يوجد العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على الرئة، مثل الالتهابات، والأمراض الوراثية، والعوامل البيئية، إلا أن التدخين يعد أحد أخطر هذه العوامل، فهو يغير من بنية الرئة ويؤثر سلبًا على وظائفها. [1]
يناقش هذا المقال كل ما يخص رئة المدخن، بما في ذلك تأثير التدخين على الرئة، والفرق ما بين رئة المدخنين ورئة الأفراد غير المدخنين، بالإضافة إلى العلاقة ما بين التدخين وسرطان الرئة.
محتويات المقال
الفرق بين رئة المدخن ورئة غير المدخن
يؤدي التدخين إلى تغيرات في مظهر الرئتين، وهناك بعض الاختبارات التشخيصية التي تؤكد الفرق بين رئة المدخن وغير المدخن، مثل المسح باستخدام التصوير المقطعي المحوسب أو فحص الصدر باستخدام الأشعة السينية. [1]
ويمكن أن تشمل أهم الاختلافات بين رئة المدخن ورئة غير المدخن ما يلي: [1،2]
- اللون: يكون لون الرئة الطبيعية ورديًا في حين يصبح لون رئة المدخن رماديًا أو أسود، وهو أمر يحدث نتيجة لتراكم القطران المتواجد في السجائر والتبغ داخل الرئتين.
- الحجم: تكون رئة المدخن منتفخة وأكبر من الحجم الطبيعي، وهو أمر يحدث نتيجة لتسبب التدخين بتلف جدران الرئتين والإصابة بانتفاخ الرئة.
- الالتهاب: تخلو الرئة في الوضع الطبيعي الصحي من الالتهاب، في حين غالبًا ما يكون هناك نوع من الالتهابات في رئة المدخن.
- الحجاب الحاجز: يكون الحجاب الحاجز لدى الفرد غير المدخن على شكل قبة، أما لدى المدخن فتفقد عضلات الحجاب الحاجز مرونتها، وهذا ما يؤدي إلى تغير شكله.
بالإضافة إلى التغيرات البنيوية التي قد تحدث في رئة المدخن، فهناك أيضًا تغيرات في وظيفة الرئة تحدث بسبب التدخين. ومن المهم ذكره أن مقدار الوقت الذي يستغرقه ظهور التغييرات البنيوية والوظيفية في الرئة نتيجة التدخين يختلف من فرد لآخر. [1]
تأثير التدخين على الرئة
يوجد في السجائر الكثير من المواد الكيميائية، مثل النيكوتين والقطران، والتي تتسبب بتلف وقلة حركة الأهداب، وهي عبارة عن شعيرات صغيرة تتواجد في مجرى الهواء تقوم بتنظيف وإزالة المواد الكيميائية والغبار والأوساخ من مجرى التنفس. كما يمكن أن تتسبب هذه المواد بزيادة إنتاج المخاط لدى الفرد المدخن. [1،2]
كل هذه العوامل تؤدي إلى الإضرار برئة المدخن وجعلها غير قادرة على القيام بوظيفتها بشكل صحيح. [2]
ويمكن أن تتضمن أهم التغيرات التي تحصل في الرئة بسبب التدخين ما يلي:
زيادة إنتاج المخاط
يسبب التدخين إنتاج المزيد من المخاط (البلغم) وهو أمر يحدث بشكل أساسي نتيجة لتسبب تدخين السجائر بتدمير الخلايا التي تبطن مجرى الهواء، الأمر الذي يؤدي إلى تطور الخلايا الالتهابية، والتي تتسبب بزيادة إفراز المخاط. [1]
وبالإضافة إلى هذه الزيادة في إنتاج المخاط يمكن أن يتسبب التدخين بتغيير قوام المخاط ويجعله أكثر سمكًا لدى الفرد المدخن. [1]
انخفاض تبادل الغازات
تحتوي الرئتان على عدد كبير من الشعيرات الدموية وهي عبارة عن أوعية دموية صغيرة تأخذ الأكسجين من هواء الشهيق. ولكن في رئة المدخن تكون جدران هذه الشعيرات الدموية سميكة ومتندبة، وهو أمر يتسبب بإعاقة عملية تبادل الغازات في الرئتين، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الأكسجين في الدم. [1]
تضيق القصبات الهوائية
تلحق المواد الكيميائية الموجودة في السجائر الضرر بأنسجة الرئتين، مما يؤدي إلى الالتهاب الذي ينتج عنه تضيق القصبات الهوائية، ويؤدي ذلك إلى الصفير في أثناء الشهيق والزفير. [1]
تضرر أهداب وخلايا الرئة
