يُعتبر سرطان الكبد من أخطر أنواع السرطان، إذ غالبًا ما يتمّ تشخيصه في مراحل متقدّمة، مما يُقلّل من فرص الشفاء والتعافي، ويترك أثرًا عميقًا في حياة المريض وأسرته. ولا يقتصر التعامل مع هذا المرض على تناول الأدوية أو الخضوع للجراحة فحسب، بل يتطلّب رعاية متكاملة تُعنى بصحة المريض الجسدية والنفسية على حدّ سواء. وهنا يبرز دور الدعم والرعاية في رفع معنويات المريض، وتخفيف آلامه، وبثّ روح الأمل في نفسه خلال مختلف مراحل العلاج. [1]

في هذا المقال، سنتعرّف على أبرز طرق الدعم والرعاية لمرضى سرطان الكبد، ابتداءً من الرعاية التلطيفية والدعم النفسي، مرورًا بأهمية التغذية السليمة، وانتهاءً بدور الأسرة في مساندة المريض وتشجيعه على مواجهة المرض بثقة وأمل. [1]

الرعاية التلطيفية وأهميتها لمرضى سرطان الكبد

خلافًا لما يعتقده الكثيرون، لا تقتصر الرعاية التلطيفية على المرحلة الرابعة من سرطان الكبد، بل يمكن أن يستفيد منها المرضى في أي مرحلة من مراحل المرض. فهي تساعدهم على التعامل مع الأعراض الجسدية والآثار الجانبية للعلاج، وتُحسّن جودة حياتهم بشكلٍ ملحوظ. [7]

وتتضمن العلاج التلطيفي لمرضى سرطان الكبد الآتي: [1][7]

  • استخدام أدوية لتسكين الألم وعلاج الأعراض الأخرى، مثل الغثيان والتعب.
  • العلاج الإشعاعي لتقليص حجم الورم أو تخفيف الألم.
  • تصريف السوائل المتراكمة (الاستسقاء) لتقليل حجم البطن وتخفيف ضيق التنفس.
  • تركيب دعامات في القنوات الصفراوية لتخفيف اليرقان وتحسين وظائف الكبد.
  • توجيه المريض وتزويده بالمعلومات الطبية بلغة بسيطة وواضحة، ومناقشة إيجابيات وسلبيات كل خيار علاجي.
  • تنسيق مراجعات المصاب وترتيب مواعيده.

الدعم النفسي والاجتماعي لمرضى سرطان الكبد: ركن أساسي في رحلة العلاج

لا تقتصر التحديات التي يُواجهها مريض سرطان الكبد على الألم الجسدي فقط، بل تمتد لتشمل الخوف، والقلق والضغط النفسي الذي يرافق رحلة العلاج. وهنا تبرز أهمية الدعم النفسي والاجتماعي؛ فهو لا يقل أهمية عن العلاج الدوائي أو الجراحي، فقد بينت عدة دراسات أن حالة النفسية الإيجابية تحسن مناعة مرضى السرطان، وتزيد من فعالية العلاج. بالمقابل قد يُضعف الاكتئاب والضغط النفسي استجابة الجسم للعلاج، ويؤخران التعافي. [1]

قد تشعر بالعجز أو الحيرة أمام معاناة مريض السرطان، لكن ما يحتاجه حقًا ليس الكلام الكبير أو الحلول السحرية، بل وجودك الصادق إلى جانبه، وتعاطفك الحقيقي الذي يمنحه القوة للاستمرار في مواجهة المرض. ويُمكن أن تساعدك النصائح الآتية على تحقيق ذلك: [1]

