دراسة تكشف أن بكتيريا الأمعاء قد يكون لها دور في النوم!

من كان يظن أن النوم، ليس مجرد أمر يتحكم فيه الدماغ وحده؟ بحث جديد من جامعة ولاية واشنطن (WSU) كشف أن جزءًا من الإجابة مخفي في مكان غير متوقع تمامًا، ومن كائنات كنا نعتقد أنها ضارة فقط، نعم... في البكتيريا التي تعيش داخلنا.

ففي اكتشاف قد يقلب الموازين في فهمنا لأحد أكثر العمليات البيولوجية غموضًا، وجد العلماء دليلاً ملموسًا على أن مليارات الميكروبات التي تسكن أجسادنا، وخاصة في الأمعاء، تلعب دورًا مباشرًا في تنظيم دورة النوم والاستيقاظ، مما يتحدى الفكرة القديمة بأن الدماغ هو المسؤول الوحيد لهذه العملية.

البكتيريا في الدماغ!

الدراسة وجدت أن مادة تُسمى ببتيدوغليكان (بالإنجليزية: Peptidoglycan)، وهي عنصر رئيسي في الجدار الخلوي للبكتيريا، موجودة بشكل طبيعي في أدمغة الفئران، وأن مستوياتها ترتفع وتنخفض وفق دورة النوم والاستيقاظ. المدهش أن هذه المادة كانت تُعرف سابقاً بقدرتها على تحفيز النوم إذا حُقنت في الحيوانات، لكن لم يكن متوقعاً أن تنتقل بشكل طبيعي إلى الدماغ.

نظرية جديدة تقلب المفاهيم

النتائج تدعم ما يُعرف بـ "الحالة الهولوبيونية" (Holobiont Condition)، ببساطة، تقول هذه النظرية إن النوم ليس قرارًا يصدر "من الأعلى إلى الأسفل" (من الدماغ إلى باقي الجسم)، بل هو نتيجة حوار وتنسيق معقد بين أنظمتنا العصبية ومستعمرات الميكروبات التي تعيش فينا (الميكروبيوم)، أي أن هناك تأثيرًا "من الأسفل إلى الأعلى" (من البكتيريا إلى الدماغ).

العالم جيمس كروغر، أحد أبرز علماء النوم في العالم والمشارك في الدراسة، أوضح أن: "النوم ربما بدأ تطوره منذ مليارات السنين مع دورات النشاط والخمول لدى البكتيريا، والجزيئات التي كانت تنظم ذلك هي نفسها التي تؤثر في الإدراك اليوم".

الميكروبيوم والسلوك البشري

الاكتشاف يتماشى مع أدلة متزايدة على أن الميكروبيوم في الأمعاء يؤثر في وظائف الدماغ الأساسية، مثل التفكير، والشهية، والسلوك الجنسي، وحتى اتخاذ القرار. بمعنى آخر، ما يجري في الأمعاء قد يكون له تأثير مباشر على عقولنا وحياتنا اليومية.

آفاق جديدة لعلاج اضطرابات النوم

الفريق البحثي يرى أن هذه النتائج تفتح الباب أمام طرق مبتكرة لفهم وعلاج اضطرابات النوم، عبر دراسة التفاعل المعقد بين الدماغ والميكروبات، كما يخطط العلماء لمزيد من الأبحاث لمعرفة كيف تتواصل الميكروبات مع أجسامنا، وكيف يمكن الاستفادة من ذلك لصحة أفضل.

تختتم إريكا إنغليش الحاصلة على الدكتوراه في جامعة واشنطن والمؤلفة الرئيسية للدراسة، بأن العالم بدأ يدرك الآن دور الميكروبات ليس فقط في المرض، بل في الصحة أيضًا. وتؤكد أننا في بداية عصر مثير جدًا، سنبدأ فيه بفك شفرة الحوار المتبادل بيننا وبين ميكروباتنا، وهو حوار يبدو أنه أعمق وأكثر تأثيرًا مما كنا نتخيل.

إذا كان لديك أي استفسار، لا تتردد في حجز استشارة عن بُعد مع فريقنا المختص، من أي مكان!