تحدث قرحة المعدة بشكل أكثر شيوعًا عند الكبار البالغين مقارنة بالأطفال والرضع، إلا أن ذلك لا يعني عدم إمكانية حدوث قرحة المعدة عند الأطفال أو الرضع، فمن الممكن أن يعانوا من ذلك أيضًا. ومن المهم اختيار طريقة مناسبة لعلاج قرحة المعدة عند الأطفال، مما يضمن تجنب حدوث العديد من المضاعفات المحتملة. [1،2]

يناقش المقال التالي كل ما يخص قرحة المعدة عند الرضع والأطفال الصغار، بما في ذلك الأسباب، والأعراض، وطرق العلاج.

يمكن أن تحدث القرحة الهضمية عند الأطفال، وهي مصطلح يشمل القرحة التي تحدث سواء في المعدة أو منطقة الاثني عشر من الأمعاء الدقيقة. ووفقًا لبحث نشر عام 2011 في المجلة الطبية للقرحات، فإن نسبة حدوث قرحة المعدة عند الأطفال قبل سن 18 عامًا يمكن أن تصل إلى 8.1% من الأطفال في أوروبا و 17.4% في الولايات المتحدة. [1]

لكن، لا داعي للقلق، فعادة ما تكون احتمالية حدوث مضاعفات قرحة المعدة عند الطفل منخفضة، خاصة ما لم يكن هناك سبب خطير وراء الإصابة بالقرحة. [1]

أسباب قرحة المعدة عند الأطفال

غالبًا، ما يتم السؤال حول الأسباب المحتملة حول إصابة الطفل بقرحة في المعدة، حيث أن بعض أسباب وعوامل خطر الإصابة بهذا المرض قد لا تتواجد لدى الأطفال أو الرضع، ولهذا من الممكن أن يستغرب بعض الأفراد عند سماعهم عن حدوث قرحة في المعدة لدى طفل معين. [1،2]

تعتبر الإصابة بعدوى الملوية البوابية أكثر أسباب قرحة المعدة عند الأطفال شيوعًا، حيث تصيب هذه البكتيريا البطانة الداخلية للمعدة وقد تسبب التهابًا فيها، مما يؤدي إلى تكون القرحة فيها. [2،3]

لكن، من الممكن أن تحدث قرحة المعدة عند الرضع والأطفال نتيجة الاستخدام المطول أو المفرط لدواء الإيبوبروفين، وهو أحد أنواع الأدوية المضادة للالتهاب غير الستيرويدية، والذي يستخدم بشكل شائع كمسكن للألم لدى الأطفال. يضعف دواء الإيبوبروفين من الطبقة المخاطية التي تغطي بطانة المعدة الداخلية، وهذا ما يسمح لوصول الحمض إليها بسهولة والتسبب بتقرحات في بطانة المعدة. [1،3،4]

ويمكن أن تتضمن الأسباب والعوامل الأخرى التي تؤدي إلى حدوث القرحة في معدة الأطفال ما يلي: [1،2]

  • العوامل الوراثية، حيث تواجد تاريخ عائلي للإصابة بالمرض فيما يقارب 20% من حالات قرحة المعدة عند الأطفال.
  • الإجهاد البدني والفيزيائي الشديد، والذي يتضمن تعرض الطفل لصدمة أو إصابة كبيرة، أو إصابته بالعدوى، أو خضوعه لعملية جراحية.
  • مرض الارتجاع المعدي المريئي، وخصوصًا في الحالات المزمنة والشديدة.
  • السمنة، والتي يمكن أن تؤدي إلى زيادة التهابات الجهاز الهضمي، بالإضافة إلى إحداث تغيرات في البكتيريا النافعة التي تتواجد بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي.

وفي بعض الحالات الأقل شيوعًا يمكن أن ترتبط قرحة المعدة عند الرضع والأطفال بالإصابة بما يلي: [1]

  • التليف الكيسي.
  • بعض أنواع سرطان الدم، بما في ذلك سرطان الغدد الليمفاوية.
  • متلازمة زولينجر إليسون.
  • أورام الغدد الصماء المتعددة.
  • زيادة الضغط داخل الجمجمة.

أعراض قرحة المعدة عند الأطفال

تشمل أعراض قرحة المعدة عند الأطفال ما يلي: [1،4]

  • ألم أو حرقان خفيف في المعدة، خصوصًا عندما تكون المعدة فارغة أو بعد تناول الطعام بوقت قصير.
  • الغازات والانتفاخ.
  • الغثيان أو القيء.
  • فقدان الشهية.
  • التعب.
  • فقدان الوزن غير المبرر.
  • صعوبة الرضاعة، وهي من الأعراض الخاصة بقرحة المعدة عند الرضع.

