يمثل اضطراب ثنائي القطب تحدياً صحياً كبيراً يؤثر على جودة حياة الأفراد على مستويات عدة، ومنها جودة النوم بشكل كبير. حيث يتسبب هذا المرض، الذي يتميز بتقلبات كبيرة في المزاج وتغييرات في الطاقة والنشاط، في إحداث تأثيرات معتبرة على النوم وأنماطه.

والعلاقة معقدة جدًا بين اضطراب ثنائي القطب والنوم؛ لأن كلاً منها يؤثر بشكل مباشر على الآخر، لأن النوم يؤدي دورًا مهمًا في تحقيق التوازن العاطفي والنفسي للأفراد الذين يعانون من هذا الاضطراب.

يوضّح هذا المقال العلاقة والارتباط بين اضطراب ثنائي القطب والنوم، مع التركيز حول كيفية تأثير هذا الاضطراب على النوم، وكيف يمكن أن يتداخل التحسين في نوعية النوم في التحسين من إدارة المرض وجودة حياة الأفراد.

ما العلاقة اضطراب ثنائي القطب والنوم؟

يعاني الكثير من الأفراد المصابين باضطراب ثنائي القطب من مشاكل النوم المتكررة. تعتبر هذه التحديات عاملاً رئيسيًا يؤثر في جودة حياتهم وفعاليتهم اليومية وتطور حالتهم. وتبيّن أن أنماط النوم تمثل دورًا حاسمًا في تقلبات مرض ثنائي القطب، حيث يتسبب الهوس والهوس الخفيف في تقليل الحاجة للنوم.

وقد يجد الأشخاص في هذه الحالات صعوبة في النوم أو الاستمرار في النوم. بينما يُعتبر الكسل المفرط أو النوم لساعات طويلة فوق المعدل الطبيعي ظاهرة شائعة بين الأفراد الذين يمرون بحالات الاكتئاب. [1]

تعود المشاكل المتعلقة بالنوم والمرتبطة باضطراب ثنائي القطب إلى اضطراب إيقاع الساعة البيولوجية للشخص، والذي يتحكم في عمليات مثل تنظيم الحرارة، الهرمونات، المزاج والنوم. فعندما يتوقف أو يتباطأ هذا الإيقاع، يعاني الشخص من تغيرات في حاجته للنوم، مما يتسبب في اضطرابات مزاجية. [1]

اقرأ المزيد: ما العلاقة بين النوم والصحة النفسية؟

مشاكل النوم التي يسببها اضطراب ثنائي القطب

يمكن أن يسبب اضطراب ثنائي القطب مشاكل النوم في أي من حالات تقلب المزاج التي يمر بها المريض، ومن هذه المشاكل [1] [2]

  • مشاكل النوم المتنوعة: يعاني الأفراد الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب العديد من مشاكل النوم، منها الكوابيس، صعوبات في البدء أو الاستمرار في النوم، والنوم غير الكافي.
  • الأرق: يُعتبر مشكلة شائعة، وقد يُسهم في تدهور الحالة الصحية للمصابين باضطراب ثنائي القطب.
  • زيادة النوم: يعاني ما نسبته 78% من المصابين بالاضطراب من زيادة في فترات النوم وبالأخص عند المرور بحالة الاكتئاب.
  • قلة النوم: تحدث خلال فترات الهوس والهوس الخفيف، وقد تُشعل الشرارة لبدء حالات تغير المزاج.
  • تأخر فترة النوم: تُسبب التعب خلال النهار نتيجة لتأثيرها على الدورة اليومية للنوم واليقظة.
  • عد انتظام النوم: والتي قد تُسبب إرهاقًا شديدًا وتعكّر مزاج للأشخاص المصابين بالاضطراب.

يُعتبر الحفاظ على روتين نوم ثابت أمرًا حاسمًا لتجنب التأثير السلبي لتلك المشاكل على المصابين بالاضطراب، مع الأخذ في الاعتبار أن تحقيق هذا قد يحتاج إلى تدابير ووسائل دعم خاصة تُراعي تحديات هذه الحالة الصحية المُعقدة. [1]

اقرأ أيضًا: طرق علاج اضطراب ثنائي القطب بالطب البديل

عندي اكتئاب : الأشياء اللي كانت تسعدني ما صارت تسعدني و ما صرت احب اجتمع بأصحابي وفاقد الشغف وعندي رهاب اجتماعي أتعرق واتلخبط بالكلام وفرط بالتفكير وأكثر يؤلمني جهازي الهضمي عندما أتوتر يجيني مغص قوي أنا على هذه الحال ٥ سنوات

مشاكل النوم قد تزيد من اضطراب ثنائي القطب

تسلط مشاكل النوم الضوء على علاقتها المعقدة مع اضطراب ثنائي القطب، حيث تعتبر ليست مجرد أعراض، ولكن قد تعمل كعامل محفز لحالات الهوس وتقلبات المزاج المرتبطة بالمرض.

