في الماضي كان ينظر إلى القهوة عموما على أنها ضارة بصحة القلب، لكن أشارت الدراسات الحديثة والأكثر دقة إلى أن القهوة ربما لا تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب؛ بل وقد تكون مفيدة في بعض الحالات.
وقد يعود السبب في هذا التناقض إلى أن بعض الدراسات السابقة لم تأخذ عوامل خطر الإصابة بأمراض القلب الأخرى في الاعتبار بشكل كافٍ، مثل قلة التمارين والتدخين. أما الدراسات الحديثة فقد اهتمت بالتحكم في عوامل الخطر هذه، واقترحت هذه الدراسات الحديثة أن القهوة لا تزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب عند تناولها باعتدال.
سنتناول في هذا المقال تأثيرات القهوة والكافيين على القلب والأوعية الدموية.
القهوة وضغط الدم
يعد تأثير القهوة على ضغط الدم مختلطاً، بالنسبة لمن لا يشربون القهوة، يمكن أن يؤدي التعرض الحاد للكافيين إلى ارتفاع ضغط الدم بنسبة تصل إلى 10 ملم زئبق. أما في الأشخاص الذين يشربون القهوة بانتظام، لا يبدو أن تناول الكافيين الحاد يرفع ضغط الدم.
وقد فشلت العديد من الدراسات الكبيرة في إظهار وجود علاقة بين شرب القهوة المزمن وارتفاع ضغط الدم؛ لذلك إذا تم تشخيص إصابتك بارتفاع ضغط الدم، فإنه من المنطقي محاولة الامتناع عن القهوة لمدة محددة لمعرفة ما إذا كان التخلص من القهوة يفيد ضغط الدم لديك.
تم مؤخرا إجراء دراسة لمعرفة أضرار الإسبريسو على القلب وتحديدا على ضغط الدم، حيث راقب الباحثون ضغط الدم ومعدل ضربات القلب لكل متطوع تحت أربعة شروط:
- قبل وبعد شرب ثلاث أكواب من الإسبريسو.
- قبل وبعد شرب قهوة إسبريسو منزوعة الكافيين.
- قبل وبعد تلقي 250 ملغ من الكافيين عن طريق الحقن في الوريد.
- قبل وبعد دواء وهمي في الوريد (محلول ملحي).
وقد بينت الدراسة أنه لم يرفع الإسبريسو ضغط الدم لمن يشربون القهوة بشكل معتاد.
وقد ارتفعت مستويات الكافيين في الدم بنفس الدرجة بعد حقن الكافيين والإسبريسو. لكن الكافيين الوريدي كان له تأثير أقل بكثير على ضغط الدم من الإسبريسو، علاوة على ذلك ، استجاب شاربو القهوة وغير شاربيها بشكل مشابه للكافيين الوريدي.
وهنا كان الإسبريسو منزوع الكافيين الحكم، حيث أثبت أن الاسبريسو لم يرفع من مستويات الكافيين في الدم، لكنه عزز متوسط ضغط الدم الانقباضي لمن لا يشربون القهوة بانتظام.
للمزيد: مخاطر القهوة والشاي على ضغط الدم
القهوة واضطراب نظم القلب
إن الاعتقاد بأن القهوة تسبب عدم انتظام ضربات القلب منتشر بشكل كبير، حتى بين المهنيين الطبيين. وبالفعل، يبدو أنه لا يمكن إنكار أن بعض الناس سيعانون من زيادة في خفقان القلب أو رجفة بعد شرب القهوة. ومع ذلك ، لم تظهر الدراسات أن الكميات المعتدلة من القهوة تزيد من خطر عدم انتظام ضربات القلب.
بل أظهرت الدراسات التي أجريت في بريطانيا أن كل كوب إضافي من القهوة يومياً يقلل من خطر حدوث نوبات عدم انتظام ضربات القلب بنسبة 3%، بالمقارنة مع الأشخاص الذين يشربون القهوة بعدد أكواب أقل وذلك لغاية 5 أكواب.
وما لم تكن أحد الأفراد الذين لاحظوا زيادة واضحة في خفقان القلب بعد شرب القهوة ، يبدو أنه لا يوجد سبب لتجنب تناول كميات معتدلة من القهوة بسبب القلق بشأن عدم انتظام ضربات القلب.
أما عن علاج خفقان القلب بعد شرب القهوة في الأشخاص الذين تسبب القهوة لهم ذلك فإنه يكون بتجنب شرب القهوة والمشروبات الأخرى المحتوية على الكافيين.
