يعتمد اختيار مسكّن الألم للحامل على موضع الألم وحدّته، ومدى تأثير المسكّن على الحامل وجنينها، فقد يكفي استخدام مركّب الباراسيتامول (بالإنجليزية: Paracetamol) للآلام الخفيفة أو المتوسّطة، أمّا الآلام الشديدة والمزمنة فتحتاج إلى أنواع أخرى من المسكنّات. [1][2][3]

كما ينطوي استخدام مسكنات الألم للحامل على العديد من الآثار الجانبية، التي تصل في بعض الأحيان إلى الإجهاض وانغلاق الأوعية الدموية عند الجنين، ولهذا فإن اختيار المسكن المناسب لا بدّ أن يتمّ وفقًا لاستشارة الطبيب. [1][2][3]

يُناقش هذا المقال مسكنات الألم الفموية للحامل، ويذكر أنواع المسكنات الموضعيّة أيضًا، بالإضافة إلى بعض النصائح للتعامل مع الآلام المزمنة أثناء فترة الحمل.

مسكنات الألم الفموية للحامل

يُقصد بمسكنات الألم الفموية الأقراص والحبوب، وتشمل العديد من المركّبات، مثل: الباراسيتامول، والأسبرين، والأفيونات (المواد المخدرة)، التي نوضحها فيما يلي ونشير إلى أمان استخدامها وتأُثيراتها على الحامل وجنينها. [1][2][3]

الباراسيتامول

تُعرف هذه التركيبة الدوائية أيضًا باسم الأسيتامينوفين (بالإنجليزية: Acetaminophen)؛ وتعدّ الخيار الأول لعلاج الألم أثناء الحمل، ولكن استخدامها لا بدّ أن يقتصر على مدة قصيرة وأقلّ جرعة ممكنة، كما وتُصنّفها المراجع الدوائية ضمن فئة (ب)؛ أي أن الدراسات المجراة على هذه التركيبة لم تسبب أي تشوهات خلقية لدى الأجنة الحيوانية. [1]

تم نشر دراسة تحليلية في مجلة JAMA عام 2024، والتي بحثت الارتباط ما بين استخدام الباراسيتامول أثناء الحمل واحتمالية إصابة الطفل بالتوحّد، واشتملت الدراسة على أكثر من مليوني طفلٍ، وكانت نتيجتها بأنّه لا يوجد أيّ ارتباطٍ مباشر بين استخدام الباراسيتامول والتسبب بالتوحّد أو الإصابة بالإعاقة الذهنية لدى الأطفال. [2]

بالرغم من أنّ شريحة المُشاركين في الدراسة السابقة هي الأوسع، لكنّها اعتمدت على الباراسيتامول الموصوف في الوصفات الطبيّة، أو تقرير استخدامه من قبل الحامل ذاتها، ولم تأخذ بعين الاعتبار مرّات استخدامه دون وصفة طبية، وهذا ما يجعلنا بحاجة إلى المزيد من الدراسات للتحقق. [2]

اقرأ أيضًا: كيف تستخدم الحامل الباراسيتامول؟ دليل شامل

مضادات الالتهاب اللاستيرويدية

تضمّ هذه المجموعة الدوائيّة عدّة مركّبات؛ مثل الآيبوبروفين (بالإنجليزية: Ibuprofen)، والنابروكسين (بالإنجليزية: Naproxen)، والسيليكوكسيب (بالإنجليزية: Celecoxib)، وتوصي هيئة سلامة الأدوية والأجهزة الطبية في نيوزيلندا بتجنّب استخدامها خلال الحمل، إلا إذا سمح الطبيب بذلك، وكانت فوائد الاستخدام تفوق المخاطر. [1][3]

كما يُمنع استخدام مضادات الالتهاب اللاستيرويدية خلال الثلث الثاني والثالث من الحمل، حيث إنها قد تُسبب المخاطر الآتية: [1][3]

  • زيادة فترة المخاض وكميّة النزيف بعد الولادة.
  • تأثيرات على الجنين في الرحم، بما فيها انخفاض السائل الأمينوسي المحيط بالجنين، وانغلاق القناة الشريانية السالكة مبكرًا، بالإضافة إلى القصور الكلوي.
  • تأثيرات على الطفل المولود:، مثل: ارتفاع ضغط الدم الرئوي، ومتلازمة الضائقة التنفّسية، خلل التنسج القصبي الرئوي، الفشل الكلوي، والنزيف داخل البطيني.

