يعيش بعض الأشخاص في فوضى كبيرة مع امتلاك مقتنيات كثيرة وعدم القدرة على التخلص منها، قد يكون هؤلاء الأشخاص مصابون بحالة تعرف باسم الاكتناز القهري، لكن ما أسباب تلك الحالة؟ وكيف يمكن علاجها؟ وهل يعاني منها هواة جمع الطوابع؟ هذا ما سنذكره في هذا المقال.

ما هو الاكتناز القهري؟

هو حالة مرضية تتميز بميل المصاب بها لاقتناء أشياء، والاحتفاظ بها، وعدم القدرة على التخلص منها، وقد لا يكون لها قيمة فعلية، فمثلاً لا يمكنه التخلص من المجلات القديمة، أو الإيصالات، أو البريد الذي لم يعد له أهمية، كذلك قد يتميز البيت الذي يعيش فيه المصاب بالعشوائية إلى درجة قد تجعل العيش في ذلك المكان أمراً صعباً.

تختلف تلك الحالة عن هواية التجميع، إذ تتركز تلك الهواية على جمع أشياء محددة وترتبط بعضها بعضاً، فمثلاً يجمع أولئك الأشخاص الطوابع البريدية فقط، أو العملات المعدنية، عكس ما يحدث مع مرض الاكتناز القهري من جمع أشياء مختلفة عشوائياً ولا يربط بينها شيء وعدم الاهتمام بها أو تنظيمها وترتيبها بشكل سليم، عكس ما يفعله هواة جمع الأشياء من ترتيبها، وتنظيمها، وعرضها بشكل جيد.

اقرأ أيضاً: أعشاب وخلاصات طبيعية تعزز صحة العقل

كذلك قد يصل هذا الاكتناز إلى حالات يفضل فيها الشخص التنازل عن بعض احتياجاته مقابل توفير مكان للأشياء التي يجمعها، مثل إزالة شيء من أثاث المنزل لتوفير قليل من المساحة.

ما هي اسباب الاكتناز القهري؟

هناك عدة أشياء قد تتسبب في ظهور داء الاكتناز، وتبدأ بيقين الشخص بأن ما يجمعه من أشياء قد تفيده في وقت ما، أو قد يجمع ممتلكات ترتبط بذكريات معينة أو أحداث محددة، كذلك قد تؤدي الوحدة، أو المرور بطفولة قاسية وصعبة وفي مكان غير منظم إلى احتمالية المعاناة من تلك الحالة، كما قد تكون احتمالية الإصابة أعلى في حال الإصابة بمشكلات أخرى في الصحة العقلية، ومن تلك المشكلات ما يلي:

ما هي الفئات الاكثر عرضة للاصابة بالاكتناز القهري؟

يمكن أن تصاحب تلك الحالة عللاً نفسية أخرى، كذلك يعد البالغون أكثر عرضة للمعاناة منه، لكن لا يعني ذلك أن احتمالية إصابة المراهقين منعدمة، بل يمكن أن يصيبهم أيضاً لكن بصورة أقل حدة غالباً، إلا أنه قد يتطور ويحتد بعد سن 30، كذلك تعد نسبة إصابة الرجال إلى النساء متساوية، لكن غالباً ما تبدأ تلك الحالة في سن مبكرة، ثم تزداد حدتها مع مرور السنوات.

لا يوجد دليل على ارتباط الاكتناز بعرق معين أو جنس ما، لكن يعد من تخطى 55 عاماً أكثر عرضة للإصابة بثلاثة أضعاف مقارنة بمن دون ذلك عمراً، إذ يبلغ متوسط عمر من يطلب المساعدة للتخلص من ذلك الداء حوالي 50 عاماً.

ما هي اعراض الاكتناز القهري؟

يعاني المصاب بالاكتناز القهري من عدة مشكلات قد لا يعلم بوجودها إلا بعد تراكمها تدريجياً مع مرور الوقت، ومن تلك الأعراض ما يلي:

  • الفوضى الشديدة في مكان العيش وعدم القدرة علي الوصول لبعض الأشياء المهمة في المنزل بسبب تلك الفوضى.
  • عدم القدرة على التخلي عن المقتنيات والممتلكات الثمينة وغير الثمينة، والأشياء التي ترتبط بذكريات معينة، أو تلك التي يعتقد بأنها قد تفيده يوماً، كما قد يشعر بالضيق والانزعاج من كثرة تلك الأشياء في نفس الوقت.
  • إلقاء اللوم على الفوضى والممتلكات في ضيق مساحة المكان الذي تقبع فيه.
  • عدم الرغبة في دخول أحد إلى المنزل، فمثلاً قد لا يستضيف أحبابه لما قد يشعره ذلك بالخجل من المكان، كما قد لا يسمح بدخول أي عامل لتصليح شيء في المنزل.
  • وجود مشكلات وصراعات مع من يقطنون معه بسبب الفوضى التي يحدثها.
  • الإصابة بمشكلات أخرى في الصحة العقلية، مثل اضطراب القلق.

