صحة الأم (بالإنجليزية: Maternal Health)، هو مصطلح يشير إلى العناية بصحة المرأة والحفاظ على سلامتها ابتداءً من فترة التخطيط للحمل، وأثناء فترة الحمل، وحتى وقت الولادة وفترة ما بعد الولادة.
تشمل العناية بصحة الأم الجوانب الصحية، والجسدية، والعقلية، والعاطفية، والاجتماعية، وتهدف إلى جعل كل تجربة حمل وولادة تمر بها النساء تجربة إيجابية يتم خلالها الحرص على سلامة ورعاية كل من الأم والطفل، مع بذل كافة الجهود للوقاية من أي مخاطر ومضاعفات قد تتعرض لها الأم خلال مرحلة الحمل والولادة، وفترة ما بعد الولادة.
تعرف في هذا المقال على خطوات الرعاية الصحية للمرأة قبل الحمل وكيفية العناية بصحة الأم أثناء الحمل وبعد الوضع.
العناية المبكرة بصحة الام قبل الحمل
تساعد رعاية ما قبل الحمل (بالإنجليزية: Pre-pregnancy Care) في الاستعداد لحمل صحي، وتجنب المشاكل المحتملة، وإنجاب طفل سليم. وعلى نحو مثالي، تبدأ فترة الرعاية قبل البدء بمحاولات الحمل بمدة ثلاثة أشهر على الأقل. ويجدر الإشارة إلى أنه قد يختلف الوقت اللازم للاستعداد للحمل جسدياً ونفسياً بين النساء.
يعتبر التحدث مع الطبيب أو المركز الصحي الخاص بتقديم الرعاية الصحية قبل الحمل أولى الخطوات المهمة عند التخطيط للحمل. ومن أهم النقاط الهامة التي يجب مراعاتها ومناقشتها مع الطبيب ما يلي:
- التاريخ الصحي والعائلي المرضي: يوصى بإخبار الطبيب واستشارته حول أي من الحالات المرضية لدى أفراد العائلة، إذ تنتقل بعض الأمراض وراثياً وقد تؤثر على صحة الجنين، مثل فقر الدم المنجلي. بالإضافة إلى التحدث حول الخطوات الواجب اتباعها لتجنب مشاكل الحمل السابقة إذا وجدت، مثل التعرض لنزيف، أو الإجهاض المتكرر، أو عيب خلقي أثناء الحمل السابق.
- المشاكل الصحية: من المهم السيطرة على الأمراض المزمنة، أو علاج أي مشاكل صحية قبل الحمل، مثل الأمراض المنقولة جنسياً، ومرض السكري، وأمراض الغدة الدرقية، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض اللثة والأسنان.
- الأدوية: يمكن أن يؤدي تناول بعض الأدوية قبل حدوث الحمل بفترة قصيرة أو عند تناولها أثناء الحمل إلى عيوب خلقية خطيرة، ولهذا يجب إخبار الطبيب بكافة الأدوية، والمكملات الغذائية، والأعشاب التي تتناولها السيدة عند التخطيط للحمل، والحرص على استشارة الطبيب قبل تناول أياً منها أثناء الحمل.
- نمط الحياة والبيئة المحيطة: يجب مناقشة بعض العادات اليومية الروتينية التي قد تؤثر على صحة الأم والجنين، مثل التدخين، أو الكحول. بالإضافة إلى المواد السامة والملوثات البيئية التي يجب تجنبها، مثل الأسمدة، ومبيدات الحشرات، وبراز القطط، حيث يمكن أن يسبب التعرض لهذه المواد بعض المشاكل الخطيرة، مثل العيوب الخلقية، وموت الجنين أو الولادة المبكرة.
- الفيتامينات: هناك بعض الفيتامينات التي من المهم تناولها قبل الحمل وأثناءه بجرعات يحددها الطبيب، ومن أهمها حمض الفوليك الذي يلعب دوراً رئيسياً في الوقاية من العيوب الخلقية في العمود الفقري لدى الجنين.
- الصحة النفسية والعقلية: يمكن أن تمتلك المرأة بعض المخاوف والقلق حول الحمل، لذا من المهم تقديم الدعم المعنوي والاجتماعي للأم الحامل من قبل الزوج والعائلة، أو من خلال وسائل مساعدة أخرى. كما يمكن مناقشة جميع الخيارات المناسبة لعلاج أي مشاكل نفسية تتطلب التدخل العلاجي أثناء الحمل.