وعلى وجه الخصوص، يُعدّ الأسبرين (بالإنجليزية: Aspirin) واحدًا من أنواع مضادات الالتهاب اللاستيرويدية؛ إلّا أنّ الجرعات المنخفضة من الأسبرين قد لا تُفيد في تخفيف الآلام عند النساء الحوامل، في المقابل يُمكن أن تؤدي الجرعات المرتفعة من هذا الدواء إلى بعض الآثار الجانبية وتشمل ما يلي: [4][5]

  • التأثير على نمو الجنين داخل الرحم والتسبب بالتشوّهات أيضًا.
  • انغلاق القناة الشريانية قبل موعدها، لا سيّما عند استخدام الأسبرين خلال الثلث الأخير من الحمل.
  • الإصابة بارتفاع ضغط الدم الرئوي لدى المولود.
  • اليرقان النَوَوي (بالإنجليزية: Kernicterus)؛ وهو ضرر دماغيّ ناتج عن تراكم صبغة البيليروبين.

يستخدم الأسبرين في حالة تسمم الحمل؛ التي تتمثّل مضاعفاتها بارتفاع ضغط الدم ووجود البروتينات في البول، وعادة ما يُعطى بجرعة مخفّضة بعد الأسبوع 12 من الحمل، وقد يُفيد في تقليل مخاطر الولادة المبكرة والجلطات الدموية. [4][5]

اقرأ أيضًا: استخدام الأدوية خلال فترة الحمل

المسكنات الأفيونية

تُعرف المسكنات الأفيونية بكونها مواد مخدرة، يوصى بتجنّب استخدام المسكنات الأفيونيّة خلال الحمل، إذ ينطوي استخدامها على العديد من المضاعفات والتأثيرات الجانبيّة، ولكنّ الطبيب قد يسمح باستخدامها خلال الحمل، حسب درجة الألم، وتبعًا للمضاعفات التي قد يتعرض لها الجنين. [6][7]

قد يُسبب استخدام المسكنات الأفيونيّة الإجهاض، أو الولادة المبكرة، أو ضعفًا في نمو الجنين، ويُذكر من المضاعفات التي تتعرّض لها الحامل وطفلها عند استخدام المسكنات الأفيونية: [6][7]

  • المضاعفات على صحة الأم: قد تتفاقم المشاكل المتعلّقة بالإسهال، والغثيان، والتقيؤ.
  • المضاعفات على صحة الجنين: تدهور الجهاز التنفسي أو نقص التهوية، لا سيّما مع الاستخدام المطوّل للأفيونات أو استخدامها في الأسابيع القليلة التي تسبق الولادة.

وربّما تظهر بعض الأعراض الانسحابيّة على الطفل، وذلك بعد يومين من الولادة، وتستمر حتّى أسبوعين، وذلك في حال توقّفت الأم عن استخدام الأفيونات قبل الولادة بمدّة قصيرة، وتتمثّل الأعراض الانسحابية بما يلي: [6][7]

  • صعوبة التنفس.
  • النعاس الشديد.
  • التعرق.
  • الإسهال.
  • التقيؤ.
  • الارتعاش. 

يستدعي استخدام الأفيونات خلال الحمل إجراء المراقبة الدورية، لا سيّما أنها قد تُسبب الإدمان، وتتضمّن أنواع المسكنات الأفيونية ما يلي: [6][7]

  • المسكنات الأفيونية الضعيفة، مثل: الكوديين (بالإنجليزية: Codeine)، والديهيدروكودين (بالإنجليزية: Dihydrocodeine)، والترامادول (بالإنجليزية: Tramadol)، وقد يسمح الطبيب باستخدامها مع الباراسيتامول لتخفيف الآلام الخفيفة إلى المتوسطة.
  • المسكنات الأفيونية القويّة، مثل: البوبرينورفين (بالإنجليزية: Buprenorphine)، والفنتانيل (بالإنجليزية: Fentanyl)، والمورفين (بالإنجليزية: Morphine)، والأوكسيكودون (بالإنجليزية: Oxycodone)، وتستخدم للآلام الشديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار أيّ مخاطر يتعرض لها الحمل.

