إنّ التعرّض لمستويات عالية من القلق والتوتر يُمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات ضغط الدم لدى الشخص، ولعلّ إحدى النصائح المهمة التي يتم تقديمها لمرضى الضغط بهدف إدارة المرض لديهم هي التقليل من مستويات التوتر لديهم. [1]

فما هي العلاقة ما بين التوتر وارتفاع ضغط الدم؟ وكيف يُمكن التحكم بمستويات التوتر لدى الشخص؟ كل ذلك نجيب عنه في المقال التالي.

العلاقة ما بين التوتر وارتفاع ضغط الدم

يواجه الشخص العديد من الضغوطات والمشاكل اليومية والتي من المُمكن أن تزيد من حدّة التوتر عنده، وعادةً ما تتفاوت قدرة الأشخاص على التعامل مع مثل هذه الضغوطات وإدارتها. ومن المُمكن أن يُسبّب التعرّض المستمر للتوتر والقلق إلى التأثير على الصحة البدنية والعقلية لدى الشخص. [1][2]

ويُعدّ ارتفاع ضغط الدم أحد أهم الحالات المرتبطة بالتوتر المزمن، إذا تشير دراسة أجريت عام 2020 إلى أنّ الأشخاص الذين يعانون من التوتر الشديد لديهم خطر أعلى بنسبة 60% للإصابة بارتفاع ضغط الدم مقارنةً بأولئك الذين يعانون من مستويات أقل من التوتر. [2]

ووفقًا لجمعية القلب الأمريكية، فإنّ العلاقة ما بين التوتر وارتفاع ضغط الدم لا تزال غير مفهومة بشكل تام، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالتوتر المزمن والإصابة بمرض ارتفاع ضغط الدم. [3][4]

لكن، يُمكن أن تُفسّر هذه العلاقة كما يلي:

هرمونات التوتر ترفع الضغط

عند الشعور بالتوتر والقلق الحاد، سيتم إفراز عدد من الهرمونات في الجسم، أهمها هرمون الأدرينالين وهرمون الكورتيزول، حيث تعمل هذه الهرمونات على تحفيز استجابة القتال أو الهروب (بالإنجليزية: Fight-or-Flight Response) لدى الشخص، والتي تتسبّب بالعديد من التأثيرات في الجهاز القلبي الوعائي، أهمها تسارع ضربات القلب وانقباض الأوعية الدموية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم في الجسم. [1][3][4]

ومع ذلك، غالبًا ما يكون ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالتوتر مؤقتًا ويزول بزوال العامل المُسبّب للتوتر، ومن المُمكن أن يستغرق عودة مستويات ضغط الدم إلى طبيعتها مدة تتراوح من أيام إلى بضعة أسابيع. [1][2][4]

لكن يجب الانتباه إلى أنّ عدم التعامل الصحيح مع حالات التوتر الحادة والتخفيف من شدّتها والاستمرار بتعريض النفس للضغوطات العاطفية يُمكن أن يؤدي إلى إصابة الشخص بالتوتر المزمن الذي له ارتباط أيضًا مع زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. [2][4]

التوتر يزيد من اتباع العادات غير الصحية

يُمكن أن تعود العلاقة ما بين التوتر وارتفاع ضغط الدم أيضًا إلى تسبّب التوتر والإجهاد المستمر باتباع الشخص العديد من العادات غير الصحية بهدف التكيّف مع هذا التوتر والتقليل من حدّته. ولسوء الحظ، فإنّ العديد من هذه العادات السيئة يُمكن أن ترتبط بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. [2][5]

وتشمل هذه العادات غير الصحية ما يلي: [2][4][5]

  • التدخين.
  • اتباع نظام غذائي سيئ، بما في ذلك تناول الأطعمة الغنية بالصوديوم.
  • قلة ممارسة الرياضة.
  • الإفراط في تناول الكحول.