  • تحدث بصراحة وأخبره أنك لا تعرف تمامًا حجم المعاناة التي يمر بها، ولكن جاهز لمساعدته بالطريقة التي يفضلها.
  • عناقه وتعامل معه بدفء خصوصًا إذا كان شخصًا قريبًا تعرفه.
  • كن مستمعًا جيدًا؛ فهذا قد يكون أفضل ما قد تقدمه لمريض سرطان الكبد. إليك بعض النصائح البسيطة لتحقيق ذلك:
    • اختر مكانًا هادئًا ومريحًا وتخلص من المشتتات، مثل الهاتف أو التلفاز.
    • حافظ على التواصل البصري، ولكن دون أن تجعله يشعر بالحرج أو عدم الراحة.
    • دعه يبدأ الحديث واستمع دون مقاطعته، واستخدم بعض الإيماءات البسيطة لتظهر اهتمامك بما يقوله.
    • لا تغير الموضوع إذا أصبع الحديث مؤلمًا أو صعبًا، بل عبّر عن تعاطفك بصدق وأظهر تفهّمك لمشاعر المريض.
    • لا تشجعه على كبت مشاعره إذا بكى، بل دعه يعب عن مشاعره، وأخبره أنّ الشعور بالحزن أمرٌ طبيعي.
    • تجنّب تقديم النصائح ما لم يطلبها منك المريض، ولا تحاول كسر الصمت أو تلطيف الأجواء بالفكاهة إلا إذا بدأ هو بذلك.
    • تذكر أنّ الصمت قد يكون أفضل دعم في بعض الحالات.
  • اقترح عليه المشي معًا في الهواء الطلق؛ فهذا قد يُحسّن نفسيته ويشجعه على الحديث عن مشاكله.
  • تواصل معه برسالة أو مكالمة قصيرة ليعرف أنك تفكر به.
  • احترم حاجته للخصوصية أو الهدوء، خصوصًا إذا كان يمر بظروف صعبة.
  • حاول إدخال البهجة إلى قلبه عبر المزاح أو مشاهدة فيلم كوميدي أو قصة مضحكة إذا كان الموقف مناسبًا.
  • تعامل معه كالسابق؛ فالتصرف بطريقة غريبة أو بشفقة سيجرح مشاعره.
  • ادعوه لشرب القهوة أو الخروج في نزهة قصيرة من وقت لآخر حسب ما تسمح به حالته الصحية.
  • شجعه على الالتزام بالعلاج والمتابعة المنتظمة مع الطبيب.

اقرأ أيضًا: أهمية جودة الحياة في علاج مرض السرطان.

هل لديك اسئلة متعلقة في هذا الموضوع؟
اسال سينا، ذكاء اصطناعي للاجابة عن كل اسئلتك الطبية
اكتب سؤالك هنا، سينا يجهز الاجابة لك

دور الأسرة والأصدقاء في دعم مريض سرطان الكبد

عندما يُصاب أحد المقرّبين منك بالسرطان، فمن الطبيعي أن تشعر بالحيرة أو عدم اليقين حيال الطريقة المناسبة لدعمه. ومع ذلك، يمكنك أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في حياته اليومية من خلال اتباع النصائح الآتية: [1][4]

  • ساعده في إعداد الطعام، أو قم بترتيب جدول مع الأصدقاء أو العائلة للتعاون  لإرسال الطعام له.
  • ساعده على إدارة شؤون المنزل، مثل أعمال التنظيف أو غسل الملابس أو ترتيب المنزل.
  • رافقه في مواعيده ومراجعاته الطبية؛ فوجودك بجانبه يمنحه طمأنينة ودعمًا نفسيًا كبيرًا.
  • دون ملاحظات الطبيب أثناء المراجعات؛ خصوصًا أن المرض والعلاج قد يؤثران على تركيز المصاب.
  • قم بزيارته من حين لآخر للاطمئنان عليه ودعمه نفسيًا.
  • اعتن بأطفاله؛ فمثلًا اصطحبهم إلى المدرسة، أو ساعدهم على أداء واجباتهم الدراسية أو خذهم في نزهة قصيرة.
  • قدم له حقيبة عناية شخصية تحتوي على مرطب للجلد والشفاه، وجوارب ناعمة وغسيل لطيفة مناسبة لبشرته.
  • قدم له هدية تعبر عن محبتك مثل وجبته المفضلة أو كتاب يحبه.
  • شجعه على الالتزام بالصلاة والمواظبة على الدعاء؛ لمنحه القوة والسكينة خلال رحلة العلاج.
  • تجنب ارتكاب الأخطاء الآتية عند التعامل معه:
    • تخبره أنك تفهم ما يشعر به تمامًا؛ فمهما حاولت التعاطف معه، لا يُمكنك إدراك العبء الذي يتحمله مريض السرطان.
    • لا تستخدم عبارات مثل "كن قويًا" أو "فكّر بإيجابية" لأنها تضغط عليه وتشجعه على كبت مشاعره.
    • لا تأخذ الأمر بشكلٍ شخصي إن كان غاضبًا أو فضل السكون على الحديث معك.
    • لا تقدم أي نصائح ما لم يطلبها أولًا، ولا تقارن تجربته بالآخرين.

