فقر الدّم الخبيث هو داء تتشكّل فيه كريّات الدمِّ الحمراء على نحو شاذ، بسبب عدمِ القدرة على ِامْتِصاص الفيتامينB12 ( سيانوكوبالامين). ويرجع سبب فقر الدّم الخبيث الحقيقي تحديداً إلى اضطراب الخلايا الجدارية الضامِر الذي يُؤدّي إلى عامل دَّاخِلِيّ غائب مما يُؤدّي إلى عدمِ القدرة على اِمْتِصاص الفيتامينB12 ( سيانوكوبالامين). الوصف يلعب كل من الفيتامينB12 ( سيانوكوبالامين) أَو الكُوبالاَمين دوراً مهماً في نمو كريّات الدمِّ الحمراء. وهي تتواجد بكميات هامّة في الكبد واللحوم واللبن مُنتَجات اللب والبقوليّات. وأثناء هضم الأطعمةِ المحتوي على الفيتامينB12 ( سيانوكوبالامين) يُصبح الفيتامينB12 ( سيانوكوبالامين) مرتبطاً بمادة تدعى العامل الدّاخلي. ويتم إنتاج هذا العامل الدّاخلي بواسطة الخلايا الجدارية التي تبطّن المعدة. وفيما بعد يدخل مُعَقَّد العاملِ الدّاخلي وفيتامينB12 إلى الأمعاء، حيث يتم امتصاص الفيتامين في مجرىِ الدمّ. وفي الواقع، يُمكن امتصاص الفيتامينB12 فقط عندما يكون مرتبطاً بالعامل الدّاخلي. في فقر الدّم الخبيث، تتوقف الخلايا الجدارية عن إنْتاج العاملِ الدّاخلي. وبالتّالي تكون لأمعاء غير قادرة تماماً على إِمْتِصاص الفيتامينB12. لذلك يُخرج الفيتامين مِنْ الجسم كفَضَلاَت. وبالرغم من أن الجسم يحوي كميات هامّة مَخْزُونة من الفيتامينB12، إلا أنها في النهاية سَتُستَهلك. وعندها، فإنّ أعراض فقرِ الدّم الخبيث ستتنامى. إنّ فقر الدّم الخبيث هو الدّاء الأكثر شيوعاً بين الناس مِنْ شمال أوروبا وبين الأمريكان الأفريقيين. وكثيراُ ما تكون نسبته أقلّ بكثير بين الناس مِنْ جنوب أوروبا وآسيا. يَحْدث فقرُ الدّم الخبيث بأعداد متساوية لدى الرجال والنِساء. وأغلب لمرضى فقر الدّم الخبيث هم الكبار بالسّن، عادة يزيد سنّهم عن 60عاماً. وأحياناً قد يكون لدى الطفل حالة مَوْرُوثة تؤدّي إلى عامل دّاخلي مَعيب. و يَبْدو أنّ فقر الدّم الخبيث يسريّ في العائلات، وبذلك فإنّ أي شخص لديه قريب مشخّص بالمرض يكون عنده إحتماليّة في أنّ يتنامى المرض لديه أيضاً.
