مضاعفات الحمل: كيف تؤثر على الأم والجنين؟

تمرّ معظم حالات الحمل بسلام، لكن الحقيقة التي قد لا تعرفها كثير من النساء أن نحو 8% من حالات الحمل قد تترافق مع مضاعفات صحية تهدد الأم أو الجنين إذا لم تُكتشف وتُعالج مبكرًا. بعض هذه المضاعفات يكون مرتبطًا بأمراض سابقة لدى الأم، بينما يظهر بعضها الآخر فجأة ودون أي إنذار. في هذا المقال، نسلّط الضوء على مضاعفات الحمل الشائعة، أعراضها المبكرة. [1][2]

1. سكري الحمل

يُعد سكري الحمل من أكثر مضاعفات الحمل شيوعًا، وهو نوع يظهر فقط خلال فترة الحمل. ورغم خطورته المحتملة، إلا أنه غالبًا ما يكون صامتًا دون أعراض واضحة، ولكن قد تشكو النساء من الأعراض الآتية: [2]

• إرهاق غير معتاد.
• عطش شديد.
• زيادة ملحوظة في كمية وتكرار التبول.
• صداع متكرر.

عادةً ما يُجري الأطباء فحص سكري الحمل بين الأسبوعين 24- 28 من الحمل، وقد يُطلب مبكرًا لدى النساء الأكثر عرضة، مثل من لديهن زيادة في الوزن أو تاريخ سابق للإصابة بسكري الحمل. وعند إهمال علاج سكري الحمل وارتفاع مستويات السكر في الدم، قد تظهر مضاعفات خطيرة على الأم: [1][2]

• زيادة السائل الأمنيوسي، مما يرفع خطر الولادة المبكرة.
• صعوبة الولادة الطبيعية أو الحاجة إلى الولادة القيصرية بسبب كبر حجم الجنين.
• زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم الحملي أو تسمم الحمل.
• ارتفاع احتمال الإصابة بالسكري بعد الولادة أو تطور السكري من النوع الثاني لاحقًا، بنسبة تصل إلى 20- 50% خلال 5–10 سنوات.

أمّا بالنسبة للجنين، فمن المضاعفات التي قد يتعرض لها بسبب سكري الحمل: [1][2]

• زيادة الوزن عند الولادة لأكثر من 4 كغم.
• انخفاض مستوى السكر في الدم بعد الولادة.
• انحشار الكتفين أثناء الولادة.
• ارتفاع خطر السمنة واضطرابات تحمل الجلوكوز في سن مبكرة.
• احتمال طفيف لظهور اليرقان، نقص الكالسيوم، أو صعوبات في التنفس.

2. القيء الحملي المفرط

تعاني كثير من النساء خلال الحمل من الغثيان أو القيء، وهي حالة شائعة تُعرف باسم غثيان الصباح، وتظهر غالبًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى. لكن في بعض الحالات، يكون الغثيان والتقيؤ شديدًا، مما يدل على الإصابة بالقيء الحملي المفرط، وهو اضطراب أكثر شدة يتمثل في غثيان وقيء مستمرين قد يؤديان إلى فقدان الوزن والجفاف واضطراب توازن الأملاح في الجسم، وقد يستدعي ذلك تدخلًا طبيًا وعلاجًا مكثفًا لحماية صحة الأم والجنين. [6]

3. المشيمة المنزاحة

المشيمة المنزاحة هي حالة تتموضع فيها المشيمة في الجزء السفلي من الرحم، بحيث تغطي عنق الرحم كليًا أو جزئيًا، بدلًا من تموضعها الطبيعي في أعلى الرحم. وتختلف شدة هذه الحالة بحسب موقع المشيمة، وتنقسم إلى عدة أنواع: [3]

• المشيمة المنزاحة الهامشية: تكون المشيمة قريبة من حافة عنق الرحم دون أن تغطيه، وغالبًا ما تتحسن تلقائيًا وتختفي مع تقدم الحمل.
• المشيمة المنزاحة الجزئية: تغطي المشيمة جزءًا من عنق الرحم، مما يزيد خطر النزيف مع تقدم الحمل.
• المشيمة المنزاحة الكاملة: تغطي المشيمة عنق الرحم بالكامل، وهي الحالة الأكثر خطورة، وغالبًا لا تزول من تلقاء نفسها.