أما حول أعراض قرحة المعدة الشديدة عند الأطفال، والتي يمكن أن تتسبب بنزيف في المعدة، فمن الممكن أن تتضمن ما يلي: [1،2]

  • الألم الحاد والشديد.
  • البراز الدموي.
  • القيء المصحوب بالدم أو الذي تظهر فيه جزيئات صغيرة شبيهة بالقهوة.

اقرأ أيضًا: أعراض عسر الهضم عند الأطفال

تشخيص قرحة المعدة عند الأطفال

من الممكن أن يكون تشخيص قرحة المعدة عند الأطفال أكثر صعوبة مقارنة بالكبار، وذلك لكون بعض الفحوصات غير مناسبة للأطفال أو أن نتائجها غير دقيقة لدى الأطفال. [1]

وتتضمن الفحوصات التي يمكن إجراؤها عند شك الطبيب بوجود قرحة في معدة الطفل ما يلي: [2،3]

  • فحص الدم للكشف عن الأجسام المضادة لبكتيريا الملوية البوابية.
  • فحص البراز للكشف عن آثار الملوية البوابية في براز الطفل.
  • اختبار التنفس، حيث يتناول الطفل مادة خاصة تسمى اليوريا والتي يكون فيها ذرة كربون مشعة، وفي حال وجود الملوية البوابية داخل معدة الطفل ستتحول اليوريا إلى ثاني أكسيد الكربون، والذي يمكن بعد ذلك اكتشافه في أنفاس الطفل.
  • تصوير الجهاز الهضمي العلوي بالأشعة السينية.
  • التنظير الداخلي، والذي يتم خلاله إدخال أنبوب رفيع مزود بكاميرا في نهايته من خلال فم الطفل، ثم يمرر إلى المريء، والمعدة، والأمعاء الدقيقة للكشف عن وجود أية تقرحات في البطانة الداخلية التي تغطي هذه الأعضاء.

علاج قرحة المعدة عند الأطفال

يعتمد علاج قرحة المعدة عند الأطفال على السبب الرئيسي للمشكلة. ففي معظم الحالات الناجمة عن عدوى الملوية البوابية سيتلقى الطفل ما يسمى بالعلاج الثلاثي، وفيما يلي نذكر تفاصيل هذا العلاج: [1-4]

  • يتكون العلاج الثلاثي من نوعين مختلفين من المضادات الحيوية، أشهرها الأموكسيسيلين والكلاريثروميسين ،بالإضافة إلى أحد الأدوية المثبطة لمضخة البروتون، مثل الأوميبرازول.
  • تستمر فترة العلاج الثلاثي لمدة 14 يوم، ومن المهم الاستمرار في تناول العلاج طوال هذه المدة حتى وإن تحسنت الأعراض لدى الطفل.
  • يمكن اختيار أنواع أخرى من المضادات الحيوية في حال وجود حساسية لدى الطفل أو مقاومة البكتيريا للأنواع المذكورة سابقًا.

أما في حالات قرحة المعدة الناجمة عن تناول مضادات الالتهاب غير الستيرويدية، فيتضمن العلاج أولًا إيقاف تناول الطفل لهذه الأدوية، كما يمكن أن يحتاج الطفل لتناول أحد الأدوية المثبطة لإفراز أحماض المعدة، ومنها حاصرات مستقبلات H2 كدواء الفاموتيدين أو مثبطات مضخة البروتون. [3،4]

ونادرًا، ما يحتاج علاج قرحة المعدة عند الأطفال إلى إجراء الجراحة، فغالبًا ما يستجيب الأطفال للعلاج بالأدوية، وغالبًا ما يتم اللجوء إلى الجراحة في حال تسببت القرحة بنزيف شديد أو ثقب في معدة الطفل. [1،2]

للمزيد: ما هو علاج القرحة في المعدة؟

ومن المهم أثناء فترة علاج قرحة المعدة عند الأطفال الالتزام بنظام غذائي صحي يتضمن تناول الأطعمة الغنية بالألياف، وأهمها الخضراوات والفواكه، بالإضافة إلى الدجاج والأسماك الخالية من الدهون، والأطعمة الغنية بالبروبيوتيك، مثل الزبادي. [1]

كما ينصح بتجنب تناول الطفل للأطعمة المقلية، والأطعمة الحارة، والأطعمة الحامضة، والمشروبات الغازية، أو أي أطعمة أو مشروبات تحتوي على الكافيين، مثل الشاي والشوكولاتة. [1]

نهاية، تحدث قرحة المعدة عند الأطفال بشكل أساسي نتيجة الإصابة بعدوى الملوية البوابية أو الإفراط في استخدام مسكنات الألم التابعة لمجموعة مضادات الالتهاب غير الستيرويدية. تساعد معرفة الأعراض التي يعاني منها الطفل وإجراء بعض الفحوصات الطبية في الكشف عن وجود قرحة المعدة لديه. أما حول كيفية علاج قرحة المعدة عند الأطفال، فذلك يختلف بناء على المسبب الرئيسي للمرض.