السيطرة على التوتر والقلق: كيف نحافظ على التوازن النفسي للمريض؟

عادةً يشعر مريض سرطان الكبد بالقلق أو التوتر أو حتى الاكتئاب خلال فترة العلاج، ولكن هذه المشاعر السلبية لا تدل على ضعفه، بل هي ردة فعل طبيعية تجاه ما يمرّ به من تحديات جسدية ونفسية. وهنا يبرز دورك في مساعدته على تقبل هذه المشاعر والتعامل معها بطريقة صحية من خلال: [9]

  • استمع له بصدق وشجّعه على التحدث عما يواجهه دون خوف أو تردد.
  • لا تُقلل من معاناته أو تحاول تحسين مزاجه بشعارات فارغة أو مجاملة سطحية.
  • اطلب منه التنفس بعمق إذا بدا متوتّرًا؛ فهذا يُساعد على تهدئة أعصابه وتخفيف شعوره بالقلق.
  • شجعه على التأمل وتخصيص وقت للاسترخاء والراحة.
  • هيء له بيئة مريحة وهادئة، واحرص على تهوية غرفته وترتيبها يوميًا.
  • خذه في نزهة قصيرة إن أمكن؛ فالتعرض لأشعة الشمس والمشي يُحزن المزاج ويخفف القلق.
  • شجعه على تعلم هواية جديدة، مثل الرسم أو الطهي أو القراءة؛ فهذا يمنحه شعورًا بالاستقرار والسيطرة.
  • اقترح عليه تدوين مشاعره إذا كان يحب الكتابةح فهذا يُساعده على تفريغ مشاعره السلبية بطريقة صحية.
  • اقترح عليه الخضوع لجلسات تدليك بسيطة بعد استشارة الطبيب؛ فهذا يُخفف الألم والتوتر.

sina inread banner image
مساعدك الشخصي من الطبي للاجابة على أسئلتك الصحية
الطبي يطلق سينا، ذكاء اصطناعي لخدمتك الصحية!
اسأل سينا

الانضمام إلى مجموعات دعم مرضى سرطان الكبد

من الطبيعي أن يُفضّل بعض مرضى السرطان العزلة والابتعاد عن الآخرين، فقد يشعرون بأن لا أحد يستطيع فهم ما يمرّون به حقًا. وهنا يأتي دورك في تشجيع المريض بلُطف على التواصل مع أشخاص خاضوا تجارب مشابهة. فالمشاركة في مجموعات الدعم يزيد الإحساس بالأمل والانتماء. [8]

وقد أظهرت إحدى الدراسات أن الانضمام لهذه المجموعات يقدم الفوائد الآتية: [8]

  • تحسين الحالة النفسية وزيادة التفاؤل.
  • تقليل الشعور بالوحدة والعزلة.
  • التعبير عن المشاعر السلبية وتقبلها بطريقة صحيحة.
  • مشاركة الخبرات حول التحديات اليومية في العمل أو الدراسة.
  • تعلم كيفية  التعامل مع أعراض المرض أو الآثار الجانبية للعلاج.