تشمل الأعراض الشائعة للمشيمة المنزاحة حدوث نزيف مهبلي بلون أحمر فاتح، يظهر غالبًا خلال النصف الثاني من الحمل، وقد يتوقف لفترة ثم يعاود الظهور مجددًا. كما قد تعاني الحامل من تقلصات أو انقباضات خفيفة في البطن أو الحوض أو أسفل الظهر، وقد تكون هذه الانقباضات متقطعة أو مستمرة. [3]

وتختلف شدة النزيف الناتج عن المشيمة المنزاحة من حالة لأخرى، فقد يكون خفيفًا أو شديدًا. وفي حال حدوث نزيف حاد، قد تستدعي الحالة الدخول إلى المستشفى للمتابعة والعلاج. وبسبب موقع المشيمة، تُعد الولادة القيصرية الخيار الأكثر أمانًا في معظم الحالات، وغالبًا ما يُحدد موعدها قبل الموعد المتوقع للولادة بنحو 2- 4 أسابيع لتقليل خطر المضاعفات. [1][3]

4. ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل

يُشخَّص ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل عندما تصل قراءات ضغط الدم إلى 140/90 ملم زئبق أو أكثر، وغالبًا ما يظهر خلال النصف الثاني من الحمل، بعد الأسبوع العشرين. وفي كثير من الحالات، قد لا يسبب ارتفاع الضغط أي أعراض واضحة، إلا أنّ بعض النساء قد يعانين من أعراض تحذيرية، مثل: [1][3][4]

• التورم (الوذمة).
• الصداع.
• زيادة مفاجئة في الوزن.
• اضطرابات أو تشوش في الرؤية.
• الغثيان أو القيء.
• قلة التبول.
• ألم في البطن.

خلال الحمل، قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى ضعف تدفق الدم إلى المشيمة، مما يقلل من وصول الأكسجين والعناصر الغذائية إلى الجنين، وهذا يزيد خطر حدوث مضاعفات صحية، من أبرزها: [1][4]

• تأخر نمو الجنين.
• الولادة المبكرة.
• زيادة خطر الإصابة بتسمم الحمل.
• النوبات.
• السكتة الدماغية.
• الفشل الكلوي المؤقت.
• اضطرابات وظائف الكبد.
• مشاكل في تخثر الدم.

لذا تحتاج النساء اللواتي يعانين من ارتفاع ضغط الدم قبل الحمل إلى متابعة طبية دقيقة وضبط الأدوية المناسبة طوال فترة الحمل. أما إذا ظهر ارتفاع ضغط الدم للمرة الأولى أثناء الحمل، فيُعرف باسم ارتفاع ضغط الدم الحملي، وغالبًا ما يظهر في النصف الثاني من الحمل ويختفي بعد الولادة. [1][4]

5. ما قبل تسمم الحمل

ما قبل تسمم الحمل أو مقدمات الارتعاج (Preeclampsia) هي حالة خطيرة من مضاعفات الحمل، تتميز بارتفاع ضغط الدم إلى 140/90 ملم زئبق أو أكثر، مع زيادة ملحوظة في كمية البروتين في البول. تظهر هذه الحالة غالبًا بعد الأسبوع العشرين من الحمل، لكنها قد تحدث في وقت أبكر في بعض الحالات. لذا من الضروري مراجعة أقرب مركز طوارئ عند ظهور الأعراض الآتية: [1][5]

• زيادة مفاجئة في الوزن خلال يوم أو يومين نتيجة احتباس السوائل.
• تورم في اليدين أو الوجه أو القدمين.
• غثيان وقيء شديدان.
• صداع شديد ومستمر.
• دوخة.
• ألم أسفل الأضلاع.
• ألم في الكتف.
• اضطرابات في الرؤية، مثل تشوش الرؤية أو الحساسية للضوء.
• ألم في البطن، خاصة في الجزء العلوي الأيمن.
• تغيّرات في ردود الفعل أو الحالة النفسية.
• قلة التبول أو انعدامه.
• صعوبة في التنفس.

مع أنّ معظم النساء المصابات بمقدمات تسمم الحمل يلدن بأمان ويتعافين بعد الولادة، لكن عدم التشخيص أو التأخر في العلاج قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة تهدد حياة الأم، مثل: [1][5]

• تسمم الحمل (Eclampsia): وهو الشكل الأشد من الحالة، وقد يسبب نوبات صرع وتلفًا في الدماغ، ويتطلب تدخلًا طبيًا عاجلًا وولادة فورية.
• زيادة خطر الإصابة بأمراض القلب مستقبلًا.
• متلازمة هيلب (HELLP): حالة نادرة لكنها شديدة الخطورة، تصيب نحو 15% من النساء المصابات، خاصة بعد سن 35 عامًا، وقد تشمل أعراضها:
  • ألم في البطن أو الصدر.
  • ضيق في التنفس.
  • غثيان وقيء.
  • صداع مستمر.
  • اضطرابات في الرؤية.
  • تورم في الوجه أو اليدين.
  • نوبات صرع.
  • فشل كلوي مؤقت.
  • مشاكل في وظائف الكبد.
  • نزيف.