القهوة ومرض الشريان التاجي
فشلت العديد من الدراسات الكبيرة في إظهار أي زيادة في خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي (بالانجليزية: Coronary Artery Disease) بين شاربي القهوة، بل على العكس فإنه في النساء قد يكون لشرب القهوة تأثير وقائي.
ولكن، اتضح أن هناك طفرة جينية شائعة إلى حد ما تجعل استقلاب الكافيين بطيئا لدى بعض الأشخاص، حيث يبدو أن خطر الإصابة بمرض الشريان التاجي لدى هؤلاء الأشخاص قد يزداد مع استهلاك القهوة.
ولا توجد معلومات كافية حول الكمية المسموحة لشرب القهوة بعد القسطرة أو حول القهوة ودعامات القلب.
القهوة و الكوليسترول
تحتوي القهوة على مادة تسمى كافيستول (بالانجليزية: Cafestol) يمكنها زيادة مستويات الكوليسترول الضار في الدم.
ومع ذلك، فإن الفلاتر الورقية تزيل هذه المواد الفعالة؛ لذا فإن القهوة المفلترة لا تزيد من مستويات الكوليسترول في الدم.
ومن ناحية أخرى ، يمكن أن يؤدي تناول القهوة غير المفلترة المزمن (مثل القهوة الحلوة) إلى زيادة مستويات الكوليسترول الضار LDL بنسبة تصل إلى 15 مجم / ديسيلتر.
القهوة وقصور القلب
يشير تحليل حديث إلى أن الأشخاص الذين يشربون من 1 إلى 4 أكواب من القهوة يوميا لديهم خطر أقل للإصابة بفشل القلب (بالانجليزية: Heart Failure).
ولكن تفقد هذه الفائدة الواضحة لشرب القهوة عند تناول خمسة أكواب أو أكثر من القهوة يوميا.
القهوة وتصلب الشرايين
في دراسة جديدة نشرت في مجلة (Heart) تبين أن شرب 3-5 أكواب من القهوة يوميا يقلل من خطر تصلب الشرايين وانسدادها.
وقد شملت هذه الدراسة 25,138 من الرجال والنساء متوسط أعمارهم 41.3 عاما غير مصابين بأمراض القلب والأوعية الدموية وخضعوا لفحوصات صحية شملت فحص مستويات الكالسيوم في شرايين القلب الذي يعتبر مؤشراً لأمراض الشرايين التاجية بعلاقة طردية. وقد كان متوسط استهلاك القهوة بين المشاركين 1.8 كوب يوميا.
وضحت نتائج الدراسة أنه في حالة عدم شرب القهوة أو شرب أكثر من خمسة أكواب في اليوم كانت نسبة الكالسيوم في شرايين القلب والتي اتخذها الباحثون وسيلة لتحديد خطر الإصابة بأمراض القلب مرتفعة. وكانت أقل قيمة لنسبة الكالسيوم في الشرايين للأشخاص الذين يشربون القهوة باعتدال أي 3-5 أكواب يومياً وهذا يعني أن هذه الفئة هي صاحبة أدنى معدل إصابة بتصلب الشرايين وانسدادها وما يصاحب ذلك من أمراض.
ضيق التنفس بعد شرب القهوة
إن تناول أكثر من الحد الأقصى الموصى به من الكافيين، وهو 400 ملليغرام يوميا، قد يسبب مشاكل لشخص مصاب بأمراض القلب؛ ذلك لأن المستويات العالية من الكافيين يمكن أن ترفع مؤقتا معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما قد يسبب ضيق التنفس.
قد تكون هذه الزيادة المؤقتة في معدل ضربات القلب نتيجة لتسرع القلب (بالانجليزية: Tachycardia)، مما يتسبب في خفقان قلبك بشكل أسرع من المعتاد أثناء الراحة.
وتتضمن بعض الأعراض الأكثر شيوعا لتسرع القلب ضيق التنفس والدوار وسرعة النبض وألم الصدر وخفقان القلب.
بشكل عام ، لم تدعم الدراسات العلمية الحديثة المخاوف الواسعة الانتشار التي يشعر بها الكثير من الناس بشأن الآثار الضارة المحتملة للقهوة على القلب. يبدو أن تناول القهوة باعتدال في الغالبية العظمى من الناس لا يضر بصحة القلب ، بل قد يكون مفيدا في بعض الحالات.
كما هو الحال مع كل شيء آخر ، فإن الاعتدال هو المفتاح. ومع ذلك ، يبدو أن تناول كوب إلى أربعة أكواب من القهوة يوميا آمن لصحة القلب لدى معظم الأشخاص.