ويمكنك مساعدته في العثور على مجموعات دعم موثوقة، سواء عبر الإنترنت أو من خلال المستشفيات والمراكز المتخصصة. [8]

الاهتمام بالتغذية السليمة لمرضى سرطان الكبد أثناء العلاج وبعده

تلعب التغذية دورًا أساسيًا في مساعدة مريض سرطان الكبد على تحمّل العلاج وتعزيز جهازه المناعي. لذا شجعه على تناول الأطعمة المناسبة ومراقبة احتياجاته الغذائية اليومية والالتزام بالنصائح الآتية: [2]

  • قسّم وجباته إلى 5- 6 وجبات صغيرة يفصل بين كل منها 3 ساعات؛ لتضمن حصوله على العناصر الغذائية التي يحتاجها جسمه، ولتخفيف الآثار الجانبية لعلاجات السرطان، خصوصًا الغثيان والتقيؤ.
  • اختر الأطعمة المفيدة للمريض؛ حيث يجب أن تككون وجباته متوازنه وتحتوي على:
    • مصادر البروتين قليلة الدسم، مثل الدجاج منزوع الدسم والسمك والبيض ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
    • الحبوب الكاملة، مثل خبز القمح الكامل، والأرز البمي والمعكرونة المصنوعة من الحبوب الكاملة.
    • الفواكه والخضروات، ولكن قد يكون عليك تقشيرها أو طهيها إذا كان المريض يخضع لجلسات العلاج الكيميائي أو الإشعاعي ومناعته ضعيفة.
    • مصادر الدهون الصحية، كالمكسرات والبذور والأفوكادو وزيت الزيتون.
  • اطلب منه شرب كميات كبيرة من الماء والسوائل؛ للحفاظ على ترطيب الجسم ونخفيف شعوره بالغثيان.
  • لا تقدم الأطعمة الضارة له، خصوصًا الحلويات والأطعمة الجاهزة والوجبات السريعة؛ لأنها تؤثر على شهية الجسم.

قد يهمك: هل يستطيع الكيتو دايت إبطاء نمو الخلايا السرطانية؟

النشاط البدني الخفيف: أهمية الحركة في تحسين جودة الحياة

تُعدّ الحركة المنتظمة أثناء علاج سرطان الكبد وبعده خطوة ضرورية لتحسين جودة الحياة، وتعزيز تعافي المريض الجسدي والنفسي. لذا شجعه على ممارسة نشاطٍ بدني يناسب حالته الصحية وقدرته الجسدية. وحتى لو كانت طاقته محدودة، فإن التمارين الخفيفة المنتظمة تُحدث فرقًا كبيرًا في تحسين المزاج وتقليل التعب. [3]

ومن التمارين البسيطة المفيدة لمرضى السرطان: [3]

  • تمارين التمدد؛ لأنها تحافظ على مرونة العضلات، والتي قد تتصلب بسبب قلة الحركة أو العلاج الإشعاعي.
  • تمارين التوازن؛ خصوصًا أنّ بعض مرضى سرطان الكبد من ضعف التوازن بسبب الآثار الجانبية للعلاج أو المرض، فمثلًا ساعده على أداء تمارين بسيطة مثل الوقوف على ساق واحدة أو النهوض ببطء من الكرسي.
  • التمارين الهوائية؛ مثل المشي لمسافات قصيرة أو ركوب الدراجة الثابتة لأن هذه التمارين تقوي القلب والرئتين وتزيد من مستوى الطاقة.
  • تمارين القوة؛ فهي تحافظ على الكتلة العضلية وتحسين التوازن وتقليل التعب. ويُمكن استخدام أوزان خفيفة أو أربطة مقاومة مرتين أسبوعيًا بالتنسيق مع الطبيب أو العلاج الطبيعي.

نصيحة الطبي

تبدأ طرق الدعم والرعاية لمرضى سرطان الكبد من الرعاية التلطيفية وتقديم الدعم النفسي، فقد بينت عدة دراسات أن الحالة النفسية تؤثر على استجابة مرضى السرطان للعلاج، كما يجب الاهتمام بالتغذية السليمة وتشجيع المريض على ممارسة النشاط البدني، ويُمكن مساعدته على الانضمام إلى مجموعات الدعم المخصصة لمرضى سرطان الكبد؛ ليستفيد من خبرات الناجين من هذا المرض، ويتعلم كيفية التعامل مع أعراض المرض وآثاره الجانبية.

اقرا ايضاً :

الفحص المبكر يقلل من معدلات الوفاة الناجمة عن سرطان الثدي