العناية بصحة الام اثناء الحمل
بمجرد حدوث الحمل، فإنه من المهم الاستمرار بمتابعة صحة الأم جسدياً ونفسياً خلال أشهر الحمل للحفاظ على سلامتها وسلامة الجنين ومعالجة أي طارئ طبي بشكل مبكر، وذلك من خلال الالتزام بجدول زيارات الطبيب الدورية، والذي يكون عادةً كما يلي:
- زيارة شهرية خلال الأشهر الستة الأولى من الحمل.
- زيارة كل أسبوعين خلال الشهر السابع والثامن من الحمل.
- زيارة أسبوعية خلال الشهر التاسع من الحمل.
يقوم الطبيب أثناء الزيارات الدورية للأم الحامل بإجراء اختبارات مختلفة تساعد في متابعة تطور الجنين والعناية بصحة الأم، وفيما إذا هناك خطر لأي مضاعفات أو مشاكل في الحمل، وقد تشمل الفحوصات ما يلي:
- فحص الحوض للتحقق من حجم وشكل الرحم.
- فحص الدم، للتحقق من عدم المعاناة من فقر الدم.
- فحص مستويات الحديد في الجسم.
- اختبارات الأمراض المعدية، مثل التهاب الكبد.
- قياس ارتفاع الرحم بعد الأسبوع العشرين.
- فحص مستويات الجلوكوز للتحقق من سكري الحمل.
- فحص مستويات البروتين، والتي يمكن أن يكون ارتفاعها دلالة على تسمم الحمل.
- تصوير الموجات فوق الصوتية لمتابعة تطور الجنين، وقياس معدل ضربات القلب للجنين.
- اختبارات الدم أو أي فحوصات أخرى هامة لمتابعة مرض مزمن تعاني منه الأم قبل الحمل.
كما يقوم الطبيب بمساعدة الأم الحامل بالتخلص أو إدارة أعراض الحمل الشائعة، مثل: الغثيان الصباحي، وآلام الظهر، ومشاكل في النوم. بالإضافة إلى إرشادها في الجوانب التالية لما لها دور تقليل خطر بعض مضاعفات الحمل وتسهيل الولادة:
- الوزن
يساعد اكتساب الأم الحامل المزيد من الوزن على نمو الجنين وتطوره، ولكن يمكن أن يسبب اكتساب الكثير جداً من الوزن خلال فترة الحمل إلى مشاكل صحية ومضاعفات تؤثر على الأم الحامل والجنين، مثل:
- الإصابة بسكري الحمل.
- الإصابة بالسكري من النوع الثاني في المستقبل.
- ارتفاع ضغط الدم.
- عملية ولادة أصعب.
- صعوبة فقدان الوزن الزائد بعد الولادة.
- زيادة خطر إصابة الأم أو الطفل بالسمنة في المستقبل.
في المقابل، فإن محاولة خسران الوزن أو الوزن القليل للحامل قد يؤثر على صحة الأم والجنين، ولهذا يجب متابعة الوزن مع الطبيب.
اقرأ أيضاً: ما هو معدل زيادة الوزن خلال الحمل؟
- التغذية
من جوانب العناية بصحة الأم الحامل الاعتناء بتغذيتها، حيث تزداد الحاجة إلى الفيتامينات والمعادن، مثل حمض الفوليك والكالسيوم أثناء الحمل. كما يوجد بعض أنواع الأطعمة التي يوصى بتناولها خلال الحمل وأخرى يوصى بتجنبها.
- أطعمة يوصى بتناولها خلال الحمل
من الأطعمة التي توفر العديد من الفيتامينات والمعادن للمرأة الحامل ما يلي:
- الفواكه والخضراوات.
- الحبوب الكاملة ، مثل دقيق الشوفان.
- الحليب ومنتجات الألبان منزوعة الدسم أو قليلة الدسم.
- البروتين من مصادر صحية ، مثل الفاصولياء واللحوم الخالية من الدهون.
للمزيد: الغذاء المثالي للمرأة الحامل
- أطعمة يوصى بتجنبها خلال الحمل
هناك بعض الأطعمة التي قد تضر بصحة الأم والجنين خلال الحمل، مثل:
- الكافيين، ويوصى بتناول القهوة أو الشاي الخاليين من الكافيين أو تقليل تناول الكافيين إلى أقل من 200 ملغ في اليوم.
- الأسماك والمأكولات البحرية التي تحتوي على مستويات عالية من الزئبق.
- الأجبان غير المبسترة، واللحوم غير المطبوخة جيداً، حيث يمكن أن تسبب انتقال بعض أنواع الطفيليات والبكتيريا.
- الكحول.
