هل يُمكن أن تحدد دهون بطنك وعضلاتك صحة دماغك؟ قد يبدو السؤال غريبًا للوهلة الأولى، لكن العلم يقول: نعم! فدراسة أمريكية حديثة كشفت أن الأشخاص الذين يملكون كتلة عضلية أكبر ودهونًا حشوية أقل يتمتعون بدماغ أكثر شبابًا وصحة مقارنة بغيرهم.
ولكن لماذا تؤثر الدهون الحشوية على دماغك؟ وكيف يمكن للعضلات أن تعمل كدرع يحمي قدراتك العقلية؟ والأهم: كيف تحافظ أنت على دماغ أصغر عمرًا وأكثر نشاطًا على المدى الطويل؟
كتلة العضلات والدهون الحشوية: ما علاقتها بعمر الدماغ؟
أظهرت الدراسة التي نشرتها (RSNA) أن الأشخاص الذين يمتلكون كتلة عضلية أكبر مقارنةً بنسبة الدهون الحشوية يتمتعون بدماغ يبدو أصغر عمرًا بيولوجيًا مقارنة بغيرهم.
وباختصار شديد كلما ازدادت عضلاتك، بدا دماغك أكثر شبابًا. أمّا إذا تراكمت الدهون الحشوية، وهي الدهون التي تحيط بالأعضاء الداخلية، فإنّ دماغك يبدو أكبر عمرًا وأقل حيوية.
وأكد الدكتور سيروس راجي، أستاذ الأشعة وطب الأعصاب بجامعة واشنطن، هذه النتائج بقوله:
"الجسم الذي يتمتع بعضلات قوية ودهون بطن قليلة يمتلك دماغًا أكثر صحة، كما أنّ فرص إصابته بأمراض مثل ألزهايمر تكون أقل."
كيف تم حساب عمر الدماغ البيولوجي؟
لم يعد التصوير بالرنين المغناطيسي مجرد أداة لتشخيص الإصابات، بل أصبح اليوم قادرًا على تحديد عمر الدماغ البيولوجي بدقة عالية من خلال تحليل بنيته الداخلية، إذ اعتمد الباحثون في الدراسة على الخطوات الآتية:
- تصوير كامل للجسم بالرنين المغناطيسي لقياس كتلة العضلات وحجم الدهون بدقة.
- استخدام خوارزميات ذكاء اصطناعي لتحليل صور الدماغ والتنبؤ بعمره البيولوجي.
- تقييم مستويات الدهون الحشوية والدهون تحت الجلد ومقارنتها بكتلة العضلات.
الدهون الحشوية: العدو الخفي الذي يسرّع شيخوخة الدماغ
بعد دراسة بيانات 1,164 مشاركًا بمتوسط عمر 55 عامًا، توصل الباحثون إلى أن:
- ارتفاع الدهون الحشوية مقارنة بالعضلات يرتبط بدماغ يبدو أكبر عمرًا بيولوجيًا.
- زيادة كتلة العضلات ترتبط بدماغ أصغر عمرًا وأكثر صحة.
- الدهون تحت الجلد لم تُظهر تأثيرًا يُذكر على عمر الدماغ.
ويحدث ذلك لأنّ الدهون الحشوية تفرز مواد تُسبب التهاب وتلف الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي الدماغ، مما يؤدي مع الوقت إلى تسريع تلف الخلايا العصبية.
في المقابل، تعمل العضلات كعامل حماية؛ إذ تُنتج مواد تساعد على نمو الأعصاب، وتحسين تدفق الدم، ودعم صحة الشبكات العصبية. وبالتالي، فإن تراكم الدهون الحشوية يؤدي إلى تراجع تدريجي في صحة الدماغ، بينما زيادة الكتلة العضلية مفيدة للدماغ وتجعله أكثر شبابًا.
ماذا عن أدوية التخسيس؟ هل تنقذ الدماغ وتحميه؟
قد يظن البعض أن الحل يكمن في أدوية إنقاص الوزن، لكن حذّر الباحثون من استخدام أدوية التخسيس دون الالتزام بممارسة الرياضة بانتظام، فهذه الأدوية لا تُقلل الدهون فقط، بل قد تُسبب أيضًا نقصًا في الكتلة العضلية، وهي العنصر الذي يُعدّ خط الدفاع الأول عن صحة الدماغ.
وجاء هذا التحذير بعدما أعلنت دراسة حديثة فشلها في إثبات أن أدوية إنقاص الوزن تساهم في الوقاية من ألزهايمر، مما يؤكد أهمية الحفاظ على العضلات أثناء فقدان الوزن.
كيف تجعل دماغك أصغر عمرًا؟ خطة بسيطة تبدأ من جسمك
لتحافظ على دماغ أصغر عمرًا وأكثر نشاطًا، لا تحتاج إلى تغييرات معقدة، بل إلى خطوات يومية بسيطة يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا في صحتك على المدى الطويل، مثل:
- مارس تمارين القوة بين 2-3 مرات أسبوعيًا.
- ركّز على تمارين القرفصاء (Squats) ورفع الأثقال وتمارين الضغط.
- قلل من تناول السكريات البسيطة والكربوهيدرات المكررة، مثل الحلويات قدر المستطاع.
- مارس تمارين الكارديو مثل المشي السريع أو الجري أو ركوب الدراجة يوميًا.
- قم بفحص دهون البطن وكتلة العضلات خاصةً إذا كنت تعاني من الوزن الزائد والسمنة.
- التزم بحمية غذائية مناسبة للمساعدة على الحفاظ على وزنٍ صحي.
- تابع ضغط الدم ومستويات الدهون الثلاثية باستمرار.
نصيحة الطبي
قد لا تستطيع إيقاف الزمن، لكنك قادر تمامًا على إبطاء الشيخوخة والحفاظ على صحة دماغك. فالعضلات التي تبنيها اليوم، والدهون الحشوية التي تتخلص منها، لا تغيّر شكل جسمك فقط- بل تحدد عمر دماغك البيولوجي ومدى نشاطه مستقبلًا.
لهذا احرص على ممارسة تمارين القوة بانتظام، وادمج المشي أو أي نشاط يومي بسيط في روتينك، وابتعد قدر الإمكان عن الأطعمة غير الصحية؛ فهذه العادات البسيطة كفيلة بجعل دماغك أكثر شبابًا.