اقرأ أيضًا: كيفية علاج الصداع النصفي للحامل

مسكنات الألم الموضعية للحامل

تُشير جمعية أطباء الطوارئ المقيمين في الولايات المتحدة إلى إمكانية استخدام بعض المسكنات الموضعية أثناء الحمل، مع ضرورة تجنّب وضعها على الأغشية المخاطية في الجسم، ومن الأمثلة على مسكنات الألم الموضعية التي يمكن للحامل استخدامها تحت الإشراف الطبي: [1][6]

  • لاصقات ليدوكائين (بالإنجليزية: Lidocaine) بتركيز 4-5%.
  • كريم بريلوكائين وليدوكائين (بالإنجليزية: Prilocaine and Lidocaine) بتركيز 5%.
  • كريم الكابسيسين؛ الذي يعدّ أحد المواد الفعالة في الفلفل الحار.
  • مادة المنثول.

نصائح للتعامل مع الألم أثناء الحمل

يوصى بالتوجّه إلى الطبيب عند الشعور بألم أثناء الحمل، فقد يعد الألم عرضًا أو مؤشرًا لحالة صحية خطيرة، لا سيّما الآلام التي تظهر فجأة أو تزداد حدّتها، ونوضح فيما يلي بعض النصائح للتعامل مع الألم المزمن أثناء الحمل: [1][8]

  • استشارة الطبيب قبل استخدام أيّ مسكن، أو عند اكتشاف الحمل أثناء استخدام مُسكّن معين.
  • الحفاظ على صحّة الحمل والالتزام بعادات صحيّة تتمثّل بالحصول على قسط كافٍ من النوم، وتناول وجبات غذائية متوازنة، والتقليل من الضغوطات النفسيّة، فقد تُفيد في التخفيف من حدّة الآلام.
  • الالتحاق بالأنشطة الرياضية المخصصة للحوامل، التي تتضمّن تمارين الإطالة الخفيفة والسباحة والمشي؛ حيث تُفيد هذه التمارين في الحفاظ على مرونة العضلات وقوتها، وتحسين المزاج، وتخفيف الآلام.
  • أخذ الاستشارة الطبية فيما يتعلّق بالمكملات الغذائية والأطعمة التي تمتلك خصائص مضادة للالتهابات، مثل: الفواكه، والحبوب الكاملة، والزبادي، والكركم، والزنجبيل.
  • أداء بعض تمارين الاسترخاء التي تتمثل باليوغا والتدليك والتأمّل؛ بعد التأكد من أمانها للمرأة الحامل، وتعلم أدائها بالطريقة الصحيحة.
  • قد يفيد الاستحمام بالماء الدافئ الذي لا تتجاوز حرارته 37 درجة مئوية في تخفيف الآلام، كما يمكن استخدام الكمادات الدافئة دون وضعها على منطقة البطن، أو استخدام الكمادات الباردة وتطبيقها على المفاصل أو الجبهة أو العنق.

نصيحة الطبي

يختار الطبيب مسكن الألم المناسب للحامل، حسب حدّة الألم وموضعه واستمراريته، وتؤخذ التأثيرات الجانبية للمسكنات بعين الاعتبار، ويوصي في هذا الصدد بالمراجعة الدورية مع الطبيب، والتزام الحامل بعادات صحيّة.

بإمكانك الآن التحدث مع طبيب معتمد عن مسكنات الألم للحامل؛ عبر مكالمة صوتية أو محادثة نصيّة، وذلك من خلال خدمة الاستشارات الطبية عن بعد التي يُقدمها موقع الطبي.