تنتشر الفيروسات حولنا في كل مكان، ويظهر بعضها فجأة، ويتطور، وينتشر بصورة كبيرة، أو قد ينشط بعد عدة سنوات، لذلك شهدنا انتشار فيروس كورونا في العالم مع نهاية عام 2019، لذلك نحتاج إلى معرفة تركيب الفيروس وابرز خصائصه.
ما هو الفيروس؟
الفيروس هو أحد الطفيليات المجهرية صغيرة الحجم، إذ يتراوح حجمها بين 20 إلى 500 نانومتراً حسب النوع، فمثلاً يبلغ قطر فيروس الحصبة (بالإنجليزية: Measles Virus) حوالي 220 نانومتراً بينما يبلغ قطر فيروس التهاب الكبد (بالإنجليزية: Hepatitis Virus) حوالي 45 نانومتراً ما يعني أنه أصغر من بكتيريا الإشريكية القولونية (بالإنجليزية: Escherichia Coli or E. coli Bacteria) بحوالي 40 مرة، إذ تتميز البكتيريا بكبر حجمها مقارنة بالفيروسات.
كذلك يتراوح طول الفيروسات بين 700 إلى 1000 نانومتراً. كما أنه لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة لصغر حجمها فمثلاً يعد حجم فيروس شلل الأطفال (بالإنجليزية: Polio Virus) أصغر من حبة الملح الواحدة بحوالي 10000 مرة إذ يبلغ قطره حوالي 30 نانومتراً.
تعتمد الفيروسات على وجود عائل لها مثل الجسم البشري للتطور والتكاثر، لذلك لا يمكنها الانتشار أو التطور دون وجوده.
ما هو تركيب الفيروس؟
تعتبر الفيروسات فريدة نوعاً ما وذلك لأنها لا تستطيع قراءة المعلومات الواردة من الأحماض النووية وتنفيذها، إذ إنها لا تستطيع التكاثر دون وجود مضيف مثل الإنسان، حيث تساعد خلايا ذلك المضيف الفيروسات على إتمام عمليتي النسخ (بالإنجليزية: Transcription) والترجمة (بالإنجليزية: Translation)، فتستطيع حينها إنتاج الحمض النووي الريبوزي الخاص بها، وبناء البروتينات من تلك الأحماض، وذلك على الرغم من احتوائها على بعض من خصائص الكائنات الحية، مثل وجود الأحماض النووية.
بعد اكتمال تلك العمليات يتكون ما يعرف باسم الفريون (بالإنجليزية: Virion)، حيث يتركب من حمض نووي داخلي محاط بقشرة بروتينية تعرف باسم القفيصة، التي تعمل على حماية الحمض النووي من التدمير بسبب خلايا ينتجها العائل تسمى نوكلياز، كذلك قد يحتوي هيكل تلك الفيروسات على غلاف أو جزء من الغشاء الخلوي للمضيف.
اقرأ أيضاً: فيروس الإيدز و انتقاله
بناء على ما سبق يمكن تلخيص أهم الأجزاء الموجودة في تركيب الفيروس من الخارج إلى الداخل كما يلي:
- الأشواك (بالإنجليزية: Spikes) وهي المنطقة أو النتوءات التي تشبه المسامير والتي توجد على سطح الفيروس لمساعدته على اختراق خلية المضيف وإحداث الضرر.
- الغلاف (بالإنجليزية: Envelope) وهو غطاء على القفيصة أو الكبسولة ويتكون من البروتينات والكربوهيدرات، ويسمى الفيروس الذي لا يحتوي على ذلك الغلاف باسم الفيروس العاري (بالإنجليزية: Naked Virus).
- القفيصة (بالإنجليزية: Capsid) وهي غطاء بروتيني يحمي المادة الوراثية للفيروس، وتشكل جزءاً كبيراً جداً من هيكل الفيروس، وتعطيه مظهره وشكله وتتكون من وحدات صغيرة تسمى المحيفظة (بالإنجليزية: Capsomeres).
- الحمض النووي الذي يحتوي على الجينات التي يتراوح عددها بين 3 إلى 400 جين، ويوجد منه نوعين الأول الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (بالإنجليزية: Deoxyribonucleic Acid or DNA) الذي يأتي بشكل حلقي أوخطي، والحمض النووي الريبوزي (بالإنجليزية: Ribonucleic Acid or RNA) ويكون مجزأ أو غير مجزأ.
