قد يحدث اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة معايشة حدث صادم أو تجربة مؤلمة مثل الحروب، أو الكوارث، أو التعرض للعنف الجسدي أو الجنسي، ويمكن أن تظهر أعراض هذا الاضطراب في غضون أشهر أو سنوات من التعرض للحدث الصادم، ولتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة ينبغي أن تتوافر بعض المعايير في الشخص أبرزها استمرار الأعراض لأكثر من شهر مثل تكرار استعادة الذكريات المؤلمة، ومعايشة التجربة في مخيلته مرارًا وتكرارًا، وتجنب أي شيء يذكره بهذا الحدث المؤلم. [1][2]

يتناول هذا المقال طرق تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة وما تضمه من اختبارات ومعايير لتأكيد التشخيص.

تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة

يعتمد تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة على سلسلة من الخطوات أبرزها أخذ التاريخ الطبي وتقييم الأعراض التي يعاني منها الشخص بناء على معايير محددة، حيث لا توجد أي فحوصات أو اختبارات معملية مخصصة لتشخيص هذا الاضطراب. [3]

تشمل خطوات تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة ما يلي: 

معرفة التاريخ الطبي

تعد أول خطوة في تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة هي معرفة التاريخ الطبي الكامل للمريض عبر طرح بعض الأسئلة عليه ومعرفة الأحداث أو التجارب المؤلمة التي مر بها، وما إذا كان يعاني من حالات طبية أو نفسية أخرى. [3]

إجراء فحص بدني

يجري الطبيب بعد ذلك فحصًا بدنيًا شاملًا للتأكد من عدم معاناة الشخص من حالات طبية كامنة أو إصابات الرأس التي قد تلعب دورًا في ظهور أعراض تتشابه مع علامات اضطراب ما بعد الصدمة، مثل صعوبة التركيز ومشاكل الذاكرة، وغير ذلك، وقد يوصي الطبيب بإجراء بعض الفحوصات أو الاختبارات لاستبعاد هذه الأسباب العضوية. [3][4]

تقييم الأعراض وفقًا لمعايير محددة

يعد من أهم خطوات تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة تقييم العلامات والأعراض التي يعاني منها المريض، ومن ثم مقارنتها بمعايير اضطراب ما بعد الصدمة الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، والذي يتضمن 8 معايير محددة يجب أن تتوافر في الشخص لتأكيد الإصابة بالاضطراب. [1]

فيما يلي نوضح معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة الثمانية

  • التعرض لحدث صادم 

تعد أول معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة هو معايشة الشخص تجربة مؤلمة أو حدث صادم، أو أن يكون شاهدًا عليها بنفسه، أو التعرض غير المباشر عبر معرفة تفاصيل حدث مؤلم أصاب شخصًا آخر. [5] 

ومن أمثلة هذه الأحداث الصامدة: [5][6] 

  • الحروب.
  • الحوادث والكوارث الطبيعية.
  • العنف الجسدي.
  • الاعتداء الجنسي.
  • النجاة من الموت.
  • الأعراض الاقتحامية

يلزم لتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة معاناة الشخص من عرض واحد على الأقل من الأعراض الاقتحامية التي قد تنجم عن التعرض المتكرر لتجارب مؤلمة، ومن هذه الأعراض: [1]

  • سيطرة الذكريات المؤلمة على تفكير الشخص.
  • الشعور بالضيق الشديد عند تذكر الحدث الصادم.
  • المعاناة من أعراض جسدية بمجرد تذكر الحدث الصادم.
  • كوابيس مزعجة.
  • الشعور بتكرار معايشة التجربة المؤلمة مرة أخرى.
  • الأعراض التجنبية

ينبغي أن يتوافر واحد أو أكثر من الأعراض التجنبية لتحقيق معايير التشخيص، ومن هذه الأعراض: [6] 

  • التجنب المستمر للتفكير في الحدث الصادم والذكريات المتعلقة به.
  • تجنب أي شيء يتعلق بالحدث الصادم يمكن أن يذكر الشخص به، مثل بعض الأماكن، أو الأشخاص، أو الأشياء.
  • تغيرات في التفكير والمزاج

تضم معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة معاناة الشخص من عرضين أو أكثر من التغيرات في التفكير والمزاج، مثل: [5]

  • فقدان الذاكرة الانفصالي، وفيه يعاني الشخص من عدم تذكر بعض التفاصيل المتعلقة بالحدث الصادم.
  • الأفكار السلبية والنظرة المتشائمة حول الأمور.
  • عدم القدرة على التفكير بإيجابية.
  • إلقاء اللوم على النفس.
  • نوبات غضب.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة المحببة.
  • الشعور بالوحدة والانفصال عن الآخرين.
  • تغيرات في السلوك والعواطف

تندرج التغيرات في ردود الفعل السلوكية والعاطفية تحت معايير التشخيص أيضًا، حيث تنص هذه المعايير على أن يكون المصاب باضطراب ما بعد الصدمة يعاني من اثنين أو أكثر من الأعراض الآتية: [6]