كيف يشخص الاكتناز القهري؟

لا بد لمن يعاني من ذلك الداء من زيارة الطبيب واستشارته، إذ قد يسأل بعض الأسئلة للشخص المصاب للتعرف بعمق عن حالته والتأكد من وجود الداء، لكن على الرغم من أن بعض المرضى يعترفون بمعاناتهم من ذلك الداء، إلا أن هناك آخرون ينكرون الإصابة، كما قد يحدث المعالج مع المحيطين بالمريض، وقد يطلب في بعض الأحيان زيارة المكان الذي يعيش فيه لتقييم مدى الفوضى وعلاقتها بالحالة.

ما هي مضاعفات الاكتناز القهري؟

لا بأس من طلب المساعدة للتخلص من الاكتناز القهري، إذ قد يؤدي تركه دون علاج إلى عواقب غير مرجوة ولا يحمد عقباها، ومنها ما يلي:

  • العزلة، والوحدة، ومنع أي أحد من دخول المنزل.
  • انهاك المحيطين والعائلة والتسبب في مشكلات لهم.
  • عدم القدرة على أداء المهام اليومية.
  • التعرقل في العمل، وغيرها من المشكلات التي لا يرجى الوقوع فيها.

للمزيد: العزلة وتداعياتها النفسية والصحية

كيف يمكن علاج الاكتناز القهري؟

يمكن التخلص من الاكتناز القهري بعدة طرق علاجية، لكن تكمن المشكلة في إقناع المريض نفسه بمرضه، ومن تلك الطرق ما يلي:

العلاج السلوكي المعرفي

يعد العلاج المعرفي (بالإنجليزية: Cognitive Therapy) أنجح الطرق في علاج الاكتناز القهري، وهو علاج يعتمد على تغيير سلوكيات المريض ومناقشة طرق لمنعه من اقتناء تلك الأشياء، ومحاولة ضبط طريقة تفكيره والتخلص من سبب صعوبة فعل ذلك، ومناقشة استراتيجيات للتخلص من الفوضى التي يعيش فيها، ويمكن إجراء تلك الجلسات بشكل فردي أو جماعي.

كذلك قد يحتاج المصاب إلى توجيه الاقتران وهي مجموعات علاجية ودودة تهدف لتقديم الدعم وتعد أقل رهبة من غيرها، إذ يتجمع هؤلاء الأشخاص أسبوعياً، وتقاد تلك الجلسات بواسطة متعاف أو شخص مر بالتجربة من قبل وتخلص منه.

العلاج بالادوية

لا توجد أدوية خاصة لعلاج الاكتناز القهري، لذلك قد يصف الطبيب لبعض المرضى أدوية تابعة لعائلة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين مثل سيتالوبرام، أو مضادات الاكتئاب الحلقية مثل كلوميبرامين، أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإيبينيفرين مثل ديلوكسيتين، لكن قد لا تؤتي تلك الأدوية ثمارها أحياناً. كذلك قد تساعد أدوية علاج فرط الحركة ونقص الانتباه في علاج الحالة.

اقرأ أيضاً: نقص الفيتامينات وتأثيرها على الصحة العقلية

نصائح للمحيطين بمرضى الاكتناز القهري

قد يواجه أهل المصاب بالاكتناز القهري صعوبة في التواصل فيما بينهم، إلا أن المصاب غالباً ما يحتاج دعماً نفسياً في وقت ما، لكنه قد يتقبله عند عدم اعترافه بالإصابة، لذلك ينصح المحيطون به بما يلي:

  • تشجيع المصاب على طلب المساعدة الطبية أو المشورة.
  • تقديم المساعدة والدعم دون توجيه أي انتقاد له.
  • تقديم اقتراحات ومناقشة بعض الحلول التي قد تساعد على تخفيف الفوضى من المكان.
  • توضيح فائدة وأهمية الحصول على مساعدة طبية وما قد يكون لذلك من أثر إيجابي على حياة الشخص.

ختاماً، لا داع للخجل من الإصابة بالاكتناز القهري، أو امتلاء الأشياء وعدم القدرة على التخلص منها قهرياً، فتلك الحالة تعد منتشرة نسبياً بين الناس إذ يبلغ عدد المصابين بها بين 2 إلى 6 % من البشر، ولا مشكلة من طلب المساعدة، لذلك ينصح دائماً بالتوجه إلى الطبيب للمساعدة على تقييم الحالة والتخلص منها.