يتم إنتاج العامل الدّاخلي بواسطة خلايا مُتَخَصّصة داخل المعدةِ تُدعى الخلايا الجدارية. وحينما تَنكمش هذه الخلايا الجدارية في الحجمِ (ضمور) فإنّها تُنتج العامل الدّاخلي بنسبة أقلّ فأقل. وأخيراً، تتوقّف الخلايا الجدارية عن القيام بوظيفتها. وتقل أيضاً المُنتَجات المهمة الأخرى التي تُنتجها الخلايا الجدارية، بما في ذلك حمض المعدة والإنزيم الذي يشترك في هضم البروتين. يَبْدو أنّ الناس المصابين بفقر الدّم الخبيث لديهم فرصة أكبر لأن يصبح لديهم حالات معيّنة أخرى. وتَتضمّن هذه الحالات اِضطرابات مَناعِيّة ذاتِيّة، تحديداً تلك التي تُصيب الغدّة الدرقّية و الدُّرَيقَة (الغُدَّةُ المُجَاوِرَةُ للدَّرَقِيَّة) و الكُظْران. ويُعتقد بأنّ جهاز المناعة، يكون فعليّاً خارج عن السيطرة في مثل هذه الأمراض و يُصبح بشكل خاطئ موجّهاً ضدّ الخلايا الجدارية. وفي النهاية، تَبْدو الخلايا الجداريةَ كأنّها مدمّرة من تأثيرات جهاز المناعة. وكما لوحظَ فإنّ فقرَ الدّم الخبيث الحقيقي يرجع تحديداً إلى إضطراب الخلايا الجداريةِ الضامرة الذي يُؤدّي إلى عامل الدّاخلي غائب مما يقود إلى عدمِ القُدرة على إمتصاص الفيتامين B12. وعلى أية حال، يوجد هناك حالات أخرى ذات علاقة تُؤدّي إلى الإمتصاصِ المنقوص للفيتامين B12. هذه الحالات تُسبب الأنواع ذاتها من الأعراض كفقر الدّم الخبيث الحقيقي. وتشمل الحالات الأخرى التي تَتدخّل في إمّا إنتاج العاملِ الدّاخلي أَو إستفادة الجسم من الفيتامين B12 الحالات التي تَتطلّب إزالة جراحية للمعدة أَو التَسَمّم بموادِ أَكَّالة تدمّر بطانة المعدة. يُمْكِنُ أَنْ تُؤدّي بَعْض العيوبِ الهيكليةِ للجهاز المعويِ إلى فرط النموّ للجراثيم الطبيعية. حيث تَمتصّ هذه الجراثيم الفيتامين B12 لذاتها، للإستفادة منه في نموّها الخاص. الديدان المعوية خصوصاً المسمّاة شَريطِيَّة السَّمَك ؛العَوْساءُ العَريضَة) قَدْ تستخدم أيضاً الفيتامين B12 مما يُؤدّي إلى فقرّ الدّم. يوجد هناك حالات مُخْتَلِفة تصيب الجزءِ الأولِ من الأمعاء (اللفائفي)، الذي منه يُمتص الفيتامين B12، يُمْكِنُ أَنْ تُسبّبَ فقر الدّم أيضاً نتيجة عوز الفيتامين B12. وتَتضمّن هذه الاِضطراباتِ المتعلقة باللفائفي الذَرَبٌ المَدارِيّ و داء هوِيبل و داءُ كرون و السُلّ، و مُتَلاَزِمَة زولينجَر-إيليسون (فرط إفراز حمض المعدة بسبب ورم الغاسترين). تصيب أعراض فقر الدّم الخبيث وعوز الفيتامين B12 ثلاثة مِنْ أجهزة الجسم: الجهاز الذي يشترك في تكوين كريّات الدّم (الجُمْلَةُ المُكَوِّنَةُ للدَّم) و الجهاز الهَضْمِيّ و الجهاز العصبي. تتأذّى الجُمْلَةُ المُكَوِّنَةُ للدَّم لأن الفيتامين B12 يكون مطلوباً للتكوين الصحيح لكريّات الدمِّ الحمراء. وبدون الفيتامين B12 يكون إنتاج كريّات الدمّ الحمراء منخفض كثيراً. وتُنتج هذه الكريّات الدّموية الحمراء بحجم كبير وشكل شاذّ. ولأن كريّات الدمِّ الحمراء مسؤولة عن حْمل الأوكسجين حول الجسم، فإنّ نقص عددها يؤدّي إلى عدد مِنْ الأعراض، تشمل التعب و الدوخة و رنين في الأذنين و جلد شاحب أَو مصفّر و معدّل نبضات قلب سريع و تضخّم في القلب مع صوت قلب شاذِّ (نَفْخَة ) تكون واضحة بالفحص وألم في الصدر.
تتضّمن الأعراض التي تصيب الجهاز الهضمي لسان أحمر متوهّج و مُؤْلِم و فقدان الشهية و نقص في الوزن و إسهال وتَشَنُّج بطني. يتأثّر الجهاز العصبيَ بشدَّة عندما لا يتم معالجة فقرِ الدّم الخبيث. وتَتضمّن الأعراضُ نَمَل (اِخْدِرار) و نَخْز،أَو حَرِقَ في الذراعين والساقين و اليدين والقدمين، و ضعف اعضلي؛ و صعوبة و فقدان الإتّزان عند المشي؛ وتغيّرات في ردّودِ الأفعال؛ و هَيوجِيَّة و إرتباك وكآبة.