كما يُمكن أن يؤثر التوتر والقلق على جودة النوم لدى الشخص ويجعله يُعاني من صعوبة النوم، ممّا قد يؤثر على ضغط الدم أيضًا. [2][4]

الأدوية المضادة للتوتر تزيد من ضغط الدم

أيضًا، يُمكن أن يرتفع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون من التوتر المزمن أو المُصابون باضطرابات القلق وذلك نتيجةً لتناولهم بعض الأنواع من الأدوية المضادة للقلق والتي يُمكن أن تكون زيادة ضغط الدم إحدى الأعراض الجانبية الشائعة لها. [1]

فعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أجريت عام 2017 تضمنت إجراء التحليل التلوي (بالإنجليزية: Meta-Analysis) لـ 23 تجربة عشوائية محكومة بإجمالي 13285 مشاركًا، أنّ مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورادرينالين (بالإنجليزية: Serotonin and Noradrenaline Reuptake Inhibitors)، التي يستخدمها الناس لعلاج اضطرابات القلق، يُمكن أن تزيد من ضغط الدم. [1]

كيفية التعامل مع التوتر لدى مرضى الضغط

طالما أنّ هناك علاقة ما بين التوتر وارتفاع ضغط الدم، فلا بدّ من إدارة التوتر والقلق لدى مرضى الضغط تجنُّبًا لتأثيرهم سلبًا على صحة هؤلاء المرضى. ويُمكن أن تشمل الطرق والأساليب التي تساعد على التعامل مع التوتر والقلق ما يلي:

  • ممارسة التمارين الرياضية

تلعب ممارسة الرياضة دورًا أساسيًا في الحدّ من التوتر، لذا ينصح بممارستها بانتظام وبشكل روتيني. ليس ذلك فقط، فمن المُمكن أن تنعكس ممارسة الرياضة باستمرار بشكل إيجابي على ضغط الدم وتساهم في خفض مستوياته. [1][4]

لكن من المهم استشارة مقدمي الرعاية الصحية عن حول أنواع التمارين الرياضية المناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم، فمن المُمكن أن تؤدي ممارسة التمارين الشاقة إلى رفع مستويات ضغط الدم. [2]

  • الحفاظ على نوم صحي

يساعد النوم بعدد ساعات لا يقل عن 7 ساعات يوميًا في ضبط مستويات الهرمونات في الجسم، بما في ذلك في تقليل إفراز هرمون الكورتيزول، الأمر الذي يساعد في التقليل من مستويات التوتر لدى الشخص والحدّ من ارتفاع ضغط الدم لديه. [1][6]

كما يُنصح بتجنُّب التعرّض المستمر لشاشات التلفاز والهواتف المحمولة خصوصًا في أوقات ما قبل النوم مباشرةً لما لها تأثير سلبي على جودة النوم. كما يُساهم أن يساعد استنشاق الزيوت العطرية في تعزيز الاسترخاء وتقليل التوتر وتحسين جودة النوم، ومن هذه الزيوت ما يلي: [7]

  • زيت اللافندر.
  • زيت الورد.
  • زيت خشب الصندل.
  • زيت زهر البرتقال.
  • زيت البابونج الروماني.
  • الحرص على تناول غذاء متوازن

يساعد تناول غذاء صحي ومتوازن على دعم الصحة النفسية وتقليل مستويات التوتر لدى الشخص، وعادةً ما يُنصح بالتقليل من تناول الأطعمة والمشروبات المعالجة بشكل كبير وتناول المزيد من الأطعمة الصحية، مثل: [1][7]

  • الخضروات.
  • الفواكه.
  • البقوليات.
  • الأسماك.
  • المكسرات والبذور.

كما يجب على مرضى الضغط على وجه الخصوص تجنُّب الأطعمة الغنية بالأملاح والدهون لما لها من تأثير سلبي على ضغط الدم. [3][4]

  • ممارسة تمارين الاسترخاء والتأمل

من الأمور المهمة التي يُمكن أن تساعد في السيطرة على التوتر وارتفاع ضغط الدم هي ممارسة التأمل والتمارين التي تُعزّز من الاسترخاء، مثل: تمارين اليوغا وتمارين التنفس بعمق، حيث يؤدي ذلك إلى تقليل مستويات التوتر، بالإضافة إلى مساهمة تمارين التنفس العميق في الحدّ من ارتفاع ضغط الدم، حيث أنّ هذه الممارسات تعمل على تحفيز الجهاز العصبي اللاودي، الأمر الذي يؤدي إلى تقليل معدل ضربات القلب وضغط الدم. [1][7]