يوجد ما نسبته 25% إلى 65% من المرضى الذين عانوا من حالة هيجان وهوس قد تعرضوا لاضطراب في النوم أو مشاكل متعلقة به قبل حدوث الحالة، حيث يمكن أن المشكلة بسيطة كالبقاء في حالة استيقاظ لفترة متأخرة من الليل، أو مشكلة أكبر كانعدام النوم نتيجة حالة مرضية خطيرة. [2]

استراتيجيات تحسين النوم للتعامل مع اضطراب ثنائي القطب

يمكن التحكم في أعراض الحالات المزاجية لمرضى اضطراب ثنائي القطب من خلال الحصول على نوم كاف، إذ يعتبر تحسين الروتين اليومي للنوم خطوة مهمة لتقليل الأعراض المتعلقة بالاكتئاب والهوس المرتبطين بالاضطراب. ويمكن اتباع هذه الاستراتيجيات لتحسين النوم وبالتالي التخفيف من أعراض اضطراب ثنائي القطب: [3]

  • التحقق من تأثيرات الأدوية على النوم: يتطلب الأمر مناقشة الطبيب حول الأدوية المستخدمة لعلاج اضطراب ثنائي القطب، وتقديم تعديلات محتملة للحد من الآثار الجانبية المتعلقة بالنوم. مثلاً، التوصيات قد تشمل تناول الأدوية التي تسبب النعاس في الليل بدلاً من النهار.
  • الالتزام بجدول نوم ثابت: تحقيق الاستقرار في النوم عن طريق الالتزام بأوقات نوم واستيقاظ ثابتة يمكن أن يُحسن من الإيقاع البيولوجي، ويزيد من فرص الحصول على نوم هادئ؛ وبالتالي التحكم في الحالات المزاجية.
  • مراقبة أنماط النوم: يُفضل تتبع سجل يومي للنوم لتحليل الأنماط والمشاكل التي قد تكون موجودة، وتؤثر على نوعية النوم، والانتباه في حال تسببت هذه المشاكل في أي تغيرات في المزاج، أو أدت إلى إثارة نوبات الهوس.
  • تجنب المواد المحفزة والأنشطة المثيرة قبل النوم: تضمن استعدادات النوم تقليل التعرض للضوء القوي والأنشطة الحيوية والمواد المحفزة قبل النوم.
  • استخدام العلاج بالضوء الساطع في الصباح: يُظهر العلاج بالضوء الساطع فعالية في تحسين أنماط النوم، وقد يكون جزءاً من استراتيجية إدارة النوم عند استخدامه بشكل صحيح وفقا لتوجيهات الأطباء المتخصصين في هذا الموضوع.

يمكن أيضًا اتباع نصائح عامة لتحسين النوم والحصول على قسط هادئ من الراحة، ومنها: 

  • التقليل من استهلاك الكحول والكافيين في وقت متأخر من اليوم يمكن أن يحد من التوتر ويسهل النوم.
  • الحفاظ على بيئة هادئة ومظلمة في غرفة النوم وتحديد درجة حرارة مريحة تُفضي إلى نوم عميق ومستقر. 
  • بحث السبل الممكنة مع الشريك لتقليل الشخير أو أية عادات نوم قد تؤثر سلباً على الراحة ليلاً.
  • ممارسة الرياضة بانتظام، مع تجنب القيام بذلك في أوقات متأخرة من اليوم للحفاظ على هدوء الجسم قبل النوم.
  • تجربة تقنيات الاسترخاء لتهدئة الذهن والجسم.
  • التخلي عن استخدام أجهزة التلفاز والكمبيوتر المحمول والهاتف في وقت متأخر لضمان عدم تحفيز العقل بشكل زائد قبل النوم.

اقرا ايضاً :

الوسواس القهري، الاكتئاب، القلق و السيروتونين

نصيحة الطبي

يشكل اضطراب ثنائي القطب والنوم تفاعلًا معقدًا يحتاج إلى فهم وإدارة دقيقة لتحسين جودة حياة المصابين. التعامل مع مشاكل النوم المرتبطة باضطراب ثنائي القطب يتطلب مجهودًا مشتركًا بين الأطباء والمرضى.

وتوفير دعم نفسي واجتماعي وتطبيق استراتيجيات تحسين النوم يمكن أن يساهم بشكل كبير في التخفيف من أعباء الاضطراب. ينصح الطبي بالعمل على تحسين جودة النوم الذي يمكن أن يكون عاملاً محوريًا في تحسين الحالة النفسية والعاطفية للأفراد المصابين بثنائي القطب.