سم

من الممكن أن يكون السم أي مادة طبيعية أو اصطناعية تسبب ضرراً للأنسجة الحية وبالتالي حدوث تسمم عند التعرض للسم، أو أنها تؤدي في بعض الحالات إلى موت الكائن سواءاً كان بشراً أو حيواناً، بما فيها الأدوية، والفيتامينات، والملوثات، والمواد الكيميائية، والمبيدات الحشرية، والأغذية. وقد يتعرض الشخص للسم من خلال العديد من الطرق منها الاستنشاق أو الابتلاع أو الامتصاص أو حقن المادة السامة عن طريق الجلد.

 وعلى الرغم من استخدام السموم منذ العصور القديمة إلا أن دراستها والبحث عنها بدأت في القرن السادس عشر، ولنقول عن أي حالة أنها تسمم ينبغي أن يتوافر بعض العناصر و بالدرجة الأولى السم، و بالطبع الكائن الحي المسموم، ومن ثم ظهور أعراض أو وفاة الشخص عند تعرضه لسم قاتل، وذلك عندما تتراكم في خلايا جسمه أو في العضو المستهدف مستويات كبيرة من المادة السامة وهذا يؤدي إلى تعطيل وظيفة الأنسجة وعدم قيامها بعملها بشكل صحيح.

انواع السموم

لا يقتصر حدوث التسمم بعد التعرض لسم على المواد الكيميائية فحسب، إنما يوجد العديد من أنواع السموم والتي تصنف بطرق عديدة وفيما يلي توضيح ذلك:

السموم بالاعتماد على أصلها

بالاعتماد على أصل السموم يوجد العديد من السموم بما فيها السموم من أصل جرثومي، أو نباتي، أو حيواني، أو صناعي، كما ويمكن أن تنتج السموم الميكروبية من الكائنات الدقيقة المجهرية كالبكتيريا والفطريات، ومن أمثلة السموم النباتية هوسيامين البلادونا القلوي والذي يتواجد في البلادونا.

 أما السموم الحيوانية مثل سم الأفعى فتنتقل من خلال لدغ الحشرات، ولسعات الحيوانات البرية، أو الحيوانات البحرية السامة كقناديل البحر، والنمل، والعقارب، والعناكب. أما عن السموم الاصطناعية فتكون من المواد الكيميائية كالأدوية، ومبيدات الحشرات، والمواد الكيميائية التي نقيت من مصادر طبيعية كالمعادن والمذيبات من البترول، بالإضافة إلى مستحضرات التجميل والمنظفات المنزلية والهيدروكربونات.

السموم بالاعتماد على شكلها الفيزيائي

يتواجد السم بأشكال عديدة منها كمادة صلبة، أو سائلة، أوغازية، أو على شكل بخار، أو رذاذ، ويؤثر شكل مادة السم على الامتصاص، وبشكل عام فإن السم الذي يكون على شكل مادة صلبة لا يتم امتصاصه بشكل جيد في الدم أي يجب إذابته في سائل. 

كما أن السموم الصلبة تذوب بدرجات متفاوتة في السوائل، وعلى سبيل المثال فإن حبيبات الرصاص غير سامة أما كبريتات الرصاص عندما يتم تذوبيها فهي سامة. ويوجد بعض السموم التي يتم التعرض لها من خلال الاستنشاق أو الابتلاع أو عن طريق الجلد كأول أوكسيد الكربون.

السموم بالاعتماد على طبيعتها الكيميائية

تصنف السموم كيميائياً إلى سموم معدنية أو غير معدنية، أو سموم عضوية أو غير عضوية، كما يوجد سموم حمضية وسموم قلوية، وفي الغالب ما يتخلص الجسم من السموم المعدنية بشكل أبطأ من السموم غير المعدنية.

 أما السموم العضوية فهي قابلة للذوبان في الدهون وبالتالي تمر من خلال أغشية الخلايا الغنية بالدهون بشكل أسهل من السموم غير العضوية.

 أما بالنسبة للسموم الحمضية والسموم القلوية فهي تتشابه بكون  كلا النوعين يسبب تآكلاً في العينين والأمعاء والجلد، كما يمكن تصنيف السموم بالاعتماد على نشاط المادة الموجودة في السم.