علاوةً على ذلك تساهم ممارسة اليوغا في تقليل إفراز الكورتيزول وتحفيز نشاط  حمض غاما -أمينوبيوتيريك (بالإنجليزية: Gamma Aminobutyric Acid)، وهو أحد أنواع النواقل العصبية المسؤولة عن تحسين المزاج. [7]

  • ترتيب المهام اليومية

يساهم ترتيب المهام اليومية والتخطيط لها في تقليل التوتر لدى الشخص، ولهذا يُنصح بالاستعانة بدفتر لتقسيم المهام وترتيبها من الأكثر أهمية للأقل أهمية، ومن ثم البدء بتنفيذها حسب المستطاع. كما يُنصح بعدم المماطلة والتأجيل في إنجاز المهام بالإضافة إلى عدم إنجاز أكثر من مهمة في نفس الوقت، لأنّ ذلك يزيد من التوتر. [7] 

  • التقليل من استهلاك الكافيين

إنّ التقليل من استهلاك المنتجات الغنية بالكافيين يُمكن أن يُساعد في الحدّ من التوتر والقلق، حيث أنّ الجرعات المرتفعة من الكافيين تزيد من الشعور بالتوتر، وتبلغ الكمية المسموح بتناولها يومياً من الكافيين أقل من 400 مليلتر، أي ما يعادل 4 - 5 أكواب من القهوة. لكن، يجب التنويه إلى أنّه قد تختلف الجرعة المُسبّبة للقلق والتوتر لدى الشخص باختلاف قدرة الجسم على تحمله. [7]

  • قضاء الوقت مع الأهل والأصدقاء أو في الطبيعة

يساهم الدعم الاجتماعي من الأهل والأصدقاء في اجتياز الأوقات العصيبة والتخفيف من الضغط والتوتر النفسي، لذا يُنصح بقضاء المزيد من الوقت مع الأشخاص المقرَّبين الداعمين لتقليل التوتر، وبالتالي خفض احتمالية الإصابة بارتفاع ضغط الدم العصبي. [7]

كما يُمكن أن يساعد قضاء الوقت في أرجاء الطبيعة وتأملها في تحسين الصحة النفسية والفسيولوجية، وبناءً على مراجعة نشرت عام 2024 والتي تضمنت تحليل 14 دراسة أجريت على طلاب جامعات، فقد وجد أنّ قضاء قرابة 10 دقائق في الطبيعة له أثر كبير في الحدّ من التوتر. [7]

أيضًا، يُمكن أن يساعد قضاء الوقت مع الحيوانات الأليفة على التقليل من التوتر، إذ أنّ ذلك يساهم في زيادة إفراز هرمون الأوكسيتوسين، وبالتالي تحسين المزاج وتقليل التوتر. [7]

  • تناول المكملات الغذائية

يُسبب نقص بعض الفيتامينات والمعادن في الشعور بالتوتر والقلق، وهذا ما يُعزّز من أهمية الحفاظ على مستويات طبيعية للفيتامينات والمعادن للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية، ومن أهم هذه المعادن ما يلي: [7]

  • المغنيسيوم.
  • الرديولا (بالإنجليزية: Rhodiola).
  • الأشواغندا (بالإنجليزية: Ashwagandha).
  • فيتامين B.
  • ل-ثيانين (بالإنجليزية: L-theanine).

للمزيد: كيف يمكن التعامل مع الضغط النفسي

نصيحة الطبي

من المهم الحدّ من مستويات التوتر والقلق فذلك يساهم في الحفاظ على الصحة الجسدية والوقاية من مختلف الأمراض والمشكلات الصحية، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم. وللمزيد من المعلومات حول التوتر وارتفاع ضغط الدم، بإمكانك الآن الاستفادة من خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يوفرها موقع الطبي على مدار 24 ساعة وطيلة أيام الأسبوع.