لا علاقة لها بالوزن: اكتشاف فائدة جديدة لحمية الكيتو!

دراسة على فئران التجارب تفتح الباب أمام "الطب النفسي الغذائي"، لكن الخبراء يحذرون من تطبيقها على البشر دون مزيد من الأبحاث.

في تطور قد يغير فهمنا للعلاقة بين الغذاء والصحة النفسية، كشفت دراسة إيطالية حديثة أن حمية الكيتو،  الغنية بالدهون ومنخفضة الكربوهيدرات، قد تحمي من الآثار النفسية الدائمة التي يسببها تعرض الأمهات للتوتر أثناء فترة الحمل.

وقد أظهر فريق من الباحثين، عرضوا نتائجهم في مؤتمر الكلية الأوروبية لعلم الأدوية النفسية العصبية (ECNP) في أمستردام، أن صغار الفئران التي تم إطعامها حمية الكيتو أظهرت حماية شبه كاملة من المشاكل السلوكية والاجتماعية الناجمة عن التوتر الذي عانت منه أمهاتها، ورغم أن هذه النتائج واعدة، إلا أنها تتطلب تأكيداً في الدراسات البشرية.

يأتي هذا البحث في وقت يتزايد فيه الاهتمام بحمية الكيتو كوسيلة لإنقاص الوزن، رغم أنها في الأصل نظام غذائي طبي صُمم لأغراض علاجية محددة، وينطوي على مخاطر جدية إذا لم يُطبق تحت إشراف طبي.

ما هي حمية الكيتو؟

يعتمد النظام الكيتوني على تناول الدهون بنسبة عالية (55–60%)، مع كمية معتدلة من البروتين (30–35%)، ونسبة منخفضة جدًا من الكربوهيدرات (5–10%)،  أي ما يعادل نحو 20 - 50 غرامًا من الكربوهيدرات فقط يوميًا في نظام غذائي مكوّن من 2000 سعرة حرارية.

ويهدف هذا النظام إلى إجبار الجسم على استخدام الدهون كمصدر للطاقة بدلًا من السكر (الغلوكوز)، فعندما تقل الكربوهيدرات، يبدأ الكبد بإنتاج "الكيتونات" من الدهون المخزّنة، لتصبح هي الوقود البديل.

الكيتو يخفّف من آثار التوتر قبل الولادة

في التجربة، تعرّضت إناث الفئران الحوامل لمستويات عالية من التوتر في الأسبوع الأخير من الحمل. وبعد الولادة، تمّ تغذية صغارها بنظامين مختلفين: حمية طبيعية وأخرى كيتونية.

وعند بلوغها اليوم 42 من العمر، خضعت الفئران لاختبارات سلوكية لقياس القلق، والمزاج، والرغبة في التفاعل الاجتماعي.

المفاجأة كانت أن الفئران التي تناولت النظام الكيتوني أظهرت سلوكًا اجتماعيًا أفضل، مقارنة بتلك التي تلقت النظام العادي.

وأظهرت النتائج أن نحو 50% من الفئران المولودة لأمهات مررن بتوتر أثناء الحمل طوّرت مشاكل سلوكية لاحقًا، بينما انخفضت هذه النسبة إلى 22% لدى الذكور و12% لدى الإناث التي اتبعت الحمية الكيتونية.

كيف يعمل النظام الكيتوني؟

تشير الدراسة إلى أن النظام الكيتوني يُحدث تغيّرات بيولوجية عديدة، من بينها تحسين كفاءة الميتوكوندريا (مصانع الطاقة في الخلايا)، وتعديل التوازن الهرموني.

وقالت د. أليسيا مارشيسين، الباحثة الرئيسية من جامعة ميلانو: "لاحظنا أن تغذية الفئران الصغيرة بنظام كيتوني بعد الفطام حمت أدمغتها تقريبًا بالكامل من التأثيرات السلبية للتوتر الذي تعرّضت له قبل الولادة. يبدو أن النظام الغذائي عمل كدرعٍ واقٍ يحمي الدماغ النامي من اضطرابات السلوك والمزاج."

وأضافت: "إذا تكرّرت هذه النتائج على البشر، فقد يكون بالإمكان تقليل آثار الصدمات النفسية المبكرة بمجرد تعديل النظام الغذائي للأطفال الأكثر عُرضة للخطر، بدلًا من انتظار ظهور الأعراض، ومعالجتها بالأدوية."

الاختلاف بين الذكور والإناث

لاحظ الباحثون أن الفائدة من الحمية الكيتونية لم تكن متماثلة بين الجنسين:

• استفاد الذكور من الحمية عبر انخفاض الالتهاب في الدماغ.
• بينما استفادت الإناث من خلال زيادة مضادات الأكسدة.

وهذا قد يمهّد لتطوير تدخلات غذائية مخصّصة حسب الجنس؛ لتحسين الصحة النفسية مستقبلاً.

تحذير علمي قبل التجربة

ورغم النتائج الواعدة، أكدت د. مارشيسين أن الفئران التي اتبعت النظام الكيتوني نمت ببطء أكبر من غيرها، ما يشير إلى احتمال أن تكون قلة السعرات الحرارية عاملاً جزئيًا في النتائج الإيجابية.

من جهتها، علقت د. أنيكو كوروسي، الأستاذة المشاركة في جامعة أمستردام، قائلة: "يساهم هذا العمل بشكل رائع في مجال الطب النفسي الغذائي الناشئ. ومع أن دور التغذية في تعديل الصحة النفسية يكتسب اهتماماً متزايداً، إلا أن أسئلة مهمة لا تزال قائمة حول أي العناصر الغذائية فعالة، ومتى، ولمن. وستكون الخطوة التالية هي استكشاف العمليات البيولوجية الكامنة وراء هذه التأثيرات المفيدة".

احصل على استشارة تغذوية عن بُعد من خلال أفضل الأطباء عبر موقع الطبي.