كما تتضمن انواع السموم ما يلي:

السم الدوائي

يمكن أن يؤدي تناول كميات كبيرة وجرعات زائدة من الأدوية إلى حدوث التسمم الدوائي، ومن أمثلة هذه الأدوية أدوية حاصرات بيتا والتي تستخدم لعلاج أمراض القلب بما فيها الذبحة الصدرية، واضطراب في نبضات القلب، بالإضافة إلى علاج ارتفاع مستويات ضغط الدم، والحماية من الصداع النصفي، والرهاب الاجتماعي، والرعاش.

 ويتسبب التسمم بها إلى أعراض خطيرة من أبرزها ضيق في التنفس، وغيبوبة وفشل في القلب. ومن الأدوية التي يمكن أن تحدث تسمماً الوارفارين وهو من الأدوية المميعة للدم أي التي تمنع التجلط في الدم ويوضع الوارفارين في سموم الفئران وقد يسبب التسمم به نزيفاً قد يؤدي إلى الموت. كما قد يحدث التسمم بالفيتامينات وبشكل خاص فيتامين أ و فيتامين د عندما يتم تناولها بكميات كبيرة.

السم الغذائي

يحدث التسمم الغذائي عندما يتناول الإنسان طعاماً ملوثاً أو فاسداً أو وضع فيه مادة سامة، ويتعرض الكثير من الأشخاص إلى السموم الغذائية، إذ أنه على سبيل الذكر لا الحصر يصيب شخصاً من بين كل 6 أشخاص في أمريكا يصاب بنوع من أنواع التسمم الغذائي، وتسمى السموم التي تفرزها الكائنات الحية الدقيقة في الطعام الملوث بالسموم البيولوجية. 

ومن أكثر أسباب التسمم الغذائي البكتيريا ومن أبرزها السالمونيلا، وقد يكون التسمم الغذائي ناتجاً عن الطفيليات لكنه ليس شائعاً، وعادة ما تكون الطفيليات التي تنتشر في الطعام خطيرة ومن أكثرها شيوعاً التوكسوبلازما، ومع أن الطفيليات قد تعيش في الجهاز الهضمي لسنوات طويلة دون إحداث أي ضرر، لكنها قد تسبب أضراراً خطيرة للأشخاص الذين يعانون من ضعف المناعة وتظهر عليهم آثار جانبية، وبالإضافة إلى ذلك يحدث التسمم الغذائي نتيجة الفيروسات وبالتحديد نورفيروس.

السم العصبي

يقصد بمصطلح سم عصبي المواد الكيميائية التي يسبب التعرض لها إلحاق الضرر على أي جزء من الجهاز العصبي كالأعصاب الطرفية، والنخاع الشوكي، والقشرة الدماغية، ومن أمثلة هذه السموم:

• الكلورفورم.
• الأفيونات.
• الكوكايين.
• القنب.
• الكحوليات.
• الباربيتورات.
• البينزوديازبينات.

كما يوجد غيرها من السموم التي تؤثر بشكل مباشر على القشرة الدماغية وهي من الأجزاء المهمة في الجهاز العصبي، كما تتضمن السموم العصبية الكورار الذي يعتبر أيضاً من السموم الشعبية التي استخدمت منذ القدم، والكونيوم الذي يؤثر على الأعصاب المحيطية مثل الكورار. 

اقرأ أيضاً أنواع التسمم عند الأطفال

اعراض التسمم

يتسبب التسمم أياً كان نوعه بإظهار مجموعة من الأعراض ولكن في بعض الحالات وبشكل خاص التسمم الغذائي قد لا يتم اكتشاف التسمم الغذائي فقد يتأخر ظهور الأعراض، ويعتمد الوقت الذي تستغرقه الأعراض للظهور على مصدر التسمم والعدوى وقد يتراوح ما بين ساعة وحتى 28 يوماً، وبجميع الأحوال فإن أعراض التسمم الغذائي تتضمن الآتي:

• المغص.
• الإسهال.
• ارتفاع بسيط في درجة الحرارة.
• فقدان الشهية.
• الصداع.
• التقيؤ.
• التعب والإرهاق.