اقرأ أيضاً: كل ما تريد معرفته عن فيروس الإيبوﻻ
كذلك تحفظ المعلومات الجينية للفيروس في الحمض النووي الذي يأتي بأحد الشكلين إما أن يكون مزدوجاً وإما أن يكون منفرداً، أما بالنسبة للجينوم الذي يوجد في الحمض النووي فإنه يرمز فقط مع البروتينات الأساسية مثل تلك اللازمة للتكاثر داخل المضيف أو بروتينات القفيصة، والجينوم هو جميع المعلومات الوراثية التي يحتاجها الكائن للعمل.
اقرأ أيضاً: هل يمكن تعقيم القفازات والكمامات بعد استخدامها من فيروس كورونا؟
ما هي خصائص الفيروسات
تتمثل وظيفة الفيروسات في الدخول إلى خلية المضيف وإجراء عمليتي النسخ والترجمة، كما أنها تعد معدية أي أن بإمكانها الانتقال من مضيف إلى آخر، لذلك نجد أن فيروسات مثل كورونا بإمكانها الانتقال عبر رذاذ العطس من شخص إلى آخر مثلاً، كما تتميز باحتوائها على بعض الخصائص الحية وغير الحية معاً، كذلك قد تصيب الفيروسات عدة أنواع من الكائنات الحية وليس البشر فقط، إذ قد تصيب الحيوانات، والنباتات، كما تصيب الفطريات، والبكتيريا، وأنواع أخرى من الفيروسات أيضاً.
تسمى الفيروسات التي تصيب البكتيريا فقط باسم العاثيات (بالإنجليزية: Bacteriophages)، بينما تسمى تلك التي تصيب الفطريات فقط باسم العاثيات الفطرية (بالإنجليزية: Mycophages).
اقرأ أيضاً: هل ينتقل فيروس الكورونا عن طريق الهواء؟
من أهم خصائص الفيروسات ما يلي:
- لا بد من تكون الفريون كاملاً حتى يستطيع الانتقال من مضيف إلى آخر أو ما يعرف بالعدوى.
- لا يمكن للفيروسات التكاثر خارج خلية المضيف، لذلك لا يمكن استزراعها في المزارع المعملية الصناعية، لكن بإمكانها النمو في خلايا حيوانية مستزرعة، أي زراعة خلايا حيوانية معملياً ومن ثم تكاثر الفيروسات فيها.
خصائص الفيروسات الحية
من أهم خصائص الفيروسات الحية ما يلي:
- التحور (بالإنجليزية: Mutation)، أي أن بإمكانها أن تتحور أو أن تشكل طفرات من خلال حدوث تغيير في ترتيب الحمض النووي، فعلى سبيل المثال شهد العالم في عامي 2020 و2021 عدة طفرات في فيروس كورونا وهو ما يصعب إنتاج علاجات أو لقاحات، ومن الأمثلة الأخرى أيضاً الطفرات والتغيرات التي تحدث في فيروس الإنفلونزا ولذلك يتجدد لقاحه كل عام.
- التكاثر، إذ يمكنها التكاثر عبر عمليتي النسخ والترجمة داخل خلية مضيفة.
اقرأ أيضاً: طرق غير متوقعة لنقل الفيروسات والبكتيريا
خصائص الفيروسات غير الحية
تتميز الفيروسات ببعض خصائص الكائنات غير الحية، ومنها ما يلي:
- لا تحتوي على سيتوبلازم أو عضيات خلوية (بالإنجليزية: Cellular Organelles) لأنها تعد كائنات لا خلوية.
- تحتوي على نوع واحد فقط من الأحماض النووية إما الريبوزي أو الريبوزي منقوص الأكسجين، لكنها لا تحتوي على كليهما في فيروس واحد.
- لا توجد عمليات تمثيل غذائي أو عمليات أيضية للفيروس في حد ذاته، بل إنه يعتمد على التمثيل الغذائي للمضيف للتكاثر عبر إنتاج أجزاء جديدة وتركيبها في خلاياه، لذلك لا تنمو الفيروسات وتنقسم.
للمزيد: الفيروسات تسبب غالبية أمراض الجهاز التنفسي
ختاماً، تعد الفيروسات كائنات فريدة من نوعها لما تحتوي عليه من خصائص تميز الكائنات الحية مثل التكاثر والتحور، بجانب خصائص أخرى للكائنات غير الحية مثل عدم احتوائها على خلايا، كما يتكون هيكل تلك الفيروسات من أربعة أجزاء، لكنها قد لا تحتوي على جميعها بل قد نجد فقط الحمض النووي والقفيصة.