطورة مثل داء السكري من النوع الثاني، ومتلازمة الأيض الغذائي، وأمراض القلب. [2] [3]
اقرأ المزيد: أطعمة لخفض السكر في الدم
الليبتين
يتم إفراز الليبتين من قبل الخلايا الدهنية بكميات تتناسب مع وزن الجسم، وهو هرمون يلعب دورًا مهمًا في تنظيم الشهية وإدارة مخزون الدهون في الجسم، إذ أنه معروف بهرمون الشبع. وينتقل هذا الهرمون في الدم، ويتفاعل مع مستقبلاته في الدماغ، حيث يعمل على تقليل الشهية لدى الشخص وتقليل رغبته في تناول الطعام. بالإضافة إلى ذلك، يلعب دورًا في تنظيم كيفية تخزين الجسم للدهون. [3] [4]
وتكون مستويات الليبتين عادةً أعلى عند الأشخاص الذين يعانون من السمنة مقارنةً بأولئك الذين يتمتعون بوزن طبيعي، إلا أن الذين يعانون السمنة غالبًا ما يظهرون عدم حساسية ومقاومة لتأثيرات اللبتين. ونتيجةً لذلك، فإنهم لا يشعرون بالشبع أثناء وبعد تناول الوجبات، مما يؤدي بهم إلى تناول المزيد من الطعام واكتساب المزيد من الوزن. [3] [4]
الجريلين
يعرف هرمون الجريلين أيضًا باسم هرمون الجوع، ينتج في الجهاز الهضمي وله دور أساسي في زيادة الشهية، أي إنه يعاكس في عمله عمل هرمون الليبتين. ويؤثر هرمون الجريلين على الغدة النخامية؛ مما يعمل على تحطيم الدهون ودعم نمو العضلات. وترتفع مستويات الجريلين عادة قبل تناول الطعام وأثناء الصيام، مما يسبب الشعور بالجوع، وتنخفض مستوياته بعد تناول الوجبة. [1] [3]
وتكون مستويات هرمون الجريلين لدى الأشخاص الذين يعانون السمنة أقل من الأشخاص النحيفين، إلا أنهم بالرغم من هذا قد يكونون أكثر حساسية لتأثيراته، وهذه الحساسية قد تؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام؛ مما يسبب السمنة الهرمونية. [1] [3]
هرمون النمو
يتم إنتاج هرمون النمو من الغدة النخامية في الدماغ، ويلعب هذا الهرمون دورًا هامًا في نمو الشخص، ويحدد طوله ويسهم في عمليات بناء العظام والعضلات. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر هرمون النمو على عملية الأيض وحرق الدهون في سبيل الحصول على الطاقة، ويلاحظ أن مستويات هرمون النمو تكون أقل في الأشخاص الذين يعانون السمنة بالمقارنة مع الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
يعزى ذلك إلى الفروق في وظيفة الغدة النخامية لدى هؤلاء الأشخاص. قد تكون لتلك الفروق في مستويات هرمون النمو تأثيرات متعددة على الصحة والتوازن الغذائي للأفراد. [2] [4]
الهرمونات الجنسية
يؤثر هرمون الإستروجين على توزيع الدهون في الجسم، والإستروجين هو هرمون جنسي يتم إنتاجه في المبيضين لدى النساء قبل انقطاع الطمث، وهو المسؤول عن تحفيز عملية الإباضة خلال الدورة الشهرية، إضافة إلى الأندروجين. وبالنسبة للرجال، يتم إنتاج الأندروجين بكميات كبيرة في الخصيتين. [2]
ينخفض إنتاج هذه الهرمونات لدى الرجال والنساء تدريجياً مع التقدم في العمر إذ تتوقف أجسامهم عن إنتاج كميات كبيرة من الإستروجين والأندروجين في الخصيتين أو المبيضين. وبدلاً من ذلك، يتم إنتاج هذه الهرمونات بكميات أقل بكثير في دهون الجسم. وتميل النساء الأصغر سنًا إلى تخزين الدهون في مناطق الجسم السفلية، بينما تميل النساء بعد انقطاع الطمث والرجال إلى زيادة تخزين الدهون حول منطقة البطن. [2]
ويلعب توزيع الدهون في الجسم دورًا حاسمًا في تطور الحالات الصحية المرتبطة بالسمنة، مثل أمراض القلب، والسكتة الدماغية، وبعض أشكال التهاب المفاصل، كما يرتبط بشكل مباشر بانخفاض مستويات الهرمونات الجنسية؛ مما يؤدي إلى السمنة الهرمونية. [2]
هرمونات أخرى
تؤدي التغيرات في مستويات بعض هرمونات الجسم الأخرى إلى ما يعرف بالسمنة الوراثية، ومن الهرمونات التي تسبب السمنة إلى جانب ما سبق ذكره: [3]
- هرمون الكورتيزول (بالإنجليزية: Cortisol).
- هرمون الببتيد العصبي Y (بالإنجليزية: Neuropeptide Y).
- هرمون الببتيد YY (بالإنجليزية: Peptide YY).
- هرمون الببتيد المشابهة للجلوكاجون – 1 (بالإنجليزية: Glucagon-like peptide-1).
- هرمون الكوليسيستوكينين (بالإنجليزية: Cholecystokinin).
نصيحة الطبي
تعتمد مشكلة السمنة الهرمونية على توازن الهرمونات في الجسم وقد تكون سببًا رئيسيًا للمشكلات الصحية المترتبة عليها. ويؤدي التأثير الهرموني إلى اختلالات في تخزين وحرق الدهون وزيادة الشهية. ومن الهرمونات المسؤولة عن هذه الظواهر الإنسولين، واللبتين، والجريلين، وهرمون النمو، والهرمونات الجنسية وغيرها. وينصح الطبي بمعالجة السبب الجذري لهذه الاضطرابات الهرمونية للتحكم في مشكلة السمنة والحفاظ على صحة الفرد.