ومن المضاعفات التي تُصيب الجنين بسبب مقدمات تسمم الحمل: [1][5]

• تباطؤ نمو الجنين.
• انخفاض كمية السائل الأمنيوسي.
• الولادة المبكرة.
• زيادة خطر وفاة حديثي الولادة.

6. فقر الدم

فقر الدم هو انخفاض عدد خلايا الدم الحمراء السليمة عن المعدل الطبيعي، وهي الخلايا المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم. وخلال فترة الحمل، تزداد حاجة الجسم إلى الحديد لدعم نمو الجنين وزيادة حجم الدم لدى الأم، مما يجعل الحوامل أكثر عرضة للإصابة بفقر الدم الناتج عن نقص الحديد. [6]

وقد تظهر على الحامل المصابة بفقر الدم أعراض، منها: [6]

• الشعور بالتعب والإرهاق العام.
• الضعف وقلة القدرة على بذل المجهود.
• شحوب البشرة.

وللوقاية من فقر الدم أو التحكم به خلال الحمل، قد يوصي الطبيب بتناول مكملات الحديد مع حمض الفوليك، إلى جانب المتابعة الدورية لمستويات الهيموغلوبين، لضمان صحة الأم وسلامة الجنين. [6]

مضاعفات أخرى قد تحدث أثناء الحمل

إلى جانب المضاعفات الشائعة، قد تواجه بعض النساء خلال الحمل مشكلات صحية أخرى تختلف في شدّتها وتأثيرها، ومن أبرزها: [7]

• الحمل خارج الرحم:

يحدث عندما تنغرس البويضة المخصبة خارج الرحم، وغالبًا في قناة فالوب. ولا يمكن للحمل الاستمرار في هذه الحالة، إذ لا تستطيع البويضة النمو خارج الرحم، ما يستدعي العلاج الدوائي أو التدخل الجراحي لإزالة النسيج ومنع حدوث مضاعفات خطيرة.

• العدوى أثناء الحمل:

تشمل التهابات المسالك البولية، وعدوى الخميرة، والتهاب المهبل البكتيري، وبكتيريا العقديات من المجموعة (B)، إضافةً إلى الأمراض المنقولة جنسيًا. وقد تؤدي بعض هذه العدوى إلى مضاعفات للحمل، كما يمكن أن تنتقل أنواع معيّنة منها إلى الجنين أثناء الحمل أو الولادة.

• الإجهاض:

يُعرَّف الإجهاض بأنه فقدان الحمل خلال الأسابيع العشرين الأولى. وتشير التقديرات إلى أن نحو 10–20% من حالات الحمل تنتهي بالإجهاض، ويحدث أكثر من 80% منها خلال الأشهر الثلاثة الأولى.

• الولادة المبكرة:

تحدث عندما يبدأ المخاض قبل الأسبوع 37 من الحمل، وقد تؤدي إلى ولادة طفل منخفض الوزن أو بأعضاء غير مكتملة النمو، ما يستدعي رعاية طبية خاصة بعد الولادة.

• انخفاض كمية السائل الأمنيوسي:

يعني وجود كمية أقل من السائل المحيط بالجنين مقارنة بعمر الحمل، وقد يزيد ذلك من خطر الولادة المبكرة أو بعض المضاعفات أثناء الولادة. ومضاعفات أخرى محتملة:

• • النزيف المهبلي.
  • القلق أو الاكتئاب أثناء الحمل.
  • الاضطرابات الخلقية لدى الجنين.

نصيحة الطبي

خلال الحمل، قد تواجه بعض النساء مضاعفات مثل سكري الحمل، ارتفاع ضغط الدم، مقدمات تسمم الحمل، أو المشيمة المنزاحة وغيرها. ورغم ذلك، لا داعي للقلق؛ فـالمتابعة المنتظمة مع الطبيب، والالتزام بـنظام غذائي متوازن، والحصول على قسط كافٍ من الراحة، كلها خطوات بسيطة لكنها فعّالة تُسهم في تقليل المخاطر والحفاظ على صحة الأم وسلامة الجنين طوال فترة الحمل.

اقرا ايضاً :

“تشــــنج الحمـــل” أســـــبابــه.. وأعـراضه

تعتبر تشنجات الحمل من الحالات الطارئة التي تهدد حياة الام والجنين معا ويصاب به نحو 5 الى 7 من النساء ... اقرأ أكثر