  • الشعور المستمر بالخطر وفرط اليقظة والتأهب الدائم. [6]
  • سهولة الفزع.
  • السلوك العدواني.
  • السلوك المتهور.
  • صعوبة التركيز.
  • التهيج.
  • اضطراب النوم.
  • مدة الأعراض

تنص معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة الأساسية على أن تكون الأعراض السابقة مستمرة لأكثر من شهر على الأقل. [1]

  • التأثير على الحياة اليومية

تشمل معايير التشخيص أيضًا تأثير الأعراض على قدرة الفرد على أداء المهام اليومية الأساسية والعيش حياة طبيعية. [1]

  • استبعاد الأسباب الأخرى

يعد من شروط تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة التأكد من أن العلامات التي تظهر على الشخص غير ناجمة عن أمراض أخرى، أو تناول أدوية معينة، أو تعاطي المخدرات. [6]

اقرأ أيضًا: ما هي أعراض اضطراب ما بعد الصدمة؟

الاختبارات النفسية

يمكن أن يساهم إجراء بعض الاختبارات النفسية في المساعدة على تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة، وتتضمن هذه الاختبارات ما يلي: [1][2]

  • اختبارات تعتمد على إجراء مقابلات: يتم في هذه الاختبارات إجراء مقابلة مع الشخص تستمر مدة ساعة تقريبًا، وتتضمن طرح أسئلة معينة بهدف تحليل الأعراض التي يعاني منها، وموعد بدايتها، ومدة استمرارها، وكذلك شدتها، ومدى تأثيرها على حياته اليومية.
  • اختبارات تعتمد على الاستبيانات: يستعين الطبيب في هذه الاختبارات بمقاييس أو أدوات تقييم اضطراب ما بعد الصدمة، وهي استبيان يضم مجموعة من الأسئلة يجيب عنها الشخص تفيد في معرفة وتحديد طبيعة الحدث الصادم الذي تعرض له، بالإضافة إلى المساعدة في تحديد ما إذا كان يعاني من الأعراض التي تنص عليها معايير تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة أم لا.

جدير بالذكر أنه يمكن إجراء اختبارات منزلية لاضطراب ما بعد الصدمة تتضمن مجموعة من الأسئلة في حال اشتباه الشخص بأنه يعاني من هذا الاضطراب، ولكن ينبغي معرفة أن هذه الاختبارات لا يمكنها تشخيص المرض، بل تفيد في إرشاد الشخص فيما إذا كان بحاجة لمراجعة طبيب نفسي. [2]

اقرأ أيضًا: أنواع الصدمات النفسية، تعرف عليها

استبعاد الاضطرابات النفسية المشابهة

قد تتداخل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مع اضطرابات نفسية أخرى عديدة؛ لذا يجري الطبيب تقييمًا شاملًا للعلامات والأعراض التي يعاني منها الشخص لاستبعاد الأمراض النفسية الأخرى المحتملة، مثل: [5]

  • اضطراب الكرب الحاد.
  • اضطراب الهلع.
  • اضطراب القلق العام.
  • الاكتئاب الحاد.
  • الاضطرابات الانفصالية.
  • اضطراب تعاطي المخدرات. 

اقرا ايضاً :

(Paroxysmal sleep - نوم انتيابي)

لماذا يصعب تشخيص اضطراب ما بعد الصدمة؟

يوجد مجموعة من العوامل التي قد تعوق اكتشاف إصابة الشخص باضطراب ما بعد الصدمة، ومن أبرزها: [7]

  • تأخر ظهور أعراض اضطراب ما بعد الصدمة حيث قد تظهر لدى البعض بعد مرور فترة طويلة على التعرض للحدث الصادم.
  • اتباع مريض اضطراب ما بعد الصدمة سلوك التجنب والانعزال والخوف من استعادة ذكريات التجارب التي مر بها والتحدث عنها؛ مما يجعله يعزف عن مراجعة الطبيب.
  • سيطرة الشعور بالذنب على الكثير من مرضى اضطراب ما بعد الصدمة وإلقاء اللوم على أنفسهم؛ الأمر الذي يحول دون مراجعة الطبيب وتشخيص اضطراب ما بعد الصدمة.
  • عدم رغبة بعض الأشخاص في التحدث عن التجارب المؤلمة التي تعرضوا لها كونها محرجة بالنسبة لهم فلا يفضلون مشاركتها مع الآخرين.
  • تداخل أعراض اضطراب ما بعد الصدمة مع العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى.
  • عدم توافر الدعم النفسي في بعض المناطق خاصة أماكن الحروب والكوارث.

اقرأ أيضًا: كيفية علاج الصدمة النفسية

نصيحة الطبي

قد يعاني بعض الأشخاص الذين مروا بأحداث صادمة من اضطراب ما بعد الصدمة، ولاكتشاف هذه المشكلة مبكرًا وعلاجها ينبغي على جميع الأشخاص الذين تعرضوا لصدمة نفسية مراجعة طبيب نفسي بمجرد أن تسنح الفرصة لذلك، كما يمكن الاستعانة بالاختبارات المنزلية في توجيه الشخص لطلب المساعدة الطبية.

لا أستطيع النوم لأيام، هل أستطيع أخذ وصفه طبية للنوم وكيف؟