كما وتتضمن أعراض السم القاتل والذي يحدث تسمماً غذائياً مصحوباً بأعراض تهدد حياة المصاب، ومن أبرز هذه الأعراض ما يلي:

• استمرار الإسهال ولمدة تزيد عن 3 أيام.
• ارتفاع في درجة الحرارة لما يزيد عن 101.5 فهرنهايت.
• اضطراب في الرؤية.
• ظهور أعراض الجفاف كجفاف الفم وإخراج القليل من البول أو عدم إخراجه، وعدم القدرة على الحفاظ على السوائل، وظهور دم في البول، ومن الضروري عند ظهور أي من هذه الأعراض مراجعة الطبيب بشكل فوري.

كما وتتضمن أعراض التسمم الآتي:

• سيلان اللعاب بشكل كبير.
• جفاف في الفم والجلد.
• اضطراب في نبضات القلب فقد يحدث تباطؤ وقد يحدث تسارع.
• ضيق في التنفس أو تسارع التنفس.
• قد يعاني المتسمم من ألم وقد لا يصيبه أي تعب وألم.
• النعاس.
• النشاط والحركة الزائدة.

اقرأ أيضاً ما هو تسمم الماء؟

تسمم الباراسيتامول

يعد الباراسيتامول أو كما يعرف بالأسيتامينوفين من المسكنات التي تستخدم بشكل كبير ويوجد ما يزيد عن 100 مستحضر دوائي بأسماء تجارية مختلفة تحتوي على الباراسيتامول، ويمكن استخدامه للأطفال والأفراد البالغين والرضع. ومع أن الباراسيتامول آمن الاستخدام إلا أنه في كثير من الحالات قد يسبب سمية، وذلك عندما تكون الجرعة المأخوذة أكثر من 7.5 غرام عند الأفراد البالغين خلال يوم واحد وهذا للجرعة الفموية.

أما الباراسيتامول الوريدي فيحدث كثير من الحالات من التسمم والوفيات عند استخدامه في المستشفيات، وذلك عند أخذ جرعات زائدة أو عند حدوث خطأ في حساب الجرعة الحقيقية، وتحدث السمية بالباراسيتامول عندما تكون الجرعة الوريدية في الغالب أكثر من 150 ملليغرام.

ومن الممكن ألا يسبب التسمم الخفيف بالباراسيتامول إظهار أية أعراض، لكن أعراض التسمم بالباراسيتامول والذي يكون حاداً تظهر بعد مرور يومين من أخذ الجرعة العالية، وتتضمن ألم في البطن، والغثيان، وفقدان في الشهية، والفشل الكلوي، والتهاب في البنكرياس، وقد تتطور الحالة ليظهر فشل في مجموعة من أعضاء الجسم.

علاج التسمم 

كما أشرنا أعلاه يحدث التسمم نتيجة التعرض لنوع من أنواع السموم الكثيرة، ويعد التعرض لسم حالة طبية طارئة تستدعي نقل المصاب إلى المستشفى بشكل فوري، ومع ذلك ينبغي إجراء بعض التدابير وأخذ الاحتياطات المنزلية عند تسمم شخص ما، ويتضمن إبطال مفعول السم وعلاج السم الخيارات التالية:

• من المهم عند الشك بأن شخص ما تعرض لأحد أنواع التسمم الاتصال بشكل فوري بسيارة الإسعاف أو المركز الوطني لمكافحة السموم لأخذ الإرشادات لكيفية التعامل مع الحالة.
• ينبغي عدم فعل أي شيء يسبب التقيؤ للشخص المتسمم أو إعطاء أي دواء للاستفراغ.
• عدم إعطاء الفحم النشط.

أما العلاجات في المستشفى فتتضمن الخيارات التالية:

• الأتروبين: يستخدم الأتروبين لعلاج تسمم المبيدات الحشرية والغازات السامة التي تؤثر على الأعصاب، كما ويعطى في حالات السمية للباراسيتامول.
• الميكوميست: وهو دواء يعطى لمساعدة الجسم في التخلص من السم، وقد يسبب هذا الدواء انخفاضاً في مستوى السكر وعليه فيجب إعطاؤه بحذر للمصابين بالسكر الذين يأخذون أنسولين أو علاجات فموية للسكري تجنباً لمضاعفات انخفاض السكر.
• التخليص من السم: يلجأ الطبيب إلى بعض الأساليب لتخليص الجسم من السم كإدخال أنبوب بلاستيكي لحماية الشخص من الاختناق عند التقيؤ وذلك عندما يكون مغمى عليه، وإعطاء الفحم النشط الذي يمتص السم.