يجدر الإشارة إلى أن بعض النساء قد تشتهي تناول الطين أو الرماد أو غير ذلك من الأشياء التي لا تعتبر طعاماً، وقد يكون هذا مؤشراً على نقص بعض العناصر الغذائية لدى الحامل، ويوصى باستشارة الطبيب في حال المعاناة من ذلك.
- النشاط الجسدي
يعتبر الحفاظ على النشاط البدني أثناء الحمل عاملاً مهماً في الحفاظ والعناية بصحة الأم، وما لم يوجد مانع طبي، فإن ممارسة بعض الأنشطة البدنية له فوائد مختلفة للحامل، مثل:
- اكتساب الوزن بمقدار مناسب.
- تقليل آلام الظهر والانتفاخ.
- تقليل خطر سكري الحمل.
- تقليل خطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة.
- تقليل فترة المخاض وتسهيل الولادة.
- تقليل الوقت اللازم للتعافي بعد الولادة.
يوصى باستشارة الطبيب حول نوع الأنشطة البدنية والتمارين الرياضية التي من الآمن ممارستها أثناء الحمل. ومن الأمثلة على بعض الأنشطة الجسدية التي تعتبر آمنة بشكل عام خلال الحمل المشي، وممارسة اليوغا، والسباحة.
اقرأ أيضاً: استعداد الحامل للولادة
العناية بصحة الام بعد الولادة
لا يقتصر الاهتمام بصحة الأم أثناء فترة الحمل فقط، بل من المهم جداً الاعتناء بالأم وصحتها الجسدية والنفسية بعد الولادة، حيث تمر الأم بالعديد من التغيرات الجسدية والعاطفية. من أهم خطوات رعاية ما بعد الولادة ما يلي:
- حصول الأم على قسط كاف من الراحة، ومما يساعد في تحقيق ذلك ما يلي:
- نوم الأم في وقت نوم الطفل.
- وضع سرير الطفل بالقرب من سرير الأم، لتسهيل إطعامه ليلاً.
- طلب المساعدة من الآخرين بمراقبة الطفل والاعتناء به أثناء أخذ الأم لقيلولة.
- التغذية السليمة للأم بعد الولادة، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على قدرة الأم على الرضاعة الطبيعية، إلى جانب مراعاة التغيرات الجسدية، ومن إرشادات التغذية للأم بعد الولادة ما يلي:
- تجنب الوجبات عالية الدهون.
- تناول الأطعمة قليلة الدسم.
- تناول الوجبات الخفيفة الصحية، مثل الفواكه والخضراوات.
- شرب الكثير من السوائل.
- العناية المهبلية بعد الولادة، حيث قد تعاني الأمهات الجدد اللاتي مررن بالولادة الطبيعية من بعض المشاكل، مثل وجع في المهبل، ومشاكل في التبول، أو ألم في الجرح الناتج عن الولادة القيصرية. لذا يوصى بمتابعة زيارة الطبيب بعد الولادة لعلاج أي أعراض ومشاكل تواجهها الأم. كما يجب الامتناع عن الجماع لمدة تتراوح بين 4-6 أسابيع على الأقل إلى حين شفاء المهبل.
العناية بصحة الام النفسية بعد الولادة
تواجه بعض الأمهات الجدد من كآبة نفسية والمرور بأوقات عصيبة بعد الولادة، وتلك مشاعر طبيعية نتيجة التغيرات الهرمونية، والتعب، وقلة النوم، وتحمل مسؤوليات جديدة. ولهذا يعد الدعم والمساعدة في مسؤوليات الاعتناء بالطفل من أهم خطوات العناية بصحة الأم بعد الولادة لما لذلك دور في التقليل والوقاية من اضطراب المشاعر بعد الولادة.
كما ينصح بما يلي لتعزيز الصحة النفسية والمشاعر الإيجابية لدى الأم بعد ولادة الطفل:
- تحدث الأم مع شخص حول المشاعر التي تعاني منها.
- ممارسة بعض الرياضات الخفيفة، مثل المشي.
- التغذية السليمة.
- النوم بشكل كافي.
كذلك، تعاني بعض النساء من مشاعر اكتئاب مرضي بعد الولادة يعرف باسم اكتئاب ما بعد الولادة والذي لا يجب إخفاؤه أو تجاهله، بل يوصى باستشارة الطبيب للمساعدة في علاجه والتخلص منه. وقد تتراوح أعراضه من خفيفة إلى شديدة، ومنها البكاء دون سبب واضح، والشعور بالقلق والحزن لأسابيع أو أكثر بعد ولادة الطفل.
اقرأ أيضاً: الفرق بين كآبة الامومة واكتئاب بعد الولادة