يتم التشخيص بفقر الدّم الخبيث عندما يكشف فحص الدمّ عن كريّات دمّ حمراء كبيرة على نحو شاذ. والعديد مِنْ هذه الكريّات أيضاً يكون شاذ الشكل. الأسبق، وأولاً تكون الأشكالِ النّاضجة من كريّات الدمِّ الحمراءِ (الخَلايا الشَبَكِيَّة) منخفضةَ في العدد أيضاً. والكريّات وصفائح الدّم البيضاءِ لَرُبَّمَا تكون منقوصة العدد كذلك. وستكون قياسات كميّة الفيتامينB 12 منخفضة في مجرى الدمّ. وحينما تُجرى هذه التحديدات، سَيَكُون من المهم تَشخيص سبب فقر الدم. حيث فقرَ الدّم الخبيثَ الحقيقي يعني أنّ الخلايا الجدارية للمعدة ضامرة، الأمر الذي يُؤدّي إلى إنتاجِ المنقوص مِنْ العاملِ الدّاخلي. ويُعدّ هذا التشخيص عن طريق اخْتِبار شيلينغ (للامتصاص الهضمي للفيتامين B12). حيث في هذا الإختبار يُعطى المريض ال B12 بموجب مجموعتين مختلفتين مِنْ الحالات: مرّة لوحده، ومرّة مرتبطاً بالعاملِ الدّاخلي. وطبيعيّاً، يتم إمتصاص الكميات الكبيرة من فيتامين B12 من خلال الأمعاء، ثمّ يتوزّع عبر الدمِّ ويَدْخلُ الكِلى، حيث كمية معينة من ال B12 تخرج فيما بعد في البول. عندما يكون لدى المريض فقر الدّم الخبيث، فإنّ الجرعة من ال B12 المُعطاة لوحدها لَنْ تُمتَصّ من الأمعاء، لذلك فهي لَنْ تمرّ إلى البول. وبالتالي، فإن مستويات ال B12 في البول سَتَكُون منخفضة. وحينما يُعطى ال B12 سويّة مع العامل الدّاخلي ستكون الأمعاء قادرة على إِمْتِصاص الفيتامين وبذلك تكون مستويات ال B12 في البول عاليّة.
تَتطلّب معالجة فقرِ الدّم الخبيث إعطاء حُقَن طِوَالَ العُمْر من الفيتامينُB12 ( سيانوكوبالامين). يُعطى الفيتامينُB12 ( سيانوكوبالامين) بحقنة تَدْخل مجرى الدمّ مباشرة، ولا تتطلّب عاملاً داخليّاً. وفي باديء الأمر، قَدْ يكون من الضَّرُوري إعطاء الحُقنة مرّات عديدة في الأسبوع من أجل زيادة مخازين كافية مِنْ الفيتامين. بعد ذلك، يُمْكِن أَنْ تُعطي الحُقنة على أساس شهري. وقد يُتطلّب إعطاء مواد أخرى لإنتاجِ كريّات الدمّ وهي الحديد و الفيتامينُ C ( حَمْضُ الأَسكوربيك).
عندما تتأجّل التشخيص والمعالجة لوقت طويل قد تصبح بعض أعراضِ الجهاز العصبي دائمة. تكون المراقبة الحذرة ضرورية، حتى حينما تتحسّن جميع أعراض الاضطراب الأصليّ ، وذلك لأن خطراً متزايداً مِنْ الإصابة بسرطان المعدة قد لوحظَ في مرضى فقر الدّم الخبيث.
يتألف طاقم الطبي من مجموعة من مقدمي الرعاية الصحية المعتمدين، من أطباء، صيادلة وأخصائيي تغذية. يتم كتابة المحتوى الطبي في الموقع من قبل متخصصين ذوي كفاءات ومؤهلات طبية مناسبة تمكنهم من الإلمام بالمواضيع المطلوبة منهم، كل وفق اختصاصه. ويجري الإشراف على محتوى موقع الطبي من قبل فريق التحرير في الموقع الذي يتألف من مجموعة من الأطباء والصيادلة الذين يعتمدون مصادر طبية موثوقة في تدقيق المعلومات واعتمادها ونشرها. يشرف فريق من الصيادلة المؤهلين على كتابة وتحرير موسوعة الأدوية. يقوم على خدمات الاستشارات الطبية والإجابة عن أسئلة المرضى فريق من الأطباء الموثوقين والمتخصصين الحاصلين على شهادات مزاولة معتمدة، يشرف عليهم فريق مختص يعمل على تقييم الاستشارات والإجابات الطبية المقدمة للمستخدمين وضبط جودتها.