يسبب التدخين تدريجيًا ضررًا في أهداب وخلايا الرئة، وقد ينتج عن ذلك العديد من المشاكل الصحية، مثل:
- ضيق التنفس
تؤدي التغيرات التي تحصل لرئة المدخن، بما في ذلك تدمير الأهداب، وتلف الخلايا التي تبطن المجاري الهوائية، وزيادة المخاط، إلى معاناة المدخن من ضيق التنفس والذي يمكن أن يحدث حتى عند بذله لمجهود بدني خفيف. [1،2]
- السعال المزمن
تفقد الأهداب المتواجدة في مجرى الهواء لدى المدخن لوظيفتها الطبيعية المتمثلة بإبقاء الأوساخ والمهيجات الأخرى خارج الرئتين، وهذا ما يؤدي دخولها إلى الشعب الهوائية ووصولها إلى الرئة، وهو ما يتسبب بإصابة المدخن بالسعال المزمن. [1]
اقرأ للمزيد: أمراض يسببها التدخين
رئة المدخن وسرطان الرئة
يعد سرطان الرئة أكثر شيوعًا بين المدخنين مقارنةً بغير المدخنين، حيث يتسبب التدخين بالالتهاب المزمن في الرئة، المعروف بأنه عامل الخطورة الأساسي للإصابة بسرطان الرئة. كما تمثل رئة المدخن بيئة فريدة لتكاثر خلايا السرطان، إذ يحتوي دخان السجائر على مواد مسرطنة بالإضافة إلى الجذور الحرة التفاعلية التي تؤدي إلى الالتهاب وإضعاف وظيفة الخلايا الظهارية والبطانية. [3]
لذلك، يعد التدخين عامل الخطر الرئيسي لسرطان الرئة. وكلما طالت مدة التدخين وكان معدل استهلاك السجائر المدخنة يوميًا أعلى، كلما زادت مخاطر الإصابة بسرطان الرئة. [3،4]
يجدر الذكر أن تدخين السجائر ذات نسبة القطران المنخفضة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة مثل السجائر العادية، ويؤدي تدخين سجائر المنثول إلى زيادة المخاطر بشكل أكبر، وذلك لأن المنثول يسمح باستنشاق دخان السجائر وما يحتويه من سموم بعمق أكبر. [4]
ليس ذلك فقط، تزداد مخاطر مضاعفات سرطان الرئة المهددة للحياة نتيجة التدخين، خصوصًا سرطان الرئة ذو الخلايا الصغيرة (بالانجليزية: Small Cell Lung Cancer)، في المقابل، يعد من النادر أن يصاب فرد لم يدخن مطلقًا بهذا النوع من سرطان الرئة. [4]
اقرأ أيضًا أنواع سرطان الرئة
هل يساعد الإقلاع عن التدخين في إصلاح رئة المدخن؟
يساعد الإقلاع عن التدخين في تحسين العديد من وظائف الرئة، مثل التنفس وتبادل الغازات، بالإضافة إلى أنه يعمل على الحد من تفاقم المشاكل الصحية الناتجة عن التدخين، ويحد من مخاطر الإصابة بسرطان الرئة. [5]
وعلى الرغم من أن بعض الضرر الذي يتسبب به التدخين للرئة قد يكون دائمًا، إلا أنه في اللحظة التي يتوقف فيها المدخن عن التدخين، تبدأ الرئة بإصلاح نفسها. في الواقع، بعد 12 ساعة فقط من ترك التدخين، يتدفق المزيد من الأكسجين إلى مختلف أعضاء الجسم، وتنخفض كمية أول أكسيد الكربون في الدم، وتتحسن عملية التنفس، وتبدأ الأهداب باستعادة نشاطها مجددًا. [5]
يمكن أن يكون الإقلاع عن التدخين ليس بالأمر السهل، ففي البداية، قد يعاني الفرد من السعال بشكل أكبر، ولكن هذا يدل على أن الأهداب تساعد في إزالة المخاط الزائد من رئة المدخن، وهذا ما يحسن الطريقة التي تعمل بها الرئتين. [5]
وينصح بشكل عام بالتحدث إلى مقدم الرعاية الصحية حول الطرق التي يمكن من خلالها التوقف عن التدخين وعدم الرجوع إليه مرة أخرى. [5]
اقرأ أيضًا: بدائل النيكوتين
نهاية، يغير التدخين مظهر وبنية الرئتين ويسبب تغيرات وظيفية فيها، حيث تتسم رئة المدخن بتلف في الشعيرات الدموية، والأهداب، والخلايا التي تبطن مجرى الهواء. وهذا التلف يؤدي إلى ظهور أعراض مختلفة، مثل السعال المزمن. لكن من الممكن أن يساعد الإقلاع عن التدخين على إصلاح تلف الرئة الناتج عن التدخين.